بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين :
أيها الأحبة في الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:إنه لا يختلف اثنان في أن الفوز والفلاح في الدنيا ولآخرة لا يتحقق بالمال والجاه والقوة والصناعة وغيرها من الأمور الدنيوية المتعارف عليها.
فلو كان الأمر كذلك لقلنا أنه ظلم من الله رب العزة والجلال وهو يقول عن نفسه أنه لا يحب الظالمين فالله عدل لا يرضى الظلم لعباده فكيف يرضاه لنفسه فهو في حقه محال
لذلك جعل الله أسبا الفوز والفلاح متاحة للجميع الفقراء مثل الأغنياء والأقوياء مثل الضعفاء وذكرها مثل أنثاها فجعل الله الفوز والفلاح حق مبذول للجميع فوضع الإيمان مكانه القلب وهو موجود في كل إنسان وأدوات الأعمال الصالحة الجوارح مملوكة لكل أحد كي لا يكون لأحد حجة على الله. فمن في قلبه الإيمان وبدرت من جوارحه الأعمال الصالحة فاز في الدنيا والآخرة وما سوى ذلك فهو من الخاسرين
فقيمة العبد عند خالقه بقدر إيمانه وما يقوم به من أعمال صالحة وبه توزن الأعمال ومنه يتقدم الإنسان من ربه أو يتأخر وليس بما يملك أوما يتقلد من مناصب فلو اعتقدت أن الفوز والفلاح في الملك والدولة لكنت كالنمرود وفرعون وأمثالهم ولو غرتك قوتك لكنت كقوم عاد ولو غرتك تجارتك لحشرت مع قوم شعيب ولو اعتقدت أن فلاحك وفوزك في الزراعة لكنت كقوم سبأ ولو غرتك صناعتك لحشرت مع قوم ثمود ولو غرك مالك لصحبت قارون وأمثاله
لهذا الأمر أرسل الله الرسل ليبين كل منهم لقومه أن الفوز والفلاح ليس في تلك الأشياء بل بالإيمان والأعمال الصالحة فلما كذب الرسل واغتر كثير من الناس بما عندهم وأسرو على كفرهم وعنادهم أسمع ماذا جرى لهم
قال تعالى {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}
وقال أيضا{فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ}
وقال أيضا {وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}
وإلى لقاء آخر إن شاء الله