يقول أهل العلم أنه ينبغي العفو عن هفوة الأخ في الله والكف عن عثرته وهي لا تخلو إما أن تكون في دينه أو دنياه , فإن كانت في دنيا فالأولى التغافل وإن كانت في الدين فهي على قسمين, أن تكون صغيرة فالأولى المناصحة بين الفينة والأخرى دون المهاجرة أو أن تكون كبيرة فهي على نوعين, أن تكون زلة فالواجب العفو والصفح , أو أن يكون متلبساً بها مصراً عليها فالأولى التلطف معه ونُصحه في بداية الأمر فإن لم يستجيب فهناك مذهبين فالأول هجره والثاني التلطف معه واستمالته وتأليفه , والراجح أن المسألة تندرج تحت السياسة الشرعية , وذلك أن هجرة أهل المعاصي تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان والله تعالى أعلم
هل هنالك تلازم بين الهجر الشرعي والبغض في الله؟
يقول أهل العلم أن الهجر الشرعي لا يستلزم البغض في الله كما أن الصلة
لا تستلزم المحبة والمودة في الله , فالهجر الشرعي شيء، والبغض والكراهية شيءٌ آخر ولا تعارض ولا تلازم بينهما.
وعلى هذا فقد يصل المسلم من يُبغضه في الله كصلة الكافر القريب لأجل حقه في القرابة أو لوجود معاملة ومنفعة بينهما , وقد يهجر المسلم من يُحبه في الله خوف هلاكه من الذنوب كهجره لأخيه المسلم الذي وقع في كبيرة من الذنوب دون أن يتوب منها…
المكتبة الشاملة
الهجر إذا كان فيه مصلحة بالنسبة للفاسق: فاهجره، وإلا لا تهجره، لو مررت بشخصٍ يشرب الدخان – والدخان معصية وحرام، والإصرار عليه ينزل صاحبه من مرتبة العدالة إلى مرتبة الفسوق -: سلِّم عليه إذا رأيت أن هجره لا يفيد، سلِّم عليه ربما إذا سلمتَ عليه ووقفت معه وحدثته بأن هذا حرام، وأنه لا يليق بك: ربما يمتثل ويطفئ السيجارة ولا يعود، لكن لو أنك لم تسلِّم عليه، كبر ذلك في نفسه وكرهك وكره ما تأتي به من نصيحة، حتى لو أصر على المعصية سلِّم عليه وانصحه." لقاءات الباب المفتوح " (165 / السؤال رقم 8).
قال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله -: (هجر المؤمن لا يجوز فوق ثلاثة أيام إذا كان على أمر من أمور الدنيا، بل عليه أن يصالح أخاه وأن يُسلِّم عليه إذا لقيه، ومع أنه لا ينبغي ابتداءاً أن يهجر على أمر من أمور الدنيا، ولكن لو حصل شيء من الهجر: فإنه لا يتجاوز ثلاثة أيام، وهذا هو المراد بالحديث: (لا يَحِلُّ لمؤمن أن يهجُرَ أخاه فوقَ ثلاث) يعني: إذا كان الهجر على أمر من أمور الدنيا.
أما إذا كان الهجر لأجل معصية ارتكبها ذلك المهجور، وكانت هذه المعصية من كبائر الذنوب، ولم يتركها: فإنه يجب مناصحته وتخويفه بالله عز وجل، وإذا لم يمتنع عن فعل المعصية ولم يتب: فإنه يُهجَر؛ لأن في الهجر تعزيراً له وردعًا له لعله يتوب؛ إلا إذا كان في هجره محذور؛ بأن يُخشى أن يزيدَ في المعصية وأن يترتب على الهجر مفسدة أكبر؛ فإنه لا يجوز هجره في هذه الحالة؛ فهجر العاصي إنما يجوز إذا كان من ورائه مصلحة ولا يترتب عليه مضرة أكبر.)
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " (1/ 273، 274).
بارك الله فيك