تخطى إلى المحتوى

المرأة المسلمة والمشاركة السياسية . أقوال الأعلام من علماء الإسلام 2024.

المرأة المسلمة والمشاركة السياسية … أقوال الأعلام من علماء الإسلام
د. سامي محمد صالح الدلال

المرأة والولايات العامة:
المعوَّل عليه في هذه المسألة هو قول النبي – صلى الله عليه وسلم – فيما رواه عنه أبو بكرة – رضي الله عنه -:«لن يفلح قوم ولَّوْا أمرهم امرأة» هذا لفظ البخاري، وهو أيضاً عند النسائي والترمذي بلفظ « لن يفلح » ، وعند أحمد في المسند « لا يفلح قوم تملكهم امرأة » ، و « ما أفلح قوم يلي أمرهم امرأة » [1]، وجميع ألفاظه بصيغة العموم؛ فهو عام الدلالة، وليس فيه أدنى حجة لمن قصره على سبب وروده. ومعلوم لدى الأصوليين أن « العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب» . وما ورد من بعض الولايات للمرأة: كولايتها على بيت زوجها، وما سوى ذلك فهي ولايات مقيدة ومخصوصة من العموم المذكور، ولعلنا هنا نكشف أبرز ما يتعلق بهذه المسألة ضمن النقاط التالية:
( 1 ) إن الذي دعا أولاً إلى تولية المرأة الولاية العظمى (رئاسة الدولة)، والولايات العامة الأدنى ( رئاسة الوزارة، الوزارة، النيابة، القضاء) هم العلمانيون، أفراداً ومؤسسات منسجمين في ذلك مع منهجهم القائم على كسر حصون خصوصية المرأة، وفتح السبل على مصاريعها لجعلها في مساحة مكشوفة للجميع.
( 2 ) إن الذي تولى كِبْر هذه الدعوة هي الأنظمة العلمانية التي تسلطت بقوة الإرهاب على رقاب المسلمين؛ فأصدرت التشريعات التي تحقق تلك المآرب، ولا يزال المسلمون يعانون من هذه المأساة التي خلفت خللاً في توازن البنيان الاجتماعي.
( 3 ) إن القوى العالمية التي وراء تلك الدعوة هم اليهود و النصارى و المشركون، ويمارسون ذلك في اتجاهين: أ -الضغط على الأنظمة في العالم الإسلامي؛ لاستصدار تشريعات تتيح للمرأة تلك الولايات السياسية .
ب – تسخير الإعلام بكافة وسائله على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية للوصول إلى تحقيق هذا الغرض.
( 4 ) إن متولي الولايات العامة، وخاصة الولاية العظمى لا بد له من مواصفات معينة ذكرها العلماء في تصانيفهم، وقد ذكر منها الفراء عشرة [2] ، و الماوردي سبعة [3] . قال الفراء وهو يعدد تلك المواصفات: «السادس: جهاد من عاند الإسلام بعد الدعوة حتى يسلم أو يدخل في الذمة. العاشر: أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور وتصفح الأحوال، ليهتم بسياسة الأمة وحراسة الملة، ولا يعوِّل على التفويض متشاغلاً بلذة أو عبادة» انتهى.
ومعلوم أن المرأة لا تستطيع الاضطلاع بهذه المسؤولية؛ لضعف بدنها وشدة تأثرها العاطفي وتخوفها من مواجهة الأزمات وتقهقرها إزاء تحمل وقع الصدمات. ومعلوم أن الجهاد لا يضطلع بقيادته إلا أصحاب الخبرة العسكرية، وأولو العقول الراجحة النقية، والقلوب الصامدة القوية، وذوو الدهاء والروية، ومن هم أهل لحضور مواقع القتال وساحات الوغى الدموية. وقد اتفق أصحاب العقول السوية أن المرأة ليست لذلك أهلاً ، لا من حيث الخلقة ولا من حيث التخلُّق؛ ولذلك اشترط الماوردي فيمن يحق له تولي الإمامة العظمى « الشجاعة والنجدة المؤدية إلى حماية البيضة وجهاد العدو» [4].
إضافة إلى ذلك؛ فإن المرأة بسبب ما يطرأ عليها من العوارض الخلقية : كالحيض، والحمل، والنفاس فإنها لا تستطيع مباشرة أمورها العادية بسهولة ويسر؛ فكيف بمباشرة أمور أمة بكاملها. وقد ذكر الماوردي في شروط الإمامة: « سلامة الأعضاء من نقص يمنع عن استيفاء الحركة وسرعة النهوض» [5].
( 5 ) احتج دعاة مشاركة المرأة في الولايات العامة بأن أبا يعلى الفراء لم يورد شرط الذكورية في شرائط الإمامة العظمى، وفاتهم أنه لا يرى جواز توليها منصب وزارة التنفيذ ولا ولاية القضاء؛ فكيف بمنصب الولاية العظمى؛ فهو بعد أن ذكر سبعة أوصاف فيمن يتولى وزارة التنفيذ قال:« ولا يجوز أن يقوم بذلك امرأة، وإن كان خبرها مقبولاً، لما تضمنه من معاني الولايات المصروفة عن النساء، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – : «ما أفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة» [6] ، وفي ولاية المرأة القضاء قال: « فأما ولاية القضاء فلا يجوز تقليد القضاء إلا لمن كملت فيه سبع شرائط : الذكورية ، البلوغ .. »، ثم عدّد السبعة، ثم قال: « أما الذكورية فلأن المرأة تنقص عن كمال الولايات وقبول الشهادات» [7].
( 6 ) إن هذا الحديث الصحيح يشير بوضوح إلى أن «الفلاح» يفتقده القوم الذين يولون أمرهم امرأة؛ فهل الفلاح مفقود قبل توليتهم لها، أم بعد توليتهم لها، أم من قبل ومن بعد ؟ وقد ورد الحديث عند البخاري وغيره بلفظ: «لن يفلح» وعند أحمد في أحد رواياته بلفظ : « ما أفلح » [8]. إن المتمعن في اللفظ: «ما أفلح » ستنكشف له الحكمة المخبوءة من اختيار هذا التعبير النبوي المندرج في جوامع الكلم؛ إذ إنه يلقي الضوء على حال هؤلاء القوم الذين ضعفت فيهم الهمم، وقعدت بهم أسباب التخلف، واستوطنهم الوهن؛ فما بات رجالهم قادرين على القيام بأعباء نهوض أمتهم، فانحط بهم ركبهم في وديان التردي، إلى أن أصبحوا على مستوى أدنى من همم نسائهم في البذل والعطاء والعمل؛ فصار نساؤهم روادهم وقادتهم، فحالهم ذلك ليس من الفلاح في شيء؛ إذ لم يصبح نساؤهم رؤساءهم إلا لأن القوم «ما أفلحوا» . فإذا ما تسلم النساء دفة القيادة وحُزنَ مواقع « الولايات » ، بما فيها «الولاية العظمى» ادلهمَّ الخطب، وعظمت المصيبة، وازداد تداعي الأمة في منحدرات التراجع والتقهقر، وأصبح القوم عن «الفلاح» في منأى؛ فهم لم يكونوا قبل ذلك مفلحين؛ إذ ولوا أمرهم امرأة، وما هم بعده سيكونون مفلحين؛ فقوله: «ما أفلح» وصف لحالهم فيما كانوا فيه، وقوله: « لن يفلح » وصف لحالهم فيما هم مقبلون عليه، وهم في الحالين ليسوا بمفلحين فتأمل!
( 7 ) جاءت لفظة «قوم» في الحديث غير معرَّفة، أيَّ نكرة في سياق النفي فهي تعُمُّ، وفقه ذلك أن أي قوم يولون أمرهم امرأة ليسوا مفلحين، بغض النظر عن عقيدتهم أو جنسهم أو بلادهم أو زمانهم؛ فهو أمر مضطرد على الدوام. وسر ذلك ليس فقط فيما ذكرناه في البند ( 6 )؛ بل لأن وصول المرأة إلى هذا المركز الأول لم يأت من فراغ، بل هو محصلة عامة لوضع المرأة في ذلك المجتمع الذي سلك طريق الانفتاح الاجتماعي غير المنضبط بأي ضابط يضمن إطار ثباته، أو يحدد مساحة تموج حركته، فلا شك أن المجتمع الذي طوح برجاله عن مواقع المسؤولية، وأحل بدلهم نساءه هو مجتمع قد تخلت نساؤه عن القيام بواجباتهن المنزلية التربوية، وخرجن لممارسة الحياة العامة، أي أن البنية الأساسية لذلك المجتمع قد تخلخلت، ولبناته المكونة له قد انفرط عقدها ووهن تماسكها، وهذا يعني أنه في طريقه إلى التأخر، وأنه يختط سبيل التقهقر، بما يؤول به في النهاية إلى الانهيار ثم الاندثار.
ويدل على صحة ما ذهبنا إليه أن جميع الدول التي سادت فيها النساء سواء في الدول النصرانية أو اللادينية، بل وحتى الدول الإسلامية قد أصابها هذا التفكك الأسري، ولكن ما أصاب الدول النصرانية أو اللادينية هو أكثر بكثير مما أصاب الدول الإسلامية؛ وسبب ذلك أن المرأة في تلك المجتمعات قد تخلت عن مهامها البيتية بالكلية؛ مما جعلها تتيه في صحراء العلاقات الآثمة؛ حيث تستنفد طاقاتها البناءة في الهدم الاجتماعي، وهذا لا يعني أنها تنكص عن حيازة الشهادات العلمية أو المشاركات السياسية، بل هي تفعل ذلك: أولاً لإثبات ذاتها في هذه المجالات الجديدة عليها، وثانياً لصرف الأنظار عن النتائج الوخيمة التي نجمت عن تركها لوظيفتها الأساسية، وقد أصبح معلوم لدى تلك المجتمعات وبعد تجاربها المريرة في هذا المضمار أنه ليس بالإمكان أن تجمع المرأة بين وظيفتها التربوية إزاء الأجيال الصاعدة، وبين ممارسة المهام التي أرادت تقمصها عنوة. إنها بالتأكيد لن تستطيع فعل ذلك رغم الدعم اللامحدود الذي تحظى به من كافة المعنيين العلمانيين في جميع أنحاء العالم. ولذلك فإن أي « قوم » يصل بهم الحال إلى أن تتولى أمرهم امرأة؛ لا بد لهم من الولوج عبرة هذا النفق اللانهائي. إنه نفق الانخذال الاجتماعي والتزعزع الأسري؛ ولذلك فإنهم ليسوا في ساحة « الفلاح » بحال.
( 8 ) إن لفظ « ولوا أمرهم» تناول طبيعة الصلاحية الممنوحة، سواء كانت: مطلقة كالحكم الديكتاتوري، أو مقيدة كالحكم الديمقراطي؛ فاللفظ شامل لهما جميعاً.
( 9 ) باستثناء الولايات العامة التي ذكرتها فللمرأة أن تتولى ولايات أخرى في مختلف مجالات الحياة وفق الشروط التي ذكرتها بشأن خروج المرأة من المنزل. فيمكن أن تكون مديرة مدرسة بنات أو رئيسة مستشفى نسائي أو مسؤولة جمعية نسائية، وما شابه ذلك.
أقوال العلماء في تولي المرأة الولايات العامة:
اتفق العلماء على مضمون ما ذكرته بشأن تولي المرأة الولايات العامة، وهذه بعض أقوالهم:
( 1 ) ابن حزم: قال في « المحلّى » في «كتاب الإمامة»: «ولا تحل الخلافة إلا لرجل من قريش» . ومنع ما سوى ذلك، ومنهم الصبي والمرأة، فقال: « وأما من لم يبلغ والمرأة فلقول النبي – صلى الله عليه وسلم – : «رفع القلم عن ثلاث» ؛ فذكر الصبي، ثم ساق حديث أبي بكرة بلفظ: « لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة » [9] . وقال في «الفصل في الملل والأهواء والنحل» : « وجميع فرق أهل القبلة ليس منهم أحد يجيز إمامة المرأة» [10] .
( 2 ) الجويني: نقلنا قوله: « فما نعلمه قطعاً أن النسوة لا مدخل لهن في تخير الإمام وعقد الإمامة» [11]؛ فإذا كان لا مدخل لهن في التخير؛ فمن باب أوْلى أن لا يكون لهن مدخل إلى منصب الإمامة، ولذلك عندما ذكر الإمام الجويني شروط الإمام قال: « ومن الصفات اللازمة المعتبرة الذكورة والحرية، ونحيزة العقل والبلوغ » [12].
( 3 ) أبو حامد الغزالي: قال في «فضائح الباطنية» وهو يعدد شروط الإمام: « الرابعة: الذكورية؛ فلا تنعقد الإمامة للمرأة وإن اتصفت بجميع خلال الكمال وصفات الاستقلال، وكيف تترشح امرأة لمنصب الإمامة وليس لها منصب القضاء ولا منصب الشهادة في أكثر الحكومات» [13] .
( 4 ) الماوردي: نُقلت أقواله في «الأحكام السلطانية والولايات الدينية» [14] .
( 5 ) أبو يعلى الفراء: نُقلت أقواله في « الأحكام السلطانية » [15] .
( 6 ) البغوي: قال في « شرح السنة »: « اتفقوا على أن المرأة لا تصلح أن تكون إماماً ولا قاضياً؛ لأن الإمام يحتاج إلى الخروج لإقامة أمر الجهاد والقيام بأمور المسلمين، والقاضي يحتاج إلى البروز لفصل الخصومات، والمرأة عورة لا تصلح للبروز، وتعجز لضعفها عند القيام بأكثر الأمور؛ ولأن المرأة ناقصة، والإمامة والقضاء من كمال الولايات، فلا يصلح لها إلا الكامل من الرجال » [16] . قال ذلك في شرحه لحديث: « لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة » .
( 7 ) القاضي ابن رشد القرطبي: قال في « بداية المجتهد ونهاية المقتصد»: « فأما الصفات المشترطة في الجواز يعني فيمن يجوز قضاؤه فأن يكون حراً مسلماً بالغاً ذكراً عاقلاً عدلاً» ، ثم قال: « فمن رد قضاء المرأة شبَّهه بقضاء الإمامة الكبرى» [17] ؛ فإذا كان ذلك ممتنعاً لولاية القضاء فمن باب أوْلى امتناعه للولاية العامة.
( 8 ) ابن قدامة: قال في «المغني »: « جملته أنه يشترط في القاضي ثلاثة شروط: أحدها الكمال، وهو نوعان: كمال الأحكام، وكمال الخلقة. أما كمال الأحكام فيعتبر في أربعة أشياء: أن يكون بالغاً، عاقلاً، حراً، ذكراً .. » ثم رد على ابن جرير في عدم اشتراطه الذكورية؛ فقال : « ولنا قول النبي – صلى الله عليه وسلم – : « ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة »؛ ولأن القاضي يحضره محافل الخصوم والرجال، ويحتاج فيه إلى كمال الرأي وتمام العقل والفطنة، والمرأة ناقصة العقل قليلة الرأي، ليست أهلاً للحضور في محافل الرجال» ، ثم قال: « ولا تصلح للإمامة العظمى ولا لتولية البلدان، ولهذا لم يول النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا أحد من خلفائه ولا من بعدهم امرأة قضاء ولا ولاية بلد فيما بلغنا، ولو جاز ذلك لم يخلُ منه جميع الزمان غالباً» [18].
( 9 ) القرطبي: قال في تفسيره الشهير «الجامع لأحكام القرآن» : وأجمعوا على أن المرأة لا يجوز أن تكون إماماً، وإن اختلفوا في جواز كونها قاضية فيما تجوز شهادتها فيه» [19].
( 10 ) العز بن عبد السلام: قال في «قواعد الأحكام»: «ولا يليق بالرجال الكاملة أديانهم وعقولهم أن تحكم عليهم النساء لنقصان عقولهن وأديانهن، وفي ذلك كسر لنخوة الرجال مع غلبة المفاسد فيما يحكم به النساء على الرجال ، وقد قال عليه الصلاة والسلام: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة » [20] .
( 11 ) ابن تيمية: قال في «مجموع الفتاوى»: « فإن الأئمة متفقون على أنه لا بد في المتولي من أن يكون عدلاً أهلاً للشهادة» [21] . ومعلوم أن المرأة ليست دائماً أهلاً للشهادة منفردة دون رجل، إلا فيما لا يعلمه إلا النساء وفي حالات أخرى. وقال في « منهاج السنة النبوية »: « وإذا كان أبو بكر أوْلى بعلم مثل ذلك أي ميراث الأنبياء وأوْلى بالعدل؛ فمن جعل فاطمة أعلم منه في ذلك وأعدل كان من أجهل الناس، لا سيما وجميع المسلمين الذين لا غرض لهم مع أبي بكر في هذه المسألة؛ فجميع أئمة الفقهاء عندهم أن الأنبياء لا يورثون مالاً، وكلهم يحب فاطمة، ويعظم قدرها رضي الله عنها، لكن لا يترك ما علموه من قول النبي – صلى الله عليه وسلم – ، لا عن أقاربه، ولا عن غير أقاربه، وإنما أمرهم الله بطاعة الرسول وأتباعه، وقد ثبت عنه في الصحيحين كذا [22] أنه قال: « لا أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة » [23] ؛ فكيف يسوغ للأمة أن تعدل عما علمته من سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لما يحكى عن فاطمة في كونها طلبت الميراث، تظن أنها ترث » [24] .
( 12 ) النووي: قال في « مغني المحتاج »: « فلا تولى امرأة لقوله – صلى الله عليه وسلم – : « لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» ؛ ولأن النساء ناقصات عقل ودين » [25] .
( 13 ) ابن حجر العسقلاني: نقلنا قوله في « الفتح » قبل ذلك [26] وقال في مكان آخر من « الفتح »: « والمنع من أن تلي ( أي المرأة ) الإمارة والقضاء قول الجمهور » [27] .
( 14 ) الخطابي: قال: « الحديث يقصد حديث: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة أن المرأة لا تلي الإمارة ولا القضاء » نقله عنه الحافظ ابن حجر في الفتح [28] .
( 15 ) الشوكاني: قال في « نيل الأوطار »: « قوله : لن يفلح قوم … إلخ ، فيه دليل على أن المرأة ليست من أهل الولايات، ولا يحل لقوم توليتها؛ لأن تجنب الأمر الموجب لعدم الفلاح واجب» [29] . وقال في « السيل الجرار» :« وأما كونه ذكراً أي الإمام فوجهه أن النساء ناقصات عقل ودين، كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، ومن كان كذلك لا يصلح لتدبير أمر الأمة ؛ ولهذا قال – صلى الله عليه وسلم – ثبت عنه في الصحيح: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة » [30] .
( 16 ) الإمام الصنعاني: قال في « سبل السلام » بعد أن أورد حديث لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة: « فيه دليل على عدم جواز تولية المرأة شيئاً من الأحكام العامة بين المسلمين، وإن كان الشارع قد أثبت لها أنها راعية في بيت زوجها» ، ثم قال : « والحديث إخبار عن عدم فلاح من ولي أمرهم امرأة، وهم منهيون عن جلب عدم الفلاح لأنفسهم، بل مأمورون باكتساب ما يكون سبباً للفلاح » [31] ، وقال في موقع آخر من الكتاب بعد أن أورد حديث: « لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة لنفسها » رواه ابن ماجة و الدارقطني و البيهقي وصححه الألباني في « الإرواء » [32]، « فيه دليل على أن المرأة ليس لها ولاية في الإنكاح لنفسها ولا لغيرها، فلا عبارة لها في النكاح إيجاباً ولا قبولاً؛ فلا تزوج نفسها بإذن الولي ولا غيره، ولا تزوج غيرها بولاية ولا بوكالة ولا تقبل النكاح بولاية ولا وكالة، وهو قول الجمهور » [33] ؛ فمن كانت هذه حالها كيف لها تسلُّم مناصب الولايات العامة؟
( 17 ) أبو العلى المباركفوري: نقل في « تحفة الأحوذي » ما ذكره الخطابي مما ذكرته آنفاً ، ثم قال : « والمنع من أن تلي الإمارة والقضاء قول الجمهور» [34] .
( 18 ) القرافي: قال في « الذخيرة : « لم يسمع في عصر من الأعصار أن امرأة وليت القضاء ، فكان ذلك إجماعاً ؛ لأنه غير سبيل المؤمنين .. وقياساً على الإمامة العظمى » [35] .
( 19 ) الشيخ سيد سابق : قال في « فقه السنة » : « فلا يصح قضاء المقلد ولا الكافر ولا الصغير ولا المجنون ولا الفاسق ولا المرأة لحديث أبي بكرة » ، ثم ذكر حديث: « لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة » [36] .
( 20 ) النيسابوري: قال في « الإجماع »: « وأجمعوا على أن شهادتهن لا تقبل في الحدود » [37] ؛ فكيف تلي ولاية عامة وشهادتها في الحدود مردودة ؟
( 21 ) عبد الله بن عبد الرحمن البسام: قال في : « توضيح الأحكام » : « الحديث صحيح يقصد حديث أبي بكرة: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة في عدم صحة ولاية المرأة، وأن الأمة التي توليها لن تصلح في أمور دينها ولا في أمور دنياها، وعدم صحة ولايتها هو مذهب جمهور العلماء، ومنهم الأئمة الثلاثة مالك و الشافعي وأحمد، وذهب الحنفية إلى جواز توليتها الأحكام إلا الحدود، وقولهم مصادم للنص وللفطرة الربانية» [38] .
( 22 ) الدهلوي: قال في « الحجة البالغة »: « اعلم أنه يشترط في الخليفة أن يكون عاقلاً بالغاً حراً ذكراً شجاعاً ذا رأي وسمع وبصر ونطق ، وممن سلَّم الناس بشرفه وشرف قومه ولا يستنكفون عن طاعته .. وإذا وقع شيء من إهمال هذه رأوه خلاف ما ينبغي، وكرهته قلوبهم وسكتوا على غيظ ، وهو قوله – صلى الله عليه وسلم – لما ولوا أمرهم امرأة ، ثم ذكر الحديث » [39] .
( 24 ) مصطفى السباعي: قال في كتابه «المرأة بين الفقه والقانون» : « إني أعلم بكل صراحة أن اشتغال المرأة بالسياسة يقف الإسلام منه موقف النفور الشديد، إن لم أقل موقف التحريم ، لا لعدم أهلية المرأة لذلك ( كذا ) ، بل للأضرار الاجتماعية التي تنشأ عنه، وللمخالفات الصريحة لآداب الإسلام وأخلاقه، وللجناية البالغة على سلامة الأسرة وتماسكها، وانصراف المرأة عن معالجة شؤونها بكل هدوء وطمأنينة » [40] .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
المصدر مجلة البيان بتصرف بسيط
المراجع:
(1) فتح الباري 8/126 ، سبق تخريجه في الجزء الأول من المقالة انظر هامش رقم 1
(2) « الأحكام السلطانية » للفراء ، ص 27 ، 28 .
(3) « الأحكام السلطانية » للماوردي ، ص 6 .
(4) المرجع السابق ، ص 6 .
(5) « الأحكام السلطانية » للماوردي ، ص 6 .
(6) « الأحكام السلطانية » للفراء ، ص 31 .
(7) « الأحكام السلطانية » للفراء ، ص 60 .
(8) انظر هامش رقم 1 .
(9) « المحلى » لابن حزم 9/438 ، 439 .
(10) « الفصل في الملل والأهواء والنحل » لابن حزم 4/179 .
(11) غياث الأممً للجويني ، ص 48 .
(12) غياث الأمم للجويني ، ص 65 .
(13) « فضائح الباطنية » لأبي حامد الغزالي ص180 .
(14) « الأحكام السلطانية » للماوردي ، ص 23 .
(15) « الأحكام السلطانية » للفراء ، ص 31 .
(16) « شرح السنة » للإمام البغوي 10/77 .
(17) « بداية المجتهد ونهاية المقتصد » لابن رشد 4/1768 .
(18) « المغني » لابن قدامة 10/36 .
(19) « الجامع لأحكام القرآن » ، القرطبي 1/270 .
(20) « قواعد الأحكام في مصالح الأنام » للإمام العز بن عبد السلام 1/210 .
(21) « مجموع الفتاوى » لابن تيمية 28/259 .
(22) وهم من الشيخ رحمه الله ؛ حيث لم يروه مسلم .
(23) الصحيح « ما أفلح » انظر « منهاج السنة النبوية » لابن تيمية ، تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم ، 5/523 حاشية رقم 1 .
(24) « منهاج السنة النبوية » لابن تيمية 5/522 ، 523 .
(25) « مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج » للإمام النووي 4/375 .
(26) فتح الباري ، ابن حجر 13/56 .
(27) (28) فتح الباري 13/128
(29) « نيل الأوطار » للشوكاني 9/168 .
(30) « السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار » للشوكاني 4/505 .
(31) « سبل السلام » للإمام الصنعاني 8/8279 .
(32) رواه ابن ماجة في سننه برقم 1882 ، و وصححه الألباني في الإرواء 6/248 برقم 1841
(33) « سبل السلام » للصنعاني 6/41 ، 24 .
(34) « تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي » للإمام الحافظ أبي يعلى محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري 6/542 شرح حديث رقم 2365 : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة .
(35) « الذخيرة » للإمام شهاب الدين أحمد بن إدريس الصنهاجي المالكي 10/22 .
(36) « فقه السنة » لسيد سابق 3/315 .
(37) « الإجماع » لأبي محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري ص 78 .
(38) « توضيح الأحكام من بلوغ المرام » للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام 6/149 .
(39) « الحجة البالغة » للإمام شاه ولي الله بن عبد الرحيم المحدث الدهلوي 2/149 .
(44) « المرأة بين الفقه والقانون » للدكتور السباعي ، ص 156 – 160 .

موضوع ممتاز بارك الله فيك

جزاك الله خيراً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.