والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
قال تعالى:
{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ}،
قال القرطبي في تفسيره:
قال علماؤنا:
أول ما يكابد قطع سرته، ثم إذا قمط قماطا، وشد رباطا، يكابد الضيق والتعب،
ثم يكابد الارتضاع، ولو فاته لضاع،
ثم يكابد نبت أسنانه، وتحرك لسانه،
ثم يكابد الفطام، الذي هو أشد من اللطام،
ثم يكابد الختان، والأوجاع والأحزان،
ثم يكابد المعلم وصولته، والمؤدب وسياسته، والأستاذ وهيبته،
ثم يكابد شغل التزويج والتعجيل فيه،
ثم يكابد شغل الأولاد، والخدم والأجناد،
ثم يكابد شغل الدور، وبناء القصور،
ثم الكبر والهرم، وضعف الركبة والقدم، في مصائب يكثر تعدادها، ونوائب يطول إيرادها، من صداع الرأس، ووجع الأضراس، ورمد العين، وغم الدين، ووجع السن، وألم الأذن.
ويكابد مِحَنَاً في المال والنفس، مثل الضرب والحبس، ولا يمضى عليه يوم إلا يقاسي فيه شدة، ولا يكابد إلا مشقة،
ثم الموت بعد ذلك كله،
ثم مساءلة الملك، وضغطة القبر وظلمته؛
ثم البعث والعرض على الله،
إلى أن يستقر به القرار، إما في الجنة وإما في النار؛ قال الله تعالى: «لقد خلقنا الإنسان في كبد» ،
فلو كان الأمر إليه لما اختار هذه الشدائد.
ودل هذا على أن له خالقا دبره، وقضى عليه بهذه الأحوال؛ فليمتثل أمره.
[تفسير القرطبي: ٢٠ ٦٢ـ٦٣]
– منقول –
قال الله عز وجل (( خلقنا)) في كبد
أعتقد أن الكبد أو الشدة والضيق يتعلقان بفعل الخلق وليس بحياة الإنسان
فلو كان الأمر كذلك لجاءت الآية خلقنا الإنسان ((لِ )) كبد وليس ((في )) كبد
والله أعلم
بسم الله الرّحمن الرّحيم
يفسّر الشيخ السعدي رحمه الله هذه الآية : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ )
يحتمل أن المراد بذلك ما يكابده ويقاسيه من الشدائد في الدنيا، وفي البرزخ، ويوم يقوم الأشهاد، وأنه ينبغي له أن يسعى في عمل يريحه من هذه الشدائد، ويوجب له الفرح والسرور الدائم. وإن لم يفعل، فإنه لا يزال يكابد العذاب الشديد أبد الآباد.
ويحتمل أن المعنى: لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم، وأقوم خلقة، مقدّر على التّصرف والأعمال الشديدة، ومع ذلك، [ فإنه ] لم يشكر الله على هذه النعمة [ العظيمة ] ، بل بطر بالعافية وتجبر على خالقه، فحسب بجهله وظلمه أن هذه الحال ستدوم له، وأن سلطان تصرفه لا ينعزل، ولهذا قال تعالى: ( أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ )
https://www.e-quran.com/saady/saady-s90.html
ويفسّرها الإمام ابن كثير رحمه الله :
( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ )
رُوي عن ابن مسعود، وابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وإبراهيم النخعي، وخَيْثَمة، والضحاك، وغيرهم:يعني منتصبا – زاد ابن عباس في رواية عنه- في بطن أمه.
والكبد:الإستواء والإستقامة. ومعنى هذا القول: لقد خلقنا الإنسان سويا مستقيما كقوله: ( يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ )[ الانفطار:6 ، 7 ] ، وكقوله ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ )[ التين:4 ] .
وقال ابن [ أبي نجيح ] جريج وعطاء عن ابن عباس:في كبد، قال:في شدّة خُلِق، ألم تر إليه… وذكر مولده ونبات أسنانه.
قال مجاهد: ( فِي كَبَدٍ ) نطفة، ثم علقة، ثم مضغة يتكبد في الخلق – قال مجاهد:وهو كقوله: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وأرضعته كرها، ومعيشته كره، فهو يكابد ذلك.
وقال سعيد بن جبير: ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) في شدّة وطَلَب معيشة.
وقال عكرمة:في شدّة وطول. وقال قتادة:في مشقة.
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أحمد بن عصام، حدثنا أبو عاصم، أخبرنا عبد الحميد بن جعفر، سمعت محمد بن علي أبا جعفر الباقر سأل رجلا من الأنصار عن قول الله: ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) قال:في قيامه واعتداله. فلم يُنكر عليه أبو جعفر.
وروى من طريق أبي مودود:سمعت الحسن قرأ هذه الآية: ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) قال:يكابد أمرا من أمر الدنيا، وأمرا من أمر الآخرة – وفي رواية:يكابد مضايق الدنيا وشدائد الآخرة.
وقال ابن زيد: ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) قال:آدم خلق في السماء، فَسُمي ذلك الكَبَد.
واختار ابن جرير أن المراد [ بذلك ] مكابدة الأمور ومشاقها.
https://www.e-quran.com/katheer-s90.html
ويفسّرها الشيح محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
{لقد خلقنا الإنسان في كبد}
اللام هنا واقعة في جواب القسم، لتزيد الجملة تأكيداً، و(قد) تزيد الجملة تأكيداً أيضاً فتكون جملة {لقد خلقنا الإنسان} مؤكدة بثلاثة مؤكدات، وهي: القسم، واللام، وقد. {خلقنا الإنسان} الإنسان اسم جنس يشمل كل واحد من بني آدم {في كبد} فيها معنيان:
المعنى الأول: في استقامة، يعني أنه خلق على أكمل وجه في الِخلقة، مستقيماً يمشي على قدميه، ويرفع رأسه، وبدنه معتدلاً. والبهائم بالعكس الرأس على حذاء الدبر، أما بنو آدم فالرأس مرتفع أعلى البدن، فهو كما قال تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}. [التين: 4].
وقيل: المراد بـ{كبد} مكابدة الأشياء ومعاناتها، وأن الإنسان يعاني المشقة في أمور الدنيا، وفي طلب الرزق، وفي إصلاح الحرث وغير ذلك. ويعاني أيضاً معاناة أشد مع نفسه ومجاهدتها على طاعة الله، واجتناب معاصي الله، وهذا الجهاد الذي هو أشق من معاناة طلب الرزق، ولاسيما إذا ابتلي الإنسان ببيئة منحرفة وصار بينهم غريباً، فإنه سيجد المشقة في معاناة نفسه، وفي معاناة الناس أيضاً.
فإن قال قائل: أفلا يمكن أن تكون الآية شاملة للمعنيين؟
فالجواب:
بلى، وهكذا ينبغي إذا وجدت في الكتاب العزيز آية تحتمل معنيين وليس بينهما مناقضة فاحملها على المعنيين، لأن القرآن أشمل وأوسع، فإن كان بينهما مناقضة فانظر الراجح.
فمثلاً، قوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة: 228]. (قروء) جمع قرء بفتح القاف
فما هو (القرء)؟ قيل: هو الحيض، وقيل: هو الطهر. هنا لا يمكن أن تحمل الآية على المعنيين جميعاً للتناقض، لكن اطلب المرجح لأحد القولين وخذ به.
فهنا نقول: {لقد خلقنا الإنسان في كبد} يصح أن تكون الآية شاملة للمعنيين أي في حسن قامة واستقامة، و{في كبد} في معاناة لمشاق الأمور.
https://www.ibnothaimeen.com/all/book…le_17874.shtml
ما شاء الله عليك يا أمة الله هبة
لقد جمعت تفاسير قيمة للآية الكريمة
وقدمت روابط مفيدة ومعينة لفهم القرآن
جعل جهدك وإخلاصك في ميزان حسناتك
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ما شاء الله عليك يا أمة الله هبة
لقد جمعت تفاسير قيمة للآية الكريمة وقدمت روابط مفيدة ومعينة لفهم القرآن جعل جهدك وإخلاصك في ميزان حسناتك |
ربّي يحفظك أختي ….أسأل الله لي ولكِ أختي ولجميع المسلمين الفقه في الدين على الوجه الذي يرضيه عنّا وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل .
اللهم صل على محمد و على آله و صحبه
بارك الله فيكم ونفعنا واياكم
واجعل يارب كبدنا وجهدنا وتعبنا وحياتنا ومماتنا وصلاتنا ونسكنا لك خالصة وحسنات ان شاء الله
مشكوور أخي