تخطى إلى المحتوى

التوبة من الكسب الحرام . 2024.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (المؤمنون:51)، وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) (البقرة:172). ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!) (رواه مسلم).

في هذا الحديث الشريف كثير من الفوائد، منها:

– أن من أسماء الله -تعالى- الحسنى: "الطيب": ومعناه: الطاهر، أي: المنزه عن النقائص والمعايب كاسمه -تعالى- "القدوس"، أي: المطهر عن النقائص، فأمره -تعالى- كله وأفعاله طيبة منزهة عن النقص والعيب والعبث.

طريقة التعبد لله -تعالى- بهذا الاسم:

أولاً: تحقيق هذا الاعتقاد في أفعال الله وأقواله وقضائه وقدره أنها طيبة، ومنزهة عن النقص والعيب والعبث.

ثانيًا: الثناء على الله -تعالى- بذلك.

ثالثًا: أن تكون أقوال العبد وأفعاله طيبة، وأن يسعى لاكتساب الطيب من المكاسب، ويتقرب منها لله -تعالى- بأنواع الصدقات.

– أنه لا يرفع إلى الله -تعالى- إلا الطيب: كما قال -عز وجل-: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) (فاطر:10)، وفي هذا حث على إحسان العمل.

– وجوب طلب الحلال؛ لأمره -تعالى- بذلك: (كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ)، ووجوب اجتناب المكاسب المحرمة؛ لأن الله -تعالى- لا يقبل إلا طيبًا، ولا يقبل دعاء من هذا وصفه كما في هذا الحديث.

– وجوب شكر النعم باللسان والقلب والجوارح، أما شكر اللسان فيكون بالحمد والثناء على الله بالجميل، والاعتراف بذلك، والتحدث بها، وأن يُرى أثرها على العبد، وأما شكر القلب فيكون بالاعتراف باطنًا أنها من الله -تعالى-، وأما شكر الجوارح فباستخدام النعمة في طاعة الله -تعالى-.

– وفيه: أن العمل لا يزكو إلا بأكل الحلال، وأن أكل الحرام يُفسد العمل، ويمنع قبوله.

– وفيه: أن إطابة المطعم سبب لإجابة الدعاء، كما يروى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لسعد -رضي الله عنه-: "يَا سَعْدُ، أَطِبْ مَطْعَمَكَ؛ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةَ" (رواه الطبراني، وضعفه الألباني).

– وأن خبث المطعم -عياذًا بالله- سبب لرد الدعاء: (فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!).

– وفيه: أن الصدقة بالمال الحرام غير مقبولة: كما في "صحيح مسلم" عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ، وَلا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ)، ويروى عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لاَ يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالاً مِنْ حَرَامٍ، فَيُنْفِقَ مِنْهُ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ، وَلاَ يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيُقْبَلَ مِنْهُ، وَلاَ يَتْرُكُهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلاَّ كَانَ زَادَهُ إِلَى النَّارِ، إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- لاَ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ، وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ، إِنَّ الْخَبِيثَ لاَ يَمْحُو الْخَبِيثَ" (رواه الإمام أحمد والحاكم والبيهقي، وضعفه الألباني، وقال ابن عبد البر في التمهيد: "حسن الألفاظ ضعيف الإسناد").

وفيه: بيان أسباب إجابة الدعاء وآدابه:

أولاً: إطالة السفر، والسفر بمجرده يقتضي إجابة الدعاء كما في الحديث: (ثَلاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ) (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وحسنه الألباني)؛ لأنه إذا طال السفر حصل انكسار في النفس بطول الغربة عن الأوطان وتحمل المشاق، والانكسار من أعظم أسباب الإجابة.

ثانيًا: حصول التبذل في اللباس والهيئة بالشعث والإغبار، كما في الحديث: (كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِى طِمْرَيْنِ لاَ يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، ولما خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- للاستسقاء خرج متبذلاً متواضعًا متضرعًا.

ثالثًا: مد يديه إلى السماء، كما في الحديث: (إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني)، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعل ذلك كما في "يوم بدر" وفي الاستسقاء وغيره، بل رفع يديه -صلى الله عليه وسلم- في الدعاء متواتر عنه.

رابعًا: الإلحاح على الله -عز وجل- بتكرير: "يا رب": وهذا من أعظم ما يطلب به إجابة الدعاء كما في القرآن والسنة.

وفيه -أيضًا- بيان أسباب منع إجابة الدعاء:

أولاُ: التوسع في الحرام أكلاً وشربًا ولُبسًا وتغذية، وقد يكون ارتكاب المحرمات الفعلية مانعًا من الإجابة -أيضًا-، وكذلك ترك الواجبات.

الثلاثة الذين أُطبقت عليهم الصخرة في الغار توسلوا إلى الله -تعالى- بصالح أعمالهم فاستجاب لهم، فانفرجت الصخرة وخرجوا يمشون، قال وهب بن منبه: "مثل الذي يدعو بغير عمل مثل الذي يرمي بغير وتر".

قال عمر -رضي الله عنه-: "بالورع عما حرم الله يقبل الله الدعاء والتسبيح".

وقال محمد بن واسع: "يكفي من الدعاء مع الورع اليسير".

وقيل لسفيان: "لو دعوت الله؟ فقال: إن ترك الذنوب هو الدعاء".

وقال بعض السلف: "لا تستبطئ الإجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي".

وفي هذا المعنى قال بعض الشعراء:

نحـن ندعو الإله في كل كرب ثم ننساه عند كشف الكروب
كيــف نرجــو إجابة لدعـــاء قد سددنا طريـقها بالـذنــوب

ماذا يفعل من كسب مالاً حرامًا؟!

يلزمه التوبة النصوح التي لا رجوع للذنب بعدها مرة أخرى، وشروطها:

1- الإخلاص لله -تعالى- فيها، أي: يتوب خوفًا من الله -تعالى- كما في الحديث: (إِنَّمَا تَرَكَهَا مِنْ جَرَّايَ) (رواه مسلم)، أي: من أجلي.

2- الندم على ما فعل، كما في الحديث: (النَّدَمُ تَوْبَةٌ) (رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني).

3- الإقلاع عن الذنب فورًا.

4- العزم على عدم العودة إليه مرة أخرى.

5-لا بد من رد الحقوق لأصحابها أو استحلالهم.

كتبه/ عصام حسنين
موقع صوت السلف

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك واغننا بفضلك عمن سواك
بارك الله فيكم وجزاكم المولى خيرالجزاء ونفع بكم الإسلام والمسلمين

اللهم ارزقنا حلالا طيبا وتقبل دعائنا واغفر لنا خطيانا انك سميع مجيب

ليس هناك افضل من الكسب الحلال حتى وان كان قليل فاكيد ان الله سيبارك فيه افضل من الكسب الحرام

بارك الله فيك ووفقك الله لما فيه خير لك ورزقك من خير الدنيا والاخرة
شكرا

شووووكرااان جزييييييييلا
بااااارك الله فيك على الموضوع الاكثر من قيم
جزاك الله خيرااا
وزادك الله اجرااا
بالتوفيق

الطعام الحلال طعام طعم وشفاء سقم
احد السلف الصالح جمع الف الف دينار ليس فيها دينار واحد مكسبه فيه شبهة مابالك بالحرام البين
فاين نحن من هؤلاء الرجال اقول الرجال بملء الفم
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك أمين

طبعا اخي الكريم

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا على هذا الموضوع و جعله في ميزان حسناتك

ياليت الكل يعي هذا المستوى الفكري المتحضر .

بالمناسبة …..انت كثير راق يا اخي الكريم

سلام

اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك أمين

اوصيكم بثلاث :
تقوى الله ما استطعتم
ذكر الله في كل وقت
و التوبة بعد كل عمل سوء

"اللَّهُمَّ اكْفِنِا بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِا بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ "
جزاكم الله خيرا

اللهم ارزقنا حلالا طيبا يارب

الجيريا

بارك الله فيكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.