مقدمة :
الحمد لله رب العالمين ، حمداً يليق بجلاله و بعظيم قدره و بعزيز سلطانه، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا وحبيبنا محمد صلوات الله تعالى وسلامه عليه وعلى آله وصحبه الأخيار ومن دعا بدعوته واهتدى بهداه. وبعد،
من المعلوم أنَّ الإسلام دين شامل ومتكامل، منَّ الله به على عباده، ليضمن لهم حياة سعيدة كريمة، و ذلك من خلال عدة ضوابط مُنَظِّمة ومُقَوِّمة للسلوك الإنساني ، محققة التآلف و الترابط بين الأفراد على أساس من العدل و المحبة و التآخي . و الزكاة هي واحدة من هذه الضوابط التي تَمُدُّ جهد الفرد و نشاطه الذاتي بعونٍ يؤمِّن له كرامة العيش و مستوى الاكتفاء المادي و المعنوي . و إنَّ ما نعيشه اليوم من أزمات اقتصادية خانقة و تدهور في المستوى المعيشي ، ما هو إلا نتيجة انحراف المسلمين عموماً عن ذاك النهج الرباني ، الذي لن ينعم الكون و تستقيم أموره إلا باتباع أوامره و اجتناب نواهيه ، لذلك كان الإنسان مأموراً بتعلم أحكام دينه الشرعية طاعة لله تعالى أولاً و في ذلك سبيل لتحقيق حياة مستقرة سعيدة ثانياً . و لسوف تدرك أخي المسلم هذه الحقيقة و تتيقَّن من هذه المعاني من خلال اطلاعك على أحكام الزكاة التي هي إحدى دعائم و أركان الإسلام الخمس
1- ما معنى الزكاة ؟
الزكاة مأخوذة من زكا الشيء ، يزكو أي زاد و نما ، يُقال : زكا الزرع و زكت التجارة إذا زاد و نما كل منهما و تُستَعمل أيضاً بمعنى الطهارة و منه قوله تعالى : {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9]، أي قد أفلح من طهَّر نفسه من الأخلاق الرديئة. ثم استُعمِلَت الكلمة في اصطلاح الشريعة الإسلامية لقدر مخصوص من بعض أنواع المال يجب صرفه لأصناف مُعيَّنة من الناس ، عند توفُّر شروط معيَّنة سنتحدث عنها لاحقاً. و سُميّ هذا المال زكاة لأن المال الأصلي ينمو ببركة إخراجها و دعاء الآخذ لها ، و لأنها تكون بمثابة تطهير لسائر المال الباقي من الشبهة و تخليص له من الحقوق المتعلقة به و بشكل خاص حقوق ذوي الحاجة و الفاقة .
2- متى شُرِعَت ؟
الصحيح أنَّ مشروعية الزكاة كانت في السنة الثانية من هجرة النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة المنورة قُبَيل فرض صوم رمضان .
3- ما حكمها و ما هو دليلها من الكتاب و السنَّة :
الزكاة ركن من أهم الأركان الإسلامية ، و لها من الأدلة القطعية في دلالتها و ثبوتها ما جعلها من الأحكام الواضحة و المعروفة من الدِّين بالضرورة ، بحيث يكفر جاحدها و مُنكِرُها .
و دليلها من الكتاب : قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]. والأمر بها في القرآن الكريم مًكَرَّر في آيات كثيرة ، كما ورد ذكرها في 32 موضعاً .
و دليلها من السُنَّة : قول النبي صلى الله عليه و سلم : " بُنِيَ الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله و أنَّ محمداً رسول الله ، و إقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، و الحج ، و صوم رمضان " ، رواه البخاري و مسلم و غيرهما . و الأحاديث في هذا كثيرة جداً .
4- ما حكم من منعها منكراً لها ؟
الزكاة ثالث ركن من أركان الإسلام و لذلك أجمع العلماء على أنَّ من أنكر فرضيَّتها فقد كفر و ارتدَّ عن الإسلام و ذلك لأنها من الأمور التي عُلِمَت فرضيتها بالضرورة ، أي يعلم ذلك الخاص و العام من المسلمين ، و لا يحتاج في ذلك إلى حجّة أو برهان . قال النووي – رحمه الله تعالى – نقلاً عن الإمام الخطَّابي : " فإنَّ من أنكر فرض الزكاة في هذه الأزمان كان كافراً بإجماع المسلمين " .
كيف تجبى الزكاة مع وجود خلافة إسلامية ؟
تُدفع زكاة الأموال الباطنة مثل النقدين و عروض التجارة عن طريق الإمام ، و الركاز لا يجوز للإمام أن يطلبها .
أما الأموال الظاهرة مثل الأنعام و الزروع و الثمار و المعادن ، إن طلب الإمام زكاة هذه الأموال وجب على المالك إعطاؤه إياها .
اشرح هذا القول : الزكاة مدعاة للعمل والربا مدعاة للكسل .
الزكاة مدعاة للعمل لأن الإنسان إذا ادخر أمواله لسنوات دون أن يشغلها فسوف تنقص بنسبة 2,5% سنوياً عندما يخرج الزكاة منها دون تشغيلها ، لذا كان لا بد من تشغيل المال حتى يزداد و لا تأكله الزكاة فيدور المال بين أيدي الناس و يحصل النفع للجميع و تتحرك العجلة الاقتصادية في البلد ، أما الربا فمدعاة للكسل لأنه عندما يضع الإنسان ماله في البنك و يأخذ الفائدة عليها بدلاً من تشغيلها دون وجود خطر الخسارة في التجارة حيث الربح مؤمن دون تعب أو مخاطرة ، يتم بذلك تجميد الأموال التي في المصارف دون أن ينتفع بها الناس ، مما يؤدي إلى شلل الحركة الاقتصادية و تكاسل أصحاب رؤوس الأموال عن العمل .
من تجب عليه الزكاة ؟
شروط وجوب الزكاة هي :
1- الإسلام : فلا تجب الزكاة وجوب تكليف في الدنيا على كافر ، مع أن الكفار مخاطبين بفروع الشريعة ، فهم مخاطبون بالإسلام و يعاقَبون على تركه و عند جمهور العلماء هم معاقبون على ترك الصلاة و الزكاة و الصيام و كل فريضة فرضها الله تعالى على المسلمين .
2- ملكية النصاب : و هو حد أدنى من المال سيأتي بيانه ، فمن لم يملك النصاب لم تجب عليه الزكاة
3- مرور حول قمري كامل على ملكية النصاب : فلا زكاة في المال مهما بلغ إلا بعد مرور عام كامل عليه ، دل على ذلك قول النبي صلى الله عليه و سلم : " ليس في مالٍ زكاةٌ حتى يحول عليه الحول " ، رواه أبو داود .
و يُستثنى من هذا الشرط الزروع و الثمار و الدَّفائن ، فلا يشترط الحَول في وجوب زكاة هذه الأموال ، بل تجب فيها فور تحصيلها أو الحصول عليها ، و سيأتي تفصيل ذلك في مكانه إن شاء الله تعالى .
هل تجب الزكاة في مال الصبي الذي ملك نصاباً وحال عليه الحول وهو دون البلوغ ؟ وهل تجب في مال المجنون ؟
من خلال بيان الشروط السابق ذكرها علمنا أنه لا يشترط لوجوب الزكاة في المال بلوغ صاحبه و لا عقله و لا رشده ، فالعبرة تكمن في ملك النصاب ، فعلى الإنسان أن يسجل متى ملك النصاب و يبدأ الحول من هذا اليوم أو التاريخ ، فإن كان معه فوق النصاب يزكي على كل ما معه و إن لم يكن معه نصاب فلا زكاة عليه . و من لا يعرف متى ملك النصاب لأول مرة يسير على ما سار عليه عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه ، فكان يجعل زكاته في رمضان من كل عام و الأفضل في العشر الأخير منه لأن الأعمال فيها مضاعفة الأجر . و عند الشافعية إذا ملك الصبي أو الفتاة نصاباً و هم دون البلوغ وجبت عليهم الزكاة . و ليس المعنى أنَّ الصبي و المجنون مكَلَّفان شرعاً بإخراج الزكاة من ماليهما بحيث لو لم يؤدِّها كل منهما عوقب يوم القيامة ، و إنما المعنى أنَّ حق الزكاة متعلق بأموالهما إذا تكاملت فيها شرائطه ، فيجب على وليِّ كلٍّ منهما أن يؤدي هذا الحق لأصحابه ، بحيث لو قصَّر في ذلك الوليُّ كان آثماً مستحقاً للعقوبة من الله عز و جل ، فإن لم يكن له ولي ، وجب على الصبي بعد البلوغ و على المجنون إن أفاق من الجنون أن يخرجا زكاة السنوات الماضية . و يفضَّل تشغيل أموالهما لأن المال إذا لم يشغل أكلته الزكاة ، أخرج الدارقطني في سننه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " من وَلِيَ يتيماً له مال فَليَتَّجِر له ، و لا يتركه حتى تأكله الصدقة " ، ( اليتيم هو من مات أبوه و هو دون البلوغ ) . و يُقاس المجنون على الصبي في هذا لأنه في حكمه . أما عند الأحناف فلا تجب الزكاة في مال الصبي حتى يبلغ و لا تجب كذلك في مال المجنون . و الأحوط هو الأخذ بقول الشافعية حتى لا تمر لحظة على الإنسان و عنده النصاب دون أن يزكي طلباً للبركة .
قال عليه الصلاة و السلام : " ما نقص مال من صدقة " .
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان ، فيقول أحدهما ، اللهم أعطِ منفِقاً خلفاً و يقول الآخر ، اللهم أعطِ مُمسِكاً تلفاً " ، متفق عليه .
ما هي مصارف الزكاة و من هم مستحقوها ؟
المستحقون للزكاة ذكرهم الله تعالى بقوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60].
إذاً فالذين تُصرَف إليهم الزكاة هم :
1. الفقراء :الفقير هو الذي لا يستطيع أن يدفع على نفسه و على من يعول النفقة المطلوبة منه أي الحاجات الأساسية ، مثلاً مسلم دخله الوحيد يبلغ 300 $ ، لا يكفيه هو و زوجته و أولاده فهذا المسلم يُعطى ما يكفيه لأنه لا يملك كفايته .
و لا تُعطى الزكاة لكل ذي مِرَّة قوي و هو القادر على العمل إلا إن كان هناك ما يمنعه عن العمل كطلب العلم مثلاً فهذا الطالب الفقير المتفرغ لطلب العلم يُعطى بوصفه فقيراً لأنه اشتغل بما ينفع المجتمع و لا مدخول لديه مع أنَّ القاعدة تنص على أنَّ ذا المِرَّة السَّوي لا يُعطى .
أما من اشتغل بالعبادة كالصيام أو الصلاة أو قراءة القرآن و ترك العمل فلا يُعطى من مال الزكاة لأنه ينفع نفسه و لا ينفع المجتمع .
2. المساكين :قال الله تعالى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16] ، ذا متربة أي ذا فاقة شديدة لصق منها بالتراب. فالمسكين هو أكثر فقراً من الفقير فمن يملك أقل من نصف ما يلزمه فهو مسكين و من يملك أكثر من نصف ما يلزمه و ليس كل ما يلزمه فهو فقير : كأن يكون بحاجة مثلاً ل500 $ شهرياً و مدخوله 70 $ ، بينما الفقير هو من كان بحاجة مثلاً ل500 $ و مدخوله 300 $ . هذا عند الأحناف و عند الشافعية العكس أي أنَّ الفقير هو أفقر من المسكين .
3. العاملون عليها :" العاملون عليها " هم جُباة الزكاة ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم و كذلك الخلفاء رضي الله تعالى عنهم من بعده يرسلون أناساً لجمع الزكاة . و يُعطون نسبة 10 % من أموال الزكاة على سبيل أجرة المثل لقاء جهدهم و تعبهم في تحصيل الزكاة .
و يُروى أنَّ النبي صلى الله عليه و سلم أرسل أحد الجُباة لجمع الزكاة فاجتمع بأحد الأشخاص فأُعجِبَ به و أعطاه هدية عباءة . أخبر الجابي رسول الله صلى الله عليه و سلم بذلك فقال له عليه الصلاة و السلام : " دعها في بيت الزكاة " ، فقال له : هذه هدية لي ، فقال له الرسول صلى الله عليه و سلم : " هلاّ جَلَستَ في بيتك و جاءتكَ الهدية " !؟ . من هنا نقول بأنَّ كل ما نتج أثناء تحصيل الزكاة هو من مال المسلمين فلا يحِقُّ للجباة أخذ شيء منه كما أنه يحرم عليهم أخذ نسبة مئوية من أموال الزكاة و لا يجوز بالتالي للمزكي أن يدفع زكاته إلى مثل هؤلاء ، فإن فعل لم تجزئه لأنه صرفها في غير مصارفها .
4. المؤلفة قلوبهم:المؤلفة قلوبهم هم أناس دخلوا في الإسلام حديثاً ، قد يكونوا أغنياء و قد يكونوا فقراء ، و يُعطون من الزكاة لتأليف قلوبهم أو ليعلم أقاربهم أنَّ من يدخل في الإسلام له معونة و ليس أمره سائباً و لن يكون مُحارباً في مجتمعه . و في عصر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أوقف هذا السهم و لم يعد يعطي المؤلفة قلوبهم من الزكاة لأن المسلمين أصبحوا في عزَّة و الكافرون في ذِلَّة و كانوا كما قال عمر رضي الله عنه يكفيهم شرفاً أن أسلموا و يكفيهم مكانةً و شرفاً أن انتسبوا إلى هذا الدِّين العزيز . أما اليوم فقد عاد سهم المؤلفة قلوبهم من جديد .
5. و في الرقاب:الرقاب أي العبد المكاتَب أي العبد المملوك يأتي إلى سيده و يقول له أنه يريد أن يصبح حراً فيوافق سيده على طلبه هذا مقابل أن يدفع العبد له مبلغاً معيَّناً من المال مثلاً 2024 درهم . فيدفع العبد 500 درهم و يذهب إلى أحدهم ليعطيه من مال الزكاة . و في عصرنا يُفتى بفك أسير مسلم من باب في الرقاب و به صرَّح الحنابلة و بعض فقهاء المالكية .
6. الغارمون :الغارمون هم الذين أثقلتهم الديون و عجزوا عن وفائها . فيُعطى هؤلاء ما يقدرون به على وفاء ديونهم التي حلَّت آجالها مع ما يكفيهم مطعماً و ملبساً و مسكناً و ذلك بشروط هي :
* الإسلام
* أن لا يكون دَينه في معصية كمن استدان من البنك و خسر فلا نعطيه من الزكاة – عند المالكية و الشافعية و الحنابلة – إلا إن تاب و عُلِمت توبته و غلب على الظن صدقه في توبته .
* أن لا يكون الدَّين حالاًّ أو في هذه السنة و إلا لم يُعطَ من زكاة تلك السنة و به قال الشافعية أي إذا كان دينه غير حالٍّ لا يعطى من الزكاة .
أن لا يكون قادراً على السداد من مال عنده زكوي أو غير زكوي زائد عن كفايته ، و لو وجد ما يقضي به بعض الدين أُعطيَ البقية فقط .
7. في سبيل الله تعالى :" في سبيل الله " أي في تجهيز الجيوش للقتال في سبيل الله تعالى وهم الذين ليس لهم نصيب في الديوان بل هم متطوعون و لو كانوا أغنياء ، و يُعطَون قدر كفايتهم و أمّا جنود الجيش الذين لهم نصيب في الديوان فلا يُعطون من الزكاة و في أحد قولين عند الشافعية إن تعذَّر إعطاؤهم من بيت مال المسلمين و كانت الدولة عاجزة عن تغطية نفقات الجيش يجوز إعطاؤهم من مال الزكاة و شراء كل ما يلزم من الأسلحة و العتاد لقتال الأعداء و لإعلاء كلمة الله تعالى أما فيما عدا ذلك فإنه لا يجوز .
8. ابن السبيل :" ابن السبيل " هو الإنسان المسافر الذي وُجِدَ في بلد غريب عن بلده حيث ضاعت أمواله و لم يعد يملك المال الكافي ليعود إلى بلده ، فيجوز له أن يُعطى من مال الزكاة قدر كفايته ، و يُشتَرَط لابن السبيل أن لا يكون في سفر معصية .
فهؤلاء الأصناف الثمانية هم المستحقون للزكاة ، و هي محصورة فيهم فلا تُصرَف إلى غيرهم .
ما هي شروط استحقاق الزكاة ؟
* الإسلام
* عدم القدرة على الكسب أو عدم كفاية ما يقبضه من مال .
* أن لا تكون نفقته واجبة على المزكي فلا يجوز دفع الزكاة لأصله أو فرعه
أن لا يكون من آل النبي صلى الله عليه و سلم و عندنا آل النبي صلى الله عليه و سلم هم بنو هاشم و بنو عبد المطلب و لهم خمس الخمس من الغنائم . و لقد أفتى المتأخرون من العلماء بجواز إعطاء آل بيت النبي صلى الله عليه و سلم من الزكاة بما أنه لم يعد هنالك في عصرنا الحالي جهاد و ليس من العدل تركهم فقراء .
هل يعطى من الزكاة من لا يملك قوت عام ولكن له مرتب أو صنعة تكفيه ؟ وماذا لو كان يأتيه أقل من كفايته ؟
عند الجمهور من لا يملك قوت عام كامل يُعطى من الزكاة و لو كان عنده نصاباً خلافاً للأحناف . قال جمهور العلماء من مالكية و شافعية و حنابلة أنَّ العبرة بما يكفيه و من يعول فإن لم يجد ذلك حلَّت له الزكاة و لو كان ما عنده يبلغ نصاباً زكوياً و على هذا فلا يمتنع أن يوجد من تجب عليه الزكاة و هو مستحق للزكاة بخلاف الأحناف فعندهم لا يُعطى من ملك نصاباً و عندهم لا يجتمع دافع زكاة و آخذها في وقت واحد . مثلاً رجل أجره 300 $ شهرياً و لديه عائلة من 5 أشخاص و اقتصد 1000 $ و وضعها جانباً للطوارىء ( أجرة مستشفى أو إيجار بيت )و لكنه في نفس الوقت معاشه لا يكفيه ، فهذا الشخص يستحق أن يأخذ الزكاة و عليه الزكاة عن ماله الذي اقتصده .
و قال الأحناف من تجب عليه الزكاة لا يحلُّ له أن يأخذ الزكاة لقوله عليه الصلاة و السلام : " إنَّ الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتُرَدُّ على فقرائهم" .
و من المتفق عليه أنَّ من له مرتَّب يكفيه لم يجز إعطاؤه من الزكاة و كذا من كان له صنعة تكفيه و إن كان لا يملك في الحال مالاً ، و كذا من كان لا يملك قوت عام كاملو لكنه يأخذ شهرياً ما يكفيه هو و من يعول فلا يستحق الزكاة ، فإن كان يأتيه أقل من كفايته يجوز إعطاؤه تمام الكفاية .
هل يجوز إعطاء الزكاة للفقراء والمساكين القادرين على العمل ؟
لا يصح عند الشافعية و الحنابلة إعطاء الفقراء و المساكين القادرين على كسب كفايتهم و كفاية من يعولون و لا يملكون و لا تُجزىء و قال الأحناف يجوز دفع الزكاة إلى من يملك أقل من نصاب و إن كان صحيحاً مكتسباً
هل يجوز إعطاء الزكاة للفقير الذي يكتفي بنفقة غيره عليه ؟ وماذا لو كان لا يكتفي ؟
لا يجوز إعطاء الزكاة لمن يكتفي بنفقة غيره عليه فإن كان لا يكتفي جاز .
كم يعطى الفقير من مال الزكاة ؟
يُعطى الفقير ما يُخرجه من الفقر أو ما يكفيه و من يعول عاماً كاملاً .
هل يجوز إعطاء طالب العلم الشرعي الفقير القادر على العمل ولكنه مشتغل بطلب العلم الشرعي من الزكاة ؟ وما حكم ذلك ؟ وهل يجوز إعطاء طالب العلم الشرعي الغني من الزكاة ؟
لا تُعطى الزكاة لكل ذي مِرَّة قوي و هو القادر على العمل إلا إن كان هناك ما يمنعه عن العمل كطلب العلم فقد إتفق فقهاء الإسلام على جواز إعطاء المتفرغ لطلب العلم الشرعي الزكاة بوصفه فقيراً لأنه يشتغل بما ينفع المجتمع و لا مدخول لديه مع أنَّ القاعدة تنص على أنَّ ذا المِرَّة السَّوي لا يُعطى ، على حين يُحرَم من الزكاة المتفرغ للعبادة و ذلك إنَّ العبادة في الإسلام لا تحتاج إلى تفرغ كما يحتاج العلم و التخصص فيه ، كما أنَّ عبادة المتعبِّد هي لنفسه أمّا علم المتعلِّم فله و لسائر الناس . و اشترط بعض الشافعية في طلب العلم أن يكون نجيباً يُرجى نفع المسلمين بتفقهه . و لا يجوز إعطاء طالب العلم الغني من الزكاة .
هل يجوز إعطاء من كان فقيراً قادراً على الكسب لكن ذلك الكسب لا يليق به كمن كان طبيباً فلم يجد إلا وظيفة سائق سيارة مثلاً ؟
من كان قادراً على الكسب لكن ذلك الكسب لا يليق به أو يليق به و لكن لم يجد من يستأجره يمكن له أن لا يعمل حتى يجد ما يليق به و يُعطى من مال الزكاة
هل يصح دعوة الأيتام الفقراء إلى وليمة إفطار في رمضان مثلاً من مال الزكاة ؟
كلا لا يصح لأن هؤلاء لم يُملَّكوا مالاً .
هل يجوز للمسلم أن يشتري بزكاة ماله حاجيات ضرورية مثل حصص غذائية ويعطيها للفقير بدلاً من إعطائه المال أم يجب عليه إعطاءه المال ؟
كلا لا يجوز ذلك و الأصل أن يعطي المال للفقير لأنه وجب في ذمته مالاً . فلو أن رجلاً على سبيل المثال له في ذمتي مالاً لا يحق لي أن أشتري له حصص غذائية بقيمة المال ، و الزكاة حق للفقير و حقه أن نعطيه مالاً يتصرف به وفقاً لحاجته و هو صاحب المنَّة لا المزكي لذلك كان الأصل عدم التصرف بأموال الفقير إلا إن كان هذا الفقير سفيهاً و حكم القاضي بسفهه . و لكن الآن لا يوجد قاضٍ يحكم بهذه الأمور و يراقب تصرفات المُزكى له ، فإن عُلِمَ أنَّ هذا الفقير سفيه و ليس لديه وليّ يمكن إعطاؤه المال بدلاً منه و خشي المزكّي إن هو أعطاه المال أن ينفقه في غير مصرفه و بشكل عشوائي يضره ، عندها يمكن للمزكّي أن ينوب عن وليّه فيعطيه ما يظن أنّه قد يفيده أكثر من المال ، و هذا قول الجمهور ، و أفتى الأحناف أيضاً بالجواز و لكن الأصل عندهم عدمه حيث الأجر في إعطاء المال أكبر .
هل يجوز للمسلم أو لجمعية خيرية تجمع أموال الزكاة أن تصرفها لتعليم أولاد المسلمين في المدارس أي بدفع أقساطهم ؟
الأصل أنه لا يجوز ، و لكن الأحناف أجازوه شريطة أن يستأذن المسلم أو الجمعية الخيرية من الفقير بدفع مال الزكاة الواجبة له كقسط ولده في المدرسة ، فإن أذن لهم جاز
هل يجوز للمسلم أو لجمعية خيرية تجمع أموال الزكاة أن تصرفها لتطبيب المسلمين كإجراء عملية جراحية لأحدهم مثلاً ؟
كلا ، فالتطبيب ليس مصرفاً من مصارف الزكاة و القاعدة باتفاق جميع الفقهاء تشترط في الزكاة تمليك المال للفقير و هنا الفقير مُلِّكَ منفعةً لا مالاً . مثال ذلك عائلة مسلمة أو جمعية خيرية تجمع أموال الزكاة دعت الفقراء إلى وليمة إفطار من مال الزكاة ، هنا الفقير انتفع بالأكل و لكنه لم يُمَلَّك شيئاً و هذا مما لا يجوز .
أما لو جاء فقير بحاجة لعملية و طلب مالاً فيجوز في هذه الحالة أن نعطيه المال أو نستأذنه بأن نحاسب المستشفى مباشرة بكلفة العملية و لكن لا يحق لنا أو للمزكي أن يتعاقد مع مستشفى أو عيادة فيدفع لهم شهرياً أجور طبابة الفقراء لأن الفقراء في هذه الحالة لم يتملَّكوا عيناً أي مالاً الذي هو حقهم بل تملَّكوا منفعة و هي لا تعتبر مال زكاة
هل يجوز إعطاء الفقير والمسكين في البلد إن كانوا من جنسيات أخرى ؟
نعم ، و العبرة ببلد الإقامة إذا كان الإنسان مقيماً أي لا يقصر و لا يجمع و لا يصح دفع الزكاة لغير المسلم قولاً واحداً .
هل يجوز للمرأة أن تعطي زكاة مالها لزوجها الفقير ولأولادها الفقراء ؟
نعم يجوز و يستحب عند الشافعية أن تعطي الزوجة زكاة مالها لزوجها و أولادها الفقراء لأنَّ نفقة الزوج و الأولاد غير واجبة على الأم و الزوجة .
هل له أن يدفع زكاة ماله لأخته أو أخيه ؟وهل له أن يدفع زكاة ماله لعمه وعمته أو خاله وخالته ؟ وهل له أن يدفع زكاة ماله لأخته التي تحت نفقة أبيه مع العلم أنَّ أباه فقير ونفقته واجبة على ابنه المزكي ؟
نعم له ذلك ، إن كانت نفقة أخته و أخيه غير واجبة عليه . و ليس له أن يدفع لأخته في هذه الحالة لأن نفقتها واجبة عليه .
هل يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد أخر ؟ وما دليل ذلك ؟
إذا فاضت الزكاة في بلد عن حاجة أهلها جاز نقلها اتفاقاً بل وجب ذلك ، أمّا مع الحاجة فيرى الحنفية أنه يُكره تنزيهاً نقلها من بلد إلى بلد و إنما تُفرَّق صدقة على أهل كل بلد . و دليل ذلك قول النبي صلى الله عليه و سلم :
"… تؤخذ من أغنيائهم فتُرد على فقرائهم " ، و لأن فيه رعاية حق الجوار .
ما معنى النصاب ؟ ما هو نصاب الفضة وما هو نصاب الذهب ؟ وعلى أي النصابين العمل اليوم ؟
نصاب الذهب يبلغ 96 غرام من الذهب و نصاب الفضة 672 غرام من الفضة و نصاب المال بالخِيار . و يُعمَل اليوم على نصاب الذهب لأن في ذلك رأفة بالفقير .
و لكن يُفتى بنصاب الفضة لأمثال طلبة المدارس و الجامعات الذين يتجمع عندهم مبلغ من المال يزيد عن نصاب الفضة و ليس عندهم مسؤوليات عائلية ، لذلك يُستحسن أن يحاسبوا أنفسهم على نصاب الفضة فإنه أحوط لهم .
ما هي الأموال التي تجب فيها الزكاة ؟ .
الأموال التي تجب فيها الزكاة هي :
1- النقدان : و المقصود بهما : الذهب و الفضة ، سواء كانا مضروبين أو كانا سبائك و سواء كان التعامل الفعلي بهما أو بأوراق تقوم مقامهما ، و منهما أيضاً الأواني و القطع الفضية و الذهبية المُعّدَّة للاستعمال أو للزينة ( و عند الأحناف لا زكاة في هذه الأواني ) . أما بالنسبة للحليّ فسوف نفصِّل فيه لاحقاً إن شاء الله تعالى .
2- الأنعام : و منها البقر و الغنم و المعز و الإبل …
3- الزروع و الثمار : تجب الزكاة فيها إذا كانت مما يقتاته الناس في أحوالهم العادية ، و يمكن ادِّخاره دون أن يفسد . و من الثمار : الرُّطب و العنب و من الزروع : الحنطة و الشعير و الأرز و الحمص و الذرة …إلخ .
لا يُشترَط فيها الحول بل تُدفَع الزكاة وقت الحصاد لقوله تعالى :
{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141].
4- عروض التجارة : و المقصود بالتجارة تقليب المال بالمعاوضة لغرض الربح ، و هي لا تختص بنوع معين من المال و العروض هي السِّلع التي تقلَّب في الأيدي بغرض الربح .
هل تجب الزكاة في أواني الذهب والفضة وفي الحلي المحرم استعماله كخاتم الذهب للرجال والمكروه استعماله كالضبة الكبيرة لحاجة او الصغيرة لزينة ؟
نعم تجب الزكاة في أواني الذهب و الفضة عند الشافعية و لا تجب عند الأحناف . و يزكي الرجل عن الحلي المحرم أو المكروه استعماله .
ما هو الركاز ؟ و ما هي زكاته ؟ و هل فيه حول ؟
الركاز هو ما كان دفيناً قبل الإسلام من كنوز أو أموال مدفونة ، فإن استُخرِجَت و بلغت النصاب ففيها الزكاة بنسبة 2,5% فور استخراجها كالمعادن .
ما هي زكاة المعدن المستخرج من الأرض وهل فيه حول ؟
زكاة المعادن المستخرجة من باطن الأرض مثل البترول و الفوسفور و الحديد و النحاس و الذهب و الفضة مثلاً فلا حول فيها و تزكَّى بنسبة 2,5% و المقصود من هذه المعادن هو ما استُخرِجَ من معدنه تصفية و استخلاصاً مما قد علق فيه . قال النووي : أجمعت الأمة على وجوب الزكاة في المعدن 2,5% و ليس فيه حول .
ما هو نصاب الثمار و الزروع ؟ و كيف يزكى ؟
نصاب الثمار أو الزروع هو ما لا يقل عن خمسة أوسق كيلاً ( 900 ليتر ) عند الشافعية ، و لا نصاب عند الأحناف لقوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141]. و زكاة الزروع تبلغ 10 % إذا كانت تُسقى من مياه الأمطار ، و 5 % إذا كانت تُسقى من مياه الري . أما إذا كانت مختلطة أي تشترك مياه الأمطار و مياه الري في سقايتها فالنسبة تكون بقدر كل من مياه الأمطار و الري مثلاً 6 أو 7 % .
– كيف يزكي التاجر عن أمواله ؟
يزكي التاجر أمواله كالتالي : عندما يحول الحول يحسب قيمة ما عنده من بضاعة حسب سعر شرائها اليوم زائد ما له من ديون في السوق ناقص ما عليه من ديون زائد ما معه من مال نقداً سواءً في حساب الشركة أو في حسابه الخاص و يزكي على المجموع بنسبة 2,5 % ، و لا علاقة لذلك بالأرباح و الخسائر كضريبة الدولة التي تحسب على الأرباح فقط . ففي الزكاة إن كان معك 100 ألف السنة الماضية تزكي عليها و هذه السنة معك 150 ألف تزكي عليها و هكذا
من حال عليه الحول ووجبت عليه الزكاة ، هل له أن يؤخر دفعها ؟ وماذا لو أخر ؟
لا يجوز تأخير الزكاة عن وقتها و يجب دفعها فوراً و لو أخَّرها و هو قادر على سدادها أثم لأنه حبس مال الفقراء عنده دون موجب و هذا حرام . و يُستثنى من ذلك ما إذا أخَّرها لمصلحة شرعية كانتظار قريب أو جار غائب أو من هو أحوج من الحاضرين أو كان هو نفسه مسافراً .
و الأفضل تعجيل الزكاة لأننا قد نواجه مشكلة عند حولان الحول مثل عدم توفر النقد فنضطر لإخراجها بضاعة أو تأجيلها ، و الحل أن يُخرِجَ الإنسان كل شهر مبلغاً مُعَيَّناً مثلاً كل شهر عنده (أ) مصروف بيت ، فيضع جانباً جزءاً (ب) و يدفعها زكاة مسبقاً شهرياً ، آخر السنة يكون قد دفع 12 (ب) و هو مبلغ من الزكاة ثم يحسبها و إن بقي عليه شيء يدفعه و هكذا لا يكون عليه مبلغ كبير ليدفعه مرة واحدة و إن كان دفع أكثر يحسب الباقي صدقة يؤجر عليها أيضاً . و الزكاة مقدَّمة على كل شيء لأنها دين الله تعالى و هي أحق أن تُقضى ، فيُقَدَّم دفع الزكاة على شراء الكماليات ، و كثيراً ما نسمع أحدهم يقول و يشتكي بأن عليه ديون للمصرف و لا يملك سيولة عند حولان الحول ليدفع الزكاة و في نفس الوقت نراه يخرج و يسهر و يصرف مئة من هنا و مئتين من هناك ثم يجد نفسه في آخر السنة لا يملك النصاب و بذلك يعفي نفسه من دفع الزكاة ، بينما الأولى بل الواجب تقديم دفع الزكاة على الصرف على الكماليات
رجل حي لا يزكي فأحبَّ ابنه أن يرفع عن والده هذا الإثم فهل يزكي عنه من مال الابن الخاص ؟ ماذا لو كان من مال الوالد ولكن بغير إذنه ؟
كلا ليس له ذلك أما إن كان من مال الوالد فلا بد من إذنه .
رجل يجمع المال ليحج به وحال عليه الحول هل فيه زكاة ؟ رجل يجمع المال ليجهز ابنته للزواج ووضع هذا المال في المصرف باسم ابنته وبلغ نصاباً وحال عليه الحول فهل فيه زكاة ؟
نعم في كلا الحالتين
كيف يُزكى المال الموروث ؟
المال الموروث صرَّح المالكية بأنه لا زكاة فيه إلا بعد قبضه ، يستقبل الوارث به حولاً و لو كان قد أقام سنين و سواء علم الوارث به أو لم يعلم . و هو يُعتَبَر مالاً مستفاداً عند قبضه لا عند لزومه بالزمة ، مثاله : رجل مات و ترك 300.000 و عنده صبي و بنت ، للبنت 100.000 و هي لن تحصل عليها بالفعل إلا بعد حصر الإرث فلا تزكي عليها إلا عند قبضها .
لو ورث عقاراً ثم نواها للبيع و بقي عرضة للبيع عشرة سنين ثم باعه كيف يزكيه ؟
يضم المال إلى رأس ماله ويزكيه بعد قبضه عند حولان الحول كالمال المستفاد .
كيف تزكى الارض المستعارة أو الأرض المستأجرة وكيف يزكي المالك بيتاً له أجره ؟
ذهب جمهور الفقهاء ( المالكية و الشافعية و الحنابلة و الصاحبان ) إلى أنَّ من استعار أرضاً أو استأجرها فزرعها فالزكاة على المستعير و المستأجِر . و الأرض التي تُستَغلُّ بالمزارعة أو المساقاة على كل من المالك و العامل دفع الزكاة كلٌّ بحسب نصيبه ، فالمالك مثلاً يقبض أجرة الأرض و يضيفها إلى رأس ماله و يزكي عند حولان الحول عن الكل . و زكاة الزروع يدفعها المستأجر . و المساقاة تعني أن يقدم شخص الأرض و آخر الزراعة و يُقسَم المنتوج بين الاثنين ، و في هذه الحالة زكاة الزروع لا يشترط فيها الحول بل الحصاد كما مر معنا
ما حكم من مات وعليه زكاة سنون خلت ولم يوصِ بإخراجها ؟ وهل على الورثة شيء ؟
من ترك الزكاة التي وجبت عليه حتى مات و لم يوصِ بإخراجها أثم إجماعاً .
و ذهب جمهور الفقهاء مالك و الشافعي و أحمد إلى أنَّ من مات و عليه زكاة لم يؤدها فإنها لا تسقط عنه بالموت كسائر حقوق الله تعالى المالية و منها الحج و الكفارات و يجب إخراجها من ماله قبل توزيع التركة سواء أوصى بها أو لم يوصِ و تُخرَج من كل ماله لأنها دَين الله تعالى و قال بعض الفقهاء لو أنَّ شخصاً يملك مليون دولاراً مثلاً و أخرجه كله في سبيل الله تعالى صدقةً لم تزل الزكاة مُعلَّقة في ذمته فلا تجزىء الصدقة عن الزكاة .
و ذهب الحنفية إلى أنَّ الزكاة تسقط بالموت بمعنى أنه لا يجب إخراجها فإن كان قد أوصى بها فهي وصية تزاحم سائر الوصايا في الثلث و إن لم يوصِ بها سقطت لأنها عبادة من شرطها النية فإن أخرجها الورثة فهي صدقة تطوع منهم و يُستثنى من هذا عندهم عشر الخارج من الأرض .
ما حكم من مرت عليه سنون ولم يؤد زكاة ماله وهي واجبة عليه ؟
لم يسقط عنه منها شيء اتفاقاً و وجب عليه أن يؤدي الزكاة عن كل السنين التي مضت كما يقضي الصلاة و الصيام و يُقَدَّر قيمتها و يُدفَع زيادة احتياطاً .و يمكن لمن عليه قضاء زكاة أن يدفع 5 % من ماله بدلاً من 2,5 % عن سنة حالية و سنة ماضية حتى يتيقَّن أنه قضى كل ما فاته . و يمكن أيضاً أن يدفع زكاته شهرياً بنسبة 5 % ينوي منها 2,5 % زكاة هذه السنة و 2,5 % زكاة عن ما فاته من السنين . و من كان عليه قضاء زكاة و كان معتاداً أن يدفع الصدقات وجب عليه أن لا ينوها صدقة بل ينوها قضاء زكاة عمّا فاته و يدفعها في مصارف الزكاة . و عليه أن ينوي القضاء و أن يبادر به فإن توفاه الله تعالى قبل أن يدفع كل ما عليه نرجو الله عز و جل أن يغفر له لأن النية موجودة و كافل اليتيم الفقير له أن يعتبر ما يدفعه زكاة أيضاً .
ما حكم من شك هل أدى الزكاة ماله هذا العام أم لا ؟ وما حكم من شك هل أدى زكاة ماله منذ خمسة أعوام أم لا ؟.
الأصل أنه لم يؤدها فمن شك هل أدى الزكاة أم لا يكون لم يؤدها .
لو شك هل أدى الزكاة منذ خمسة أعوام أم لا و كان ممن اعتاد دفعها في كل سنة فيعتبر أنه أدّاها أما إذا شكَّ و لم يكن معتاداً هل أدّاها أم لا وجب عليه أن يؤدي الزكاة عن كل السنين التي مضت . و في حال شك هل أدى زكاة خمس سنوات أو أربع سنوات يعتبر أنه أدّى زكاة الأربع سنوات ( يعتمد العدد الأقل ) و يزكّي عن السنة الخامسة.
هل له أن يدفع زكاة ماله من فوائد أمواله في البنوك الربوية ؟
كلا لا يجوز ، لأن هذه الفوائد ليست ملكه ثم إنه لا زكاة في المال الحرام و يمكن إعطاؤها للفقراء ( أي الفائدة ) و لا تحسب زكاة و لا صدقة و لا بد من الحذر من أخذ مال فيه شبهة ليصَّدَّق به . قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : " لأن أردَّ درهماً من حرام أحَبّ إليَّ من أن أتصدَّق بمائة ألف درهم و من يُحسن الصنعة يحرم عليه السؤال و ما يأخذه حرام "
هل في صداق المرأة زكاة ؟ وماذا لو لم تقبضه كأن كان مؤخراً ؟
نعم ، و الأصل في المهر أن يكون مقدَّماً إلا أنها تنازلت و رضيت بأن يكون إما كله مؤخر – و المؤخر عرفاً يكون بأقرب الأجلين أي تقبضه حين الطلاق أو بوفاة زوجها – أو قسم مُقَدّم و آخر مؤخر و تجب الزكاة عن صداق المرأة الذي قبضته (المُقَدَّم ) أما المؤخر فيجب عليها إخراج زكاته عند الشافعية لأنها هي أخَّرته و إن لم تقبضه و عند الأحناف تزكي عمَّا قبضته فقط . و يُنصح أن تُبرِأ المرأة الرجل من مؤخر صداقها أو أن يعجِّل الزوج بدفعه إن كان ذو سعة لأنه طاعة و هو دين يجب الوفاء به .
فائدة : من المعلوم أنَّ أحَلَّ الحلال من المال هو صداق المرأة فكان إذا أراد أحد شراء دواء من مال حلال أخذه من هذا الصداق . قال تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] .
كيف تزكى الأسهم والسندات ؟.
تُعتَبر هذه الأسهم مالاً نقداً تجب فيها الزكاة كالأموال تماماً .
رجل باع منزله الذي يسكن فيه ليشتري بيتاً آخر يسكن فيه ولم يوفق بشراء بيت وصرف نصف المبلغ وحال الحول فهل في ذلك المال زكاة ؟
نعم يزكي قولاً واحداً .
كيف يزكي الموظف صاحب الراتب الشهري ماله ؟
الواجب الشرعي هو أن يمر الحول على ملكه النصاب لا أن يحول الحول على المبلغ، فيرى كم معه من المال و يخرج 2,5 % منه. إذا ملك أحدهم النصاب في 1 رمضان، فكل 1 رمضان جديد يأتي يكون قد حال الحول، فيحسب كم معه من المال ناقص ما عليه من ديون للآخرين و يدفع زكاة ماله.
فائدة : الشراء بالتقسيط هو غير الدَّين فالشراء بالتقسيط لا يحسم من الزكاة . مثلاً أنت تزكي مالك في 1 رمضان و معك 3000 $ ، قبل شهر رمضان المقبل جاءك 10.000 $ فيكون عليك أن تزكي على 13.000 $ و إذا كان عليك 40.000 $ تقسيط بيت تزكّي على 13.000 $ و لا تحسم تقسيط البيت إذ أنَّ العبرة تكمن بالدَّين المستحِق الذي حان وقت دفعه .
كيف يزكي المصنع ؟
زكاة المصنع ( مثلاً مصنع البيبسي ) : زكاة النقد + ديون + المواد تحت التصنيع + المواد المُصنَّعة إذا كانت للبيع.
مثل آخر : مصنع للثياب يشتري القماش و الخيطان ليصنع الثياب ، فعندما يريد أن يزكي يرى ما عنده من الثياب و يحسب قيمتها الشرائية زائد قيمة ما عنده من مواد أوَّلية كالقماش و الخيطان و الأزرار … و يزكي بقيمة
2,5 % من المجموع . أما الماكينات و ما يستهلكه من مازوت فلا يحسب .
رجل اشترى عقاراً للتجارة ومضى عليه خمس سنوات ولم يبعها ثم غيَّر نيته وأراده للسكن فكيف يزكي؟
يزكي عن ما مضى من الخمس سنوات حيث كان العقار فيها معروضاً للتجارة .
كيف يخرج الطبيب زكاته ؟ وكيف يخرج المحامي زكاته ؟
كلاهما يحسبان ما معهما من مال في آخر السنة و يزكيان عنه بنسبة 2,5 % .
مكتب خدمات مثلا الاتصالات الدولية أو للطباعة أو ما شابه ذلك كيف يخرج زكاته ؟
يحسب ما معه من المال النقدي زائد ديونه في السوق ناقص ما عليه من ديون و يزكي .
– كيف يخرج صاحب الفندق أو المطعم زكاته ؟
يحسب المال الذي معه زائد قيمة المواد الغذائية التي عنده و يزكي .
كيف يخرج صاحب المدرسة و صاحب المستشفى زكاة مالهما ؟
يحسب ما عنده من مال زائد قيمة ما عنده من قرطاسية للبيع و يزكي عن القيمة الحاصلة و كذلك الأمر بالنسبة لصاحب المستشفى .
هل يجوز دفع زكاة مصنع أدوية من الأدوية وهل له التجزئة ؟
نعم و له التجزئة على أن تُدفَع الزكاة كاملة قبل تمام السنة .
شركة كبيرة تجرد بضائعها كل رأس سنة ميلادية و لا تستطيع ذلك عند حولان الحول فكيف تزكي ؟
تزكي 2,575 % التي هي عبارة عن 356360 أي الفرق بين السنة الشمسية و السنة القمرية لأن الزكاة تجب في كل سنة قمرية .
رجل اشترى عقارا بمئة ألف ودفع خمس وثمانون ألفاً و أبقى معه خمسة عشرة ألفاً حتى التوثيق ( كالفراغ أو ما شابه ) وهو يضع هذا المال على حدة ليدفعه لصاحبه وحال عليه الحول فهل في هذا المال زكاة ؟ .
نعم فيه زكاة .
شركة تجارية أو محل تجاري خسر آخر السنة فهل عليه زكاة ؟
لو كان معه مئة ألف و أصبح معه سبعين ألفاً يزكي عن السبعين ألف .
تاجر يستورد بضائع من الخارج بالطريقة التالية : يفتح اعتماداً ويدفع خمس وعشرون بالمئة من قيمة البضائع عندئذ الشركة البائعة تجهز له البضاعة وترسلها له ، وحين ترسلها له يدفع هو باقي الثمن أي الخمس وسبعين بالمئة المتبقية وذلك بأنه حين تشحن أو ترسل البضائع تذهب بوالص هذه البضاعة إلى المصرف فيسدد المصرف المبلغ أي الخمس والسبعون بالمئة المتبقية .
والآن السؤال ما يلي :
تاجر اشترى صفقة ما ودفع خمس وعشرون بالمئة من ثمنها وهو بانتظار شحنها لكي يتمم المبلغ واشترى صفقة أخرى ودفع ثمنها كاملاً وأرسلت له واستلمها وكيله هناك ولكنها لم تصله بعد فهي ما زالت في الشحن فكيف يزكي ؟
الجواب : أما البضاعة الأولى التي دفع خمس وعشرون بالمئة من ثمنها فيضم هذا المبلغ أي الخمس
والعشرون بالمئة الذي دفعه إلى رأسماله وكأنه لم يدفعه و يزكي عن ال 25 % فقط التي دفعها أي في حال كانت الصفقة ثمنها مئة ألف يزكي عن 25 الف فقط وأما بالنسبة للبضاعة التي اشتراها ودفع ثمنها كاملاً ولم تصله بعد فيقدر قيمتها كاملة وكأنه استلمها ويضمها إلى رأسماله ويزكي عليها وذلك لأن وكيله استلم البضاعة هناك والبضاعة مؤمن عليها .
و الحمد لله رب العالمين
واعتذر اذا بدر مني اي خطا
بارك الله فيك ونفع بك