تخطى إلى المحتوى

الإخلاص من ثمرات الصّيام 2024.

إنّ رمضان عند المؤمنين هو شهر الإخلاص في العبادة، والاحتساب بالطّاعة لوجه الله عزّ وجلّ، الّذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور.. وكم هو صبر ومجاهدة وكم هو صبر ومراقبة…
فرمضان هو شهر الثورة الرّوحية والحسية فيه تتبدّل الأحوال وتتغيّر الأوضاع، فمن امتلاء إلى خلاء ومن ري إلى ظمأ، ومن انطلاق مع الرّغبات إلى تقييد وحرمان، ومن غفلة ولهو إلى ذِكر وترتيل.
وكأنّ الصّوم قانون إلهي للبطن والشّهوات، وقائد للنّفس يَحكمها من الدّاخل لا من الخارج، فما أكثر الّذين يخضعون لقوانين الأرض من الظّاهر ويفسدون مقاصدها من وراء ستار. وأمّا قانون الصّيام فإنّ سلطانه ينبع من أعماق النّفس وأغوار الضّمير. ولذلك كان الصّوم سرًّا مودعًا في أمانة المؤمن لا يطّلع على حقيقته وصحّته، إلاّ مَن يعلم طوايا النّفوس وخفايا الضّمائر، ومن هنا جاء في الحديث القدسي الّذي أخرجه البخاري ومسلم: “كلّ عمل ابن آدم له إلاّ الصّوم فإنّه لي وأنا أجْزي به، يَدَع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي”.
والنّفس البشرية قد توضع لها القوانين البشرية لتحكمها وتزجرها، وقد تبدو النّفس راضية بهذه القوانين، ولكنّها تضيق بها إذا وقعت تحت طائلة عقابها الرّادع. ولكن الصّوم هو القانون الإلهي الدّاخلي الرّوحي الّذي يسيطر على أعماق النّفس وخفاياها، فيقودها طواعية واختيارًا، ومتى استطاع الإنسان أن يملك زمام نفسه من الدّاخل بقوّة اليقين والإيمان والامتثال لله جلّ جلاله الّذي يعبده الإنسان ويقدّسه فقد تحكم في أسباب نفسه واستطاع أن يقودها إلى حيث يريد من مواطن الطّاعة والإخلاص في عمل الخير والبرّ لأنّه ليس عبد لأيّة قوّة في الأرض ولكنّه عبد لله وحده، وهذه نهاية العزّة والقوّة للإنسان. –

منقول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.