«العزيمة والصَّبر»
يُثمران جميع الأحوال والمقامات!
قَالَ الإمامُ المُبجَّل ابن قيِّم الجوزيَّة (ت: 751هـ) رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ في كتابه "مدارج السَّالكين": "«فَصْلٌ»:«الخوف» يُثمر الورع والاسْتعانة وقصر الأمل، و«قوة الإيمان باللِّقاء» تُثمر الزُّهد، و«المعرفة» تُثمر المحبَّة والخوف والرَّجاء، و«القناعة» تُثمر الرِّضا، و«الذِّكر» يُثمر حياة القلب، و«الإيمان بالقدر» يُثمر التَّوكُّل.
و«دوام تأمُّل الأسماء والصِّفات» يُثمر المعرفة، و«الورع» يُثمر الزُّهد أيضًا، و«التَّوبة» تُثمر المحبَّة أيضًا، ودوام الذِّكر يُثمرها، و«الرِّضا» يُثمر الشُّكر، و«العزيمة والصَّبر» يُثمران جميع الأحوال والمقامات، و«الإخلاص والصِّدق» كلٌّ منهما يُثمر الآخر ويقتضيه، و«المعرفة» تُثمر الخلق، و«الفكر» يُثمر العزيمة، و«المراقبة» تُثمر عمارة الوقت وحفظ الأيَّام.
و«الحياء والخشية والإنابة وإماتة النَّفس وإذلالها وكسرها» يُوجب حياة القلب وعزِّه وجبره، و«معرفة النَّفس ومقتها» يُوجب الحياء مِنَ الله عَزَّ وَجَلَّ، واسْتكثار ما منه واسْتقلال ما منك مِنَ الطَّاعات ومحو أثر الدَّعوى مِنَ القلب واللِّسان، و«صحَّة البصيرة» تُثمر اليقين، و«حسن التَّأمُّل لما ترى تسمع مِنَ الآيات المشهودة والمتلوّة» يُثمر صحَّة البصيرة.
وملاك ذلك كلّه أمران:
• أحدهما: أنْ تنقل قلبك مِنْ وطن الدَّنيا فتسكنه في وطن الآخرة، ثمَّ تقبل به كلّه على معاني القُرآن واسْتجلائها، وتدبّرها، وفهم ما يُراد منه، وما نزل لأجله، وأخذ نصيبك وحظِّك مِنْ كلِّ آيةٍ مِنْ آياته تنزلها على داء قلبك.
فهذه طريق مُختصرة قريبة سهلة موصلة إلى الرَّفيق الأعلى، آمنة لا يلحق سالكها خوفٌ، ولا عطبٌ، ولا جوعٌ، ولا عطشٌ، ولا فيها آفةٌ مِنْ آفات سائر الطَّريق ألبتَّة، وعليها مِنَ الله حارسٌ وحافظٌ، يكلأ السَّالكين فيها، ويحميهم ويدفع عنهم، ولا يعرف قدر هذه الطَّريق؛ إلاَّ مَنْ عرف طُرق النَّاس وغوائلها وآفاتها وقطَّاعها. واللهُ المستعان".اهـ.
([«مدارج السّالكين» (2/28)])
منقول من مدونة الطريق واحد
رَحِمَ اللهُ الإمَامَ ابْنَ القَيِّمِ وَأَسْكَنَهُ فَسِيحِ جِنَانِهِ
بَارَكَ اللهُ فِيكُمْ.
آمين وفيكم بارك الرحمن