تخطى إلى المحتوى

حقوق الزوجة 2024.

خطبة حقوق الزوجة

يحيى بن موسى الزهراني

الحمد لله الحي القيوم ، لا تأخذه سنة ولا نوم ، أحمده سبحانه كل ليلة ويوم ، الحمد لله العليم الخبير ، القوي القدير ، السميع البصير ، خلق كل شيء فأتقنه صنعاً وتقديراً ، وشرع الشرائع فأحكمها عملاً وتنظيماً ، فسبحانه من إله عظيم ، وخالق حكيم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة نرجو بها النجاة من العذاب الأليم ، والفوز بدار النعيم المقيم ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين ، وحجة على العباد أجمعين ، أرسله ربه بشيراً ونذيراً ، وداعياً إلى بإذنه وسراجاً منيراً ، فصلوات ربي وسلامه عليه ما تلألأت النجوم ، وتلاحمت الغيوم ، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الوقت المعلوم . . . أما بعد : فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأعلموا أن الله لم يخلقكم عبثاً ، ولن يترككم سداً ، وإنما خلقكم لحكمة بالغة ، وشرع لكم شرائع كاملة ، ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ، خلقكم وسترجعون إليه ، وشرع لكم الدين وستحاسبون عليه ، فاستعدوا للقاء ربكم ، وأعدوا الجواب عما سيسألكم ، قال تعالى : " فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ * وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَظْلِمُونَ " ، وقال تعالى : " وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ " ، أيها الناس إن الله فرض عليكم حقوقاً ، فلله عليكم حقاً ، ولذوي القرابات عليكم حقاً ، ولأنفسكم عليكم حقاً ، ولنسائكم عليكم حقاً ، فأعطوا كل ذي حق حقه ، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ، فتبوؤا بالخسارة والحرمان يوم القيامة .

أيها المسلمون : فرض الله على الأزواج حقوقاً تجاه زوجاتهم ، فمن حفظها وحافظ عليها وأداها على وجهها ، فقد حفظ وصية النبي صلى الله عليه وسلم في أهله ، حيث قال صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء خيراً " [ متفق عليه ] ، فمن حفظ هذه الحقوق ، وحافظ عليها ، وأدى الذي عليه فيها ، كان من خيار عباد الله المؤمنين ، قال صلى الله عليه وسلم : " خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي " [ أخرجه ابن حبان في صحيحه ] ، فعلى الزوج أن ينظر إلى زوجته على أنها سكن له ، تركن إليها نفسه ، وتكمل في جوارها طمأنينته ، وترتبط بالحياة الكريمة معها سعادته ، فهي ليست أداة للزينة ، ولا مطيَّة للشهوة ، ولا غرضاً للنسل فحسب ، بل هي تكملة روحية للزوج ، يكـون بدونها عارياً من الفضـائل النفسية ، فقيراً من بواعث الاستقرار والطمأنينة ، وإلى هذا يشير القرآن الكريم في قوله تعالى : " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " ، وحين ينظر الزوج إلى زوجته بهذا المنظار الجميل يزول من طريق الحياة الزوجية كل ما يشوبها من أشواك وعثرات ، ومشاكل وهفوات .

أيها الأزواج : هذه الحقوق العظيمة التي فرضها الله ، لا يقوم بها ولا يرعاها إلا زوج يخاف الله ويتقيه ، ويعلم علم اليقين أنه محاسبه ومجازيه ، هذه الحقوق إذا قام الأزواج بها على وجهها ، كانت السعادة ، وحصلت الطمأنينة ، وشعرت المرأة بفضل زوجها عليها ، وأنه مؤمن بالله ، قائم لله بحقه وحقوق عباده ، وإذا رأت المرأة من زوجها الاستهتار والاستخفاف بحقوقها ، تنكد عيشها ، وتنغصت حياتها ، حتى ربما أنها لا تستطيع أن تقوم بعبادتها على وجهها ، لما ينتابها من الوساوس والخطرات ، وبما تشعر به من الذل والاضطهاد والأذية ، ولذلك قال العلماء : إن إضاعة حقوق الزوجات أعظم من إضاعة حقوق الأزواج ، فظلم النساء في حقوقهن عظيم ، والمرأة إذا ظُلمت ، ضاقت عليها الأرض بما رحبت ، فلا مفر لها إلى الله ، وشكواها إلى الله ، وتبث حزنها إلى الله ، وكفى بالله ولياً ، وكفى بالله نصيراً ، وويل لمن كان الله خصمه يوم القيامة ، ولذلك أنزل الله في كتابه آية المجادِلة ، وأخبر أنه سمع شكوى المرأة من فوق سبع سماوات ، قالت عائشة رضي الله عنها وأرضاها : " إني لمن وراء الستر يخفى علي بعض كلامها ، وهي تقول : إلى الله أشكو ثعلبة ، إلى الله أشكو ثعلبة ، قالت : فسمعها الله من فوق سبع سماوات ، فسبحان من وسع سمعه الأصوات ، وسبحان من يغيث اللهفات ، هذه الحقوق التي فرض الله على الأزواج تنـزلت من أجلها الآيات ، ووقف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أمام أصحابه في آخر موقف ، وعظ به رجال الأمة فكان مما قال : " اتقوا الله في النساء " ، ألا فاعلموا عباد الله أن من أعظم حقوق المرأة على زوجها ، الأمر بطاعة الله ، وهذا الحق هو أعظم الحقوق وأجلها ، هذا الحق الذي من أجله قام بيت الزوجية ، ومن أجله تستمر الحياة الأسرية ، فالواجب على الزوج أن يأمر زوجته بما أمر الله ، وأن ينهاها عما حرم الله ، وأن يأخذ بحجزها عن عقوبة الله ونار الله ، ولقد أشار الله تعالى إلى هذا الحق العظيم بقوله : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } ، وقال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاض شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " ، فعلى الزوج أن يكون في البيت آمراً بالمعروف ، ناهياً عن المنكر ، إذا رأى خيراً ثبت قلب المرأة عليه ، وإذا رأى حراماً صرفها عنه ، وحذرها ووعظها وذكرها ، وإلا أخذها بالقوة ، وأطرها على الحق أطراً ، وقسرها عليه قسراً ، حتى يقوم حق الله في بيته ، فإقامة أمر الله ، طريق للبركة في الرزق ، وطريق للخير والنعمة ، فعلى الزوج أن يزيل المنكرات من بيته ، ويقضي على الآفات في منزله ، وأعظم هذه المنكرات والأمور المحرمات ، التي نخرت بنيان سعادة كثير من الأسر ، وصدعت كيانها ، وهتكت أستارها ، وهزت أركانها ، أعظم تلك البلايا ، وأشد تلك الرزايا وجود الفضائيات ، ودخول الدشوش إلى منازل المسلمين ، فما من شر اليوم إلا والدش سببه ، وما من فضيحة وعار إلا والدش أصله ومنبعه ، ولذلك كان من وصية الله لعباده المؤمنين إذا أرادوا الزواج ، أن يختاروا المرأة الدينة ، المؤمنة الصالحة ، لأنها هي التي تقيم بيتها على أمر الله  ، وما فرض الله عليها ، قال صلى الله عليه وسلم : " تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولجمالها ، ولحسبها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك " ، فذات الدين غنيمة عظيمة ، إن أمرها زوجها بطاعة الله أئتمرت ، وإن نهاها عن حدود الله ومحارمه انزجرت ، وإذا ضيع الزوج حق الله تعالى وطاعته ، خذله الله في بيته ، وخيب أمله مع زوجه ، وبدد أحلامه مع أهله وأولاده ، فيسلبه الله الكرامة ، ويجعله في مذلة ومهانة .

ومن حقوق الزوجة على زوجها ، حق النفقة وهذا الحق دل عليه دليل الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة ، قال الله في كتابه : { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } ، فهذه الآية الكريمة يقول العلماء فيها أمران : الأمر الأول / وجوب النفقة في قوله : { لِيُنفِقْ } فالنفقة واجبه ، والأمر الثاني / أنها تتقيد بحال الرجل إن كان غنياً فينفق نفقة الغني ، وعلى الفقير على قدر ما آتاه الله ، قال صلى الله عليه وسلم : " إن لنسائكم عليكم حقاً ، ولكم على نسائكم حقاً ، فأما حقكم على نسائكم إن لا يوطئن فرشكم من تكرهون ، وألا يَأذَنَّ في بيوتكم لمن تكرهون ، وأما حقهم عليكم أن تحسنوا إليهن في طعامهن وكسوتهن " ، وفي حديث معاوية رضي الله عنه وأرضاه : أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما حق امرأتي علي ؟ قال : " تطعمها مما تطعم ، وتكسوها مما تكتس " ، وأجمع العلماء على أن الزوج يجب عليه أن ينفق على زوجته بالمعروف ، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بقوله : " استوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عندكم عوان " ، وعوان : أي أسيرات قالوا ولذلك أُمِرَ الرجل أن يقوم بالإنفاق على المرأة من أجل هذا ، أما الأمر الثاني الذي جعل النفقة على الرجل للمرأة فالحقوق المتبادلة والمنافع التي يبادل كل منهما الآخر ، فالمرأة يستمتع بها الرجل ، قال تعالى : { فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } فاستحقت أن تأخذ أجرها على ما يكون منها من القيام بحق بعلها في فراشه ، فلهذا كله أوجب الله على الرجال الإنفاق على النساء والقيام بحقوقهن .

أيها المسلمون : تسقط النفقة على الزوجة في عدة حالات : أولاً / أن يكون العقد فاسداً كنكاح الشغار ، ونكاح المتعة وغير ذلك ، ثانياً / أن تكون المرأة ناشزاً ،
ثالثاً / أن تكون الزوجة غير مدخولٍ بها ، مالم يمكنه أهلها من ذلك ، فإن مكنوه فتأخر وتباطأ وأبى ، فهنا يجب عليه أن ينفق عليها ، رابعاً / أن تمتنع من فراش زوجها ، فإن امتنعت وعصت أوامره ، وضرته وآذته ، سقطت نفقتها حتى ترجع إلى رشدها ، وتحكم شرع ربها .

عباد الله : ربما كان بعض الأزواج شحيحاً بخيلاً ، وهي صفة مذمومة ، مقبوحة مرفوضة ، وعند الله ممقوتة ، فمن كانت تلك صفته ، وتلك همته ، فيجوز للمرأة أن تأخذ من ماله ما يكفيها ويكفي بنيها بالمعروف ، وهذه فتوىً من محمد صلى الله عليه وسلم حينما اشتكت إليه هند بنت عتبة رضي الله عنها فقالت : يا رسول الله ! إن أبا سفيان رجل شحيح أفآخذ من ماله ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : " خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف " ، فهي رخصة لهند رضي الله عنها خاصة ، ولنساء الأمة عامة ، فاتقوا الله عباد الله في أزواجكم ، وارعوا حقوقهن ، وإياكم والتفريط فيها ، فربما أوصل ذلك إلى نار تلظى ، وعاقبة لا ترجى .
ألا وإن من حقوق المرأة على زوجها ، ألا يضرب ضرباً مبرحاً ، وألا يقبح ، وألا يستخدم أساليب التجريح في المعاملة ، والكلمات القاسية ، والألفاظ النابية ، والأوامر الصارمة ، والتهديدات الفاضحة ، فذلكم خارج عن تعاليم الإسلام والشرع الحنيف ، فلا يضرب المرأة على أتفه الأسباب ، إلا رجل سيئ الخلق ، ناقص العقل والفهم ، قاصر التفكير والتأمل ، مريض معتوه ، غير عارف بدين الله الصحيح ، ولقد جاء في الأثر : " ما أهانهن إلا لئيم ، وما أكرمهن إلا كريم " ، وعن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: " أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ، ولا تضرب الوجه ، ولا تقبح ، ولا تهجر إلا في البيت " ، قال الصنعاني : " في الحديث دليل على جواز الضرب تأديباً ، إلا أنه منهي عن ضرب الوجه للزوجة وغيرها " ، فعلى الزوج أن يسعى جاهداً لحماية بيته ، وصيانة عرينه من أن تكتنفه الهموم ، أو تتملكه الغموم ، أو أن تتربص به المشاكل الدوائر ، فالمرأة خلقت من ضلع ، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه ، فيجب أن يستمتع بها الزوج على اعوجاجها ، لأن هذا العوج طبيعة جبلية في جل النساء ، لا تستطيع دفعه ، ولا تملك رفعه ، ولكن بحكمة الزوج ، ومعرفته بشريعة ربه ، يستطيع التعامل والتكيف مع ذلك العوج ، قال تعالى : " وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئاً قالت ما رأيت منك خيراً قط " ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يفرك مؤمن مؤمنة ـ لا يبغض ـ إن كره منها خلقا رضي منها آخر " ، قال الشوكاني : " فيه الإرشاد إلى حسن العشرة، والنهي عن البغض للزوجة بمجرد كراهة خُلُق من أخلاقها ، فإنها لا تخلو مع ذلك عن أمر يرضاه منها زوجها " ، فعلى ذلك من أعظم حقوق المرأة على زوجها أن ينبسط معها في البيت ، فيهش للقائها ، ويستمع إلى حديثها ، ويمازحها ويداعبها تطييباً لقلبها ، وإيناساً لها في وحدتها ، وإشعاراً لها بمكانتها من نفسه ، وقربها من قلبه ، وربما ظن بعض الجاهلين أنّ مداعبة الزوجة وممازحتها مما يتنافى مع الورع أو الوقار أو الهيبة التي يجب أن تستشعرها الزوجة نحو زوجها ، ولا ريب أن ذلك خطأ فاحش ، ودليل على غلظ الطبع ، وقسوة القلب ، وجهل الشريعة ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو العابد الخاشع ، القائد الحاكم ، من أفكه الناس مع زوجاته ، وأحسنهم خلقاً ، كان يمزح معهن بما يدخل السرور إلى قلوبهن ، ويقص لهن القصص ، ويستمع إلى قصصهن ، وكان يسابق عائشة رضي الله عنها ، ومن هنا قال عليه الصلاة والسلام : " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله " [ أخرجه الترمذي وغيره ] ، وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع : " واتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمان الله " ، وقد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة في الوصية بهن ، وبيان حقوقهن ، والتحذير من التقصير في ذلك ، فالله الله بالنساء ، أوصيكم بهن خيراً ، فهن الزوجات ، والأمهات ، والأخوات ، والبنات ، فاتقوا في النساء ، بارك لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول قلي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب ، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه كان للأوابين غفوراً .

————

الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر ، وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إرغاماً لمن جحد به وكفر ، وإذلالاً لمن أشرك به وفجر ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر ، الشافع المشفع في المحشر ، صلوات ربي وسلامه عليه ما اتصلت عين بنظر ، وما سمعت أذن بخبر ، وعلى آله وأزواجه الميامين الغرر ، وأصحابه خير صحب ومعشر ، وعن التابعين لهم بإحسان ما بدأ الفجر وأنور . . . أما بعد : فأوصيكم ونفسي أيها الناس بتقوى الله تعالى ، فهي المنجية من عذاب النار ، والمؤدية إلى دار الأبرار ، قال تعالى : " وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب " .

أمة الإسلام : ومن حقوق الزوجة على زوجها ، أن يعينها على صلة رحمها ، واتصالها بأهلها ، وزيارة أقربائها ، ما لم يكن في ذلك حدوث مفاسد ، ووجود مخاطر ، كإفساد المرأة على زوجها ، ودعوتها إلى التحرر والتفكك من قيود الشريعة ، أو إثقال كاهل الزوج بكثرة الطلبات والنفقات ، فهنا تُمنع المرأة من الزيارة ، ألا وإن من حقوق الزوجة على زوجها ، أن يسكنها في سكنٍ خاص بها ، لا يشاركها فيه أحد ، كي تأخذ حريتها في منزلها ، وراحتها في بيتها ، تنظيفاً وترتيباً ، وتكميلاً وتكييفاً ، لا سيما إذا كان للزوج أكثر من زوجة ، فالواجب عليه شرعاً العدل بين زوجاته ، وإسكان كل زوجة في سكن مستقل بها ، هكذا أفتى به جمهور أهل العلم ، بل ساق بعضهم إجماع العلماء على ذلك ، فاتقوا الله أيها الأزواج في زوجاتكم ، وإياكم وظلمهن ، فإن الظلم تعد وإجحاف بحق النساء ، وعدوان صريح يأباه رب الأرض والسماء ، وتعد واضح لحدود الله ، وارتكاب للمناهي والمحرمات ، ولقد حرم الله الظلم وتوعد أهله بأشد العذاب ، قال الله تعالى في كتابه : " إن الظالمين لهم عذاب أليم " ، وقال تعالى في الحديث القدسي : " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا " [ أخرجه مسلم ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " [ أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له ] ، وعن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله ليملي للظالم ، حتى إذا أخذه لم يفلته " ، ثم قرأ " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد " [ أخرجه البخاري ومسلم ] ، فاتقوا الله في النساء ، واحذروا غضب الله وعقابه ، وخذوا وقاية من ناره وعذابه ، وأعلموا أن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، وعليكم بالجماعة ، فإن يد الله على الجماعة ، ومن شذ ، شذ في النار ، عباد الله : إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه ، وثنى بملائكته مسبحة بقدسه ، وثلث بكم معاشر المسلمين من جنه وإنسه ، فقال جل وعلا ، في قرآن يقرا ويتلى : " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً " ، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً ، وسائر بلاد المسلمين ، اللهم اجعلنا مجتمعين على الحق غير متفرقين فيه ، اللهم يسرنا لليسرى ، وجنبنا العسرى ، واغفر لنا في الآخرة والأولى ، اللهم أبرم لأمتنا أمر رشد ، يعز فيه أهل طاعتك ، ويذل فيه أهل معصيتك ، ويؤمر فيه بالمعروف ، وينهى فيه عن المنكر ، يا حي يا قيوم ، يا ذا الجلال والإكرام ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، وأدخلنا الجنة مع الأبرار ، يا عزيز يا غفار ، اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين ، الأحياء منهم والميتين ، برحمتك يا أرحم الراحمين ، عباد الله : إن الله يأمر بالعدل والإحسان ، وإيتاء ذي القربى ، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ، يعظكم لعلكم تذكرون ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله أكبر ، والله يعلم ما تصنعون .

منقول من صيد الفوائد

السلآم عليكم
بآرك الله فيك
و جزاكـ خيرا

آمين وفيكم بارك الرحمن

بارك الله فيك
تقبل مروري

آمين وفيكم بارك الرحمن

بارك الله فيك
تقبل مروري

آمين وفيكم بارك الرحمن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.