تخطى إلى المحتوى

السنة المستقلة بالتشريع وآراء العلماء فيها 2024.

السنة المستقلة بالتشريع وآراء العلماء فيها(1)

https://www.alssunnah.com/main/articl…=7355&menu_id=

إن استقلال السنة بالتشريع قضية اختلفت فيها الآراء ، وتعددت فيها وجهات النظر ، وهدف هذا المبحث الوصول إلى نتيجة يدعمها البرهان ، ويشهد لها الدليل ، ومن ثم فسوف أعالج هذا المبحث وفق النقاط التالية:

1ـ معنى استقلال السنة بالتشريع .

2ـ آراء العلماء في استقلال السنة بالتشريع .

3ـ موازنة بين الآراء في تلك المسألة .

أولا : معنى استقلال السنة بالتشريع :

استقلال السنة بتشريع الأحكام معناه : أن تأتي السنة بأحكام جديدة زائدة على ما في القرآن الكريم ، ولم يرد فيه ما يثبتها أو ينفيها ، وهذه الأحكام حجة يجب العمل بها ، لأن كل من قبل عن الله فرائضه في كتابه ، قبل عن رسول الله سننه ، بفرض الله طاعة رسوله على خلقه ، وأن ينتهوا إلى حكمه ، ومن قبل عن رسول الله فعن الله قبــل ، لما افترض الله من طاعته .

فيجمع القبول لما في كتاب الله ، ولسنة رسول الله : القبول لكل واحد منهما عن الله(1)

والتشريع في الإسلام :هو الحكم الشرعي لكل فعل من أفعال المكلفين سواء أكان ذلك الحكم هو الوجوب أو الحرمة أو الندب أو الكراهة أو الإباحة ، وسواء تعلق فعل المكلف بالعادات ـ أي بأمور الدنيا كما يسميها بعض الكتــاب المحدثين ـ أو تعلق بالعبادات ـ أي بأمور الدين كما يسميها هؤلاء الكتاب .

وبناء عل ما تقدم : فإن كل ما نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير ، لابد وأن يستفاد منه حكم شرعي بالوجوب أو الحرمة أو الندب أو الكراهة أو الإباحة ، وسواء تعلق هذا القول أو الفعل أو التقرير بأمر من أمور الدين أو بأمر من أمور الدنيا ، لأن كل فعل من العبد، لله فيه حكم .

وهذا هو ما عناه الإمام ابن تيمية حين سئل رحمه الله : " ما هو الحديث النبوي ؟ أهو ما قاله في عمره أو بعد البعثة ؟ أو تشريعا ؟ ـ أي ما قاله تشريعا ؟ " .

فأجاب رحمه الله : " كل ما قاله بعد النبوة وأقر عليه ولم ينسخ فهو تشريع ، لكن التشريع يتضمن الإيجاب والتحريم والإباحة ، ويدخل في ذلك ما دل عليه من المنافع في الطب ، فإنه يتضمن إباحة ذلك الدواء والانتفاع به ، فهو شرع لإباحته ، وقد يكون شرعا لاستحبابه …… والمقصود أن جميع أقواله يستفاد منها شرع " (2).

(1) انظر : الرسالة ص 22 .
(2) مجموع الفتاوى ( 18 ـ 11 ، 12 ) ، وانظر : السنة تشريع لازم صـ 43 .

السنة المستقلة بالتشريع وآراء العلماء فيها(2)

ثانيا : آراء العلماء في استقلال السنة بالتشريع :

استقلال السنة بالتشريع مختلف فيه بين العلماء إلا أن الخلاف ليس في الاعتـــــــداد بالأحكام الثابتة في السنة زيادة عن الأحكام الثابتة في القرآن الكريم ، وإنما الخلاف في مخرجه وملحظه ، والطريق الذي أعطى للحكم الزائد الاعتداد به ، إذ هم جميعا متفقون على الاعتداد به ، والخلاف في الوجه الذي منه كان الاعتداد بالزائد عن الكتاب .

ولقد ذكر الإمام الشافعي ـ رضي الله عنه ـ ذلك ، وذكر أن الأقوال في مخرجه أربعة أقوال ، إذ قال ما نصه : "

والوجه الثالث : " ما سن رسول الله فيما ليس فيه نص كتاب " .

1ـ فمنهم من قال : جعل الله له ، بما افترض من طاعته ، وسبق في علمه من توفيقه لرضاه ، أن يسن فيما ليس فيه نص كتاب .

2ـ ومنهم من قال : لم يسن سنة قط إلا ولها أصل في الكتاب ، كما كانت سنته لتبين عدد الصلاة وعملها ، على أصل جملة فرض الصلاة ، وكذلك ما سن من البيوع وغيرها من الشرائع ، لأن الله تعالى قال 🙁 وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ )[ سورة النساء /29 ] .وقال 🙁 وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)[ سورة البقرة /275] ، فما أحل وحرم ، فإنما بين فيه عن الله كما بين الصلاة .

3ـ ومنهم من قال : بل جاءته به رسالة الله ، فأثبتت سنته بفرض الله .

4 ـ ومنهم من قال : ألقى في روعه كل ما سن ، وسنته الحكمة الذي ألقى في روعه عن الله فكان ما ألقى في روعه سنته .

ثم روى الشافـــعي بإسناده عن المطـلب ، ما يفيد أن السنة مما ألقى في روع رسول الله صلى الله عليه وسلم

، قال : قال رسول الله : " إن الروح الأميــــن قد ألقى في روعى أنه لن تموت نفس حتى تستــــوفى رزقها ، فأجمــــلوا في الطلـــب "(1)

ثم قال معقبا : فكان مما ألقى في روعه سنته ، وهي الحكمة التي ذكر الله ، وما نزل عليه كتاب فهو كتاب الله ، وكل جاءه من نعم الله ، كما أراد الله ، وكما جاءته النعم ، تجمعها النعمة ، وتتفرق بأنها أمور بعضها غير بعض ، ونسأل الله العصمة والتوفيق " (2)

(1)- إسناد الشافعي رجاله ثقات وهو مرسل ، وللحديث شواهد كثيرة ، بها يصل إلى درجة الصحة ، ومنها :
– حديث ابن مسعود : أخرجه أبو عبيد في ( غريب الحديث ) ( 1/ 298 ) ، ومن طريقه البغوى في ( شرح السنة ) ( 14 / 304 رقم 4112 ) ، والقضاعي في ( مسند شهاب ) ( 2 / 185 رقم 1151 ) … ثنا هشيم أنبا إسماعيل بن أبي خالد عن زبيد اليامي عمن أخبره عن ابن مسعود به ، وإسناده صحيح لولا الرجل الذي لم يسم .
وأخرجه البغوي في ( شرح السنة ) ( 14 / 304 رقم 4113 ) من طريق أبي أسامة عن إسماعيل عن زبيد وعبد الملك بن عمير عن ابن مسعود به ، ورجاله ثقات ، وهو مرسل .وأخرجه أيضا ( 14 / 303 ، 404 رقم 4111 ) من طريق أبي حمزة عن إسماعيل عن رجلين أحدهما زبيد عن ابن مسعود به ، وهو كسابقه .
وأخرجه الحاكم في المستدرك ( 2 / 4 ) من طريق آخر عن ابن مسعود ، وفيه سعيد بن أبي أمية الثقفي وهو مجهول ، وبقية رجاله ثقات .
– حديث جابر بن عبد الله : أخرجه ابن ماجه في سننه ، رقم ( 2144 ) ، وابن أبي عاصم في السنة رقم ( 420 ) والحاكم في المستدرك ( 2 / 4 ) ، والقضائي في مسند الشهاب رقم ( 1152 ) ، والبيهقي في السنن الكبرى ( 5 / 265 ) من طريق ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر .
وابن جريج وأبو الزبير مدلسان ، ولم يصرحا بالتحديث .
وأخرجه أبو نعيم في الحلية ( 3 / 156 ، 157 و 7 / 158 ) من طريق حبيش بن مبشر ثناوهب بن جرير ثنا شعبة عن محمد بن المنكدر به .
وإسناده صحيح ، وقال أبو نعيم عقبة : ( غريب من حديث شعبة ، تفرد به حبيش عن وهب ) وأخرجه ابن حبان في " الصحيح "
( رقم 3239 ، 3241 ) ، والحاكم في المستدرك ( 2 / 4 ) ، والبيهقي في الكبرى ( 5 / 264 ) و ( الشعب ) رقم ( 10505 ) من طريق
عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن محمد بن المنكدر به ، وإسناده حسن .
– حديث أبي أمامة : أخرجه الطبراني في " الكبير " رقم ( 7694 ) ، وأبو نعيم في الحلية ( 10 / 26 ، 27 ) وفي إسناده عفير بن معدان ، وهو ضعيف .
– حديث حذيفة : أخرجه البزار في " البحر الزخار " ( 7 / 314 ـ 315 رقم 2914 ) وأوله : هلموا إلي ، فأقبلو إليه ، فجلسوا ، قال : هذا رسول رب العالمين جبريل صلى الله عليه وسلم نفث في روعي . وقال عقبة : " وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن حذيفة إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد قلت : وفيه قدامة بن زائدة بن قدامة ، قال الهيثمي في ( المجمع ) ( 4 / 71 ) ( لم أجد من ترجمة ووافقه ابن حجر في ( مختصر زوائد البزار )
رقم ( 874 ) .
والخلاصة : أن الحديث صحيح بشواهده ، والله أعلم .
(2)- الرسالة 93 ـ 103
.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.