عهد الشاذلي بن جديد
انتخب الشاذلي بن جديد رئيساً للجمهورية في 7 شباط 1979، وقد شهدت السنوات الأولى من عهده ارتفاعا في أسعار البترول مما انعكس إيجاباً على الجزائر، فشهدت البلاد نوعاً من الرخاء والازدهار الأمر الذي ساهم في تهدئة الجزائريين من المشادات السياسية الخفية التي كانت تحدث بالحكم، وقد استمر على هذا المنوال حتى عام 1985، حيث أعلن المؤشر الاقتصادي عن انهيار ملحوظ في مداخيل الدولة من العملة الصعبة، فأصبحت لقمة العيش اليهم اليومي للمواطن الجزائري وتراكمت الأخطاء واستشرى الفساد إضافة إلى أزمة أسعار النفط التي اندلعت عام 1986.
أدت كل هذه التراكمات السلبية إلى انفجار اجتماعي تمثل بانتفاضة تشرين الأول 1988 التي بدأت في الرابع منه بمظاهرات شعبية ما لبثت أن تطورت إلى عمليات شغب واسعة وإلى حرق وتدمير العديد من المحلات التجارية. وفي الثامن منه فتحت قوات الجيش نيران أسلحتها على المتظاهرين في ضاحية القبة فقتلت 60 شخصاً وفي العاشر من هذا الشهر عمت المواجهات كافة المدن الجزائرية فجرت أعنف المواجهات بين الجيش والمتظاهرين وخاصة في العاصمة الجزائر حيث سقط أكثر من خمسمائة قتيل.
وهكذا فقد طوت انتفاضة تشرين الأول 1988 صفحة ثورة التحرير وحزبها الحاكم وفتحت صفحة الثورة الاجتماعية في تاريخ الجزائر المستقلة، فأقدم الشاذلي عقب هذه الأحداث على حل حكومته وتم اختيار قاصدي مرباح لتشكيل الحكومة الجديدة. وأخذ على عاتقه السير بإصلاحات جذرية يبدأها بالأداء السياسي مروراً بسياسة الاقتصاد الجديدة.
لم يكمل قاصدي مرباح سنته الأولى في الحكومة فأخرج منها بحجة تباطئه في تنفيذ الإصلاحات. وجاء مكانه مولود حمروش للتسريع في وضع البرنامج الإصلاحي موضع التطبيق. وكان هذا البرنامج يشتمل على شقين رئيسيين. الأول سياسي وينص على تطبيق التعددية الحزبية من خلال السماح بتشكيل الجمعيات التي لها طابع سياسي، ونزع صفة الحزبية عن الدولة (إذ أصبح الأمين العام لجبهة التحرير عبد الحميد مهري وبقي الشاذلي بن جديد رئيساً للدولة وفوق الجميع).
وأما الشق الثاني وهو الاقتصادي ويعني العمل بسرعة نحو اقتصاد السوق.
وكان من أبرز الأحزاب السياسية التي برزت إلى الوجود بشكل شرعي. جبهة الإنقاذ الإسلامية يوم 22 آب 1989 وترافق ذلك مع تحجيم جبهة التحرير بعد انسحاب العسكريين من عضويتها ثم جاءت الانتخابات البلدية في 12 حزيران 1990 التي فازت بها «جبهة الانقاذ الإسلامية» بـ 853 بلدية من أصل 1541، في حين لم تحصل جبهة التحرير إلا على 487 بلدية. لتدل على الشعبية الواسعة التي أصبحت تملكها جبهة الإنقاذ.
ثم فاجأ الرئيس الشاذلي الجميع حين قرر إجراء الانتخابات التشريعية في نهاية 1990، بينما كان رئيس وزراءه حمروش يرى ضرورة تأخير الموعد وتسريع الاصلاحات التي كانت تتطلب ما لا يقل عن ثلاث سنوات كي تؤتي ثمارها.
وفي 26 تموز 1990 أجرى الرئيس الشاذلي تعديل وزاري في حكومة حمروش تنازل بموجبه رئيس الجمهورية ولأول مرة منذ الاستقلال عن منصب وزير الدفاع، وحل مكانه اللواء خالد نزار الذي كان قد عين رئيساً لأركان الجيش بعد انتفاضة تشرين الأول 1988.
وجاءت أحداث 25 أيار إلى 4 حزيران 1991 حيث أعلن عباسي مدني زعيم جبهة الانقاذ الإضراب المفتوح وبدأت التظاهرات الضخمة وبدا أن الحركة الإسلامية تتحرك نحو مشروع استلام السلطة فأقدم الشاذلي وتحت ضغط الجيش ووزير الدفاع خالد نزار في 4 حزيران إلى إعلان حالة الطوارى وإقالة حكومة حمروش وتأجيل الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة إلى اشعاراً آخر وفي اليوم التالي تم تعيين سيد أحمد غزالي على رأس حكومة جديدة وبعد مدة وجيزة أعلن الشاذلي بن جديد استقالته من رئاسة جبهة التحرير الوطني.
وبدا واضحاً بعد ذلك نية الجيش في إبعاد النصر عن جبهة الانقاذ وبدا للإنقاذ أن المواجهة مع الجيش صارت حتمية مع أنها كانت تطالب دائماً الجيش برفع حالة الطوارىء عن البلاد (الحصار) وكان الجيش يرد عليها بأنها تخل بالأمن وتدعو لاستعمال العنف.
حاول سيد أحمد غزالي متابعة سياسته في إضعاف جبهة التحرير وتشتيت جبهة الانقاذ إلا أن الأخيرة سرعان ما أعادت تكوين قيادة بديلة وأبقت جماهيرها متماسكة وخاضت الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية أواخر 1991 واستطاعت أن تفوز فوزاً كاسحاً فعمد الجيش إلى تعطيل هذه الانتخابات بإلغاء الدورة الثانية فاضطر الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد إلى الاستقالة في كانون الثاني 1992
تحيا الجزائر
تحيا الجزائر
مشكور على هده معلومات مفيدة