بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد
فنحمد الله تعالى أن شرع لنا من الطاعات مانُتقرب إليه به سبحانه ؛ففضل عبادات عن عبادات وأيام عن أيام ، فعلى المسلم السوي أن يتصيد تلك الأوقات المباركة لعظمتها ولفضلها ؛ فتلك إذن تجارة رابحة ؛تجارة بين العبد وربه .
ومما شك فيه أن يوم الجمعة من الأيام الفاضلة فهو خير يوم طلعت فيه الشمس ؛ يوم خلق فيه آدم وفيه قبض عليه السلام ؛ يوم أُمرنا فيه بالتطيب والإغتسال والتبكير إلى المسجد وكذا من السنن التي يجب على كل مسلم الأخذ بها والعض عليها بالنواجذ ؛ فهذا ما أمرنا به وهذا أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ؛ فهذا ديننا قد بين لنا فلماذا إذن هذا العمى .
لكن ليست الجُمعات أيام فوضى وشغب ؛ كما قال من قبل ذالك المنبر الإعلامي الفاسد ؛أعيدت للجمعة مكانتها أو كلاما معوجا شبيها بهذا ؛ أعيدت لها مكانتها بالفوضى وعدم حضورها والتخلف عنها ؛أعيدت لها مكانتها بجعلها منطلق للشغب فمال هؤلاء القوم لايكادون يفقهون حديثا.
إعلموا بارك الله فيكم ؛أن الفتن تغشي البصائر ؛وتعطل المدارك ؛ والمصائب إذا حلت صار الناس في كرب عظيم ؛فزاغ من زاغ ؛وتاه من تاه ؛ وثبت من ثبت ؛ ومن الفتن الظاهرة والتي غزت الشعوب المنتسبة لهذا الدين ؛ فتن الخروج والمظاهرات والإضرابات الهمجية ؛ الوحشية والتي ليست من نظام الإسلام بل مستوردة من بلاد الكفر فديننا دين رحمة ؛ دين أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ؛ فالمنكر يغير بالمعروف وهذا هو الصواب ؛ فهل ياترى يستجلب المعروف بالمنكر ؟؟!! ،فالله المستعان ، فأصبحنا نسمع اليوم صدى رنينه يصم الآذان لأناس لا آذان لهم سماعةٍ للحق ؛ فقد بحت حناجر علمائنا الأثبات ـ جزاهم الله خيرا ـ من جراء تذكير الأمة وتنبيهها من مغبة هذه الفتن ؛ فسمعنا عن الجُمعات والتسميات الكثيرة ؛ جمعة الغضب "على من ؟؟" ؛ جمعة الأخيرة "لماذا ؟؟" ؛ جمعة الزحف "إلى أين ؟؟"؛ جمعة الرحيل "مع من ؟؟" ؛
ـ فهل الغضب؟؟ على أوامر الله تباركة وتعالى؛كنا نأمل العكس كنا نودُّ منكم أن تغضبوا وأن تتبرؤوا من شياطينكم وأهوائكم
ـ فهل الزحف ؟؟ عن هديه صلى الله عليه وسلم ؛لكن كنا نحب أن تعودوا إلى رسول الله وإلى أمره لا أن تجابهوه بالمعاصي
ـ فهل الرحيل ؟؟ عن أقوال وتوجيهات علماء الحق ؛لكن كنا نحلم بأن تستفيقوا وتعلموا حقيقة الأدعياء ؛ أدعياء السوء وأن تهجروهم إلى من جُعلوا ورثتا للأنبياء .
فمالكم ياثوار كيف تحكمون ؛ فهل هذه سنن جديدة شرعتموها أنتم ومن دعاكم ؛ فلا تخدعوا بالقول فلا يغرنكم من تبدوا بشاشته منه إليكم فإن السم في العسل ؛ فإلى الله المشتكى .
وإني لأتسائل عن نفسية الشاب الذي هيئ من قبل الجمعة وغرر به ؛وقيل له أن لك فيها لشغلا ؛كيف تصبح نفسيته ؟؟ فهل سيغتسل ويتطيب؟؟؛ أم هو أصلا في إدراكه المسبق أنه خارج للفوضى والسقوط والنهوض فلا ينفعه إذن لا غسله ولا تطيبه ؛ وربما بدلا من اللباس الأنيق الطيب لبس لباس العصابات والثوار كزي " كاستروا وغيفارا" ومن شابههم .
فهل سيبكر إلى المسجد ليصيب الفضل أم سيتأهب لمعركته ويبكر ليجمع أصحابه وليكون في المقدمة لأنه جريء قوي !!أليس يلبس لباس الثوار !!الكفار!! فإنه بطل في زعمه لأنه تشبه بهم ؛ أفق يامسكين فإنك دمية مخدوع ؛ ولن أتكلم عن قراءتك لسورة الكهف ؛فعيب ياولد أتتعب أحبالك الصوتية في كلام ربك لترتله بتمعن ولربما صادفت حينها قوله تعالى " وغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير " فأفق يابني وكفاك جهلا وتجاهلا وجهالة ؛ فإنك لاتستوي أنت ومن أبكر لبيت ربه وجانب الفتن والله لا تستويان .
قارب يومها الفاضل "الجمعة" من الغروب بدئنا صبيحته بصلاة الصبح ؛ ربما أنت وكثير من إخوانك كانوا يمثلون أدوارهم الفوضوية في منامهم وعلى أفرشتهم وغيرك طلَّق فراشه وهواء ؛وأقبل على ربه ؛ومراليوم ولربما أنت لازلت في مسرحك تخرب وتصرخ وتؤدي دورك كما خُطط لك من قبل ؛وغيرك يستعد ليودع يومه وهو يعلم أن في الجمعة ساعة مستجابة الدعاء فعلم أنه له ربا يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف الضر ولربما دعا لك في ظهر الغيب وأنت لاتردي ؛ فهيا يا أخي إن لم تكن مثله فتشبه به فإن التشبه بالرجال فلاح ؛فيا ليتك تعلم يا أُخي .
فالله أسأل أن يردنا إليه ردا جميلا وأن ينور إخواننا ؛ والله يعلم أننا لا نخالفكم خوفا ولا حبا لما أنتم فيه فقلوبنا قد مزقت من شدة ما أصابنا فيكم فنحن إخوة وحق الأخوة أن نشد على أيديكم لتنجوا سفينتنا لا أن نترككم وهواكم ؛ فلا تزيد سفينتنا خرقا فقد تنفذ العدة ؛فحينها لا أنتم ولا نحن ولاحتى السفينة تبقى؛فاللهم سلم سلم ؛ وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه كان غفورا رحيما ؛ وصلي اللهم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين
والله أعلم
وكتبه أخوكم
أبو عبد الملك أنس المالكي
صبيحة يوم الجمعة /٢/ جمادى الثاني /١٤٣٢
من سلسلة و"قفات مع الثوار
الثوار والجُمعات
|
جزاك الله خيرا على الموضوع القيم