فتعال معي لنعيش اليوم مع موعظة من مواعظه العظيمة، تعال معي لأروي لك مشهدًا رائعًا، هذا المشهد صاحبه سيدنا الحسن البصري (رحمه الله) يضع أمامنا من خلاله حقائق كاملة لا نقص فيها، وواضحة لا غموض فيها.
وأنا أروي هذا المشهد لهذا المجتمع الذي ضاعت فيه القيم وانقلبت فيه الموازين، وغزته الهموم وسيطر عليه اليأس حتى أصبح اغلب الناس يتمنوا الموت ولسان حالهم ينادي:
هامت على نفسي الهموم كأنها
وكأنهن فريسة وصقور
يا ليل أين النور إني تائه
هل تنجلي أم ليس بعدك نور؟؟
وأنا أقول لهذا المجتمع كما قالها إمامنا الشافعي (رحمه الله):
دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَلُ مَا تَشَاءُ
وَطِبْ نَفْساً إِذَا حَكَمَ القَضَاءُ
وَلا تَجْزَعْ لِحَادِثَةِ اللَّيَالِي
فَمَا لِحَوَادِثِ الدُّنْيَا بَقَاءُ
وَكُنْ رَجُلاً عَلَى الأَهْوَالِ جَلْداً
وَشِيمَتُكَ السَّمَاحَةُ وَالوَفَاءُ
وَلا تَرْجُ السَّمَاحَةَ مِنْ بَخِيلٍ
فَمَا فِي النَّارِ لِلظَّمْآنِ مَاءُ
وَرِزْقُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التَأَنِّي
وَلَيْسَ يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ العَنَاءُ
وَلا حُزْنٌ يَدُومُ وَلا سُرُورٌ
وَلا بُؤْسٌ عَلَيْكَ وَلا رَخَاءُ
إِذَا مَا كُنْتَ ذَا قَلْبٍ قَنُوعٍ
فَأَنْتَ وَمَالِكُ الدُّنْيَا سَوَاءُ
تعال إلى سيدنا الحسن البصري (رحمه الله) ليكشف لنا هذه الحقائق، واسمعوا إلى هذا المشهد: جاءه رجل قال له يا أبا سعيد: ما سرّ زهدك في الدنيا؟! ما هو السر؟ لماذا لا تأكل الحرام، ولا تنظر إلى الحرام، ولا تأكل حقوق الآخرين، ولا تتعامل بالغش والربا، لا تكذب، ما هو السر؟ لماذا تعمل بأمانة وإخلاص، راض بما قسمه الله لك… واسمعوا إلى إجابته:
قال (رحمه الله): (أربعة أشياء). وما هي يا إمام؟ قال:
الأولى: (علمت أن رزقي لا يأخذه غيري فاطمأنّ قلبي):
اسمعوا يا من تركضون في البرّية لا بقليل تقنعون ولا بكثير تشبعون همكم بطونكم وقبلتكم نساؤكم ودينكم دراهمكم ودنانيركم… اسمعوا يا من تجمعون المال من الحلال والحرام (علمت أن رزقي لا يأخذه غيري فاطمأنّ قلبي) إذا كان رزقي لا يأخذه غيري فلماذا أتعامل بالربا؟ ولماذا أكل الحرام؟ إذا كان رزقي لا يأخذه غيري! فلماذا لا اعمل بأمانة؟ لماذا التزوير؟ لماذا احلف بالله كاذبا؟ لماذا أغش؟ ورد في الأحاديث القدسية: ((عبدي خلقت لك ما في السماوات والأرض ولم أعيَ بخلقهن أفيعييني رغيفٌ أسوقه لك في كل حين، لي عليك فريضة ولك عليَّ رزق، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك، وعزتي وجلالي إن لم ترضَ بما قسمته لك فلأسلطن عليك الدنيا، تركض فيها ركض الوحش في البرية ثم لا ينالك منها إلا ما قسمته لك ولا أبالي، وكنت عندي مذموماً))
يا ابن ادم:
لا تخضعنْ لمخلوقٍ على طمعٍ
فإنَّ ذلك نقصٌ منك في الدين
لن يقدر العبدُ أن يعطيك خردلةً
إلاّ بإذن الذي سوَّاك من طينِ
فلا تصاحب غنيًا تستعزَّ به
وكُن عفيفًا وعظِّم حُرمة الدينِ
واسترزق الله ممّا في خزائنهِ
فإنّ رزقك بين الكاف والنونِ
واستغني بالله دنيا الملوك كما
استغنىَ الملوك بدنياهم عن الدين
المصيبة أننا نسينا كل موعظة ورحنا نركض وراء طلاب الدنيا، أصبحنا لا نعرف إلا المال، نحفر الحفر لإخواننا من أجل الحصول على المال، نحلف بالله كاذب من أجل المال، يزور من أجل الحصول على المال، يغش من أجل المال، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالِي الْمَرْءُ بِمَا أَخَذَ الْمَالَ أَمِنْ حَلَالٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ) رواه البخاري، وقال تعالى: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴾.
اسمع معي إلى سيدنا مالك بن دينار (رحمه الله): كان جالسًا يتناول طعامه وكان في الطعام لحم، فجاءت هرة (قطة) وخطفت قطعة لحم من أمامه وأطلقت لسيقانها الريح، والقط يعرف الحلال من الحرام أكثر من بني آدم، فالقط إذا جلس بجانبك وأعطيته بيدك قطعة من اللحم أكلها بجانبك وهو مطمئن؛ لأنه يعلم أنه مال حلال، أما إذا خطفها من أمامك ولَّى مدبرًا ولم يعقِّب؛ لأنه يعلم أنه كسب حرام فيخشى على نفسه.
فتبعها الإمام مالك بعينه، لمَ لم تأكلها؟ لعلها خافت؟ فرآها تضع قطعة اللحم أمام جحر عميق.. فقال: سبحان الله.. لمَ خطفتها؟ ولمَ لم تأكلها؟ ولم تركتها أمام هذا الجحر؟ وبينما هو ينظر على هذا الجحر وإذ به يجد ثعبانًا أعمى فاقد البصر فيخرج فيأكل قطعة اللحم.. ثعبان أعمى لا يقوى على السعي على رزقه، لكن اسمه مسجل في السجل الإلهي: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾، وقال تعالى: ﴿ وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا الله يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السميع العليم ﴾… القط بينه وبين الثعبان عداء شديد، لكن لما كانت المسالة مسالة رزق؛ سخر الله العدو لألد أعدائه، ونزع العداء من قلوبهما ليأكل الثعبان، والذي يحضر له الطعام هو عدوه القط. فإذا كان الله سخر القط للثعبان ليأكل.. الثعبان الذي يلدغ.. فكيف ننسى أن يرزق الله من يقول لا إله إلا الله..
الثانية: (وعلمت أن عملي لا يقوم به غيري فاشتغلت به):
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ أي: لتنظر كل نفس، ولتتأمل في الأعمال التي عملتها في الدنيا. والتي ستحاسب عليها يوم القيامة، فإن كانت خيرا ازدادت منها، وإن كانت غير ذلك أقلعت عنها… يقول أهل التفسير: وعبر – سبحانه – عن يوم القيامة بالغد، للإشعار بقربه، وأنه آت لا ريب فيه، كما يأتي اليوم الذي يلي يومك…ويوم القيامة لا ينفعك احد، لا ولدك ولا زوجتك ولا صديقك إنما في الموقف كل يقول: نفسي نفسي، يأتي الأب على ولده يقول له يا بني: حسنة واحدة؟ فيقول له الابن: يا أبتي أخاف مما تخشى منه. تأتي الأم على ولدها تقول له يا بني: حسنة واحدة؟ فيقول لها الابن: يا أماه أخاف مما تخافين منه.. وصور لنا القران الكريم مشهدا من مشاهد القيامة فقال تعالى: ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾.
وهنا خص الله سبحانه تعالى هؤلاء النفر بالذكر، لأنهم أخص القرابات، وأولاهم بالرحمة والرأفة، فالفرار منهم لا يكون إلا في أشد حالات الخوف والفزع… وبدأ بالأخ ثم بالأبوين لأنهما أقرب منه ثم بالصاحبة والبنين، لأنهم أقرب وأحب كأنه قال: يفر من أخيه، بل من أبويه، بل من صاحبته وبنيه لاشتغاله بحال نفسه اشتغالا ينسيه كل شئ سوى التفكير في مصيره وذلك لشدة الهول.
فعلى العاقل ان يكثر من العمل الصالح الذي ينفعه يوم القيامة، صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كانوا يتاجرون مع الله، كانوا يستغلون كل فرصة لكسب الثواب والحسنات، هذا سيدنا أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) في ذات يوم سأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أصحابه (رضي الله عنهم جميعا) ذات يوم: ((مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا))؟ فقال أبو بكر الصديق (رضي الله عنه): أنا يا رسول الله. فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): ((فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً))؟ فقال أبو بكر الصديق (رضي الله عنه): أنا يا رسول الله. فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): ((فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا)). قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضى الله عنه أَنَا. قَالَ ((فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا))؟ فقال أبو بكر الصديق (رضي الله عنه): أنا يا رسول الله. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)(مَا اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ)).رواه مسلم
بل هذا سيدنا أبو هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ: (مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دُعِيَ مِنْ أَبْوَابِ يَعْنِي الْجَنَّةَ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصِّيَامِ وَبَابِ الرَّيَّانِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا عَلَى هَذَا الَّذِي يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ وَقَالَ هَلْ يُدْعَى مِنْهَا كُلِّهَا أَحَدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ يَا أَبَا بَكْرٍ) رواه البخاري.. فالسعيد من ترك الدنيا قبل ان تتركه وعمّر قبره قبل ان يدخله وأرضى ربه قبل ان يلقاه.
الثالث: (وعلمت أن الله مطّلع عليّ فاستحييت أن يراني على معصية):
هذا العالم يحدثنا عن الرقابة الإلهية، ولكن أين هي في زماننا؟ أين الرقابة؟ هل توجد في أسواقنا؟ هل توجد في دوائرنا؟ هل توجد في بيوتنا؟ هل توجد في شوارعنا؟ هل في خلواتنا؟ كم من الناس في دنيا اليوم من إذا خلا بنفسه نسى تلك الرقابة، وغره حلم الله فوقع في الآثام وارتكب السيئات…يقول احد الصالحين (رحمهم الله تعالى): (من راقب الله في خلواته فهو المعظم لله تعالى، الخائف منه تبارك وتعالى، الصادق في تعامله مع ربه، القريب من ربه تعالى).
فيا أخي الكريم تذكر دائما انك مراقب من الله تعالى، ملك الملوك يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فلتتقيه أينما كنت وحيثما حللت، وتذكر ان من راقب الله تعالى فانه سيفوز بخير الدنيا والآخرة، ومن ضيع هذه الرقابة فاه خاسر لا محال الدنيا والآخرة.
واسمع إلى هذه القصة: قال الإمام مالك بن دينار (رحمه الله): كان بجوار بيتي رجل حداد يمسك جمر النار بيديه كما يمسك أحدنا الدراهم والدنانير دون ان تحترق يده، وكان يمسك بالحديد المحمى الملتهب فلا تتأثر يده، فسألته ما هذه الظاهرة العجيبة؟ كيف لا تحرق النار جسدك؟ فقال الحداد: كانت لي جارة جميلة وكنت أريد أن أعبث بعرضها، فحضرت إلي ذات يوم تطلب مني مالا لتقضي به حاجات أولادها، فقلت لها:لا أعطيك المال إلا إذا مكنتني من نفسك، فقالت لي: يا عبد الله اتقِ الله وفك كربي، فصممت على هذا، ولما لم تجد عند غيري ما يفك كربها سلمت نفسها إلي، فلما خلوت بها قالت: يا عبد الله أغلق الأبواب كلها. فقلت لها:لقد أغلقتها، فقالت لي: لقد بقي باب واحد لم تغلقه ولن تستطيع أن تغلقه. قلت لها: باب من؟! قالت: باب الله. قال الرجل لقد شعرت ببرد السكينة في قلبي. فبكيت وقلت لها: يا أمة الله خذي من مالي ما شئت ابتغاء مرضاة الله إلا أني أسألك سؤالا واحدًا أسألك دعوة صالحة تتوجهين بها الى الله. فقالت المرأة: اللهم حرم عليه النار في الدنيا والآخرة. ولذلك فقد نفعني الله بدعوتها في الدنيا فأنا أمسك النار بيدي وأرجو أن تنفعني دعوتها في الآخرة…
إذا خلوت بريبة في ظلمة
والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحي من نظر الإله وقل
لها ان الذي خلق الظلام يراني..
فيا من خلوت بمعاصي الله اعلم ان الرقيب هو الله الذي لا تخفى عليه خافية.
الرابع: (وعلمت أن الموت ينتظرني فأعددت الزاد للقاء ربّ العالمين):
ليسال كل واحد منا نفسه هل أنا مستعد للقاء الله؟ هل إذا جاءني ملك الموت أنا مستعد للقاء؟ بل هل افرح للقاء؟ اسمع معي إلى هاتين الصورتين:
الصورة الأولى: كان ملك من الملوك الطغاة أراد أن يركب إلى أرض فدعا بثياب ليلبسها فلم تعجبه فطلب غيرها حتى لبس ما أعجبه… وكذلك طلب دابة فأتى بها فلم تعجبه حتى أتى بدواب فركب أحسنها فجاء إبليس فنفخ في منخره نفخة فملأه كبرا… ثم سار وسارت معه الخيول وهو لا ينظر إلى الناس من تكبره، فجاءه رجل رث الهيئة فسلم فلم يرد عليه السلام فأخذ بلجام دابته فقال أرسل اللجام فقد تعاطيت أمر عظيما قال إن لي إليك حاجة قال اصبر حتى أنزل قال لا الآن فقهره على لجام دابته فقال أذكرها قال هو سر فأدنى له رأسه فساره وقال أنا ملك الموت فتغير لون الملك واضطرب لسانه ثم قال دعني حتى أرجع إلى أهلي وأقضي حاجتي وأودعهم قال لا والله لا ترى أهلك وثقلك أبدا فقبض روحه فخر كأنه خشبة.
الصورة الثانية: ثم مضى ملك الموت فلقي عبدا مؤمنا في تلك الحال فسلم عليه فرد السلام فقال إن لي إليك حاجة أذكرها في أذنك فقال هات فساره وقال أنا ملك الموت فقال أهلا ومرحبا بمن طالت غيبته على فو الله ما كان في الأرض غائب أحب إلى أن ألقاه منك فقال ملك الموت اقض حاجتك التي خرجت لها فقال مالي حاجة أكبر عندي ولا أحب من لقاء الله تعالى قال فاختر على أي حال شئت أن أقبض روحك فقال تقدر على ذلك قال نعم إني أمرت بذلك قال فدعني حتى أتوضأ وأصلي ثم اقبض روحي وأنا ساجد فقبض روحه وهو ساجد.
فاسأل نفسك: هل أنت من أصحاب الصورة الأولى؟ أم من أصحاب الصورة الثانية؟
والله جدير بمن الموت مصرعه، والتراب مضجعه، والدود أنيسه ومنكر ونكير جليسه، والقبر مقره، وبطن الأرض مستقره، والقيامة موعده، والجنة أو النار مورده أن لا يكون له فكر إلا في الموت، قال النَّبي (صلى الله عليه وسلم)، قَالَ: ((الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِمَا بعدَ المَوتِ، والعَاجِزُ مَنْ أتْبَعَ نَفْسَهُ هَواهَا وَتَمنَّى عَلَى اللهِ)) رواه الترمذي، وَقالَ: ((حديث حسن)).
فهذه الأشياء الأربعة يوم ان وضعها الإمام الحسن البصري نصب عينيه وتطبقها على ارض الواقع، كانت دافعا له إلى ان يزهد في هذه الدنيا… فأين من يستفيد من موعظة سيدنا الحسن؟ أين من يسير على ما سار عليه سيدنا الحسن؟ أين من يتخلق بأخلاق سيدنا الحسن؟ أين من يتشبه بزهد سيدنا الحسن؟ أسال الله أن يجعلَ خيرَ أعمالنا خواتمها وخيرَ أعمارِنا أواخِرَها وخيرَ أيّامنا يومَ نلقى الله فيه، إنّه على كلِّ شيء قدير
[/size]
شكرااااااااا على مرورك اختي الغالية ولا تنسيننا من دعائك شكرا
بارك الله لك
أين الفارق بيننا وبين هؤلاء
أنا أجيب وأقول هو البعد عن دين الله وفراغ القلب من الدين وحب الدنيا
كلامك جواهر اخي الغالي وشكرا على مرورك وربي يهدينا