العلامة بن حنفية العابدين حول مسألة
السمع والطاعة لمن لم يحكِّم شرع الله
السؤال:
السلام عليكم و رحمة الله
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
من خلال تصفحي لموقع منتدى التصفية والتربية السلفية قرأت مقالا نشره …. يرد فيه على الشيخ، فما قولكم حفظكم الله فأنا أنتظر ردّكم . /منير.
السؤال:
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
هل نسمع و نطيع لمن لم يحكِّم شرع الله ؟ /أبو حذيفة.
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فإن جوابي عن السؤالين اللذين جاءا من الأخوين: منير، وأبي حذيفة – بارك الله فيهما – بخصوص ما كتبه عني بعضهم من سب وشتم واستنقاص، وهو ما نشر في منتدى التصفية والتربية؛ هو أني أكتفي بإحالتهما على ما في كتابي العجالة في شرح الرسالة الطبعة الثانية، وهكذا كتابي المخرج من تحريف المنهج، ثم رسالتي عن حكم المظاهرات، وغير ذلك من الإجابات والتسجيلات التي لم ير شيئا منها الكاتب المذكور، وإني أصون لساني عن أن أقول كلمة في الرد عما صدر عن المسمى أعلاه هداه الله، ولا يسع المقام بيان وجه ما قلته، فإن الخلاف في هذه المسائل لا يحسن أن ينشر على العوام، بخلاف طلاب العلم فإن عليهم أن يعرفوه لما في جهله من المفاسد، ومنها ظن السوء بكل مخالف، ولعل من القراء من يعرف أسماء بعض أهل العلم الذين كانوا على هذا القول فيمن يقنن من الحكام المحرمات القطعية وينشرها في الناس، ومن قرأ الكتاب برمته علم وجه ذلك، ثم إن الكتاب كيفما كان كاتبه لا يخلو من نقص، وقد قال الله تعالى: “أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا”، ولهذا فإني أكل أمر هذا الرجل ومن أعانه إلى الله تعالى فإنه حسبنا ونعم الوكيل .
ثم إني أنقل هنا بعض ما في العجالة، إذ لعل الكتاب ليس عند الأخوين السائلين وغيرهما ممن ينتظر الجواب، وهو ما أدين الله تعالى به وألقاه عليه إن شاء الله، فمن بين ما قلت في ذلك الشرح 1/222 بعد بيان الدليل على لزوم طاعة أولي الأمر، قلت: “،،،، وقوله تعالى: “منكم”؛ يعني من المسلمين، فإن الإجماع منعقد على عدم طاعة الكافر، وجاء ذلك في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “،،، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان”، رواه البخاري من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “لا طاعة لمن لم يطع الله”، رواه أحمد عن أنس رضي الله عنه، وهو صالح لأن يراد به الكافر، لكونه لم يطع الله أصلا، ولأن يراد به من أمر بالمعصية، لكونه غير مطيع لله فيما أمر به، وإن كان مسلما، وجاء ذلك مصرحا به في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “لا طاعة لأحد في معصية الله، وإنما الطاعة في المعروف”، رواه البخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه، وقال عليه الصلاة والسلام: “لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق”، رواه أحمد عن عمران رضي الله عنه” .
“واعلم أن أهل السنة على عدم منابذة الإمام الجائر والفاسق والخروج عليه، كما أنهم على وجوب مناصحة الحكام وقول الحق لهم ممن هو أهل لذلك بالطرق التي لا تثير الفتن، ولا تنشر القلاقل، وقد وفر الله تعالى في هذا العصر من الوسائل ما ينبغي أن ينظر فيه ليستعان به على تحقيق هذا المقصد العظيم الذي يندرج فيما خصت به هذه الأمة المرحومة، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس منه عند أهل الحق هذا الذي قلد فيه كثير من المسلمين الكفار وتشبهوا بهم فيه في جملة ما تشبهوا بهم وهو كثير، ومن ذلك الكلام العنيف الموجه إلى الحكام بأسمائهم والإضرابات والمظاهرات وما يسمى بالاعتصامات والعصيان المدني فهذا من التشبه بالكفار، وقد نهينا عنه، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “من تشبه بقوم فهو منهم”، رواه أبو داود
عن ابن عمر رضي الله عنهما، وأقل ما يدل عليه هذا الحديث هو حرمة ذلك كما قال ابن تيمية رحمه الله، والنهي عن التشبه بهم من المتواتر المعنوي في السنة، والفعل المذكور فوق ذلك من الذرائع إلى الفساد وهو تعطيل المصالح وإتلاف الأموال وإزهاق الأرواح وانتهاك الأعراض وذهاب ريح الأمة وافتقارها إلى مساعدة الكفار كما عشناه ونعيشه،،،”.
و في كتاب المخرج من تحريف المنهج للمؤلف الطبعة الثانية صفحة 101 : “علاقة المسلم بالحكام المسلمين“: يطيعهم فيما ليس معصية لله تعالى، و يترك طاعتهم فيما كان معصية، يعطيهم ما طالبوه به من الحقوق و لا ينازعهم فيه، و له أن يشتكي و يطالب برفع الغبن و الظلم عنه، و يستعمل الوسائل المستجدة التي لا تفضي إلى الفتن، و يجتنب إن كان داعيا ما يهيج النفوس، و ما هو ذريعة إلى الخروج عليهم، و يدعو لهم بالصلاح و الاستقامة، و ينصح لهم بالوسائل المشروعة التي لا تثير الناس عليهم و لا تقدح فيهم علانية، و موقفه هذا لا يعتبر تزكية لما يصدر عنهم من باطل، فإن تلك التزكية لا ينبغي أن تصدر ممن ينصح لهم كما هو المطلوب، و يجوز له أن يتولى من الوظائف ما لا يكون العمل فيه محرما لذاته كالخمر و الربا، و لا هو إعانة على ظلم أو باطل “اهــ ، والله أعلم .
من موقعه الرسمي
https://abedine.com/?p=2304