يظهر أن العقوبات الجنائية في البلدان الإسلامية تخالف السنة . مثلا قطع أصابع السارق وترك إبهامه، إن كان سرق لأول مرة (وقد حدث ذلك في إيران). فهل هذا من السنة؟.
السرقة محرّمة بالكتاب والسنة والإجماع ، وقد ذم الله هذا الفعل الشنيع وجعل له عقوبة تناسبه فجعل حد السارق أن تقطع يده ، قال تعالى ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم ) المائدة/38 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً) رواه البخاري (الحدود/6291) ولعن النبي صلى الله عليه وسلم السارق لأنه عنصر فاسد في المجتمع إذا تُرك سرى فساده وتعدّى إلى غيره في جسم الأمة فقال عليه الصلاة والسلام ( لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده ) البخاري (الحدود/6285) ومما يدل على أن هذا الحكم مؤكّد أن امرأة مخزومية شريفة سرقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فأراد أسامة بن زيد أن يشفع فيها فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال : أتشفع في حد من حدود الله ، إنما أهلك الذين من قبلكم كانوا إذا سرق فيهم الغني تركوه وإذا سرق فيهم الوضيع أقاموا عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) البخاري (أحاديث الأنبياء/3216)
وهذا هو حكم الله عز وجل في السرقة أن تقطع يد السارق من الرُّسْغِ .
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم : قال الشافِعِيُّ وأبو حنيفة ومالك والجماهير : " تُقْطَعُ اليد من الرسغ ، وهو المِفْصَلُ بين الكَفِّ والذِّرَاع ، قال القرطبي : قال الكَافَّة : " تقطع اليد من الرُسْغِ ، لا كما يفعله بعض المبتدعة من قطع أصابع اليد وترك الإِبْهَام .
ولأن قطع اليد أمر عظيم ، فإن قطع يد السارق لا يكون عند أي سرقة بل لا بد من اجتماع شروط حتى تقطع يد السارق , وهذه الشروط هي :
1- أن يكون أخذ الشيء على وجه الخِفْيَةِ ، فإن لم يكن على وجه الخفية فلا تُقْطَع ، كما لو انْتَهَب المال على وجه الغَلَبَةِ والقَهْرِ على مَرْآى من الناس ، أو اغْتَصَبَه ، لأن صاحب المال يمكنه النَّجدة والأَخْذ على يده .
2- أن يكون المسروق مالا محترماً , لأن ما ليس بمال لا حرمة له ، كآلات اللهو والخمر والخنزير .
3- أن يكون المسروق نصاباً ، وهو ثلاثة دراهم إسلامية أو ربع دينار إسلامي ، أو ما يقابل أحدهما من النقود الأخرى .
4- أن يأخُذَ المسروق من حرزه ، وحرز المال : ما تَعَوَّدَ الناس على حفظ أموالهم فيه كالخِزَانَة مثلاً .
5- لا بد من ثُبُوتِ السرقة ، وتكون إما بشهادة عَدْلَيْنِ ، أو بإقرار السارق على نفسه مرتين .
6- لابد أن يطالب المسروق منه بماله فإذا لم يطالِب لم يجب القطع .
فإذا تحققت هذه الشروط وجب قطع اليد ، ولو طبق هذا الحكم في المجتمعات التي ارتضت القوانين الوضعية ، التي نَحَّت شريعة الله واستبدلت بها قوانين البشر لكان أنفع علاج لهذه الظاهرة ولكن الأمر كما قال عز وجل : ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون )المائدة/50
المراجع : الجامع لأحكام القرآن (6/159) الملخص الفقهي (2/442) .
بارك الله فيك
ا هو حد السارق إن قطعت يده اليمنى ثم سرق, فهل تقطع يده اليسرى؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد قال ابن قدامة في المغني: لا خلاف بين أهل العلم في أن السارق أول ما يقطع منه يده اليمنى، من مفصل الكف… وإذا سرق ثانياً قطعت رجله اليسرى، وبذلك قال الجماعة إلا عطاء، حكي عنه أنه تقطع يده اليسرى، لقوله سبحانه: فاقطعوا أيديهما. ولأنها آلة السرقة والبطش، فكانت العقوبة بقطعها أولى، وروى ذلك عن ربيعة وداود, وهذا شذوذ يخالف قول جماعة فقهاء الأمصار من أهل الفقه والأثر من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وهو قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وقد روى أبوهريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في السارق: إذا سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله. ولأنه في المحاربة الموجبة قطع عضوين، إنما تقطع يده ورجله، ولا تقطع يداه، فنقول: جناية أوجبت قطع عضوين، فكانا رجلاً ويداً، كالمحاربة ولأن قطع يديه يفوت منفعة الجنس، فلا تبقى له يد يأكل بها، ولا يتوضأ ولا يستطيب، ولا يدفع عن نفسه، فيصير كالهالك، فكان قطع الرجل الذي لا يشتمل على هذه المفسدة أولى. وأما الآية: فالمراد بها قطع يد كل واحد منهما، بدليل أنه لا تقطع اليدان في المرة الأولى. وفي قراءة عبد الله (فاقطعوا أيمانهما) وإنما ذكر بلفظ الجمع لأن المثنى إذا أضيف إلى المثنى ذكر بلفظ الجمع كقوله تعالى: فقد صغت قلوبكما.
إذا ثبت هذا فإنه تقطع رجله اليسرى، لقوله تعالى: (أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ )
.
ولأن قطع اليسرى أرفق به، لأنه يمكنه المشي على خشبة ولو قطعت رجله اليمنى لم يمكنه المشي بحال، وتقطع الرجل من مفصل الكعب في قول أكثر أهل العلم، وفعل ذلك عمر رضي الله عنه. انتهى.
فإن عاد فسرق بعد قطع يده اليمنى ورجله اليسرى فقد اختلف فيه الفقهاء، قال ابن قدامة: إذا عاد فسرق بعد قطع يده ورجله، لم يقطع منه شيء آخر وحبس، وبهذا قال علي رضي الله عنه والحسن والشعبي والنخعي والزهري وحماد والثوري وأصحاب الرأي.
وعن أحمد أنه تقطع في الثالثة يده اليسرى، وفي الرابعة رجله اليمنى، وفي الخامسة يعزر ويحبس وروى عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما قطعا يد أقطع اليد والرجل وهذا قول قتادة ومالك والشافعي وأبي ثور وابن المنذر، وروي عن عثمان وعمرو بن العاص وعمر بن عبد العزيز أنه تقطع يده اليسرى في الثالثة، والرجل اليمنى في الرابعة ويقتل في الخامسة، لأن جابراً قال: جيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسارق، فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله، إنما سرق. فقال: اقطعوه، قال: فقطع، ثم جيء به الثانية، فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله إنما سرق، قال: اقطعوه فقطع، ثم جيء في الثالثة، فقال: اقتلوه، قالوا: يا رسول الله إنما سرق، قال: اقطعوه، قال: ثم أتى بعد الرابعة، فقال: اقتلوه، قالوا: يا رسول الله إنما سرق. قال: اقطعوه. ثم أتى به الخامسة، قال: اقتلوه، قال: فانطلقنا به فقتلناه ثم اجتررناه فألقيناه في بئر. رواه أبو داود. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في السارق: (وإن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله، ثم إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله). ولأن اليسار تقطع قوداً فجاز قطعها في السرقة، كاليمنى ولأنه فعل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر… انتهى من المغني. وفي المسألة تفصيلات أخرى راجع للفائدة في ذلك الموسوعة الفقهية الكويتية.
والله أعلم.
بارك الله فيك اخي الكريم
موضوعك رائع
بارك الله فيك…
شكرا لمروركم و جزاكم الله خيرا
بارك الله فيك وجزاك عنا كل خير