تخطى إلى المحتوى

الضمور الأخلاقي و لصوص المال العام الجزائر إلى أين؟ 2024.

الضمور الأخلاقي و لصوص المال العام.
ملاحظة فقط يمكنك استبدال الجزائر بإسم دولة عربية أخرى.
……..
في الجزائر يشكو معظم الناس من الفساد و السرقات العلنية و الخفية التي تطال ثرواتهم و مواردهم و أموالهم النقدية،و يمكنك أن تسمع هذه الشكاوى و التذمر المتزايد من بسطاء الناس، يطلقونها في الاسواق أو سيارات النقل أو المقاهي و سواها، و معظم الشكاوى تدور عن السرقات التي يقوم بها مسؤولون و موظفون في الدولة،من دون أن يطالهم العقاب،لأن عمليات السطو على المال العام تتم تحت غطاء قانوني مفبرك،أو تتم بالتوافق و الصفقات المشبوهة المتبادلة،في حين يُعلًن بين حين و آخر في وسائل الاعلام المختلفة – من باب ذر الرماد في العيون – القبض على الموظف الفلاني متلبسا بسرقة كذا دولار،أو مرتشيا بكذا مبلغ تافه و صغير قياسا للملايين بل المليارات التي تُسرق بحيل و ألاعيب كثيرة،تُبعد مرتكبيها عن الملاحقة و القصاص.

و من غرائب الامور أن عمليات السطو على المال العام باتت ظاهرة متداولة بين الجميع،و ربما تحوَّلت الى احدى القيم المجتمعية المألوفة،حيث يعدّها بعضهم،لاسيما كبار الموظفين، (شطارة) و (فرصة حق) لتكوين الحاضر و المستقبل،لأن المنصب قد يزول لسبب أو آخر،و لهذا يبذل هذا المسؤول أو ذاك قصارى جهده ( و شطارته) لكي يحقق ما يبتغي من منافع و موارد،في مدة قياسية،بغض النظر عمّا ستلحقه تجاوزاته و سرقاته من أذى بيّن لشرائح الشعب المختلفة،لاسيما الفقراء و الأرامل و الايتام.

يتزايد هذا الوضع (الخطير) في ظل ضمور متواصل للقيم الروحية و الاخلاقية،مع تنام مخيف للمادية،حيث تزدهر حالة تسابق غير معهودة بين الجميع من اجل الحصول على أكبر الموارد و أكثرها، بغض النظر عن طريقة تحقيقها،طالما أن الأغطية القانونية و ربما الشرعية ايضا،متوافرة و يمكن ابتكارها و الاستفادة منها لتحقيق سرقات علنية او خفية للمال العام،قد يبدو مثل هذا الكلام ذا طبيعة فضفاضة،و لكن يمكن للمراقب و المتابع أن يكتشف نماذج كثيرة للسرقات المقنّعة،تشبه في اضرارها و مخاطرها البطالة المقنّعة،إن لم تتفوق عليها،أحد هذه النماذج على سبيل المثال،هناك موظف شاب،أنهى دراسته و حصل على البكالوريا،كان فقير الحال،رث الملابس،حصل على تعيين في احدى الدوائر الخدمية،و في غضون سنتين او اكثر قليلا،بنى دارا سكنية و اقتنى سيارة حديثة و تزوّج من فتاة متعلمة،نحن نتمنى أن يحصل كل الشباب على مستلزمات الحياة الكريمة،و هذا واجب الحكومة تجاههم،و لكن يجب أن يتم ذلك بالطرق السليمة،و ليس بطريقة (الشطارة) المستحدثة في استغلال الوظيفة،فإذا كان موظفا شابا صغيرا يستطيع أن يحقق المنافع التي ذكرتها في غضون مدة زمنية قليلة جدا،ماذا يفعل الموظفون الكبار من لصوص المال العام اذن؟؟.

نعم هناك لصوص يحسنون التعامل مع سرقة المال العام،و في المقابل هناك من يغض الطرف و يتغاضى عنهم مقابل فوائد محسوبة،و معظمها متبادلة،هذه الحالة تشبه تماما النظام المافياتي الخطير،السائد في دول معروفة من العالم،حيث يُعتمد اسلوب التوريط لكي تكبر قاعدته الى اقصى حد ممكن،حتى يتحول هذا النوع من السرقة الى ظاهرة متداولة لا تثير الاستهجان أو الرفض أو الاستغراب،لكن الاخطر من السرقة نفسها،هو ضعف الجانب الاخلاقي و الروحي لدى النسيج المجتمعي المتباين،مقابل تصاعد في النزعة المادية التي تلهب الصراع و التسابق نحو ارتكاب جرائم السرقة والانحراف.

غالبا ما يحرص المسؤولون على التقليل من أهمية هذه الظاهرة، و السبب جلي و واضح للجميع، لأنهم هم المسؤولون عن ارتكابها، حتى لو بصورة غير مباشرة، أما الحلول فتكمن بالارادة السياسية الوطنية الحازمة، و لا توجد علاقة للتشارك و التعدد الديمقراطي، في صنع القرار لردع هذه الظاهرة و تقليل آثارها ثم القضاء عليها، إذ يتذرع المسؤولون بصعوبة الحزم في معالجة ظواهر الفساد و السرقات، بسبب غياب المركزية في اتخاذ القرار و ما شابه، لتعدد الكتل و الاحزاب التي تستند الى تعدد مكونات المجتمع، و لكن مجتمعنا ليس وحده من يتميز بالتعدد العرقي و الديني والاثني، هناك مجتمعات تفوقنا تعددا و تنوعا، لكنها تفوقنا تطورا ايضا، في هذا الصدد يقول احد الكتاب إن التاريخ الياباني لم يختلف كثيرا عن تاريخنا العربي الإسلامي من معاناة الفرقة الدينية الطائفية، والحروب الدموية الطاحنة بين ولاياتها المختلفة، والإحباط المتكرر للمواطنين.
و قد نستفيد من هذه التجربة في مراجعة و دراسة حقيقة تاريخنا، لبناء مستقبل زاهر ومشرق لأطفالنا، لذا نحتاج بقوة الى كبح جماح لصوص المال العام والحد من اخطارهم المتفاقمة، بالاستفادة من تجارب الامم الاخرى.

بدون مكساج أو تعديل.

بسرقة كذا دولار..
بسرقة كذا دينار..

شكراااااااااااااااا على المعلومة والتذكير

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رجل الفضاء الجيريا
شكراااااااااااااااا على المعلومة والتذكير

الشكر لكم.

سلام عليكم
يا اخي ماخفي كان اعظم

شكرا لك ياينابيع الصفاء .
إنهم يريدون من كل جزائري أن يكون فاسدا ومفسدا ولو بنسبة ضئيلة
ويصبح مجبرا أن يكون سارق أومسروقا وإلا فإنه لايعرف شيئا في هذه الحياة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحاج بالدليل الجيريا
شكرا لك ياينابيع الصفاء .
إنهم يريدون من كل جزائري أن يكون فاسدا ومفسدا ولو بنسبة ضئيلة
ويصبح مجبرا أن يكون سارق أومسروقا وإلا فإنه لايعرف شيئا في هذه الحياة

و لكن الحقيقة أن دوام الحال من المحال.
جزاك الله خيرا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.