سلام عليكم زرححمة الله::فقد تسيطر العاطفة على المربي أيًّا كان أباً أو استاذاً أو معلماً فيتعامل مع من يربيه بعاطفة جيَّاشة ويتجاوب مع مشاعره، وتسهم هذه العاطفة في حجب الرؤية السليمة والصحيحة لهذا المربي، الرؤية لواقع من يربيه، وتسهم هذه العاطفة في حجب ما يحتاج إليه، فهو مع حاجته إلى الترغيب، يحتاج إلى الترهيب، ومع حاجته إلى الحب والحنان، يحتاج إلى نوع من الجفاء حين ينفع الجفاء، والخشونة قد تنفع فهي كاليد تغسل أختها .
إن إغراق المربي في العاطفة، يحجب عنه الأخطاء، ويحجب عنه العيوب، يحجب عنه الموضوعية، يحجب عنه الحزم الذي يُحتاجُ إليه في مواقف الحزم، فينساق حينئذ تجاوباً مع هذه العاطفة الجيَّاشة، ويتخذ مواقفه وقراراته ويرسل برامجه استجابةً لتلك العاطفة، فهو يخشى أن يملَّ الشباب، يخشى أن يتضايق الشباب، يخشى أن يسأم الشباب يريد أن يُنفِّسَ عن الشباب، ولا تكاد تجد عنواناً أدق لهذه الأوهام وهذه المخاوف إلا التربية العاطفية .
وبعد ذلك يتعامل هذا الشاب مع غير صاحبه فلا يطيق الفراق للأول، وحين ترى من تربيه لا يطيق فراقك، ويضمن إليك حنيناً، حنيناً زائداً فهذا عنوان إغراقك في العاطفة، فإنك أيضاً ينبغي أن تربي تلميذك، وينبغي أن تربي من تحتك على أتم الاستعداد أن يتخلى لا كرها، لا رغبةً عنك إنما حين يكون الأولى أن يتخلى، حين يكون الأولى أن يفارق، نعم قد يشعر بحنين
كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحـنـيـنـه أبــداً لأول مـنـزل
وصف العلاج والداء .
أشعر أننا حين ندرك أن إهمال العاطفة جملةً أمر مرفوض، فإن هذا يعني، أن نضع عواطفنا في مواضعها، وأن نعرف أن من الإيمان أن يتألم المسلم لآلام إخوانه، وأن يرحم، وأن يعطف، وأن يُشفِق، وأن يتحمَّس في مواضع الحماس، ويرحم في مواضع الرحمة، ويُشفق في مواضع الشفقة، ويُحب في مواضع الحب .
ونشعر أيضاً أن الإغراق في العاطفة هو الآخر أمر مرفوض، وأننا كما قلت نُعاني من جيلنا المبارك الإغراق في العاطفة أكثر من الإهمال .
ونعاني من مواقف كثيرة، نكون فيها أكثر تجاوباً مع العاطفة، فالحل يتمثَّلُ في " أن نزن مواقفنا " وأن نزن أعمالنا وأن نفكر فيها، وأن نشعر بأن الله عز وجل كما خلق فينا عواطف فقد خلق فينا أيضاً عقلاً وحلماً وأعطانا سبحانه وتعالى علماً بكتابه سبحانه وتعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فالله عز وجل قد أعطانا موازين وقيم غير هذا الميزان وحده .
وحين لا نملك إلا هذه الصنعة ولا نزن إلا بهذا الميزان، فإن هذا عنوان التطرف والغلو.
أرى أن العدل والإنصاف، وزن الأمور والتأمل فيها، والمراجعة مما يُعيننا كثيراً على تجاوز هذه النتائج والآثار السلبية، ويبعدنا عن الشطط والغلو، وكلاهما غلو، الرفض والإهمال غلو، والإغراق والمبالغة في التجاوب هو الآخر أيضاً غلو، والوسط بين هذين الطريقين وبين هذين السبيلين .
أسأل الله عز وجل أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح، إنه سميع مجيب .
الحمد لله رب السماوات ورب الأرض رب العالمين، والصلاة والسلام على رسولنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالتربية مصطلح شائع ومتداول بين الناس على اختلاف ثقافاتهم ومشاربهم، وهو يحمل في طياته معنى التغيير -سواء كان سلبيًا أم إيجابيًا- فالذي يريد من نفسه أو ممن حوله سلوكًا دائمًا في اتجاه (ما)، لابد من أن يتربى أو يربيهم عليه، فمن أراد – مثلا- اكتساب مهارة قيادة السيارات لا يكفيه التعرف على قواعد وأساليب القيادة من الناحية النظرية، بل لابد له من الممارسة العملية للقيادة لمدة معتبرة، والذي يريد عضلات قوية وجسمًا مفتولاً، فمن الضروري أن يمارس الرياضة المؤهلة لذلك وباستمرار حتى يصل إلى هدفه… وهكذا.
والتربية ثابت من الثوابت ينبغي أن يتبناه كل من يريد تغييرًا إيجابيًا في شخصيته أو شخصية كل من يتولى أمرهم ويرجو صلاحهم.
فما هي التربية؟
وما هو هدفها؟
ما مجالاتها؟
وماذا يعني التكامل التربوي والرؤية التربوية؟
هل تتوقف التربية عند حد ما؟
وما هي الأسباب التي تؤخر ظهور ثمرة التربية؟