و السلام عليكم ورمة الله وبركاته
الحمد لله خلق الخلق وقسم أرزاقهم وأخلاقهم وفضل بعضهم على بعض ، وصلى الله على من جمع فيه الخصال كلها علما
وعملا وخلقا ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلما.
أما بعد:
هذه باقة من أقوال السلف في العلم والأخلاق والمال ، كيف كانوا يرون هذه الأمور وقس نفسك على هذه الأقوال والأعمال
هل أنت على نهجهم و سيرهم أو انحرفت وسلكت غير سبيلهم.
العلم وأثره :
قال سفيان ابن عيينة: « إذا كان نهاري نهار سفيه، وليلي ليل جاهل، فما أصنع بالعلم الذي كتبت ؟ ».
أخلاق العلماء للآجري (44).
هذه موعظة عظيمة جدير بطالب العلم أن يتنبه لها، وقد كان من شأن السلف رحمهم الله أنَّ العلم يظهر عليهم في عبادتهم
وأخلاقهم ومعاملاتهم
كما قال الحسن البصري رحمه الله: «كان الرجل إذا طلب العلم لم يلبث أن يُرى ذلك في بصره وتخشعه ولسانه ويده
وصلاته وزهده» رواه الدارمي(385).
الشهرة بالعلم
قال الحسن رحمه الله:
((إنْ كان الرجلُ ليكون فقيهًا جالسًا مع القوم فيرى بعضُ القومِ أنَّ به عِيًّا وما به من عيٍّ إلا كراهيةَ أن يشتهر)).
الزهد لأحمد بن حنبل (1455).
وإن كان الرجل ليكون جاهلًا جالسًا مع القوم فيتكلم بلا علم وما به من رغبة إلا أن يشتهر.
قال الحافظ الحكمي رحمه الله تعالى :
وكان فضل أبينا في القديم على الـ … أملاك بالعلم من تعليم ربهمِ
كذاك يوسف لم تظهر فضيلته … للعالمين بغير العلم والحكم
وما اتباع كليم الله للخضر الـ … معروف إلا لعلم عنه منبهم
مع فضله برسالات الإله له … وموعد وسماع منه للكلم
وقدّم المصطفى بالعلم حامله … أعظم بذلك تقديماً لذي قدم
كفاهمو أن غدوا للوحي أوعية … وأضحت الآي منه في صدورهم
وأن غدوا وكلاء في القيام به … قولاً وفعلاً وتعليماً لغيرهم
وخصهم ربنا قصراً بخشيته … وعقل أمثاله في أصدق الكلم
ومع شهادته جاءت شهادتهم … حيث استجابوا وأهل الجهل في صمم
ويشهدون على أهل الجهالة …. بالمولى إذا اجتمعوا في يوم حشرهم
والعَالِمُونَ عَلى العِبادِ فَضْلُهُمُو …. كالبَدْرِ فَضْل عَلى الدُّرِّيِّ فَاغْتَنِمِ
هُمُ الهُداةُ إلى أهْدَى السَّبيلِ …. وأهْلُ الجَهْلِ عنْ هَدْيِهِمْ ضَلُّو لِجَهْلِهِمِ
وفَضْلُهُمْ جاءَ في نصِّ الكِتابِ وفِي …..الْحَديثِ أشْهَرُ مِنْ نارٍ عَلى عَلَمِ
2 – قسمة الأخلاق
عن عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه قال :
((إنَّ الله تعالى قَسَمَ بينكم أخلاقكم، كما قسم بينكم أرزاقكم)).
رواه البخاري في الأدب المفرد (275).
فالأخلاق هباتٌ من الله ، وقسمةٌ منه ، وتفضُّلٌ. فالذي يُعطي الأرزاق هو الذي يُعطي الأخلاق
قال ابن القيم رحمه الله في الفروسية (ص499):
((فإنَّ الأخلاق مواهب يهب الله منها ما يشاء لمن يشاء))
ولهذا كما أنَّه مطلوب في باب اكتساب الرزق أمران لابد منهما:
الأول : اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى والتوكل عليه .
والثاني : السعي في طلب الرزق من وجوهه المشروعة المباحة.
فكذلك في باب الأخلاق مطلوب اللجوء إلى الله بالمنِّ
بالأخلاق الفاضلة والآداب الكريمة ، مع السعي ومجاهدة النفس على تحقيقها .
قال طَاوُسٍ بن كيسان رحمه الله:
« إِنَّ هَذِهِ الْأَخْلَاقَ مَنَائِحُ يَمْنَحُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدٍ خَيْرًا مَنَحَهُ مِنْهَا خُلُقًا صَالِحًا ».
مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا (32).
فالموفق من يجاهد نفسه على القيام بمحاب الله مستعينًا به وحده راجيًا مده وعونه ملتمسًا أن يمنحه من منائح رفده ومواهب
بره، لا يأتى بالحسنات إلا هو ولا يدفع السيئات إلا هو، يهدي لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا هو، ويصرف
عن سيئها لا يصرف عن سيئها إلا هو.
3 – المال
قال سعيد بن المسيب:
« لا خير فيمن لا يريد جمع المال من حله ، يكفُّ به وجهه عن الناس ، ويصل به رحمه ، ويعطي منه حقه ».
إصلاح المال لابن أبي الدنيا (53).
هذا النصح البين يتضمن التحذير من مسلكين ذميمين؛ وهما: جمع المال من غير حله من خلال الطرائق المحرمة لتحصيل
المال، أو بقاء المرء عاطلا لا يعمل فيصبح عالة على غيره.
عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال :
كان أهلُ اليمنِ يَحُجُّون ولا يَتَزَوَّدون ، ويقولون : نحن المُتَوكِّلون ، فإذا قَدِموا مكةَ سألوا الناسَ
فأَنْزَلَ اللهُ تعالى :وتزودوا فإن خير الزاد التقوى . رواه البخاري
روي أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – دخل المسجد في وقت الضحى، فوجد جماعة يجلسون في المسجد، فقال: من أنتم؟
قالوا: نحن المتوكلون، فقال: بل المتواكلون، وأمر بإخراجهم من المسجد، لأنهم خالفوا منهج الله تعالى في كونه
وعطلوا العمل بالأسباب.
قال سعد بن أبي وقاص لابنه:
يا بني: إذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة، فإنها مال لا ينفد؛ وإياك والطمع فإنه فقر حاضر وعليك باليأس، فإنك لم تيأس من
شيء قطُّ إلا أغناك الله عنه . رواه بن عساكر في تاريخ بغداد.
قال أبو سليمان الداراني:
إن قومًا طلبوا الغنى فحسبوا أنَّه في جمع المال، ألا وإنما الغنى في القناعة، وطلبوا الراحة في الكثرة؛ وإنما الراحة في القلة
وطلبوا الكرامة من الخلق، ألا وهي في التقوى، وطلبوا النعمة في اللباس الرقيق واللين وفي طعامٍ طيبٍ، والنعمة في الإسلام
الستر والعافية. الزهد الكبير للبيهقي ص : 80
قال الراغب:
(الفقر أربعة: فقر الحسنات في الآخرة، وفقر القناعة في الدنيا، وفقر المقتني، وفقرها جميعًا، والغني بحسبه، فمن حصل
له في الدنيا فقد القناعة والمقتني فهو الفقير المطلق على سبيل الذم، ولا يقال له غني بوجه. تفسير الراغب
-للراغب الأصبهاني –
اللهم اقسم لنا من كل خير نصيب ووفقنا لطاعتك ومرضاتك آمين.
– التصفية والتربية الجزائرية –
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
شكرا بارك الله فيك