إن أبسط احتكاك بالغير( لا أقول متى و أين ، ففي كل زمان وفي كل مكان ) يجعلك و في كثير من الأحيان تنطبع بانطباعات سلبية حول جدوى ما يصدر عن هذا الغير من سلوكات ، و ربما أصدرت أحكاما بقصد أو بغير قصد ، بوعي أو بغير وعي ، .. قائلا إن الأمر يتعلق بالقيم و الأخلاق …
و نحن في أيام ذكرى مولده عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام و هو القائل : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "لا نجد في هذه المناسبة أفضل من الحديث عن التربية الخلقية ، وضرورتها في البيت و في المدرسة.
في البداية كل التحية للذي فكر في التربية الأخلاقية و أقرها في مناهج التعليم الابتدائي بمنظومتنا التربوية ، و هو بدون شك يدرك الدور الفعال لهذا النشاط و الأهمية البالغة لما يرجى من هذا النشاط .
لكنني أتساءل عن كيفية إرساء موارد التربية الخلقية ؟ ، وعلى أيهما نركز على المعرفة ، السلوك، أم على المعارف السلوكية ؟ ، نظريا و بلغة المقاربة بالكفاءات نركز على الكل .
لكن الواقع غير منطبق مع هذه الحقيقة ، إذ يغيب الحامض الفعال كما سماه فيلسوف الإسلام محمد إقبال ، أو الإنزيم الضروري لتفاعل أقطاب العملية التعليمية التعلمية ( التلميذ ، المعلم ، المعرفة ) ففقدان الرابط بين البيداغوجبا و السيكولوجيا و الابستمولوجيا عند المعلم يفقد عوامل بناء التعلمات عند المتعلم ، والدليل و بعملية حسابية بسيطة توصلت إلى هذه النتيجة :-
إن تنشيط مقطع تعلمي (درس ، موضوع ، معنى ، قيمة..) واحد في التربية الخلقية يوميا تنجم عنه المجاميع التالية ، خمسة مقاطع في الأسبوع .. 5 (مقاطع x (28 (أسبوع)= 140 مقطعا تعلميا يأخذه التلميذ في السنة الدراسية الواحدة ومنه فإن 5 (سنوات دراسية x (140 (مقطعا تعلميا)= 700 مقطع تعلمي .
أليس العدد رهيبا ؟ أليست أرقامه كبيرة ؟ ، هذا بعيدا عن مناهج التربية الإسلامية و المدنية و التاريخ و اللغة العربية و غيرها من المناهج المقوية و المعززة لكل قيم التربية الخلقية..
لو أن التربية الخلقية قدمت في مدارسنا بالشكل المراد لها لأصبح المجتمع بعد سنوات قليلة مجتمع جمهورية أفلاطون المثلى ، أو مجتمع المدينة الفاضلة للفرابي ، أو قل المجتمع الرباني الذي يدعونا إليه ديننا الحنيف .
قناعتي في ذلك كله هو أن كثيرا من القيم و المعاني و المثل لا تستنفذ أغراضها ومبتغياتها لا بسبب المناهج و البرامج و المقررات بل بسبب طريقة تنفيذ هذه المناهج و البرامج و المقررات .
فيا قوم :
إن التربية الخلقية تدرس بالعين لا بالأذن.
إن التربية الخلقية تدرس بالفعل ، لا بالقول .
إن التربية الخلقية تدرس بالممارسة ، لا بالمعرفة.
إن التربية الخلقية تدرس بالسلوك و القدوة ، لا بغيرها من الأساليب .
أخي المعلم تذكر معي دوما :
فعل رجل في رجل خير من قول ألف رجل في رجل .
إذا جلست أنا من يقف .
بارك الله فيكم و جزاك عنا كل خير.
وانتم أيضا جزاكم الله ألف ألف خير على توفيركم هذا الفضاء الرائع الذي يرتاده حسب ما أعرف أغلب المعلمين و الأساتذة و أعضاء الأسرة التربوية
مشكور أخونا يوسف على تحملك عناء الاطلاع على كمثل هذا الموضوع.
جزاك الله خيرا وبورك فيك