أن التسول مرض إجتماعي يوقف النشاط الإقتصادي وأن العمل في الإسلام عبادة تستهدف حماية الفرد والمجتمعات من آفات البطالة ، و لنا في رسول الله اسوة حسنة و منهاج حياة ، فقد أرسى نبينا صلوات الله عليه قاعدة العمل وتصدى للتسول لأن العمل هو ركيزة الإنتاج والنهوض بالمجتمعات البشرية، حيث شرع النبي (صلى الله عليه وسلم) للأجيال المسلمة أن تخطط لمستقبل حياتها ، و ديننا الحنيف يدعو الى العمل ، و يعتبرالإحسان إلى ذوي الحاجات والبر فضيلة من أشرف فضائل الإنسانية التي تقرب الإنسان إلى الله تبارك وتعالى.
جاء فقير يسأل النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال له «أما لك مال؟» قال: لا، فأعاد عليه السؤال مؤكدا فقال: عندي «حلس» – أي سجادة – نجلس على بعضه ونتغطى ببعضه، وقدح نشرب به. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) «ائتني بهما» فجاء بهما فعرضهما رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على من كان عنده قائلا: «من يشتري مني هذين؟» إلى أن باعهما بدرهمين، فأعطاه إياهما وقـال «اشتر بأحدهما طعاما لعيالك واشتر بالآخر فأسا» وامره بأن يعود إليه فعاد إليه فوضع له خشبة في الفاس فقال «اذهب واحتطب ولا أرينك خمسة عشر يوما» فذهب ثم عاد إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد خمسة عشر يوما ومعه دراهم، فقال: يا رسول الله بارك الله في ما أمرتني به، فقال (صلى الله عليه وسلم) «هذا خير من أن تأتي يوم القيامة وفي وجهك نكتة المسألة» (رواه الترمذي).
وأول ما يلفت النظر في هذا المشهد الذي دار في العهد النبوي الشريف هو تكرار السؤال الذي وجهه الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى الرجل الفقير «أما لك مال؟» فما دام الإنسان قد استخلف في الأرض، وما دامت في جسده قوة تعينه على السعي في طلب الرزق فلابد أن يكون له بعض المال، فالرجل الفقير الذي تحرك لسانه بالسؤال في مجلس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يتمتع بصحة يجب أن يستثمرها في العمل والاكتساب من الرزق المستطاب، وقد أحس الرسول (صلى الله عليه وسلم) من هيئة الرجل أن مثله في صحته لابد أن يرتفع فوق السؤال.
غير طبيعي أن تبتذل طاقة الإنسان وتختزن في جسد خامل ويظل البيت خاويا خاليا من حاجاته الضرورية انتظارا لصدقة من هنا وهناك، فالتسول في هذه الحالة مأساة إنسان يبدد مع الأيام إنسانيته، ومع كل ما يأخذه – تسولا أو صدقة – تموت في صدره الحوافز الفردية نحو العمل نتيجة الارتزاق من التسول الذي لا يكلفه أكثر من كلمة استجداء. فلو ترك الإسلام لهذه الظاهرة أن تأخذ مجراها لتوقف النشاط الاقتصاي على قدر شيوع ذلك المرض الاجتماعي وهو الأمر الذي حدا به (صلى الله عليه وسلم) ليعالج الأمر على نحو يحقق للرجل الكسب الحلال، ثم يصون في الوقت نفسه كرامة الإنسان. من أجل ذلك طالبه النبي (صلى الله عليه وسلم) بإحضار ما تبقى في بيته رغم حاجته إليه. فالقضية قضية كرامة في المقام الأول، كرامة الرجل ذاتها، لقد كان من السهل استخراج الدرهمين ابتداء من جيب واحد فقط من الصحابة الحاضرين رضوان الله عليهم.
إن الخطة النبوية الشريفة تصر على أن يبدأ الرجل مشروعه التجاري برأسماله هو وهذا كسب كبير للرجل .. فبيع المتاح الضروري أمر ضروري مادام ذلك طريقا إلى المستقبل، يحافظ به الإنسان على كرامته. والجدير بالتأمل في هذا المجال أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) يتدخل طرفا في الموضوع في قوله فيما رواه الترمذي «من يشتري مني هذين؟» فالذي يبيع هو النبي (صلى الله عليه وسلم) لا الرجل الفقير، فيضفي على الأمر أهمية تدفع التسابق إلى خير ويرفع ذلك من معنويات الرجل الذي استبشر بوجوده كعضو في جماعة مشغولة ومسؤولة بمستقبله.
تتجلى عظمة الحاكم النبي (صلى الله عليه وسلم) الذي لا يفرض السلعة فرضا ولكنه يعرضها أمام اختيار الناس، ولو أنه فرضها فربما جاء ثمنها صدقة مقنعة. يا لها من عظمة تساند الفقير ولا تستذله. ويرسو المزاد على بعض الصحابة فيشتري المتاع بدرهمين، ووفق توجيه النبي (صلى الله عليه وسلم) يشتري الرجل بدرهم فأسا وبالآخر طعاما.
نقرا في هذا فكرة التخطيط للمستقبل ،ووضع أسس للحياة ومنهجية العمل الحلال والبعد عن سؤال الناس. وعلى هذا فإن الدولة تتدخل في الوقت المناسب لتعين الشباب على إيجاد فرص العمل. فقد أعطى الرسول (صلى الله عليه وسلم) للرجل خشبة الفأس رمزا لذلك العون من قبل الدولة. وتتيح للشباب دورا في إرساء دعائم مستقبله ليظل إحساسه بمسؤوليته حاضرا. وإنه لشعور طيب أن يتذكر الرجل أن فأسه – أي أداة عمله – من ماله الخاص وأن طعام أهل بيته وطعامه من جيبه وماله الخاص الذي توفر له بالعمل الحلال.
لم يترك النبي الكريم الرجل في تجربته وحيدا، فقد أمره بالسير في المشروع أولا، وجاء التوجيه النبوي الشريف «لا أرينك خمسة عشر يوما» فأراد النبي (صلى الله عليه وسلم) أن تسفر التجربة عن نتائجها، وعاد الرجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام ينهي إليه نجاح التجربة وما حقق من بركة حيث استجاب لتوجيه وأمر النبي (صلى الله عليه وسلم).
و بعد نجاح التجربة وتحصيل عائدها المادي والمعنوي يأتي دور الموعظة فيقول (صلى الله عليه وسلم) للرجل «هذا خير من أن تأتي يوم القيامة وفي وجهك نكتة المسألة»، لقد جاءت الموعظة بعد التجربة الناجحة فكان للموعظة أثر طيب لا يغيب عن الوعي أبدا.
ويورد في هذا المجال المثل الصيني القائل «بدل أن تعطيه سمكة علمه كيف يصطاد السمك» والهدف دائما هو تفضيل العمل والاحتراف على السؤال. والإسلام يرتفع بالعمل ليجعل منه عبادة يحمي الإنسان بها نفسه من ذل السؤال في الدنيا والهوان في الآخرة. يقول تعالى "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية "
اللهم ثبت قلوبنا على دينك و اهدنا و يسر امورنا و باعدنا على مالا يرضيك و قربنا مما يرضيك ، اللهم احفظ اولياء امورنا و يسر لهم اصلاح شؤوننا ، اللهم احفظ شباب امتنا لما فيه خير لهم .اللهم امين
نعم هو مرض اجتماعي اكثر منه حاجة
السلام عليكم ورحمة الله
نعم هو مرض اجتماعي و عادة سيئة تعودوا عليها
بارك الله فيك على الموضوع
المحتاج الحقيقي فعلا يستحي ان يطلب من الغير
لكن الانتهازين كثرو والله المستعان
بارك الله فيك اخي
مشكور اخي على المجهود وجزاك الله خيرا