مقدمة
الحمد لله مسدي النعم خاصها والعام وملهم المحامد كلها إطلاقاً وتقييداً على الدوام والصلاة والسلام على من جعله الله منبعاً للحق وشارعاً للأحكام محمد بن عبدالله الذي بعثه الله بنسخ الشرائع وهدم الأصنام وجعله للأنبياء مسك ختام وعلى آله وصحبه نجوم الاهتداء وبدور الظلام صلاة وسلاماً تترى إلى يوم الجع بين الأنام يوم تذهب المناسبة ويضمحل البهرج والفخر وتعنو الوجوه للملك العلام أما بعد فإنه لما كان خير ما بحث عنه الباحثون وتنافس في معرفته المتنافسون بعد كتاب الله تعالى سنة رسول الله التي هي المصدر الثاني للشرع وكانت ( عمدة الأحكام ) منتقاة من أصح مصادر السنة ألزمت نفسي بكتابة شرح عليها مستعيناً بالله تعالى مع بعد الشقة وقلة الزاد وجعلته ملماً بالعناصر الأربعة الآتية وهي : (أ) الموضوع (ب) المفردات (ج) المعنى الإجمالي (د) فقه الحديث .
وعسى أن أكون قد وفقت إلى مساعدة إخواني طلاب العلم على حل مشكلتهم العلمية وساهمت في تدعيم هذا النشأ الصاعد الذي نبتهل إلى الله جميعاً أن يلهمه رشده ويسدد خطاه حتى يخرج لأمته جيلاً منصبغاً بصبغة الدين يقود إلى الحق ويذود عن الباطل ويظهر للناس محاسن هذا الدين الحنيف ويبين لهم أنه صالح لكل جيل وكل زمن حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين وأنه كفيل لكل من اعتنقه بجلب مصالح الدنيا والآخرة ودفع مضارهما مع العزة والرفعة والغلبة والتمكين والغنى والسيادة على جميع الشعوب المخالفة له غير أن هذا لا يحصل إلا لأمة تطبقه تطبيقاً فعلياً في الصغير والكبير والدقيق والجليل .وقد حاولت أن يكون هذا الشرح سهل العبارة مع معالجة بعض الأمور الواقعة التي تتنافى مع الشرع عند المناسبات تبيهاً عليها وإرشاداً إلى الصواب كما حاولت إصلاح بعض الأخطاء التي حصلت من ابن دقيق العيد رحمه الله في المعتقد والرد عليها بما فيه مقنع لطالب الحق وتوخيت بكل استطاعة أن أرجح ما تسنى لي فيه الترجيح على أن يكون الترجيح مؤسساً على ما صح عن النبي من غير تحيز إلى مذهب خاص ممتثلاً في ذلك قول الله تعالى فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ (النساء:65) وقوله تعالى فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (النساء:59) وسميته تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام وكنت قد عرضت جزءاً وهو الأول مما كتبت على فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله لطول باعه في الحديث وذلك في عام 1383هـ حينما كان فضيلته مدرساً بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية وقد تفضل الشيخ مشكوراً بتسجيل ملاحظاته المفيدة وقد أثبتها في الهامش في مواضعها من الكتاب وأشرت إليها باسمه .
وكل ما أرجوه من القارئ الكريم الدعاء لي بظهر الغيب أن سمح والتغاضي عما قد يحصل من خطأ إلا أن يتنافى مع الشريعة فإن كان ذلك وأرجو ألا يكون فالمطلوب ممن عثر على ذلك تنبيهي عليه لإعادة النظر والرجوع إلى الصواب فما الكمال إلا لله وما العصمة إلا للأنبياء وخير الصدقة جهد المقل .
والله أسأل أن يجعله من صالح عملي الذي أعده ذخراً للمعاد ووسيلة إلى النجاة من النار يوم التناد وأن يطهره من شوائب الاحباط ويجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به طالبي الحق ورواد الحقيقة آمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
https://shamela.ws/files/repository/category-186/728.rar
جزاك الله خيرا