كانت (داهية بنت لاهية) في عنفوان شبابها لا تتجاوز الثلاثين من عمرها, وهي تخطر بين قمم جبال الأوراس الجزائرية. ولم تكن تهتم لأحد من شباب قبيلتها الذين كانوا يلاحقونها ويتمنون رضاها حتى يستمعوا إلى حكاياتها وهي تروي أساطيرها التي كانت تبتدعها خلال جلوسها تحت شعاع القمر أو في جنح الليل حين يرخي سدوله, بينما تمد بصرها إلى الآفاق البعيدة وكأنها تستلهم أفكارها من السماوات العلا. وإذا كان أبوها قد جعلها قبل أن يرحل عن هذا العالم على رأس قبيلة جراوة أكبر قبائل (البتى الزناتية) إذ رآها ذات مراس شديد وشخصية قوية تجعلها قادرة على الإتيان بأعمال السحر والكهانة التي درّبها عليها وغرسها في أعماقها حتى سمّاها رجال القبيلة بالكاهنة رغم صغر سنها, فقد استطاعت أن تستغل هذه القدرة في أن تقرب إليها مَن تريد من رجال الأوراس الذين ولعوا بها, وعلى رأسهم القائد (كسيلة بن ملزم). كان كسيلة أحد أكبر شجعان ذلك العصر (في النصف الثاني من القرن السابع الميلادي) وهو من قبائل الأمازيغ – أو البربر كما يسمّيهم مؤرخو الغرب وسار على إثرهم مؤرخو العرب – وكان كسيلة قد أسلم ضمن عدد كبير ممن دخلوا الإسلام من البربر في أوائل عهد الفتوحات الإسلامية حين وصلت طلائع الجيش العربي على يد والي مصر عمرو بن العاص ومَن ولي الأمر بعده. في ذلك الوقت كان كسيلة زعيمًا على قبيلته (أوربة البرانسية الحضرية) التي تسيطر على المغرب الأوسط كله. وكان زعماء قبائل البرانس يجتمعون حتى يستشعروا أي خطر يتهدد أمنهم, حيث التقى الزعيم كسيلة القائد البربري بالزعيمة الشابّة الكاهنة التي خلبت لبّه وظلا على اتصال دائم. وكان هو لا يقوم بأمر من الأمور إلا بعد أن يستشيرها إيمانا منه بقدرتها على التنبؤ بالغيب.
ذات يوم تنبأت له الكاهنة – وكان قد ارتدّ عن إسلامه بتأثير حلفائه الروم وعاد إلى قتال المسلمين الفاتحين – بأنه سيقع في أسر القوات الزاحفة التي كانت تواصل فتوحاتها في بلاد المغرب بقيادة القائد عقبة بن نافع خلال مطاردته جيوش الروم الذين يسيطرون على بلاد إفريقية وسواحلها. وكان كسيلة قد انضوى إلى الروم مع رجاله من البربر الأمازيغ. وحدث بالفعل أن وقع كسيلة في أسر جيش العرب المسلمين , ولكنه استطاع أن يهرب قبل أن تحدث الواقعة التي استشهد فيها عقبة عام 683م حيث وقع في كمين وهو في جماعة صغيرة خاضت معه معركة الموت ببسالة حتى قتلوا عن آخرهم. ولم ينس كسيلة لعقبة بن نافع أنه صفده بالأصفاد خلال فترة الأسر فقرر أن ينتقم من الجيش العربي, واستطاع أن يجمع قوات جديدة من البربر والروم وزحف على القيروان ليستولي على قاعدة المسلمين ويطاردهم. وكان قد تولى قيادة الجيش بعد عقبة القائد زهير بن قيس الذي أمده الخليفة الأموي بدمشق عبدالملك بن مروان بجيش قوي عام 688م ليعاود الزحف على الروم ومن تحالف معهم من البربر بقيادة كسيلة.
الكاهنة تثور….!
ذات يوم دخل حواري الكاهنة على سيدته يبلغها خبر مقتل كسيلة في معركة رهيبة وقعت بين الجيش العربي وجيش الروم والبربر بقيادة كسيلة. ولدى سماعها النبأ انفجرت داهية وانطلقت من بين شفتيها أسئلة تقطع الصمت الرهيب:
– ولكن مَن هم الذين هزموا سيد القوم وأشجعهم في الأوراس..?
قال الرجل:
– لعلك يا سيدتي الكاهنة قد نسيتي تلك الأيام التي خرج فيها الزعيم البطل متجها من جبال الأوراس إلى الساحل الإفريقي ليصد جيش العرب المغير الذي أرسله خليفة دمشق إلى قائده زهير. لقد وجد كسيلة نفسه في مواجهة جيش عربي رهيب يتحصّن عسكره في ناحية شبه جزيرة (تهودة) التونسية. وكان لابد أن يضم كسيلة إلى قواته عددًا أكبر من البربر والروم المتحالفين معه وسار بهم لحرب العرب, وتم اللقاء وجرت معركة فني فيها الألوف من الجانبين…!
قالت الكاهنة في إصرار وهي تستعيد ذكرياتها من خلال ما تدّعيه من علم الغيب:
– أنت تعرف أنني أعلم الغيب وما يخفى. وقد عرفت أن زهيرًا هذا قد تراجع إلى برقة في طريق عودته إلى مصر حتى يأتيه المدد. وعندما اقترب من طرابلس كان قد وزع قواته العائدة في شراذم صغيرة وبقي هو في سبعين رجلا فقط ورأى الروم ينطلقون إلى مراكبهم ومعهم أسرى العرب وما نهبوه من أموال. ولم ينتظر حتى يأتيه المدد فانقضّ بمن معه على الروم حيث قُتل وجميع مَن معه وكفى كسيلة شر القتال…!
والحق….أن الكاهنة لم تكن تعرف ما حدث بعد ذلك, فقد تجمعت شراذم الجيش العربي الموزعة في برقة وأرسلوا يطلبون المدد من دمشق للعودة إلى إفريقية ومطاردة القوات المتحالفة من الروم والبربر.
قال حواريها وهو يهز رأسه في ضيق:
– هو ما تقولين. وكان قائد جيش العرب أحد رجال الخليفة الأموي يدعى حسان بن النعمان كلفه عبدالملك بالقضاء على المقاومة الفعلية للروم والبربر المرتدّين عن الإسلام. وفي معركة حاسمة دارت عام 693م-74هـ, التقى الجمعان قرب (منطقة ممس) حيث انهزم كسيلة وقتل على يد هؤلاء العرب وقائدهم حسان.
وندت عن صدر الكاهنة صرخة هائلة وضربت على صدرها بقوة ثم رفعت يديها مولولة وهي تصرخ من قلب مفعم بالفاجعة:
– واكسيلاه…يالثاراتك من قاتلي وقاتليك…!
وراح الغضب يضطرم في صدرها, وأطرقت برأسها وهي تصلح عند منبت شعرها حافة لثامها الأسود الذي رفعته عن عينيها وإن انسدل على كتفيها في احتشام. وانطلقت من بين شفتيها لعنات غاضبة وهي تقسم:
– وحق كسيلة لأنتقمنّ من قاتليه, ولن أستريح حتى أخرجهم نهائيًا من بلاد إفريقية. فالآن قد جاء دوري ولأبادرن العرب قبل أن يبادروني…!
الأسير يتكلم
امتشقت الكاهنة الحسام وجمعت قوات البربر والروم لمواجهة جيش العرب. وكانت في أولى معاركها قد أسرت عددًا من رجال المسلمين من بينهم الفتى خالد بن يزيد فتبنّته وجعلته مشيرًا لها.
استدعت داهية بنت لاهية أسيرها الذي قرّبته من نفسها وقالت له:
– تعرف أني أقسمت لأنتقمنّ من قاتلي كسيلة ورجالنا الأمازيغ. وأعرف أنني مهما قاتل قائدكم حسان بن النعمان وما يملكه من إمدادات يرسلها إليه خليفتكم, فلن أستطيع الصمود أمام جيشه. فأنا مقتولة لا محالة. وإني لأطمع في أن تستأمن لولدي عند حسان حتى أموت وأنا راضية عن نفسي وتاركة مَن يحمل لواء القبيلة من بعدي…فهل تفعل?
قال لها خالد بن يزيد:
– أفعل وحقّك. ولكني لعلك لا تعرفين أن العرب المسلمين لا يرمون أبدًا إلى قتال البربر الأمازيغ, فما أكثر مَن دخل منهم الإسلام وقاتلوا من أجله وعلى رأسهم رجال من الأوراس الصناديد! ولكني أحب أن أقول لك يا سيدتي أن الفتوحات الإسلامية في إفريقية كانت ترمي إلى محاربة الرومان والروم البيزنطيين الذين سيطروا على بلادكم الإفريقية كما كانوا يسيطرون على بلاد مصر والشام وفلسطين حتى هزموا. وإنهم بأطماعهم لا يريدون نصر العرب ويقفون في وجه الشعوب التي تريد الدخول في الإسلام. وأنتم بعض هذه الشعوب التي سارعت إلى الإسلام, وقد انضمّ إلى العرب عدد كبير من البربر الأمازيغ وخاصة من لواتة وهوارة ونفوسة, وقد أسلموا مع وصول طلائع الجيش العربي, وشاركوا في القتال ضد الروم حتى هزموهم. وقد اطمأن البربر إلى أن لهم في العرب حليفًا قويًا يستطيع حمايتهم من الروم إذا فكر هؤلاء في العودة إلى البلاد. ولولا أن بعضكم مازالوا على حلفهم مع الروم ما واصل العرب مطاردتهم في بلاد إفريقية.
قالت الكاهنة وهي تهزّ رأسها:
– ومع هذا فقد قتلتم كسيلة زعيمنا وقائدنا:
قال خالد:
– لقد تحالف مع الروم وارتدّ عن الإسلام بعد أن دخل فيه وأعلنها حربًا بقيادته على العرب.
قالت الكاهنة:
قد كان ما كان… ومع ذلك فقد وعدتني بأن تحمل رسالتي إلى قائدكم حسان أن تستأمن عنده لولدي حتى لا يضيع لواء القبيلة من بعدي.
واعتزم خالد بما وعد, واستقبل حسان ولدى الكاهنة وظلا معه لأعوام طويلة حتى بعد أن دخلا الإسلام وحسن إسلامهما وشاركا في القتال.
الكاهنة المقاتلة…?
بالرغم من أن الكاهنة كانت قد بلغت الخمسين من العمر فإنها قادت قواتها بحماس منقطع النظير, وكانت قد استقرت بالفعل على مواصلة قتال العرب حتى بالرغم من دخول أغلبية البربر في الإسلام. ومنذ ظهرت الكاهنة في الميدان, أدرك حسان أنها لن تتوقف عن تحدّيها للعرب. ويبدو أن هذه المرأة عندما رأت أن العرب كسروا شركة البرانس بالقضاء على كسيلة, قررت أن دورها قد جاء لمقاتلة المسلمين وبخاصة أنها لم تكن ضمن البربر الذين دخلوا الإسلام واستمرت على دين الروم الذين استندت إليهم وعاشوا في كنفها في أحضان جبال البرانس.
أدرك حسان أن الكاهنة بطبيعتها وصمودها وتحصّنها في جبال البرانس (وهي الطرف الشرقي لجبال الأطلس بجمهورية الجزائر حاليا) يمكن أن تسبب للعرب متاعب كبيرة. لهذا اتجه حسان نحوها والتقى معها في معركة حامية. ولكنها استطاعت أن تلحق به الهزيمة مما اضطره إلى الارتداد إلى برقة حيث طاردته الكاهنة حتى أخرجته من إقليم إفريقية وطرابلس. وهناك في برقة تحصّن وأرسل إلى الخليفة يطلب المدد. وكانت هي في ذلك الوقت قد اطمأنت إلى أن العرب لا يطلبون من هذه البلاد إلا المغانم. فخططت لتخريب الطريق التي يمكن أن يسلكها العرب إذا عادوا في أي وقت.
وخلال توليها الأمور أساءت السيرة وعسفت بأهل البلاد وظلمتهم فكرهوها وتمنوا الخلاص منها. وقدروا مزايا حكم الإسلام الذي يتميز بالعدل والتسامح وسيادة القانون والنظام. فأرسلوا إلى المسلمين يستنجدون بهم. وسار حسان إلى محاربة الكاهنة من جديد, بينما عمدت هي إلى تنفيذ خطة التخريب والهدم والأرض المحروقة.
وأخذت تنزل الخراب في المدن وتنقل الأموال وتحرق المزارع لتسد الطريق في وجه العرب, ولكن كل ذلك لم يجدها نفعًا, بل زاد من كره الناس لها وسخطهم عليها. وواصل حسان طريقه ببطء في انتظار وصول الإمدادات, ففوجئ بأهالي المدن والقرى سواء من البربر أو الروم يخرجون للترحيب به وهم يقدمون له الطاعة.
وفي عام 698م (79هـ) وصلته الإمدادات من جنود وأموال مع أوامر من الخليفة بمواصلة الزحف لإنقاذ المسلمين في إفريقية وكذلك لإغاثة البربر الذين استنجدوا به, وزادت الكاهنة في عمليات التخريب والتدمير حتى جعلت البلاد التي تعرف بتونس الآن خرابا في كل شيء.
وكان لابد أن يتم اللقاء الحاسم بين حسان والكاهنة وسط جبال الأوراس في الوقت الذي كان خالد بن يزيد يراسل حسان بأحوال الكاهنة وتذمّر الناس من أعمالها, وأخبره بما تؤكده أمام الجميع من أنها ستحارب حتى الموت, (لأن الملوك لا يستسلمون…!). ودارت المعركة الأخيرة عند نهر يقول المؤرخون إنه يسمى (نينى) وإن كانوا لا يحددون موقعه. وقضى العرب على جيش الكاهنة وخضع أهالي البلاد لحكم الإسلام, وأخذوا يدخلون في دين الله أفواجًا, بينما كان الروم قد انتهزوا الفرصة فعادوا بقوات جديدة واحتلوا قرطاجنة عاصمتهم في إفريقية.
أما الكاهنة فكانت قد أصيبت خلال المعركة في مقتل. واستسلمت لقاتليها. وقبل أن تسلم الروح دعت أسيرها العربي خالد بن يزيد وخاطبته في صوت خفيض بدا كأن أحدا لن يسمعه وقالت له: (الآن تستطيع أن تعود إلى قائدك حسان بن النعمان, على أني أستحلفك أن تضع ولدي في رعايتك كما رعيتك من قبل رغم بعد الشقة بيني وبينك. أما عني فأنا ماضية إلى حيث يقودني قدري. أما أنتم فإن قلبي يحدّثني أنكم ستنتصرون على الروم وستطردونهم من بلاد إفريقية.
وستكون هذه هي آخر مرة يرون فيها قرطاجنة التونسية, وسيتم على أيديكم تحرير إفريقيا والمغرب كله من حكم الروم واحتلالهم الظالم…والله أعلم….!).
وأغمضت الكاهنة عينيها لتستسلم للموت ذات يوم من عام 699ميلادية الموافق عام 81 من التاريخ الهجري.
فيلم سينمائي !
كاتب المقال اكيد ليس جزائري و لا يعرف ماذا يكتب
جبال البرانس بين فرنسا واسبانيا وليس في الجزائر
يريد ان يقول جبال الاوراس
كانت (داهية بنت لاهية) في عنفوان شبابها لا تتجاوز الثلاثين من عمرها, وهي تخطر بين قمم جبال الأوراس الجزائرية. ولم تكن تهتم لأحد من شباب قبيلتها الذين كانوا يلاحقونها ويتمنون رضاها حتى يستمعوا إلى حكاياتها وهي تروي أساطيرها التي كانت تبتدعها خلال جلوسها تحت شعاع القمر أو في جنح الليل حين يرخي سدوله, بينما تمد بصرها إلى الآفاق البعيدة وكأنها تستلهم أفكارها من السماوات العلا. وإذا كان أبوها قد جعلها قبل أن يرحل عن هذا العالم على رأس قبيلة جراوة أكبر قبائل (البتى الزناتية) إذ رآها ذات مراس شديد وشخصية قوية تجعلها قادرة على الإتيان بأعمال السحر والكهانة التي درّبها عليها وغرسها في أعماقها حتى سمّاها رجال القبيلة بالكاهنة رغم صغر سنها, فقد استطاعت أن تستغل هذه القدرة في أن تقرب إليها مَن تريد من رجال الأوراس الذين ولعوا بها, وعلى رأسهم القائد (كسيلة بن ملزم). كان كسيلة أحد أكبر شجعان ذلك العصر (في النصف الثاني من القرن السابع الميلادي) وهو من قبائل الأمازيغ – أو البربر كما يسمّيهم مؤرخو الغرب وسار على إثرهم مؤرخو العرب – وكان كسيلة قد أسلم ضمن عدد كبير ممن دخلوا الإسلام من البربر في أوائل عهد الفتوحات الإسلامية حين وصلت طلائع الجيش العربي على يد والي مصر عمرو بن العاص ومَن ولي الأمر بعده. في ذلك الوقت كان كسيلة زعيمًا على قبيلته (أوربة البرانسية الحضرية) التي تسيطر على المغرب الأوسط كله. وكان زعماء قبائل البرانس يجتمعون حتى يستشعروا أي خطر يتهدد أمنهم, حيث التقى الزعيم كسيلة القائد البربري بالزعيمة الشابّة الكاهنة التي خلبت لبّه وظلا على اتصال دائم. وكان هو لا يقوم بأمر من الأمور إلا بعد أن يستشيرها إيمانا منه بقدرتها على التنبؤ بالغيب.
ذات يوم تنبأت له الكاهنة – وكان قد ارتدّ عن إسلامه بتأثير حلفائه الروم وعاد إلى قتال المسلمين الفاتحين – بأنه سيقع في أسر القوات الزاحفة التي كانت تواصل فتوحاتها في بلاد المغرب بقيادة القائد عقبة بن نافع خلال مطاردته جيوش الروم الذين يسيطرون على بلاد إفريقية وسواحلها. وكان كسيلة قد انضوى إلى الروم مع رجاله من البربر الأمازيغ. وحدث بالفعل أن وقع كسيلة في أسر جيش العرب المسلمين , ولكنه استطاع أن يهرب قبل أن تحدث الواقعة التي استشهد فيها عقبة عام 683م حيث وقع في كمين وهو في جماعة صغيرة خاضت معه معركة الموت ببسالة حتى قتلوا عن آخرهم. ولم ينس كسيلة لعقبة بن نافع أنه صفده بالأصفاد خلال فترة الأسر فقرر أن ينتقم من الجيش العربي, واستطاع أن يجمع قوات جديدة من البربر والروم وزحف على القيروان ليستولي على قاعدة المسلمين ويطاردهم. وكان قد تولى قيادة الجيش بعد عقبة القائد زهير بن قيس الذي أمده الخليفة الأموي بدمشق عبدالملك بن مروان بجيش قوي عام 688م ليعاود الزحف على الروم ومن تحالف معهم من البربر بقيادة كسيلة. قال الرجل: قالت الكاهنة في إصرار وهي تستعيد ذكرياتها من خلال ما تدّعيه من علم الغيب: قال حواريها وهو يهز رأسه في ضيق: – هو ما تقولين. وكان قائد جيش العرب أحد رجال الخليفة الأموي يدعى حسان بن النعمان كلفه عبدالملك بالقضاء على المقاومة الفعلية للروم والبربر المرتدّين عن الإسلام. وفي معركة حاسمة دارت عام 693م-74هـ, التقى الجمعان قرب (منطقة ممس) حيث انهزم كسيلة وقتل على يد هؤلاء العرب وقائدهم حسان. – واكسيلاه…يالثاراتك من قاتلي وقاتليك…! – وحق كسيلة لأنتقمنّ من قاتليه, ولن أستريح حتى أخرجهم نهائيًا من بلاد إفريقية. فالآن قد جاء دوري ولأبادرن العرب قبل أن يبادروني…! – تعرف أني أقسمت لأنتقمنّ من قاتلي كسيلة ورجالنا الأمازيغ. وأعرف أنني مهما قاتل قائدكم حسان بن النعمان وما يملكه من إمدادات يرسلها إليه خليفتكم, فلن أستطيع الصمود أمام جيشه. فأنا مقتولة لا محالة. وإني لأطمع في أن تستأمن لولدي عند حسان حتى أموت وأنا راضية عن نفسي وتاركة مَن يحمل لواء القبيلة من بعدي…فهل تفعل? – أفعل وحقّك. ولكني لعلك لا تعرفين أن العرب المسلمين لا يرمون أبدًا إلى قتال البربر الأمازيغ, فما أكثر مَن دخل منهم الإسلام وقاتلوا من أجله وعلى رأسهم رجال من الأوراس الصناديد! ولكني أحب أن أقول لك يا سيدتي أن الفتوحات الإسلامية في إفريقية كانت ترمي إلى محاربة الرومان والروم البيزنطيين الذين سيطروا على بلادكم الإفريقية كما كانوا يسيطرون على بلاد مصر والشام وفلسطين حتى هزموا. وإنهم بأطماعهم لا يريدون نصر العرب ويقفون في وجه الشعوب التي تريد الدخول في الإسلام. وأنتم بعض هذه الشعوب التي سارعت إلى الإسلام, وقد انضمّ إلى العرب عدد كبير من البربر الأمازيغ وخاصة من لواتة وهوارة ونفوسة, وقد أسلموا مع وصول طلائع الجيش العربي, وشاركوا في القتال ضد الروم حتى هزموهم. وقد اطمأن البربر إلى أن لهم في العرب حليفًا قويًا يستطيع حمايتهم من الروم إذا فكر هؤلاء في العودة إلى البلاد. ولولا أن بعضكم مازالوا على حلفهم مع الروم ما واصل العرب مطاردتهم في بلاد إفريقية. – ومع هذا فقد قتلتم كسيلة زعيمنا وقائدنا: – لقد تحالف مع الروم وارتدّ عن الإسلام بعد أن دخل فيه وأعلنها حربًا بقيادته على العرب. قد كان ما كان… ومع ذلك فقد وعدتني بأن تحمل رسالتي إلى قائدكم حسان أن تستأمن عنده لولدي حتى لا يضيع لواء القبيلة من بعدي. بالرغم من أن الكاهنة كانت قد بلغت الخمسين من العمر فإنها قادت قواتها بحماس منقطع النظير, وكانت قد استقرت بالفعل على مواصلة قتال العرب حتى بالرغم من دخول أغلبية البربر في الإسلام. ومنذ ظهرت الكاهنة في الميدان, أدرك حسان أنها لن تتوقف عن تحدّيها للعرب. ويبدو أن هذه المرأة عندما رأت أن العرب كسروا شركة البرانس بالقضاء على كسيلة, قررت أن دورها قد جاء لمقاتلة المسلمين وبخاصة أنها لم تكن ضمن البربر الذين دخلوا الإسلام واستمرت على دين الروم الذين استندت إليهم وعاشوا في كنفها في أحضان جبال البرانس. أدرك حسان أن الكاهنة بطبيعتها وصمودها وتحصّنها في جبال البرانس (وهي الطرف الشرقي لجبال الأطلس بجمهورية الجزائر حاليا) يمكن أن تسبب للعرب متاعب كبيرة. لهذا اتجه حسان نحوها والتقى معها في معركة حامية. ولكنها استطاعت أن تلحق به الهزيمة مما اضطره إلى الارتداد إلى برقة حيث طاردته الكاهنة حتى أخرجته من إقليم إفريقية وطرابلس. وهناك في برقة تحصّن وأرسل إلى الخليفة يطلب المدد. وكانت هي في ذلك الوقت قد اطمأنت إلى أن العرب لا يطلبون من هذه البلاد إلا المغانم. فخططت لتخريب الطريق التي يمكن أن يسلكها العرب إذا عادوا في أي وقت. وخلال توليها الأمور أساءت السيرة وعسفت بأهل البلاد وظلمتهم فكرهوها وتمنوا الخلاص منها. وقدروا مزايا حكم الإسلام الذي يتميز بالعدل والتسامح وسيادة القانون والنظام. فأرسلوا إلى المسلمين يستنجدون بهم. وسار حسان إلى محاربة الكاهنة من جديد, بينما عمدت هي إلى تنفيذ خطة التخريب والهدم والأرض المحروقة. وكان لابد أن يتم اللقاء الحاسم بين حسان والكاهنة وسط جبال الأوراس في الوقت الذي كان خالد بن يزيد يراسل حسان بأحوال الكاهنة وتذمّر الناس من أعمالها, وأخبره بما تؤكده أمام الجميع من أنها ستحارب حتى الموت, (لأن الملوك لا يستسلمون…!). ودارت المعركة الأخيرة عند نهر يقول المؤرخون إنه يسمى (نينى) وإن كانوا لا يحددون موقعه. وقضى العرب على جيش الكاهنة وخضع أهالي البلاد لحكم الإسلام, وأخذوا يدخلون في دين الله أفواجًا, بينما كان الروم قد انتهزوا الفرصة فعادوا بقوات جديدة واحتلوا قرطاجنة عاصمتهم في إفريقية. وستكون هذه هي آخر مرة يرون فيها قرطاجنة التونسية, وسيتم على أيديكم تحرير إفريقيا والمغرب كله من حكم الروم واحتلالهم الظالم…والله أعلم….!). |
أخي الكاهنة بعد إنهزامها رمت بنفسها في بئر تدعى ببئر الكاهنة و يسمى أيضا بئر العاطر وبئر العاتر بولاية تبسة.
السلام ععليكم و رحمة الله نعالى و بركاته
اخي اني ارى في هذا المقال اهانة الى اجدادنا العظماء اكيد ان كاتب هذا المقال اقتبسه من المؤرخين المصريين الذين يحاولون جاهدين تزوير امجاد تاريخنا الأمازيغي وما فعله شيشنق اثناء دخوله مصر
انا اعتز كثيرا بهويتي الأمازيغية و ديني ( الإسلام) ارجوا من الإخوة المحبين لتاريخنا القديم ان لا ياخذوا المشارقة كمصدر
و دمتم في رعاية الله و حفظه و السلام عليكم
كاتب المقال اكيد ليس جزائري و لا يعرف ماذا يكتب
جبال البرانس بين فرنسا واسبانيا وليس في الجزائر يريد ان يقول جبال الاوراس |
جبال البرانس هي جبال البرني او البرنيه وهي سلسلة جبلية تقع بين فرنسا و اسبانيا ولقد سلك هذا الطريق الامازيغ الذين هاجروا من ارض كنعان في الشام بعد موت قادهم جالوت وهذه الفئة من الامازيغ اصبحت تسمى البرانس ولقد كانوا يرتدون رداء من الصوف الخشن نتيجة البرد ويشبه البرنوس الحالي الذي يرتديه الناس في الجزائر في المناسبات وتسميته تعود الى هذه القبيلة وهناك قبيلة اخرى من الامازيغ هاجرت من ارض كنعان ودخلت افريقيا عبر مصر وهي تسمى البتر
محاولة فاشلة للإساءة إلى الأمازيغ