تخطى إلى المحتوى

جيفة بالليل حمار بالنهار 2024.

جيفة بالليل حمار بالنهار

——————————————————————————–
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة و السّلام على رسولنا محمد وعلى آله و أصحابه أجمعين .

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

جيفة بالليل حمار بالنهار

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الله سبحانه خلق الجن والإنس ليعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، ومن تمام العبادة أن تكون الحياة كلها لله رب العالمين كما قال -تعالى-: **قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (162) سورة الأنعام. وإن من الغبن والخسارة العظيمة أن تضيع حياة العبد ما بين أمل طويل وعمل سيء، فتراه في نهاره عاملاً ناصباً صاخباً جامعاً مانعاً، وللفرائض والآداب مضيعاً، فإذا جاء الليل ارتمى على فراشه كالخشبة الملقاة أو الجيفة القذرة، لا يقوم لصلاة فريضة فضلاً عن قيام ليل وعبادة رب كريم!

وقد جاء في الأحاديث النبوية في التنفير ممن هذا حاله، وأن الله يبغض مثل هذا الصنف وأشباهه، الذين لا يتورعون عن حرمة، ولا يقومون بواجب، فمما جاء من الأحاديث في ذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إن الله يبغض كل جَعظريٍّ جَوَّاظ، سَخَّاب بالأسواق، جيفة بالليل، حمار بالنهار، عالم بأمر الدنيا، جاهل بأمر الآخرة).1

قال الألباني في السلسلة الصحيحة: (الجَعظري ) الفظُّ الغليظ المتكبر. (الجواظ) الجموع المنوع. (السخَّاب) كالصخَّاب: كثير الضجيج والخصام. و في رواية ذكرها ابن الأثير (خُشُبٌ بالليل، سُخب بالنهار) أي إذا جَنَّ عليهم الليل سقطوا نياماً كأنهم خشب. فإذا أصبحوا تساخبوا على الدنيا شحا وحرصاً. (جيفة) أي كالجيفة؛ لأنه يعمل كالحمار طوال النهار لدنياه، وينام طول ليله كالجيفة التي لا تتحرك.

قلت -أي الألباني رحمه الله-: وما أشد انطباق هذا الحديث على هؤلاء الكفار الذين لا يهتمون لآخرتهم، مع علمهم بأمور دنياهم، كما قال تعالى فيهم: **يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} (7) سورة الروم. ولبعض المسلمين نصيب كبير من هذا الوصف، الذين
يقضون نهارهم في التجول في الأسواق والصياح فيها، ويضيعون عليهم الفرائض والصلوات، **فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ*الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ*وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} (7) سورة الماعون.2

صحيح أنك إذا رأيت كثيراً من الناس اليوم من المسلمين أو غيرهم لرأيت انطباق تلك الصفات عليهم، نسأل الله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن. فترى الأسواق ممتلئة بالناس فيكثر فيها الصياح والصخب والحلف في البيع والشراء، والكذب إلا ما ندر، والغش في البيع والشراء، ثم إذا جاء الليل على كثير من هؤلاء لا يصلون عشاء ولا فجراً فضلاً عن أن يقوموا ليلاً! وهذا منذر بعقوبة عاجلة إن لم يتدارك هؤلاء الناس أنفسهم ويتحلوا بمكارم الصفات ويتركوا تلك الصفات الدنيئة. وهذه الصفات من صفات المنافقين، الذين حذر الله منهم رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وهم داء عضال على المجتمع الإسلامي يفتكون به ويجرونه إلى شر مستطير، وما أكثرهم اليوم لا كثرهم الله!, وإذا شئت مصداق ذلك فانظر إلى المساجد كم فيها من المصلين أثناء الفرائض، وكم نسبة الرجال في البيوت والشوارع الذين لا يؤدون الصلاة!.

وقد جاءت أحاديث عديدة في بيان الأوصاف التي ذكرت في الحديث السابق، ومن تلك الأحاديث المشابهة: ما جاء في صحيح البخاري من حديث حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِيِّ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَاعِفٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ). فالعتل هو الشديد الغليظ في طبعه ومعاملته، والجواظ: هو الجموع المنوع، وقيل: هو الشديد الصوت في الشر؛ المتكبر على الناس. ومن الأحاديث في هذا المعنى: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ وَأَهْلِ الْجَنَّةِ؟ أَمَّا أَهْلُ الْجَنَّةِ فَكُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ أَشْعَثَ ذِي طِمْرَيْنِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، وَأَمَّا أَهْلُ النَّارِ فَكُلُّ جَعْظَرِيٍّ جَوَّاظٍ جَمَّاعٍ مَنَّاعٍ ذِي تَبَعٍ).3

وعَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ الْمُدْلِجِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: (يَا سُرَاقَةُ أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ؟) قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (أَمَّا أَهْلُ النَّارِ فَكُلُّ جَعْظَرِيٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ، وَأَمَّا أَهْلُ الْجَنَّةِ الضُّعَفَاءُ الْمَغْلُوبُونَ).4

فهذه من صفات أهل النار والعياذ بالله منها، نسأل الله أن يجنبنا صفات السوء وأخلاق السوء، وأن يهدينا لأحسن الأخلاق والأعمال والأقوال، لا يهدي لأحسنها إلا هو، إنه على كل شيء قدير.

———————-
1 – رواه ابن حبان في صحيحه (72)، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم. ورواه البيهقي في السنن الكبرى (10/194). وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة (195).

2- السلسلة الصحيحة (1/194).

3- رواه الإمام أحمد في مسنده.

4- رواه الإمام أحمد،

المصدر:
موقع إمام المسجد

ملحوظة:
يُشترط عند نقل هذه المادة شرطين :
الأول : عزو ما يأخذ إلى موقع إمام المسجد www.alimam.ws ،
الثاني : الأمانة في النقل وعدم التغيير في النص المنقول ولا حذف شيء منه ، والله الموفق .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.