بعد غياب طويل نسبيا عن مدونة الجيريا نتيجة التزامات وظروف طارئة عدت لأقرأ ما كتبه الإخوة على صفحات هذا الصرح الحر. ليتراءى لي الفرق بين الحالة التي دخلنا بها السنة الماضية والحالة التي ندخل بها هذا العام.
فقد شاءت الظروف أن يكون دخلولنا للعام الماضي في جو من الاحتقان تجاه الوزارة ومخططاتها. مما جعل عمال التربية يقفون في خندق واحد للدفاع عن حقوقهم. فلم نجد تنابزا كبيرا حينها بين القدامى والجدد ،ولا بين الأساتذة المجازين وبين الآيلين للزوال كما هو الحال اليوم. وأعتقد أن الوزارة قد نجحت فعلا في أن تجعل بأسنا بيننا ،فبدلا من أن نسعى ونتوحد لأخذ بقية الحقوق ،ها نحن نتنابز حول من يدرس أقسام الامتحان،وحول النقابة الأكثر وفاء ،وتخوين الحلفاء بالأمس لبعضهم البعض اليوم. فشتان بين الأمس واليوم،ونسأل الله العافية مما تخبئه الأيام القادمة.
وإذا كان هناك سؤال يتبادر إلى الذهن فهو عن المسؤول عن هذا التراجع في الطموحات و وعن هذا الانشقاق في الصفوف. فلا يعتقد معتقد أن المنابز على هذا المنتدى يتحمل وحده المسؤولية عن ذلك ، وإن كان له نصيب منها. إلا أن النقابات بنظرتها الضيقة وسعيها لتحقيق طموحات غير بريئة تتحمل المسؤولية الأكبر،لأنها تضم نخبة طالما أزكمت أنوفنا بقدرتهم على التحليل والدراسة والتفكير العميق الذي نعجز عنه نحن هنا في القاعدة. فأين تفكيرهم الاستراتيجي؟ وأين ثناؤهم على بعضهم بالأمس والذي تحول بفعل فاعل إلى قطيعة؟ نسأل الله العفو والعافية واللطف في قضائه.
النقابات بنظرتها الضيقة وسعيها لتحقيق طموحات غير بريئة تتحمل المسؤولية الأكبر
نسأل الله العافية مما تخبئه الأيام القادمة
نسأل الله العافية
في الدخول المدرسي الفارط كل النقابات اتحدت من أجل مراجعة النظام التعويضي،تعديل القانون الأساسي،تغيير صيغة الخدمات الإجتماعية،طب العمل..وهذا ما حققته فعلا بتظافرها وتوحد كلمتها..من خلال موافقة الحكومة على فتح هذه الملفات..
وتمكنت الوزارة في منتصف الطريق من بث الفرقة والفتنة بين النقابات..وزرع الأنانية بين مختلف الأسلاك..ما تولد عنه اختلالات في القانون الأساسي وإجحاف في النظام التعويضي..فتركنا المصير المشترك جانبا ورحنا نبحث في قشور الأمور وندخل في معارك حامية الوطيس بين مختلف الأسلاك ومنتسبي النقابات المتعددة..وراحت النقابات تسعى إلى احتواء أكبر عدد من المنتسبين قصد الجلوس في موقع قوة في طاولة التفاوض..ولكن من أجل تحقيق مكاسب لفئات معينة والتغاضي عن الفئات الأخرى..وكل هذا ماهو إلا مجرد انتصارات وهمية..
أما عن النظرة القادمة للدخول المدرسي المقبل..فلن تكون إلا كمجرد صفحة مقلدة على ما افترق عليه المفاوضون -الكبار- خلال نهاية الموسم الدراسي المنصرم..فإن لم نستطع الإتفاق على الملفات -الثقيلة- عندما كانت مجرد مشاريع على طاولة الحوار..فكيف لنا الوقوف معا بغية مراجعتها بعدما صارت رسمية بمجرد مراسيم تنفيذية وقرارات ومناشير وزارية؟؟
اللهم إلا إذا اتحدت النقابات معا -وخاصة المستقلة- وتذكرت الهدف من إنشائها..وخاصة إبعاد الهيمنة عن الساحة النقابية..ومن ثم الدخول في تحالف قوي يعيد الأمور إلى مجاريها..-ومن استفادوا فحقوقهم مكتسبة بحكم القانون-..وكل هذا من أجل إعادة الهيبة للقطاع من خلال تكريس حقوق موارده البشرية لمختلف الأسلاك والرتب..وخلق أجواء التضامن والإتحاد في أوساط منتسبي الأسرة التربوية..