علم الفقه وعلم الأصول الفقه علمان متربطان بارتباط وثيق , وذالك لأن أحدهما اصل , والأخر فرع
ذالك الأصل , كأصل الشجرة وفرعها , فالأصولي ينبغي ان يكون فقيها , والفقيه ينبغي ان يكون اصوليا
وإلا كيف يمكن له ان يستنبط الأحكام من الدليل , وكيف سيكون مجتهدا من لم يتبحر في علم الأصول؟
ومع ذالك ينبغي ان يقال انهما علمان متمايزان ’ فأحدهما مستقل عن الاخر من حيث موضوعه واستمداده
وثمرته والغاية من دراسته .
وبالتالي فإن قواعد كل علم منهما تتميز عن قواعد الاخر تبعا لتمايز موضوعي العلمين : فموضوع
علم الفقه هو أدلة الفقه الأجمالية والأحكام وما يعرض لكل منها .
اما موضوع علم اصول الفقه فهو افعال المكلفين وما يستحقه كل فعل من حكم شرعي عملي , وبالتالي فإن قواعد
علم اصول الفقه تفترق وتتميز من قواعد علم الفقه ,
وسنحاول بإذن الله في دورس متتالية بيان لتلك الفروق بين الفقه , وعلم اصول الفقه .
</b></i>
الفروق : وجاء فيه ما يالي :
" اما بعد : فإن الشريعة اشتملت على اصول وفروع , واصولها قسمان
احداهما : المسمى بأصول الفقه وهو في غالب امره ليس فيه إلا قواعد الأحكام الناشئة عن الألفاظ العربية
خاصة , وما يعرض لتلك الألفاظ من النسخ والترجيح , ونحو : الأمر للوجوب , والنهي للتحريم , والصيغة
الخاصة للعموم , ونحو ذالك وما خرج عن هذا النمط إلا كون القياس حجة الواحد وصفات المجتهدين ..
اام القسم الثاني : قواعد فقهية كلية كثيرة العدد عظيمة المدد , مشتملة على اسرار الشرع وحكمه , لكل قاعدة
من الفروع في الشريعة ما لا يحصى , ولم يذكر شيئ منها في اصول الفقه , وان اتفقت الاشارة اليه هنالك على
سبيل الاجمال " انتهى كلامه .
واذا دققنا النظر في قواعد الأصول وقواعد الفقه يتبن لنا ان فروقا عدة تميز بينهما منها :
1 ان علم اصول الفقه بالنسبة للفقيه ميزان وضابط للاستنباط الصحيح من غيره , شأنه في ذالك شأن علم النحو لضبط النطق
والكتابة , وقواعد هذا الفن هي وسط بين ألأدلة والأحكام , فهي التي يستنبط بها الحكم من الدليل التفصيلي وموضوعها دائما
الدليل والحكم , كقولك : الأمر للوجوب , والنهي للتحريم , والواجب المخير يخرج المكلف عن العهدة فيه بفعل واحدا مما خير فيه .
اما القاعدة الفقهية : فهي قضية كلية او اكثرية , جزئيا تها بعض مسائل الفقه وموضوعها دائما هو فعل المكلف ..
يتبع بإذن الله .
</b></i>