تخطى إلى المحتوى

القول الممدوح في بيان التوبة النصوح . الشيخ أبو بكر يوسف لعويسي الجزائري 2024.

  • بواسطة

القول الممدوح في بيان التوبة النصوح .

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أما بعد:

اعلم وفقنا الله وإياك وجميع المسلمين ، أن الذنوب حجاب عن الله ، والانصراف عن كل ما يبعد عن الله واجب ، وإنما يتم بالعلم والندم والعزم ورد المظالم ، فإنه متى لم يعلم أن الذنوب أسباب البعد عن الله لم يندم على الذنوب ولم يرد المظالم ، ولم يتوجع بسبب سلوكه طريق البعد ، وإذا لم يتوجع لم يرجع ، والتوبة الرجوع عن المعصية إلى الطاعة والإنابة ، وهي واجبة من كل ذنب.
قد أمر الله سبحانه وتعالى بالتوبة ، وبين ما للتائبين من الكرامة والأجر ، فقال : [[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ]].
قال ابن القيم رحمه الله : والنصح في التوبة يتضمن ثلاثة أشياء . الأول : تعميم جميع الذنوب واستغراقها بها بحيث لا تدع ذنبا إلا تناولته .
والثاني : إجماع العزم والصدق بكليته عليها بحيث لا يبقى تردد ولا تلوم ولا انتظار بل يجمع كل إرادته وعزيمته مبادرا بها .
الثالث : تخليصها من الشوائب والعلل القادحة في إخلاصها ووقوعها لمحض الخوف من خشية الله ، والرغبة فيما عنده ، والرهبة مما عنده ، لاكمن يتوب لحفظ جاهه وحرمته ومنصبه ورياسته ، أو لحفظ حاله أو لحفظ قوته وماله أو استدعاء حمد الناس ، أو لهرب من ذمهم أو لئلا يتسلط عليه السفهاء أو لقضاء نهمته من الدنيا أو لإفلاسه وعجزه ونحو ذلك من العلل التي تقدح في صحتها وخلوصها لله عز وجل .
وقد أخبر سبحانه أنه غفار للذنوب التائبين فقال : [[وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ
]].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها } رواه مسلم .
والأحاديث في هذا كثيرة ، ولأن الذنوب مهلكات مبعدات عن الله لذلك يجب الهرب منها والتوبة إلى الله على الفور ، وليحذر الإنسان كل الحذر من الذنوب والمعاصي الكبائر والصغائر ، فعلى العاقل أن يسترشد قلبه باستمرار ويراقب حركاته ويسجل تصرفاته ولا يتساهل ولا يقول إنها من التوافه الصغار وهذه هي مبادئ تربية النفس وسبيل التزكية بالتربية وصدق رسول الله حيث قال: { إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل يهلكنه } وإلى هذا أشار الشاعر : ولا تحقرن كيد الضعيف فربما تموت الأفاعي من سموم العقارب
وقد هد قدما عرش بلقيس هدهد وخرب حفر الأرض سد مأرب
وقال آخر:
لا تحقرن صغيرا في مخاصمة .. إن البعوضة تدمي مقلة الأسد

علامات قبول التوبة .
قال ابن القيم رحمه الله :
اعلم أن صاحب البصيرة الذي ربى نفسه وحملها على المراقبة لمن رباه ويراه إذا صدرت منه الخطيئة فله نظرٌ إلى أمور : أحدها أن ينظر إلى أمر الله ونهيه فيحدث له ذلك الاعتراف بكونها خطيئة . والإقرار على نفسه بالذنب .

قلت: فيدفعه ذلك إلى اللوعة والحسرة والندم وذلك يدفعه إلى التوبة الصادقة النصوح .
قال : والثاني : أن ينظر إلى الوعد والوعيد فيحدث له ذلك خوفا وخشية تحمله أيضا على التوبة .
قلت : وإذا اجتمع في العبد المذنب الإقرار بالذنب والندم والحسرة على الوقوع فيه ، مع الخوف والخشية لله تعالى ، نتج عن ذلك صدق الرجوع إلى الله والتوبة النصوح . قال: والثالث : أن ينظر إلى تمكين الله له منها [ أي المعصية ]وتخليته بينه وبينها وتقديرها عليه وانه لو شاء لعصمه منها فيحدث له ذلك أنواعا من المعرفة بالله وأسمائه وصفاته وحكمته ورحمته وعفوه وحلمه وكرمه ، وتوجب له هذه المعرفة عبودية بهذه الأسماء لا تحصل بدون لوازمها البتة ، ويعلم ارتباط الخلق والأمر والجزاء والوعد والوعيد بأسمائه وصفاته .

قلت : وكل ذلك بسبب تمكين الله له من المعصية وتخليته بينه وبينها ، ورب ذنب يقدره الله على العبد فيكون سببا في دخوله الجنة ، ورب طاعة يقدرها الله على العبد تكون سببا في دخول العبد النار ، فإذا عرف ذلك ، وعلم أن له ربا ، قضى عليه بذلك الذنب وطلب منه التوبة ، وأنه يقبلها منه ويفرح بتوبته ، لم يقنط ورجع إلى مولاه العليم الحكيم ، منكسر الخاطر ، ذليل النفس ، صادق اللجوء ، مراقبا لربه التواب الرحيم .قد حسن حاله ، ظاهرا وباطنا ،وهذه علامات قبول التوبة النصوح . قال ابن القيم :
1 – منها أن يكون العبد بعد التوبة خيرا مما قبلها ، ومنها أنه لا يزال الخوف مصاحبا له لا يأمن مكر الله طرفة عين فخوفه مستمر إلى أن يسمع قول الرسل لقبض روحه : أن لا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون . فهنا يزول الخوف .
2- ومنها : انخلاع القلب وتقطعه ندما وخوفا وهذا على قدر عظم الجناية وصغرها ، وهذا تأويل ابن عيينة رحمه الله لقوله تعالى :لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم . قال : تقطعها بالتوبة . ولا ريب أن الخوف الشديد من العقوبة العظيمة يوجب انصداع القلب وانخلاعه .

وهذا هو تقطعه ، وهذا حقيقة التوبة لأنه ينقطع قلبه حسرة على ما فرط منه وخوفا من سوء عاقبته إن لم يتجاوز عنه مولاه . 3- ومن موجبات التوبة الصحيحة النصوح وعلامات قبولها أيضا كسرة تحصل للقلب لا يشبهها شيء ، ولا تكون لغير المذنب ، لا تحصل بجوع ولا رياضة ، ولا حب مجرد ، وإنما هي أمر وراء ذا كله ، تكسر القلب بين يدي الرب كسرة تامة قد أحاطت به من جميع جهاته وألقته بين يدي ربه الذي رباه ويراه طريحا ذليلا خاشعا كحال عبد جان أبق من سيده فأُخذ وأُحضر بين يديه ولم يجد من ينجيه من سطوته ولم يجد منه بدا ولا عنه غناء ، ولا منه مهربا ، وعلم أن حياته وسعادته وفلاحه ونجاحه في رضاه عنه ، وقد علم إحاطة سيده بتفاصيل جناياته ، هذا مع حبه لسيده وشده تعظيمه له ،وحاجته إليه وعلمه بضعفه وعجزه وذله وقوة سيده وعزته . فيجتمع في هذه الأحوال كسرة وذل وخضوع ما انفعها للعبد وما أجدى عائدتها عليه وما أعظم جبره بها وما أقربه بها من سيده فليس شيء أحب إلى سيده من هذه الكسرة والاعتراف والخضوع والتذلل والإخبات والانطراح بين يديه والاستسلام له . وهي قمة تزكية النفس وتربيتها ،والله اشد فرحا بتوبة عبده في هذه الحال .

فلله ما أحلى قوله في هذه الحال : أسألك بعزك وذلي إلا رحمتني . أسألك بقوتك وضعفي وبغناك عني وفقري إليك هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك ، عبيدك سواي كثير وليس لي سيد سواك ، لا ملجأ ولا منجى إلا إليك ، أسألك مسألة المساكين ، وأبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل ، وادعوك دعاء الخائف الضرير ، سؤال من خضعت لك رقبته ، ورغم لك أنفه ، وفاضت لك عيناه ، وذل لك قلبه ، وضاق عليه حاله ، فتاب ورجع إلى سعة رحمتك فلا تحرمه منها يا أرحم الراحمين . فهذا من آثار التوبة المقبولة ، وعلامات النفس الزكية الذليلة فمن لم يجد ذلك في قلبه ، فليتهم توبته وليرجع إلى تصحيحها فما أصعب التوبة الصحيحة بالحقيقة وما أسهلها باللسان والدعوى ، وما عالج الصادق بشيء أشد عليه من التوبة الخاصة الصادقة النصوح ، وحول ولا قوة إلا بالله

الشيخ أبو بكر يوسف لعويسي الجزائري حفظه الله

«فليس للعبد إذا بُغي عليه وأُوذي، وتسلَّط عليه خصومُهُ شيء أنفع له من التوبة النصوح، وعلامة سعادته: أن يعكس فِكْره ونظره على نفسه وذنوبه وعيوبه، فيشتغل بها وبإصلاحها والتوبة منها، فلا يبقى فيه فراغٌ لتدبُّر ما نزل به، بل يتولَّى هو التوبة وإصلاح عيوبه، والله يتولَّى نُصرته وحفظه والدفع عنه ولا بُدَّ، فما أسعدَه من عبدٍ، وما أبركها من نازلة نزلت به، وما أحسنَ أثَرَها عليه، ولكن التوفيق والرشد بيد الله لا مانع لما أعطى ولا مُعطيَ لما منع، فما كلُّ أحد يُوفَّقُ لهذا، لا معرفةً به، ولا إرادةً له، ولا قُدرةً عليه، ولا حول ولا قوَّة إلاّ بالله»

[ «بدائع الفوائد» لابن القيِّم: (2/771)].

بسم الله الرحمن الرحيم
التوبة النصوح
من أراد دوام العافية و السلامة ، فليتق الله عز وجل .

فإنه ما من عبد أطلق نفسه في شيء ينافيه التقوى و إن قل إلا وجدعقوبته عاجلة أو آجلة .

و من الإغترار أن تسيء فترى إحساناً فتظن أنك قد سومحت ، و تنسى : من يعمل سوءاً يجز به.

و ربما قالت النفس : إنه يغفر فتسامحت . و لا شك أنه يغفر و لكن لمن يشاء .

و أناأشرح لك حالاً فتأمله بفكرك تعرف معنى المغفرة .

و ذلك أن من هفا هفوة لم يقصدها و لم يعزم عليها قبل الفعل و لا عزم على العود بعد الفعل ثم إنتبه لما فعل فإستغفر الله كان فعله و إن دخله عمداً في مقام خطأ ، مثل أن يعرض له مستحسن فيغلبه الطبع فيطلق النظر و يتشاغل في حال نظره بالتذاذ الطبع عن تلمح معنى النهي ، فيكون كالغائب أو كالسكران ، فإذا انتبه لنفسه ندم على فعله فقام الندم بغسل تلك الأوساخاالتي كانت كأنها غلطة لم تقصد .

فهذا معنى قوله تعالى : إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون.

فأما المداوم على تلك النظرة المردد لها ، المصر عليها ، فكأنه في مقام متعمد للنهي مبارز بالخلاف ، فالعفو يبعد عنه بمقدار إصراره .

و من البعد ألا يرى الجزاءعلى ذلك ، كما قال ابن الجلاء: رآني شيخي و أنا قائم أتأمل حدثاً نصرانياً ، فقال : [ ما هذا ؟ لترين غبها و لو بعد حين ، ] فنسيت القرآن بعد أربعين سنة .

و اعلم أنه من أعظم المحن الاغترار بالسلامة بعدالذنب ، فإن العقوبة تتأخر .

و من أعظم العقوبة ألا يحس الإنسان بها ، و أن تكون في سلب الدين و طمس القلوب و سوء الإختيار للنفس ، فيكون من آثارها سلامة البدن و بلوغ الأغراض .

قال بعض المعتبرين : أطلقت نظري فيما لا يحل لي ، فمكثت أنتظر العقوبة . فألجئت إلى سفر طويل لا نية لي فيه ، فلقيت المشاق ، ثم أعقب ذلك موت أعز الخلق عندي ، و ذهاب أشياء كانت لها وقع عظيم عندي ، ثم تلافيت أمري بالتوبة فصلح حالي ، ثم عاد الهوى فحملني على إطلاق بصري مرة أخرى ، فطمس قلبي وعدمت رقته ، و أستلب مني ما هو أكثر من فقد الأول ، و وقع لي تعويض عن المفقود بماكان فقده أصلح ، فلما تأملت ما عوضت و ما سلب مني صحت من ألم تلك السياط .

فها أنا أنادي من على الساحل : إخواني احذروا لجة هذا البحر ، و لا تغتروابسكونه ، و عليكم بالساحل ، و لازموا حصن التقوى فالعقوبة مرة .

و إعلموا أن ملازمة التقوى مرارات من فقد الأغراض و المشتهيات ، غير أنها في ضرب المثل كالحمية تعقب صحة ، و التخليط ربما جلب موت الفجأة .

و بالله لو نمتم على المزابل مع الكلاب في طلب رضى المبتلي كان قليلاً في نيل رضاه ، و لو بلغتم نهاية الأماني من أغراض الدنيا مع إعراضه عنكم كانت سلامتكم هلاكاً ، و عافيتكم مرضاً ، و صحتكم سقماً ، و الأمر بآخره ، و العاقل من تلمح العواقب .

و صابروا رحمكم الله تعالى هجير البلاء ، فما أسرع زواله .

و الله الموفق ، إذ لا حول إلا به ، ولا قوة إلا بفضله

صيد الخاطر لابن الجوزي رحمه الله
نقلا من أهل الحديث

بارك الله فيك على الموضوع

بارك
الله
فيكم
جميعا

بارك الله فيكم وحفظ الله الشيخ …………….ونسغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم ونتوب اليه

جزاك الله خيرا ,,,,,,,,,,,,,,,ونفع بك أخية

جُزيتم خيرا جميعا على مروركم الطيِّب

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا ،وحفظ الله شيخنا
للرفع

جزاك الله خيرا

بوركتما أخيتاي التوحيد وسارية ووفقكما الله لمرضاته

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.