تخطى إلى المحتوى

بن بوزيد-كونان ونظرية المؤامرة 2024.

بن بوزيد ..كونان و نظرية المؤامرة

سكتت وزارة التربية دهرا و في آخر تصريح لملثم في الوزارة نطقت كفرا لتبرير فضيحة تسرب امتحانات البكالوريا، لكن الغريب أن بن بوزيد الذي وصف تلاميذ هذا الجيل بالأكثر ذكاء من الأجيال السابقة في محاولة غزل ماجن في افتتاحه للبكالوريا ،لم يظهر و لم يُصرح ولم يخرج من جحره ليفسر لنا ما يحدث في بيت التربية و التعليم ، و اكتفى بأمين عام وزارته الذي وجه السهام الحادة للصحافة و اعلن الحرب على جريدة عمرها "شهر" قالت ما سمعت و ما يدور و ماحدث ، و في خرجة اعلامية عبر جريدة الشروق صرح ملثم و مصدر مسؤول حسب الجريدة أن القضية من ادارة عصابة تريد أن تصنع بلبلة واعتبرها مؤامرة من أطراف مجهولة على وزارة بن بوزيد التي يبدو أنها صارت ملكية خاصة إذا أخذنا تصرف أمينها العامة ومصادرها المسؤولة

مسرحية جديدة بطلها عصبة مجهولة تريد أن تجعل من ملك الوزراء ضحية مؤامرة، لتنقلب المعادلة بين ليلة و ضحاها و يتحول المجرم الى بريء والمتهم الى ضحية ، ياله من سيناريو جميل ويالها من دولة عظيمة تقتل القتيل وتمشي في جنازته ، ويا لها من عبقرية ادارية تعفو عن نفسها و تتابع من كشف الحقيقة و العار و الفساد و الغش ، ويا لها من تربية في الجزائر تحولت الى مجرد ملكية خاصة لأشخاص يعتقدون أنهم ورثوها من أمهم أو ابيهم ليغلقوا هواتفهم و يديرون وجوههم ، و يا لها من عزة وكرامة نعيشها في عهد العزيز ، و يا لها من سياسة حين يكون مثل بن بوزيد وزيرا للتربية

هل هناك تفسير لما يحدث سوى اننا في دولة لا تبالي بالشعب و لا بمستقبل الأجيال ؟ و هل نحن نعيش اليوم في زمن وصفه الوحيد مقولة اشتهرت قبل سنوات وصارت الوصف الحقيقي للمشهد السياسي والاعلامي " أكتب ما تشاء و أنا أفعل ما أشاء "….. ، ربما هذا الكلام مجرد كتابات لا تغني ولا تسمن من جوع ،لكن ،للأسف الشديد حين نصل الى هذا المستوى من المسؤولين والاطارات السامية في قطاعات حساسة يمكن ان نفسر لماذا ينتحر الشباب حرقا ، ولماذا يموت الشباب غرقا و لماذا ترتفع نسبة الاجرام والقتل والسرقة ، ببساطة ،لأن المجرم الحقيقي لم يحاسب بعد ، ولأن العدالة أغفلت عن ركن هام في نظرية الاجرام يتعلق بركن الدافع وراء الجريمة حيث تتنوع الدوافع و تتعدد الأطراف ، و لو كنا في بلد يؤمن بروح القانون لحاسبنا الكل بتهمة التحريض المقصود وغير المقصود ، مثلما يحاسب المتهم بالقتل الخطأ والمتهم بالقتل العمدي
بالله عليكم كيف يمكن لنا أن نعيش وسط دائرة لا تريد أن تعترف بوجود قانون في هذا البلد ؟ ولا بوجود عدالة قوية يمكنها أن تحرك دعوى عمومية ضد قاتل جيل بأكمله ، بالله عليكم كيف يمكن أن يوجد في قطاع العدالة هيئة تمثل المجتمع ممثلة في النيابة العامة لا تريد أن تستعمل صلاحياتها الدستورية والقانونية و تلعب دورها الحقيقي في تمثيل حقوق المجتمع و تكتفي بمجرد البحث عن أشخاص لتدينهم ، في وقت أن مركزها أقوى واعلى من ذلك ؟ ، فلو كانت قوية لتمكنت من فك خيوط جرائم كثيرة أولها ما يحدث في قطاع التربية حين تسمع أن كل الشهادات صارت تباع في الشارع و كل المناصب صارت تعلن فيها مزايدة في المقاهي و الشوارع و الحانات ؟….لكن اقول للأسف لن تفعل و لن تتمكن من ذلك لأنها ستكتفي بمتابعة شخص يقول ان هناك فساد ، وستكتفي بملاحقة شخص يريد العفة و العزة و العيش الكريم و ستعفو عن القاتل والسارق لأنها ببساطة تبحث هي الأخرى عن عدالتها المفقودة

لجوء وزارة بن بوزيد الى نظرية المؤامرة لتأمين مركزها وحفظ مكانتها هو تبرير سخيف جدا ، لأننا حتى وان سلمنا بوجود المؤامرة فاعتقد أنها دليل على وجود فشل داخل القطاع ، و هذا يعني أن ما يتقاضونه من مرتبات وامتيازات ليسو أهلا لها ، أم أنهم يعتقدون أنهم ورثوا وزارة التربية من أمهم و أبيهم ، …تبرير بن بوزيد وحاشيته معناه واضح للشعب و للغيورين و رسالته تقول " دزو معاهم نحن الدولة والدولة نحن و ما أنت سوى عبيد فيها و افعلوا ما تشاءوا فلن نتحرك من مناصبنا " ، و الحقيقة أن لهم كل الحق لأن البلد افتقد فعلا لجهة يمكن أن ترفع اليها قضية فساد أو قضية تجاوز و صرنا في دولة الغاب لا قانون فيها و لا مؤسسات قوية لان الكل حول منصبه الى ارث شخصي ووزارته الى اقطاع خاص يفعل فيها ما يشاء ، أما التبريرات التي قدمها هؤلاء فهي نوع من السياسة ليست موجهة لنا بل للرأي العام الدولي ليقول أن هناك دولة وردود وتبريرات فقط

أخيرا بن بوزيد لن يبرح مكانه، واطاراته التي تقود حملة التبرير مستعينة بأفكار المسلسل الكرتوني "كونان " هي الأخرى لن تبرح ، و الغش صار فريضة و التسريب صار سنة لمن استطاع اليه سبيلا ، و عشر سنوات من اصلاح المنظومة التربوية انتجت لنا وزارة متعفنة ومديريات صارت ملكيات خاصة و بورصة لمناصب التوظيف و صفقات المطاعم المدرسية ، أما التربية فهي الغائب الوحيد ، فمبروك علينا جيل معقد ، وجيل غشاس وجيل اصبح يرى الجريمة حق في عهد "أبو الحروف" الذي حول التربية الى تغبية في مشروع اصلاح نجح في تهديم القيم التربوية بامتياز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.