….عند أقصى شرق خريطة الجزائر العميقة ، أنت في مساحة تكبر عن13000 كلومتر مربّع ، أكثرية سكّانها اليّوم من الشّباب وينتشر أغلبهم في مدن هذه المنطقة الفلاحية
الرّعوية ، النّائمة على معالم الحديد والفوسفات، في حلل مناخية تتوزّع في رحلة شتاء وصيف، بين أهلها المبدع لأنسجة وألبسة فرضت شهرتها العالمية ،مع صناعة عريقة تختصّ بالخيول وزينة هذه البلدة المصنوعة بأياد سحريّة لنساء لهن طعم الزّمن ورائحة الانتماء إلى روائع تاريخيّة خالدة التبسيّ الأصيل من سكّان ولاية تبسة جعل الخيل مقدّسة تقام لها أعراس سنويّة ، وسط رحلة شاقّة إلى معالم أخرى ، تغوص في بانوراما الحضارات ، فيها الفريد من نوعه في العالم بأسره .. وهنا ما خفي كان أعظم ، كان أعظم ممّا يزيد عن 2024 معلم أثريّ ، ينحدر إلى إنسان العصر الحجريّ الأوّل إلى حضارات متلاحقة ، تشكّل تميّزا لعمران التعاقب الحضاريّ على هيكتوبيليا (تيفست) تبسة القادمة من ما قبل التّاريخ ، الموقع الإستراتيجيّ والجغرافيّ أعطى لمنطقة تبسة في الأحقاب التّاريخيّة السّابقة مكانة في جميع الحضارات خلال العصور القديمة ، حيث البحوث والّدراسات آنذاك جعلت منها قبلة لعلماء الآثار والتّاريخ ، كعبد الرّحمن بن خلدون وجحافل أخرى من المؤرّخين ، ومن تسمياتها في العهود القديمة هيكتوبيليا في عهد الإغريق وتيفستا أقدم المدن في نوميديا الشّرقية، الّتي جعلها أغسطس معسكر للّواء في السّنة 25 قبل الميلاد ، أين سكنتها جماعات من الأهالي هي باقيّة آثارها في البلاد على مرتفعات جبال أزمور، الدكّان وسيدي محمّد الشريف المطلّ اليّوم على المدينة ، ولم تحدّد الأبحاث التّاريخية على قلّتها أهمية الإنسان الأوّل ، عدا أمازيغ الّذي عرفته المنطقة قبل آلاف السّنين.
——————————————————————————–
…….وما يصفه أحد الزّوار سنة1882 للميلاد ببناءات عديدة جميلة جدا بقيت دون حراسة ، إلاّ أنّ مجموعة البنايات مازالت تشكّل مدينة عظيمة ، بأسوارها ومعبدها الثّاني ، مع المسابح ومعاصر الزّيتون والكتابات إلى آخر الإكتشافات في تبسة الخالية الّتي أعمدتها من الرّخام الأخضر المعروض في متحف مينيرف ، وقد كان سكّان تيفست يتمتّعون بمعاصر الزّيتون ، أوّلها تحت حكم الإمبراطور طولقان ، مقسّمة داخليا إلى أربعة أقسام ممّا يوحي بأنّ معصرة برزقان تعطي صورة واضحة على مدى إنتعاش الإقتصاد الرّومانيّ بتبسة وخصوصا الزراعة وهي حاليا محلّ اهتمام الكثير من المختصّين ، رغم أنّ موقعها اليوم هو إعادة مكانتها ، يستدعي الإهتمام والتّرميم ، ومن جولتنا القصيرة هذه في عمق الحضارات البشريّة بمنطقة تبسة التّاريخية في الجزائر، فإنّ إرادة ترميم المعالم الّتي تجلّت خلال السنوات الأخيرة تستدعي الإستمرارية والمواكبة لمتطلبات هذا العصر ، من توفير حاجيات القاعدية كالطّرقات وطاقات الإستيعاب الفندقية وترسيخ ثقافة البناء السيّاحيّ والترويج له بأسس حداثية ، كون السّياحة مؤشرا إقتصاديا هاما ، يبنى عليه إقتصاد الدّول الغنيّة بالثّروات السّياحية ، ومنه فإنّ مدينة تبسة حين تتجوّل في زقاقها تنتابك مشاعر الحنين والفانتازيا إلى أزمنة العلم والقوّة والغنى كما كانت عليه روما الإمبراطورية السّابقة وتبسة عاصمة أول كنيسة فوق الأرض
….. في إنتظار زيارتك أخي اليوم ووصفها بما تراه عيناك
شكرا لكعلى المعلو مات القيمة