قبائل مشهورة في شجرة النسب الأمازيغية تعربت ثقافيا[3] [13] بل يرجح أن أغلب من لم يعربوا هم من قبيلة واحدة مصمودة "المصامدة هم أهل الجبال بالمغرب الأقصى إلا قليلا منها وغيرهم في البسائط"[14] وسكنى هذه القبيلة البعيد عن الحاضرة جعل لها الكثرة على باقي القبائل المغربية لأنه قبل الطفرة العلمية كانت الأمراض المعدية والابادات زمن الحرب تصيب التجمعات السكانية الكبيرة من المدن مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة السلالات التي تستوطن الجبال والبوادي، ثم تدريجيا تهاجر هذه القبائل إلى البسائط والمدن فيكثر نسلها في مواطنها الجديدة فتجد من مصمودة بطون مشهورة تعربت ثقافيا.
"أهل جبال درن الخبر عن أهل جبال درن [جبال الأطلس والريف] بالمغرب الأقصى من بطون المصامدة وما كان لهم من الظهور والأحوال ومبادئ أمورهم وتصاريفها هذه الجبال بقاسية المغرب من أعظم جبال المعمور بنا أعرق في الثرى أصلها وذهبت في السماء فروعها وملأت الجو هياكلها ومثلت سياجاً على ريف المغرب سطورها تبتدئ من ساحل البحر المحيط عند أسفى وما إليها وتذهب في الشرق إلى غير نهاية. ويقال إنها تنتهي إلى قبلة برنيق من أرض برقة وهي في الجانب مما يلي مراكش قد ركب بعضها بعضاً متتالية على نسق من الصحراء إلى التل. يسير الراكب فيها معترضاً من تامسنا وسواحل مراكش إلى بلاد السوس ودرعة من القبلة ثماني مراحل وأزيد تفجرت فيها الأنهار وجلل الأرض خمر الشعراء وتكاثفت بينها ظلال الأدواح. وزكت فيها مواد الزرع والضرع وانفسحت مسارح الحيوان ومراتع الصيد وطابت منابت الشجر ودرت أفاويق الجباية يعمرها من قبائل المصامدة أمم لا يحصيهم إلا خالقهم قد اتخذوا المعاقل والحصون وشيدوا المباني والقصور واستغنوا بقطرهم منها عن أقطار العالم فرحل إليهم التجار من الآفاق واختلفت إليهم أهل النواحي والأمصار ولم يزالوا منذ أول الإسلام وما قبله معتمرين بتلك الجبال قد أوطنوا منها أقطاراً بل أقاليم تعددت فيها الممالك والعمالات بتعدد شعوبهم وقبائلهم وافترقت أسماؤها بافتراق أحيائهم. تنتهي ديارهم من هذه الجبال إلى ثنية المعدن المعروفة ببني فازاز حيث تبتدئ مواطن صناكة ويحفون بهم كذلك من ناحية القبلة إلى بلاد السوس. وقبائل هؤلاء المصامدة بهذه المواطن كثير فمنهم: هرغة وهنتاتة وتينملل وكدميوة وكنفيسة ووريكة وركراكة ومزميرة ودكالة وحاحة وأصادن وبنو وازكيت وبنو ماكر وإيلانة ويقال هيلانة بالهاء. ويقال أيضاً إن إيلان هو ابن بر أصهر المصامدة فكانوا خلفاءهم. ومن بطون أصادن مسفاوة وماغوس ومن مسفاوة دغاغة ويوطانان. ولقال إن غمارة ورهون وأمول بن أصادن والله أعلم. ويقال إن من بطون حاحة زكن وولخص الظواعن الآن بأرض السوس أحلافاً لذوي حسان المتغلبين عليها من عرب المعقل. ومن بطون كنفيسة أيضاً قبيلة سكسيوة الموطنون بأمنع المعاقل من هذه الجبال يطل جبلهم على بسيط السوس من القبلة وعلى ساحل البحر المحيط من الغرب ولهم بمنعة معقلهم ذلك اعتزاز على أهل جلدتهم حسبما نذكره بعد. وكان لهؤلاء المصامدة صدر الإسلام بهذه الجبال عدد وقوة وطاعة للدين ومخالفة لإخوانهم برغواطة في نحلة كفرهم. وكان من مشاهيرهم كسير بن وسلاس بن شملال من أصادة وهو جد يحيى بن يحيى راوي الموطأ عن مالك. ودخل الأندلس وشهد الفتح مع طارق في آخرين من مشاهيرهم استقروا بالأندلس وكان لأعقابهم بها ذكر في دولة الأموية. وكذلك كان منهم قبل الإسلام ملوك وأمراء. ولهم مع لمتونة ملوك المغرب حروب وفتن سائر أيامهم حتى كان اجتماعهم على المهدي وقيامهم بدعوته فكانت لهم دولة عظيمة أدالت من لمتونة بالعدوتين ومن صنهاجة لإفريقية حسبما هو مشهور"[15]
13.المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الأول "قال الشريف محمد بن أسعد الجوّانيّ: دكالة من البربر بطن من المصامدة"
14.تاريخ ابن خلدون الجزء الثالث فصل الخبر عن غمارة
15.تاريخ ابن خلدون الجزء الثالث