تخطى إلى المحتوى

الخطوبة . وعد بالزواج 2024.

الخطبة وعد بالزواج وليست زواجا
.. لكنها فترة الوضوح وسقوط الأقنعة

فترة الخطوبة هي البنية الأساسية التي يعتمد عليها في بناء الحياة الزوجية
وهي الترمومتر الذي من خلاله يمكن قياس شكل الحياة الزوجية والتنبؤ بالشكل الذي يمكن أن يكون عليه المستقبل الأسري، وذلك استشفافا من المواقف المختلفة التي يتعرض لها الخطيبان. والتي من خلالها يتعرف كل منهما على شخصية الآخر.
وقبل مرحلة الخطبة تبدو العلاقة غامضة الملامح. خاصة إذا كان الزواج تقليديا. وفي هذه الفترة أحيانا تتعرض العلاقات للهزات والخلافات والاختلافات التي قد تتغافلها الفتيات بحجة أن الحب أعمى.
ومن الطبيعي حينها أن يحاول كل شخص أن يظهر بصورة مثالية، وصفات ليست فيه، مما يجعل الحياة بعد ذلك مستحيلة، بعد أن يسقط قناع التحايل عن كليهما ومع تفهم الطرفين ودعم الأطراف المحيطة من الأسرة تصمد العلاقة. وتنتهي بالنهاية المرسومة لها وهي الزواج. ولكن عندما تكون صفات وخصال الطرف الآخر مغايرة لتوقعات الطرف الأول تحدث الصدمة. تتعثر التجربة قبل بدايتها. وقد تصل إلى فسخ الخطبة أو الطلاق .
ويقول بهذا الخصوص علماء الاجتماع أن هذه الفترة هي أولى الخطوات نحو الزواج الناجح وهي كيفيية اختيار الشريك، ولذلك على كل شاب أو فتاة أن يقوما بتحديد الصفات والأشياء المهمة التي لا يمكن التنازل عنها مهما كانت الأسباب. وعلى كل طرف أن يحضر ورقة ويقوم بتقسيمها إلى أربع خانات. تملأ بأربع مراحل مروراً بالأساسيات التي يجب أن تتوافر في العريس أو العروس. فهناك صفات من الصعب التنازل عنها في اختيار شريك الحياة، كما يجب الحرص على ألا تسيطر العاطفة على العقل، حتى لا يندم كل منهما بعد ذلك وتأتي بعد ذلك مرحلة الخطبة. وهي شديدة الأهمية، وتعتبر البنية الأساسية التي يقوم عليها الزواج. فمن الأشياء المهمة للغاية في تلك المرحلة مواجهة كل منهما بحققة الآخر. بمعنى التخلي عن القناع الذي يستخدمه البعض كثيرا وتسود المصارحة فيما يتعلق بالصفات والطباع التي يخفيها البعض عن الآخر. ومن أهم الأشياء التي تظهر كل شخص على حقيقته هي الاحتكاك الأسري. وطرق التعامل مع المواقف التي يتعرض لها وتستوقفه في حياته أثناء فترة الخطبة. كما يجب دائما التحلي بالاتزان في العلاقة بين الخطيبين. من حيث العاطفة، لأن الذي يتعود على شيء يصعب تغييره، مثل الإفراط الزائد في الحب والمشاعر والفتور العاطفي، أيضا ألا تتجاوز فترة الخطبة بين الشاب والفتاة أكثر من خمسة أو ستة أشهر. فالحل الصائب الوسطية في الأمور. وهذه الفترة مناسبة لدراسة الشخصية بصورة شبه كافية، لمعرفة مدى مناسبتها للطرف الآخر.
وفي الأساس الخطبة فترة تؤهل الطرفين للخوض في حياة زوجية على شيء من الدراية والفهم.. وطول مدة الخطبة بين الزوجين يؤدي إلى فتور في العلاقة بينهما بعد الزواج، لأن الزواج هو بناء أسرة في إطار الشرع بارتباط مقدس، يحترم فيه الشاب مشاعر الفتاة المتقدم لها، فيحاول حينئذ أن يهذب سلوكه، لا لينال إعجابها ورضاها، ولكن ليتأقلم معها في حياة مستقرة، وهي كذلك عليها أن تبتعد عن التمثيل أو الاحتكاك الزائد أو مراقبته وتصيد أخطائه ومحاسبته، مما ينفره منها فيضطر للطلاق ربما قبل الزفاف بحجة أنها لا تناسبه، مما جعل كلا الخاطبين يحرص على الظهور أمام الآخر بمظهر الحمل الوديع. والتمسك بالمثالية والأحلام الوردية. في محاولة لجذب كل منهما للآخر على النحو الذي تصوره الروايات الرومانسية. ولكن بعد إتمام الزواج تتبخر كل هذه المثاليات، ويستيقظ الزوجان من تلك الأحلام، ويتخلى كل منهما عن تطلعاته الفوقية، ويحاول إرضاء رغباته بالقدر المتاح من الإمكانات الواقعية لهذه الحياة، وقد ينجح البعض في التكيف مع هذه الأوضاع، وقد يفشل البعض الآخر ومن هنا تبدأ المنازعات بين الزوجين، وقد تتطور إلى ما لا تحمد عقباه. سواء بارتكاب إحدى المضايقات أو بالافتراق بينهما وحدوث أبغض الحلال.

التكييف الفقهي للخِطبة:
(وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) (الإسراء:34).

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الخطبة وعد بالزواج وليست عقداً مستقلاً بنفسه، ولهذا فلا إلزام فيها قضاء، لأن الوعود كذلك عند الجمهور، وأما ديانة فهي ملزمة ما لم يطرأ عليها ما يغير قناعة الخطيبين ببعضهما، أو يجعلهما غير صالحين للزواج، فعندها ينتفي اللزوم عنها ديانة أيضا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ ثُمَّ رَأَى خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيرْ) رواه مسلمٌ. هذا في الوعد المؤكد اليمين، فكيف بالوعد بغير يمين، فإنه مثله على الأقل، إلا أنه لا كفارة فيه، لأن الكفارة خاصة باليمين، وعلى هذا، فإن لكل من الخاطب والخطيبة أن يعدلا عنها قضاء في أي وقت، لسبب ولغير سبب، سواء وافق على ذلك الطرف الثاني للخطبة أم لا.
لكن العدول عن الخطوبة أو فسخها، لا يتم إلا إذا كان في نكاحهما مفسدة مَرَضية، أو مضرة عقائدية، أو تحليل حرام، أو تحريم حلال، أو تكليف لا يطاق.

-منقول بتصرف بسيط-
عن هيئة كبار العلماء
دار الإفتاء بالحرم المكي

مشكور استاذ

لكن معنى الخطوبة تبدل، وقيمتها نقصت

+ لا يعني الاختبار هنا حتى تخرج معاها وتتكلم معاها

فلا يجوز للرجل أن يكلمها دون محرم، ولا ينظر إلا لوجها ولديها

لكن ما لا أفهمه في الموضوع هو مصلطح الخطوبة هنا:

تتعثر التجربة قبل بدايتها. وقد تصل إلى فسخ الخطبة أو الطلاق .

ما ينفره منها فيضطر للطلاق ربما قبل الزفاف بحجة أنها لا تناسبه

لفظ الطلاق هنا: يدل على أن الخطوبة كانت مقترنة إما بالعقد المدني، أو بالعقد الشرعي !!!!

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abdou27300 الجيريا
مشكور استاذ

لكن معنى الخطوبة تبدل، وقيمتها نقصت

+ لا يعني الاختبار هنا حتى تخرج معاها وتتكلم معاها

فلا يجوز للرجل أن يكلمها دون محرم، ولا ينظر إلا لوجها ولديها

لكن ما لا أفهمه في الموضوع هو مصلطح الخطوبة هنا:

تتعثر التجربة قبل بدايتها. وقد تصل إلى فسخ الخطبة أو الطلاق .

ما ينفره منها فيضطر للطلاق ربما قبل الزفاف بحجة أنها لا تناسبه

لفظ الطلاق هنا: يدل على أن الخطوبة كانت مقترنة إما بالعقد المدني، أو بالعقد الشرعي !!!!

السلام عليكم، وبعد

أخي عبدو

1- بارك الله فيك على المرور والتعقيب
2- لفظة الطلاق إنما هي بالمعنى اللغوي للكلمة، طلق بعدما مسك

لك سلامي واحترامي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأستـ كريم ــاذ الجيريا

الخطبة وعد بالزواج وليست زواجا
.. لكنها فترة الوضوح وسقوط الأقنعة

التكييف الفقهي للخِطبة:
(وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) (الإسراء:34).

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الخطبة وعد بالزواج وليست عقداً مستقلاً بنفسه، ولهذا فلا إلزام فيها قضاء، لأن الوعود كذلك عند الجمهور، وأما ديانة فهي ملزمة ما لم يطرأ عليها ما يغير قناعة الخطيبين ببعضهما، أو يجعلهما غير صالحين للزواج، فعندها ينتفي اللزوم عنها ديانة أيضا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ ثُمَّ رَأَى خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيرْ) رواه مسلمٌ. هذا في الوعد المؤكد اليمين، فكيف بالوعد بغير يمين، فإنه مثله على الأقل، إلا أنه لا كفارة فيه، لأن الكفارة خاصة باليمين، وعلى هذا، فإن لكل من الخاطب والخطيبة أن يعدلا عنها قضاء في أي وقت، لسبب ولغير سبب، سواء وافق على ذلك الطرف الثاني للخطبة أم لا.
لكن العدول عن الخطوبة أو فسخها، لا يتم إلا إذا كان في نكاحهما مفسدة مَرَضية، أو مضرة عقائدية، أو تحليل حرام، أو تحريم حلال، أو تكليف لا يطاق.


ربما أستاذ ما زال هناك شيء من الغموض
الخطوبة وعد بالزواج
وقد يكون فيه الرجوع والعدول عن الوعد
قد يتريب عنه ضرر

أريد منك أستاذ ومن أعضاء قسم الحياة الزوجية
شرحا وتعليلا
وإثراء للموضوع

نعم صحيح
لكن للاسف بمجرد قراءة الفاتحة يسمح الطرفان لبعضهما بتجاوز الخط الاحمر فلا يصبح لليلة الدخلة معنا رغم انو حلال
اما الخطبة فهناك ايضا من تجاوز الخط الاحمر فيها و عن قناعة
و تنسا الفتاة انها يجب ان تحافظ على نفسها(حراما ووجوبا في الخطبة حلالا لكن الزاما في الفاتحة) حتى يوم الزفاف لانو لا تدري ما يخباه الزمان

لونعي جيدا هذه الفكرة لما حدثت كوارث في وقتنا الراهن كثير من الناس فقط بمجيء اهل العريس الى البيت تظن نفسها اصبحت زوجة شرعية لهذا الرجل مع ان الخطوبة هي وعد بالزواج قد يتم وقد لا يتم كانك التقيت شخصا وعدك بالامر من دون ان تقف على نيته ان كانت صادقة او كاذبة
اما بشان تعامل الخطيبين في فترة اخطوبة ارى ان يتعاملا كل منهما لعى طبيعته دون تكلف او تصنع او ابتذال لتظهر حقيقة كل واحد منها للاخر وهنا ستنجح هذه العلاقة لانها مؤسسة على الصدق
اشكرك اخي الفاضل على الموضوع القيم

السلام عليكم اخي
موضوع رائع بارك الله فيك
(مواضيعك قمة )
سلام

موضوع رائع

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة lord gandalf الجيريا

ربما أستاذ ما زال هناك شيء من الغموض
الخطوبة وعد بالزواج
وقد يكون فيه الرجوع والعدول عن الوعد
قد يتريب عنه ضرر

أريد منك أستاذ ومن أعضاء قسم الحياة الزوجية
شرحا وتعليلا
وإثراء للموضوع

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بتول8 الجيريا
نعم صحيح
لكن للاسف بمجرد قراءة الفاتحة يسمح الطرفان لبعضهما بتجاوز الخط الاحمر فلا يصبح لليلة الدخلة معنا رغم انو حلال
اما الخطبة فهناك ايضا من تجاوز الخط الاحمر فيها و عن قناعة
و تنسا الفتاة انها يجب ان تحافظ على نفسها(حراما ووجوبا في الخطبة حلالا لكن الزاما في الفاتحة) حتى يوم الزفاف لانو لا تدري ما يخباه الزمان
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انانيس الجيريا
لونعي جيدا هذه الفكرة لما حدثت كوارث في وقتنا الراهن كثير من الناس فقط بمجيء اهل العريس الى البيت تظن نفسها اصبحت زوجة شرعية لهذا الرجل مع ان الخطوبة هي وعد بالزواج قد يتم وقد لا يتم كانك التقيت شخصا وعدك بالامر من دون ان تقف على نيته ان كانت صادقة او كاذبة
اما بشان تعامل الخطيبين في فترة اخطوبة ارى ان يتعاملا كل منهما لعى طبيعته دون تكلف او تصنع او ابتذال لتظهر حقيقة كل واحد منها للاخر وهنا ستنجح هذه العلاقة لانها مؤسسة على الصدق
اشكرك اخي الفاضل على الموضوع القيم
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة zizou93 الجيريا
السلام عليكم اخي
موضوع رائع بارك الله فيك
(مواضيعك قمة )
سلام
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة attaoui الجيريا
موضوع رائع

بارك الله فيكم ولكم
وجعل التقوى زادكم
والجنة -إن شاء الله- داركم

لكم سلامي واحتراماتي

بسم الله الرحمن الرحيم، وبه أستعين،
وصل اللهم وسلم على المصطفى الأمين،
صلاة وسلاماًَ إلى يوم الدين،
وعلى آل بيته الطاهرين المطهّــرين،
وعلى أصحابه القدوة الراشدين،
وعلى التابعين، وتابعي تابعيهم إلى يوم الدين؛
وبعد:

أخواتي وإخوتي أعضاء منتديات الجلفة التعليمية

أحببت أن أبين ما قد أسلفت في قوله
لما مررت من هنا، مستشهدا بما يُلم بالموضوع:

"حكم نظر كل من الخطيبين للآخر:

لقد اشتط كثير من الناس وتساهلوا في أمور النظر إلى المخطوبة حتى ابتعدوا عن روح التشريع الإسلامي وكنهه وحدوده متأثرين بعادات وتقاليد وافدة، وتزمت آخرون وتشددوا وضيقوا على أنفسهم وعلى الناس حكماً جعل الله لهم فيه سعة، ونتج عما اتجه إليه كل من الطرفين من التساهل والتزمت حرج بالمسلمين وعنت، بل جهل بحكم الإسلام الصحيح، وعزوف عن الاحتكام إلى التشريع الإسلامي في هذا الموضوع الخطير أحياناً من كثيرين منهم منصرفين إلى أحكام وتقاليد وافدة بعيدة عنا وغريبة على تقاليدنا وأخلاقنا ومثلنا.

لهذا رأيت من المناسب أن أبين للناس بعامة وللشباب بخاصة حكم الإسلام في هذا الموضوع الهام ليعودوا إليه ويلتزموه ويتركوا ما لا يناسبهم من تقاليد غريبة تنحرف بهم وتبتعد بسلوكهم عن شرعة الإسلام الحنيف.

قال عامة العلماء: إن نظر كل من الخطيبين للآخر عند العزم على الخطبة أمر مباح، هذا إذا احتاجا إليه لإتمام الخطبة، فإذا لم يحتاجا إليه، بأن كان كل منهما يعرف الآخر من سابق، أو أنه اكتفى بوصف أهله له، لم يبح النظر، لأن نظر المرأة للرجل الأجنبي، ونظر الرجل للمرأة الأجنبية عنه محرم في الأصل لقوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}، وقوله سبحانه: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 30ـ31]. ذلك أن النظر ضد الغض، إلا أنه أبيح للخاطبين هنا استحساناً للمصلحة الغالبة التي شهدت لها نصوص من السنة الشريفة لما سوف يأتي، فإذا انتفت المصلحة انتفت الإباحة، للقاعدة الفقهية الكلية: (الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً) [انظر كتابنا: المدخل الفقهي ص154]، والقاعدة الفقهية الكلية: (إذا زال المانع عاد الممنوع) [انظر مجلة الأحكام العدلية المادة 54، وكتابنا المدخل الفقهي ص83].

وذهب بعض الفقهاء إلى أن نظر كل من الخطيبين للآخر مندوب إليه، وليس مباحاً فقط، واحتجوا لذلك بأدلة منها:

1ـ قوله صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة وقد خطب امرأة: (انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما) [أخرجه الترمذي والنسائي. جامع الأصول: 11/438ـ439].

2ـ ما رواه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنظرت إليها؟ قال: لا، قال: فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً) [أخرجه مسلم والنسائي. جامع الأصول: 11/438].

فإن في هذين الحديثين وغيرهما أمراً بالنظر، والأمر إذا انصرف عن الوجوب لا ينزل عن الندب.

إلا أن الذين قالوا بالإباحة فقط، استدلوا بالأدلة السابقة نفسها إلا أنهم أجابوا بأن هذا الأمر قد وقع بعد نهي، وما كان كذلك يعاد الأمر فيه إلى الأصل وهو هنا الإباحة والبراءة الأصلية، ويقصدون بالنهي عموم قوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا …}.

وعلى كل فالأمر سهل والخلاف بسيط والتوفيق ممكن، بأن نقول بالندب إذا اشتدت الحاجة إلى النظر، وبالإباحة إذا كانت الحاجة قليلة.

إلا أن للنظر المباح أو المندوب هذا حدوداً وشروطاً لا بد من توافرها وإلا حرم على الأصل، ذلك أنه حكم ثبت استحساناً على خلاف القياس، وما كان كذلك من الأحكام لا يتوسع فيه.

وقد بين الفقهاء على اختلاف مذاهبهم حدود النظر المأذون به وشروطه، فاتفقوا في بعضها واختلفوا في بعضها الآخر، وتطرف قلة منهم وذكروا أحكاماً لا أرى أن الدليل يوافقها أصلاً، ولهذا فقد انصرف عنها عامة الفقهاء ولم يقولوا بها. وسوف أكتفي هنا بذكر ما اتجه إليه عامة الفقهاء، مغضياً عما تطرف فيه بعضهم بعداً عن التشويش.

شروط النظر المأذون به وحدوده:

1ـ أن يكون الخاطب جاداً في خطبته وأن تكون الخطيبة ممن يرجى موافقتها، فلا يحل لإنسان أن ينظر إلى امرأة غير محرم له على التأبيد ما لم يعزم على خطبتها عزماً أكيداً وهو يرجو موافقتها على خطبته بحسب ظروف الحال، ولا يحل للمخطوبة أن تنظر إلى خاطبها ما لم يعزم على خطبتها وتكون هي مهيأة لقبول خطبته، ولهذا فإنني أرى أن لا يحل نظر الخطيبين أحدهما للآخر إلا بتوافر الشروط التالية:

أ ـ أن توصف المخطوبة إلى خاطبها من قبل محارمه النساء فتعجبه أوصافها فيعزم على خطبتها من خلال ذلك الوصف.

ب ـ أن يوصف الخاطب لخطيبته من قبل محارمها الرجال ويذكر لها عزمه على خطبتها فيميل قلبها إليه.

جـ ـ أن لا يكون بين الخطيبين من الأسباب المحرمة ما يمنع الخطبة والزواج، كأن تكون محرماً له على التوقيت كأخت زوجته التي في عصمته، أو زوجة لغيره أو معتدة من طلاق ذلك الغير، أو يكون الخطيب غير كفء وقد منع الولي الخطبة، أو مخطوبة لغيره…

2ـ أن يقصد كل من الخاطبين عند النظر إلى الآخر التبين وليس التلذذ والتمتع به، فإن قصدا التلذذ أثما، لأن النظر المباح إنما شرع لعلة التبين، فإذا انعدمت العلة انعدمت الإباحة المترتبة عليها للقاعدة الفقهية الكلية: (إذا زال المانع عاد الممنوع) [المادة 24 من مجلة الأحكام العدلية].

3ـ أن لا يكرر كل منهما النظر للآخر بما يزيد عن حاجة التبين، فإذا تبين كل من الخاطبين حال الآخر بالنظرة الأولى حرم عليهما النظرة الثانية، فإذا لم يتبين حاله بالنظرة الأولى حلت له النظرة الثانية، فإذا لم يتبين حاله فيها أيضاً حلت له النظرة الثالثة، ولا يحل له ما وراء الثالثة لدى عامة العلماء، لأن النظرات الثلاث تكفي للتبين في الغالب، فإذا صادف أنه لم يكتف بها فعلاً لتبين حاله حلت له النظرة الرابعة على قدر الضرورة والحاجة للقاعدة الفقهية الكلية: (الضرورات تقدر بقدرها) [المادة 22 من مجلة الأحكام العدلية، وانظر كتابنا المدخل الفقهي ص68].

4ـ أن لا يرافق النظر خلوة، فإن الخلوة بين الخطيبين منفردين محرمة، لأن الخطيبة أجنبية عن خاطبها، والخلوة مع الأجنبية حرام بالاتفاق. وعلى هذا فإن لكل من الخطيبين أن ينظر إلى الآخر بحضور المحارم من الأرحام، فإذا تكرر النظر وجب حضور الأرحام المحارم أيضاً.

وهذا الأمر مما يتساهل فيه كثير من الناس اليوم فيأذنون للخطيبين بعد النظرة الأولى في الغالب بالخلوة مع بعضهما وهو محرم باتفاق الفقهاء، وإنه ذو آثار اجتماعية وخلقية سيئة وخطيرة لا تخفى على كل ذي عقل.

5ـ أن لا يزيد الخاطب في النظر إلى مخطوبته عن حد الوجه والكفين لدى عامة الفقهاء، لأن ذلك كافٍ لتبين حالها في الغالب، أما الخطيبة فلها أن تنظر إلى رأس خاطبها وصدره ويديه مما ليس بعورة منه. وأباح بعض الفقهاء للخاطب أن ينظر من خطيبته إلى ما يبدو منها في المنزل غالباً، وهو مرجوح لدى عامة الفقهاء، والأكثرون على القول الأول.

هذا ولا يجوز لأي من الخاطبين بعد أن يرى الآخر فلا يعجبه أن يقول: إنه لم يعجبني أو لا أريده.. لأن ذلك إيذاء له وهو حرام، ولكن يعرض ويوري بقدر الإمكان، ثم يعتذر عن إتمام الخطوبة بألطف ما يمكن من القول والعمل.

وإنني هنا أود التنبيه إلى بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الناس أثناء الخطبة يظنونها مباحة وهي حرام، وأهمها:

1ـ مصافحة الخطيب لخطيبته، فإنها حرام بالاتفاق، ذلك أن النظر محتاج إليه فأبيح للسنة، أما المصافحة فهي ملامسة وهي أفحش من النظر وغير محتاج إليها فتبقى على التحريم، بل إن بعض الناس من يتورط بما هو فوق المصافحة كالقبلة أو إلباسها بعض الأساور والزينة، وهو حرام فليتنبه له.

2ـ تزين الخطيبة بالألوان وما إليه.. عند نظر الخاطب إليها، فإنه ممنوع أيضاً لما فيه من التزوير. ولا يعني ذلك أن ينظر إليها وهي في أسوأ حال، ولكن لا بد من الاعتدال في هذا.

3ـ النظر إلى الخطيبة بين محارمها من النساء وهن سافرات بغير حجاب، فإنه حرام، ذلك أن النظر إلى المخطوبة أبيح للحاجة الغالبة إليه، وليس النظر إلى محارم المخطوبة محتاجاً إليه أيضاً، فيبقى على التحريم، ولهذا فإن للخطيب أن ينظر إلى خطيبته بين محارمها من الرجال، ولا بأس بوجود بعض النساء لتستأنس بهن، ولكن بشرط أن يكن محجبات تماماً، لأنهن أجنبيات عن الخاطب، ولا مبرر للنظر إليهن بغير حجاب، وكم أدت مخالفة هذا الحكم الشرعي إلى ويلات حيث تحول الخاطب عن خطيبته إلى إحدى محارمها لأنه وجدها أفضل منها.

4ـ اصطحاب الخاطب معه أثناء النظر إلى خطيبته بعض أقاربه من الرجال، كأبيه أو أخيه.. فإنه حرام، لأن النظر أبيح للخاطب للحاجة، ولا حاجة في نظر غيره إليها، وكم من المشكلات نتج عن مخالفة ذلك، حيث تكون الخطبة لفلان فتتحول بذلك النظر إلى أبيه أو أخيه.. حيث تراه الخطيبة أفضل منه."

منقول للفائدة من موقع شبكة الفتاوى الشرعية:


https://www.islamic-fatwa.net/index.j…&type=3&cat=15

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.