تخطى إلى المحتوى

الحملة الفرنسية على الجزائر 2024.

الحملة الفرنسية على الجزائر

تمثل الحملة الفرنسية على الجزائر عام (1245هـ/ 1830م) مثلا واضحًا من أمثلة تشويه تاريخ الشعوب الإسلامية.
طبيعة العلاقة بين فرنسا والجزائر
إذ اتخذت فرنسا منن حادثة المنشة (المروحة) سببًا جوهريًّا لمهاجمة الجزائر دفاعًا عن شرفها وكرامتها التي أهدرت [1]، ولم يكن هذا هو السبب الحقيقي للغزو، فالتفكير في احتلال الجزائر سابق على هذه الحادثة بسنوات أرجعها عباس فرحات [2] إلى عام 1231هـ/ 1815 م وفيها هزم نابليون بونابارت وفقدت فرنسا أجزاء واسعة من إمبراطوريتها، تنازلت عنها لبريطانيا، ومن ثم رأت فرنسا أن تستعيض عنها بدول المغرب العربي، ولتكن البداية بالجزائر كنقطة انطلاق نحو الاستيلاء على المغرب بأكمله [3].
والحقيقة أن قوة الجزائر البحرية قد ازدادت زيادة كبيرة في البحر المتوسط، وتمكنت بهذه القوة البحرية أ ن تحفظ التوازن في القوى في الحوض الغربي للبحر المتوسط و أن تحمي السفن الإسلامية فيه، وذلك خلال القرون الثلاثة السابقة على الاحتلال الفرنسي لها .
وكانت العلاقات بينها وبين فرنسا في مد وجزر، فأحيانا يسودها السلام بناء على اتفاقات، وأحيانا أخرى تهاجم كل منهما سفن الأخرى في البحر المتوسط، وكان الكتاب الفرنسيون يطلقون على إغارات السفن الجزائرية بأنها أعمال قرصنة، ولكنهم يطلقون على ما يقومون به ضد السفن الجزائرية بأنه دفاع عن النفس .
وعلى أية حال كانت فرنسا حريصة على استمرار علاقتها مع الجزائر، فكلما تعكر صفو تلك العلاقات حاولت إعادتها إلى صفائها مرة أخرى، حرصا منها على سلامة سفنها، وتحقيقا لمصالحها الاقتصادية، وحفاظا على امتيازاتها التجارية ضد منافسة الدول الأجنبية.
حقيقة الغزو الفرنسي للجزائر
واتصفت عملية الغزو الفرنسي للجزائر (1245هـ/ 1830م) بالتعصب الديني من قبل فرنسا، فيذكر الملك شارل العاشر -الذي حدث الغزو في عهده- بأنه لم يراع في هذه العملية سوى كراهية فرنسا للجزائر [4].
لم تكن الكراهية وحدها هي الدافع للغزو، فالمشكلات الداخلية التي تعانيها فرنسا وقتذاك كانت لها نصيب كبير في حكومة فرنسا إلى التفكير في القيام بمغامرة خارجية لتوجيه السخط الداخلي، الذي قد يطيح بها، إلى هذه المغامرة، أولا وهي غزو الجزائر.
بل إن من جاءوا بعد شارل العاشر من الملوك ساروا في نفس الاتجاه، وأكدوا عدم تخليهم عن الجزائر، لأن في ذلك إغضابا للمسيحيين في كل مكان، وهم الذين فرحوا بهذا الغزو وباركوه [5].
وإن تمسك فرنسا بالجزائر يعتبر تضحية منها في سبيل نشر الحضارة بين القبائل الجزائرية، وحتى لا يقعوا في براثن استعمار آخر كالاستعمار التركي [6].
ولكن الحقيقة تثبت عكس ما زعموه، فلو نظرنا إلى التعليم في الجزائر عند مجيء الفرنسيين إليها نجد أن عدد المدارس الابتدائية وحدها في مدينة الجزائر عام (1245هـ / 1830م) بلغ مائة مدرسة، لم يبق منها في عام (1262هـ / 1846م) -أي بعد الاحتلال الفرنسي بست عشرة سنة- سوى أربعة عشرة مدرسة.
وعلى أية حال، فإن نصف المؤسسات التعليمية قد اختفى من ولاية الجزائر في الفترة فيما بين عامي (1245هـ – 1265هـ/ 1830م – 1850م).
وهذا يؤكد زيف ما ادعاه معظم الكتاب الفرنسيين من عدم وجود تعليم في الجزائر في العهد العثماني، وأن فرنسا هي التي عملت على نشره بعد احتلالها للبلاد.
[1] كوليت وفرانسيس جانسون: الجزائر الثائرة، ترجمة محمد علوي الشريق وآخرين، دار الهلال، 1957م.
[2] مجاهد جزائري من رجال الحركة الوطنية في الجزائر، و أول من تولى رئاسة الحكومة الجزائرية المؤقتة التي أقيمت بالقاهرة عام 1958، وورد هذا القول في كتابه، حرب الجزائر وثورتها (ليل الاستعمار): ترجمة أبو بكر رحال، مطبعة فضالة، المغرب، ص9.
[3] صلاح العقاد: المغرب العربي (الجزائر، تونس، المغرب الأقصى) دراسة في تاريخه الحديث وأحواله المعاصرة، ط 2، القاهرة، 1966م، ص86.
[4] عباس فرحات: حرب الجزائر وثورتها (ليل الاستعمار)، ص10.
[5] سليمان الهادف قريري: القوى الوطنية في الجزائر ومقدمات الثورة التحررية (1945م – 1954م)، رسالة ماجستير بجامعة الإسكندرية، غير منشورة، ص18.
[6] كوليت وفرانسيس جانسون: المصدر السابق، ص9.

فرنسا العدو اللدود للجزائر

مشكور على الطرح الجميل

بارك الله فيك

بارك الله فيك على المعلومات القيمة

بارك الله فيك

بارك الله فيك اخي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.