تخطى إلى المحتوى

الالتزام الاخلاقي في التعلم والتعليم 2024.

الحمد لله رب العالمين ،و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين.
أما بعد….
أهمية الأخلاق لطالب العلم أهمية قصوى، بسبب طغيان الشهوات على المجال العلمي من حب الشهرة و الرئاسة، بحيث لم يعد الانحراف الأخلاقي محصورا في فئة محرومة أو أمية جاهلة بأحكام دينها ، بل قد تجاوز ذلك إلى النخبة العلمية فضلا عن بقية الناس.
فكان من أهم عوامل ظهور الاستبداد بالرأي، وحب الانفراد بالتأثير كخلق في طالب العلم مهما كان هذا الطالب، ومهما كانت منزلته في العلم، و مقامه في الدعوة إلى الله تعالى، بحيث صار الاستبداد بالرأي ـإعجاب كل ذي رأي برأيه ـ خلقا غالبا اكتسح الساحة العلمية، فتجلى في الاستهانة بالمخالف، و تسفيه رأيه، وعدم الدقة في التحليل، و إخراج الأحكام بدون تسبيب شرعي صحيح..
كذلك انتشار ظاهرة الكذب في العلم، و تكذيب المخالف بدون دليل، و استهجانه، و احتقاره، و الشعور الزائف باحتكار الحقيقة ، و ازدراء الناس، وغمط المخالف حقه، من أهم أسبابه ضعف الأخلاق بسبب ضعف الوازع الديني الحقيقي .
إن ثقافة وفكر النفعانية القائم على الشهوانية، و تركيز التفكير في الانتفاع الفردي و المصلحة الشخصية على حساب الصالح العام، كما هو الحال في منهج أبناء الدنيا أصبح فكرا شائعا متغلغلا في الناس، و أي ناس؟: في بعض أهل الدين!
و إذا ساء الخلق فسد العمل ،كما قال النبي صلى الله عليه و سلمالجيريا وإن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل) حديث حسن .
وعليه، فإن تنمية المبادئ الأخلاقية العلمية يعلم طالب العلم تعليق الحكم ،و تعليق العمل بسبب الشك في البعد الأخلاقي، فبدون أخلاق ربانية رأسها الإخلاص، وقلبها الصدق، يصير العلم غابة يسكنها أناس أجسادهم أجساد إنسية و أنفسهم أنفس بهيمية شيطانية،إما الحال حال إيماني، و القول قول شيطاني، و إما القول قول قرآني، و الحال شيطاني.
إن الإسلام يقوم في جوهره في جانبه السلوكي على الالتزام الأخلاقي، لا على الشرطة ـ جميع أنواع الشرطة ـ ولا على القمع المعنوي.
فالإيمان و ما ينتج عنه من أخلاق قلبية نفسية، و أخرى لسانية، هو الذي يدفع المسلم إلى التقيّد بفعل الواجب، وترك المحرم من تلقاء نفسه، لا خوفا من سطوة الدولة، ولا طمعا في ثواب الناس من الرياء و الجاه، بل خوف الله ،و رجاء ثوابه في الآخرة، وخوف تعيير الناس المؤمنين، و اجتناب لوم الضميرالحي هو الرقيب الوحيد على المسلم.
وعندما لا يقوم طالب العلم على الخوف من طائفته و أصحابه و شيوخه، بل على الخوف من الله يكون عبدا لله، اتخذ العلم وسيلة لطلب مرضاة الله، لا لنيل مأربا شهوانيا.
راقيا في سماء العبودية، يتقدم بأيسر الوسائل، و بأقل التكاليف، مستجيبا لأوامر الشريعة.
فعندما يدرك المسلم أنه مطالب بفعل واجباته الدينية كما شرعها الله، وبترك المحظورات، بحيث إذا تصرف خلاف ذلك شعر بالندم الشديد، و أصاب ضميره تأنيب حاد، يستدعي لديه قلقا بالتوبة و الإصلاح، يكون الدين قد وصل إلى مستواه الحقيقي كما أنزله الله، دين لا حرج فيه، لأنه نابع من أعماق النفس، اتحدت فيها إرادتها مع إرادة الخالق.
فعندما يرضى المسلم بدينه، و يجد لذة في القيام بمشاعره يصير هذا الدين مطلبا ضروريا لا تقوم النفس بدونه، وهذا معنى من معاني أن لا يكون فيه حرج.
فنحن نريد من خلال تطعيم المناهج العلمية بعنصر الالتزام الأخلاقي، أو بالتربية السلوكية أن نوجد العالم المطابق للتعريف الشرعي الرباني للعالم، فالعلم في كتاب الله و سنة نبيه يراد به نوعان:
الأول: العلم بالله تعالى، و بما هو متصف به من نعوت الجلال و الإكرام، و ما دلت عليه أسماؤه، فهذا العلم إذا رسخ في القلب أوجب خشية الله لا محالة، لذلك قال أهل العلم: الشعبي و ابن مسعود الجيريا العالم من يخشى الله ).
فمن عرف هذا العلم عرف أن الله يثيب على طاعته، و يعاقب على معصيته، فيدعوه ذلك للخشية و العمل.
الثاني: العلم بالأحكام الشرعية، كما قال النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيحالجيريا و الله إني لأخشاكم لله و أعلمكم بحدوده ) فجعل العلم بالله هو العلم بحدوده:أوامره ونواهيه.
و عليه، قال أبو حبان التيمي:
"العلماء ثلاثة: عالم بالله ليس عالما بأمر الله، وعالم بأمر الله ليس عالما بالله، و عالم بالله و بأمر الله، فالعالم بالله الذي يخشى الله، و العالم بأمر الله الذي يعرف الحلال و الحرام.
و إذا عرفت هذا عرفت سبب طغيان الهوى على بعض أهل العلم، و مجانبتهم الصواب و الحق، فإننا لم نجد من المراكز العلمية من أدخلت في مقرراتها تعليم مادة علم السلوك،أو أدب طالب العلم، مع أن المسلمين اجتهدوا فيه، و نبغوا و دونوه في كتبهم.
وهذا مرجعه خلفية فكرية فاسدة، سواء عند هذا أو ذاك، أقصد أن بعضهم قد جعله من اختصاص الزوايا تعلمه، و الآخر جعله من علوم الصوفية التي ابتدعوها، ولذلك لا يوجد في أكثر هذه المراكز تزاوج بين تدريس أصول الفقه و الفقه و علم الحديث و التفسير و علم السلوك.
ومعلوم أن علم السلوك هو الممثل الصحيح للتوحيد العملي الإرادي القلبي، أي بتعبيرنا المعاصر هو مصدر الالتزام الأخلاقي، ولذلك تخرّج هذه الجامعات مناظرين و مجادلين، لا تخرّج مربيين و مصلحين إلا في النادر، و بجهود طالب العلم الفردية.
إن التمسك بصحة الرأي، ورفض النقاش فيه المبني على التعصب و التقليد لا يوافق المنهج الرباني القائم على قاعدةالجيرياهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين).
فيجب التفريق بين الثقة بأصول ديننا، و ببشائره القائمة على الإيمان و العلم،و التصديق بالوعد، و بين الوثوقية القائمة على الهوى.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مختار الأخضر طيباوي

بارك الله فيك
الشيخ مختار مواضيعه تلامس الواقع وتعالجه
فجزاه الله خيرا

يعطيك العافية

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمدالسني الجيريا
بارك الله فيك
الشيخ مختار مواضيعه تلامس الواقع وتعالجه
فجزاه الله خيرا

بارك الله فيك وجزاك خيرا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غاوية كلام الجيريا
يعطيك العافية

الله يعافيك………………

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة باهي جمال الجيريا
الحمد لله رب العالمين ،و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين.
أما بعد….
أهمية الأخلاق لطالب العلم أهمية قصوى، بسبب طغيان الشهوات على المجال العلمي من حب الشهرة و الرئاسة، بحيث لم يعد الانحراف الأخلاقي محصورا في فئة محرومة أو أمية جاهلة بأحكام دينها ، بل قد تجاوز ذلك إلى النخبة العلمية فضلا عن بقية الناس.
فكان من أهم عوامل ظهور الاستبداد بالرأي، وحب الانفراد بالتأثير كخلق في طالب العلم مهما كان هذا الطالب، ومهما كانت منزلته في العلم، و مقامه في الدعوة إلى الله تعالى، بحيث صار الاستبداد بالرأي ـإعجاب كل ذي رأي برأيه ـ خلقا غالبا اكتسح الساحة العلمية، فتجلى في الاستهانة بالمخالف، و تسفيه رأيه، وعدم الدقة في التحليل، و إخراج الأحكام بدون تسبيب شرعي صحيح..
كذلك انتشار ظاهرة الكذب في العلم، و تكذيب المخالف بدون دليل، و استهجانه، و احتقاره، و الشعور الزائف باحتكار الحقيقة ، و ازدراء الناس، وغمط المخالف حقه، من أهم أسبابه ضعف الأخلاق بسبب ضعف الوازع الديني الحقيقي .
إن ثقافة وفكر النفعانية القائم على الشهوانية، و تركيز التفكير في الانتفاع الفردي و المصلحة الشخصية على حساب الصالح العام، كما هو الحال في منهج أبناء الدنيا أصبح فكرا شائعا متغلغلا في الناس، و أي ناس؟: في بعض أهل الدين!
و إذا ساء الخلق فسد العمل ،كما قال النبي صلى الله عليه و سلمالجيريا وإن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل) حديث حسن .
وعليه، فإن تنمية المبادئ الأخلاقية العلمية يعلم طالب العلم تعليق الحكم ،و تعليق العمل بسبب الشك في البعد الأخلاقي، فبدون أخلاق ربانية رأسها الإخلاص، وقلبها الصدق، يصير العلم غابة يسكنها أناس أجسادهم أجساد إنسية و أنفسهم أنفس بهيمية شيطانية،إما الحال حال إيماني، و القول قول شيطاني، و إما القول قول قرآني، و الحال شيطاني.
إن الإسلام يقوم في جوهره في جانبه السلوكي على الالتزام الأخلاقي، لا على الشرطة ـ جميع أنواع الشرطة ـ ولا على القمع المعنوي.
فالإيمان و ما ينتج عنه من أخلاق قلبية نفسية، و أخرى لسانية، هو الذي يدفع المسلم إلى التقيّد بفعل الواجب، وترك المحرم من تلقاء نفسه، لا خوفا من سطوة الدولة، ولا طمعا في ثواب الناس من الرياء و الجاه، بل خوف الله ،و رجاء ثوابه في الآخرة، وخوف تعيير الناس المؤمنين، و اجتناب لوم الضميرالحي هو الرقيب الوحيد على المسلم.
وعندما لا يقوم طالب العلم على الخوف من طائفته و أصحابه و شيوخه، بل على الخوف من الله يكون عبدا لله، اتخذ العلم وسيلة لطلب مرضاة الله، لا لنيل مأربا شهوانيا.
راقيا في سماء العبودية، يتقدم بأيسر الوسائل، و بأقل التكاليف، مستجيبا لأوامر الشريعة.
فعندما يدرك المسلم أنه مطالب بفعل واجباته الدينية كما شرعها الله، وبترك المحظورات، بحيث إذا تصرف خلاف ذلك شعر بالندم الشديد، و أصاب ضميره تأنيب حاد، يستدعي لديه قلقا بالتوبة و الإصلاح، يكون الدين قد وصل إلى مستواه الحقيقي كما أنزله الله، دين لا حرج فيه، لأنه نابع من أعماق النفس، اتحدت فيها إرادتها مع إرادة الخالق.
فعندما يرضى المسلم بدينه، و يجد لذة في القيام بمشاعره يصير هذا الدين مطلبا ضروريا لا تقوم النفس بدونه، وهذا معنى من معاني أن لا يكون فيه حرج.
فنحن نريد من خلال تطعيم المناهج العلمية بعنصر الالتزام الأخلاقي، أو بالتربية السلوكية أن نوجد العالم المطابق شقق للبيع للتعريف الشرعي الرباني للعالم، فالعلم في كتاب الله و سنة نبيه يراد به نوعان:
الأول: العلم بالله تعالى، و بما هو متصف به من نعوت الجلال و الإكرام، و ما دلت عليه أسماؤه، فهذا العلم إذا رسخ في القلب أوجب خشية الله لا محالة، لذلك قال أهل العلم: الشعبي و ابن مسعود الجيريا العالم من يخشى الله ).
فمن عرف هذا العلم عرف أن الله يثيب على طاعته، و يعاقب على معصيته، فيدعوه ذلك للخشية و العمل.
الثاني: العلم بالأحكام الشرعية، كما قال النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيحالجيريا و الله إني لأخشاكم لله و أعلمكم بحدوده ) فجعل العلم بالله هو العلم بحدوده:أوامره ونواهيه.
و عليه، قال أبو حبان التيمي:
"العلماء ثلاثة: عالم بالله ليس عالما بأمر الله، وعالم بأمر الله ليس عالما بالله، و عالم بالله و بأمر الله، فالعالم بالله الذي يخشى الله، و العالم بأمر الله الذي يعرف الحلال و الحرام.
و إذا عرفت هذا عرفت سبب طغيان الهوى على بعض أهل العلم، و مجانبتهم الصواب و الحق، فإننا لم نجد من المراكز العلمية من أدخلت في مقرراتها تعليم مادة علم السلوك،أو أدب طالب العلم، مع أن المسلمين اجتهدوا فيه، و نبغوا و دونوه في كتبهم.
وهذا مرجعه خلفية فكرية فاسدة، سواء عند هذا أو ذاك، أقصد أن بعضهم قد جعله من اختصاص الزوايا تعلمه، و الآخر جعله من علوم الصوفية التي ابتدعوها، ولذلك لا يوجد في أكثر هذه المراكز تزاوج بين تدريس أصول الفقه و الفقه و علم الحديث و التفسير و علم السلوك.
ومعلوم أن علم السلوك هو الممثل الصحيح للتوحيد العملي الإرادي القلبي، أي بتعبيرنا المعاصر هو مصدر الالتزام الأخلاقي، ولذلك تخرّج هذه الجامعات مناظرين و مجادلين، لا تخرّج مربيين و مصلحين إلا في النادر، و بجهود طالب العلم الفردية.
إن التمسك بصحة الرأي، ورفض النقاش فيه المبني على التعصب و التقليد لا يوافق المنهج الرباني القائم على قاعدةالجيرياهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين).
فيجب التفريق بين الثقة بأصول ديننا، و ببشائره القائمة على الإيمان و العلم،و التصديق بالوعد، و بين الوثوقية القائمة على الهوى.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مختار الأخضر طيباوي


الله يجزاك خير على المشاركة الطيبة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة subete الجيريا

الله يجزاك خير على المشاركة الطيبة

بارك الله فيك ونفعنا واياك باقوال العلماء المنصفين

بورك فيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بثينة الماسة الجيريا
بورك فيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكم

وفيك بارك الله

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة باهي جمال الجيريا
الحمد لله رب العالمين ،و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين.
أما بعد….
أهمية الأخلاق لطالب العلم أهمية قصوى، بسبب طغيان الشهوات على المجال العلمي من حب الشهرة و الرئاسة، بحيث لم يعد الانحراف الأخلاقي محصورا في فئة محرومة أو أمية جاهلة بأحكام دينها ، بل قد تجاوز ذلك إلى النخبة العلمية فضلا عن بقية الناس.
فكان من أهم عوامل ظهور الاستبداد بالرأي، وحب الانفراد بالتأثير كخلق في طالب العلم مهما كان هذا الطالب، ومهما كانت منزلته في العلم، و مقامه في الدعوة إلى الله تعالى، بحيث صار الاستبداد بالرأي ـإعجاب كل ذي رأي برأيه ـ خلقا غالبا اكتسح الساحة العلمية، فتجلى في الاستهانة بالمخالف، و تسفيه رأيه، وعدم الدقة في التحليل، و إخراج الأحكام بدون تسبيب شرعي صحيح..
كذلك انتشار ظاهرة الكذب في العلم، و تكذيب المخالف بدون دليل، و استهجانه، و احتقاره، و الشعور الزائف باحتكار الحقيقة ، و ازدراء الناس، وغمط المخالف حقه، من أهم أسبابه ضعف الأخلاق بسبب ضعف الوازع الديني الحقيقي .
إن ثقافة وفكر النفعانية القائم على الشهوانية، و تركيز التفكير في الانتفاع الفردي و المصلحة الشخصية على حساب الصالح العام، كما هو الحال في منهج أبناء الدنيا أصبح فكرا شائعا متغلغلا في الناس، و أي ناس؟: في بعض أهل الدين!
و إذا ساء الخلق فسد العمل ،كما قال النبي صلى الله عليه و سلمالجيريا وإن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل) حديث حسن .
وعليه، فإن تنمية المبادئ الأخلاقية العلمية يعلم طالب العلم تعليق الحكم ،و تعليق العمل بسبب الشك في البعد الأخلاقي، فبدون أخلاق ربانية رأسها الإخلاص، وقلبها الصدق، يصير العلم غابة يسكنها أناس أجسادهم أجساد إنسية و أنفسهم أنفس بهيمية شيطانية،إما الحال حال إيماني، و القول قول شيطاني، و إما القول قول قرآني، و الحال شيطاني.
إن الإسلام يقوم في جوهره في جانبه السلوكي على الالتزام الأخلاقي، لا على الشرطة ـ جميع أنواع الشرطة ـ ولا على القمع المعنوي.
فالإيمان و ما ينتج عنه من أخلاق قلبية نفسية، و أخرى لسانية، هو الذي يدفع المسلم إلى التقيّد بفعل الواجب، شقق للايجار بمصر الجديدة وترك المحرم من تلقاء نفسه، لا خوفا من سطوة الدولة، ولا طمعا في ثواب الناس من الرياء و الجاه، بل خوف الله ،و رجاء ثوابه في الآخرة، وخوف تعيير الناس المؤمنين، و اجتناب لوم الضميرالحي هو الرقيب الوحيد على المسلم.
وعندما لا يقوم طالب العلم على الخوف من طائفته و أصحابه و شيوخه، بل على الخوف من الله يكون عبدا لله، اتخذ العلم وسيلة لطلب مرضاة الله، لا لنيل مأربا شهوانيا.
راقيا في سماء العبودية، يتقدم بأيسر الوسائل، و بأقل التكاليف، مستجيبا لأوامر الشريعة.
فعندما يدرك المسلم أنه مطالب بفعل واجباته الدينية كما شرعها الله، وبترك المحظورات، بحيث إذا تصرف خلاف ذلك شعر بالندم الشديد، و أصاب ضميره تأنيب حاد، يستدعي لديه قلقا بالتوبة و الإصلاح، يكون الدين قد وصل إلى مستواه الحقيقي كما أنزله الله، دين لا حرج فيه، لأنه نابع من أعماق النفس، اتحدت فيها إرادتها مع إرادة الخالق.
فعندما يرضى المسلم بدينه، و يجد لذة في القيام بمشاعره يصير هذا الدين مطلبا ضروريا لا تقوم النفس بدونه، وهذا معنى من معاني أن لا يكون فيه حرج.
فنحن نريد من خلال تطعيم المناهج العلمية بعنصر الالتزام الأخلاقي، أو بالتربية السلوكية أن نوجد العالم المطابق للتعريف الشرعي الرباني للعالم، فالعلم في كتاب الله و سنة نبيه يراد به نوعان:
الأول: العلم بالله تعالى، و بما هو متصف به من نعوت الجلال و الإكرام، و ما دلت عليه أسماؤه، فهذا العلم إذا رسخ في القلب أوجب خشية الله لا محالة، لذلك قال أهل العلم: الشعبي و ابن مسعود الجيريا العالم من يخشى الله ).
فمن عرف هذا العلم عرف أن الله يثيب على طاعته، و يعاقب على معصيته، فيدعوه ذلك للخشية و العمل.
الثاني: العلم بالأحكام الشرعية، كما قال النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيحالجيريا و الله إني لأخشاكم لله و أعلمكم بحدوده ) فجعل العلم بالله هو العلم بحدوده:أوامره ونواهيه.
و عليه، قال أبو حبان التيمي:
"العلماء ثلاثة: عالم بالله ليس عالما بأمر الله، وعالم بأمر الله ليس عالما بالله، و عالم بالله و بأمر الله، فالعالم بالله الذي يخشى الله، و العالم بأمر الله الذي يعرف الحلال و الحرام.
و إذا عرفت هذا عرفت سبب طغيان الهوى على بعض أهل العلم، و مجانبتهم الصواب و الحق، فإننا لم نجد من المراكز العلمية من أدخلت في مقرراتها تعليم مادة علم السلوك،أو أدب طالب العلم، مع أن المسلمين اجتهدوا فيه، و نبغوا و دونوه في كتبهم.
وهذا مرجعه خلفية فكرية فاسدة، سواء عند هذا أو ذاك، أقصد أن بعضهم قد جعله من اختصاص الزوايا تعلمه، و الآخر جعله من علوم الصوفية التي ابتدعوها، ولذلك لا يوجد في أكثر هذه المراكز تزاوج بين تدريس أصول الفقه و الفقه و علم الحديث و التفسير و علم السلوك.
ومعلوم أن علم السلوك هو الممثل الصحيح للتوحيد العملي الإرادي القلبي، أي بتعبيرنا المعاصر هو مصدر الالتزام الأخلاقي، ولذلك تخرّج هذه الجامعات مناظرين و مجادلين، لا تخرّج مربيين و مصلحين إلا في النادر، و بجهود طالب العلم الفردية.
إن التمسك بصحة الرأي، ورفض النقاش فيه المبني على التعصب و التقليد لا يوافق المنهج الرباني القائم على قاعدةالجيرياهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين).
فيجب التفريق بين الثقة بأصول ديننا، و ببشائره القائمة على الإيمان و العلم،و التصديق بالوعد، و بين الوثوقية القائمة على الهوى.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مختار الأخضر طيباوي

جزاك الله كل خير
شكرا على المشاركة الطيبة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Subete الجيريا
جزاك الله كل خير
شكرا على المشاركة الطيبة

الله يبارك فيك

بارك الله فيك
حفظ الله الشيخ مختار الطيباوي


بارك الله فيك وجزاك الله خير الجزاء إن شاء الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.