بسم الله الرحمن الرحيم
انطلاقاً من قوله صلى الله عليه وسلم " من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة " متفق عليه , وحفاظاً على مكانة من عرف بالإسلام والصلاح وإدراك القرون المفضلة , أقول : إن ( جحا ) ليس أسطورة , بل هو حقيقة , واسمه ( دجين بن ثابت الفزاري – رحمه الله – ) أدرك ورأى أنس بن مالك رضي الله عنه , وجحا لقب له , عُرف بالظرافة , يقول مكي بن إبراهيم – رحمه الله – ( رأيت جحا الذي يقال فيه : كذب وكان فتى ظريفاً ) ولقد ترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء 8/172 , والزركلي في الأعلام 2/112 .
وإن شخص ( جحا ) معروف لدى الكثير من الناس وعلى جميع المستويات فضلاً عن الأطفال . وما إذ تذكر الحماقة والنكت والغباوة إلا ويذكر – رحمه الله – , والسؤال : هل يا ترى أما وجد من اتصف بهذه الصفات غيره ؟ وهل الأمر مقصود ؟ ولماذا يجعلون معه حماراً ؟ ثم لماذا ذكر كان ذلك في معرض قصص الكذب والخداع و … و … ؟ إلا آخر الأسئلة التي يجب أن يوجد لها جواب , بل لم يعد الأمر قاصراً على أن يُؤلف في نكته مؤلفاً , بل تعدى الشأن إلا أن سميت بعض منتجات الأطفال ( ببفكي الخليج " جحا وحماره ) وأنشودة تعرض بين الحين والآخر في قناة المجد ( أهلً جحا أهلاً جحا ) وفي كليهما مصوراً مع حماره ؟ وعليه أقول :
– إن كان جحا صالحاً وأدرك بعض الصحابة ويخرج بهذه الصورة فهذا منكر وجرم كبير .
– وإن كان من عامة المسلمين فلماذا الكلام فيه , والكذب عليه , وتصويره بصورة خيالية ؟ كيف وهو متوفى ؟ وقد جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم " أذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم " رواه الترمذي .
– وإن كان جحا أسطورة فكيف يحدث الناس بخيال ؟ فأين هم من النافع والمفيد ؟ وهذه دعوة للجميع بالحرص والاعتناء والدقة والتأمل فيما يعرض أو يسمى أو يقال , وفق الله الجميع لخيري الدنيا والآخرة .
الشيخ خالد بن علي الحيان
عضو دعوة في الشؤون الدينية للقوات البحرية , مجلة الدعوة 02023 ص 70
وهذا ما ذكره الذهبي في ترجمة [ جُحَا ]
[ جُحَا* ]
أبو الغُصن صاحب النوادر , دُجين بنُ ثابت , البربوعيُّ , البصري , وقيل : هذا آخر .
رأى دجين أنساً , وروى عن أسلم , وهشام بت عُروة شيئا يسيراً .
وعنه : ابنُ المبارك , ومُسلم بنُ إبراهيم , وأبو جابر محمد بن عبد الملك , , والأصمعي , وبشْر بن محمد السّثكري , وأبو عمر الحوضي .
قال النسائي : ليس بثقة .
وقال ابن عدِي : ما يرويه ليس بمحفوظ .
ورُوي عن ابن معين قال : دجين بن ثابت هو جحا( 1 ) .
وخطَّأ ابن عدي من حكى هذا عن يحيى , وقال : لأنه أعلم بالرجال من أن يقول هذا , والدجين إذا روى عنه ابن المبارك , ووكيع , وعبد الصمد , فهؤلاء أعلم بالله من أن يرووا عن جحا .
وأما أحمد الشيرازي , فذكر في " الألقاب " أنه جحا , ثم روى عن مكي بن إبراهيم قال ( رأيت جحا , الذي قال فيه : مكذوب عليه , وكان فتى ظريفاً , وكان له جيران مخنثون يمازحونه , ويزيدون عليه ) .
قال عباد بن صهيب : حدثنا أبو الغصن جحا – وما رأيت ً أعقل منه – .
قال كاتبه : لعله كان يمزح أيام الشبيبة , فلما شاخ , أقبل على شأنه , وأخذ عنه المحدثون .
وقد قيل : إن جحا المتماجن أصغر من دجين , لأن عثمان ابن أبي شيبة لحق جحا , فالله أعلم .
وكذلك وهمَ من قال : إن أبا الغصن ثابت بن قيس المدني هو جحا .
ــــــــــــ
* ) التاريخ الكبير 3/257 , التاريخ الصغير 2/126 , الجرح والتعديل 3/444-445 , المجروحين 1/294 , الصحاح للجوهري : مادة غصن , الفهرست لابن النديم 435 , أخبار الحمقى والمغفلين لابن الجوزي من ص 25 ’ ةنثر الدرر للوزير الأبي 571 الفصل الخامس ( مخطوط ) , والمشتبه في رجال الحديث للذهبي 1/283 , ميزان الاعتدال 2/32 , حياة الحيوان للدميري 1/273 مادة : دجن , ثمرات الأوراق في المحاضرات لابن حجة الحموي 1/162 , تبصير المنتبه لابن حجر 2/558 , لسان الميزان 2/328 , تاج العروس 9/196 , 10/67-68 .
1 ) في تاريخ يحيى 2/155 الدجين ليس حديثه بشيء , وقد سمع منه ابن المبارك .