تخطى إلى المحتوى

اجماع العلماء على الهجر والتحذير من أهل الأهواء -لفضيلة العلامة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي 2024.

اجماع العلماء على الهجر والتحذير من أهل الأهواء -لفضيلة العلامة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.

أما بعد:

فإن الله ابتعث محمداً -صلّى الله عليه وسلّم- بالهدى ودين الحق، فأخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور: ظلمات الجهل والشرك والهوى، فما مات رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حتى أكمل الله به الدين وأتم به النعمة على هذه الأمّة التي هي خير أمة أخرجت للناس؛ تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ولقد تركها على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

وكم ترك لهذه الأمّة من الضمانات من الضلال لمن وفقه الله ووفقه لفهم كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ووفقه لفهم السنّة التي هي البيان والتوضيح لما اشتبه أو أجمل من الكتاب كما قال تعالى:{وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزّل إليهم}.

ووُفّق للاعتصام بهما و العضّ عليهما بالنواجذ.

ووُفّق للسير على منهج السلف عقيدةً وفقهاً وأخلاقاً وحَذِر من البدع وحذّر منها بعد معرفة خطورتها على هذه الأمّة وبَعُدَ وعيه للنصوص القرآنية والنبوية التي تحذر من شرها وخطرها؛ مثل قول الله تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله}، ومثل ذمّه تعالى لأهل الزيغ بقوله تعالى: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هنّ أم الكتاب وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغٌ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغـاء تأويلـه وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنـا به كل من عنـد ربنا وما يذكر إلا أولو الألبـاب}، تلا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هذه الآيات ثم قال: –الجيريا( فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منـه، فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)).

فبيّن الله سوء مقاصدهم وأنّهم يتبعون المتشابه لهدف خبيث وهو ابتغاء فتنة الناس وإضلالهم.

وحذّر رسول الله منهم بعد أن بيّن علامتهم وهي اتباع المتشابه.

وكما دلّ الكتاب والسنّة على شناعة البدع وشرها وقبحها؛ أجمع المسلمون على اختلاف اتجاهاتهم وطوائفهم على محاربتها وأهلها، وإن اختلطت الأمور على كثير منهم فوقعوا في البدع يظنونها من الهدى الذي جاء به محمد -صلّى الله عليه وسلّم-.

ولذا ألّف النّاس على اختلاف مشاربهم كتباً في محاربة البدع وعلى رأسهم أئمة السنّة، وشحنوا كتب السنّة والعقائد بتقبيح البدع والتحذير منها.

وتنوعت هذه المؤلفات في ذلك:

فمنها: ما يركّز على التأصيل لدحض البدع.

ومنها: ما يسرد الحوادث سرداً.

ومنها: ما يجمع النوعين.

ونفع الله بهذه الجهود نفعاً عظيماً.

وفي هذا العصر رافق البدع أساليب مبتكرة وأمور لم تعهد في العصور السالفة:

1- منها: أن أهل البدع بأصنافهم كانوا ينحازون ويتميزون عن أهل السنة فيخف شرّهم وضررهم نسبياً، أما في هذا العصر فقد استطاع أهل البدع بكيدهم ومكرهم ودهائهم أن يتخللوا صفوف أهل السنة بل ويندمجوا في أوساطهم مما كان له الآثار السيئة الكبيرة ولا سيما في شباب الأمة ومثقفيهم، ولا سيما في الجامعات والجوامع بل والبيوت بل والأسواق.

2- ومنها: اختراع طرق ومناهج وقواعد للبس الحق بالباطل بل ليدحضوا بها الحق ويدحروا به أهله، وليرفعوا من شأن الأهواء وأهلها.

ومن تلكم المناهج:

أ- منهج الموازنات الذي يسمونه بالإنصاف والعدل لحماية البدع وأهلها ولمقاومة المنهج السلفي الذي ينصح للإسلام والمسلمين ويحميهم من الأباطيل والضلال والمبطلين والمضلين.

ب- ومنها: ما يسمى بفقه الواقع للإعلاء من شأن أهل الباطل وإسقاط علماء السنة والحق بعد تشويههم وحرمانهم من العدل المزعوم.

ولقد وفّق الله الأخ خالد بن ضحوي الظفيري الطالب بقسم العقيدة في الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية لاختيار جانب مهم جداً من جوانب حماية الأمة وعقائدها ومناهجها الصحيحة وليكون سداً منيعاً في وجه أهل الضلال والباطل.

كما كان سدّاً منيعاً لأسلاف خيار هذه الأمة فعاش غالبية المسلمين في أمن واطمئنان من غوائل أهل البدع ومكايدهم.

قام الأخ خالد بتأليف وتنضيد كتابه القيّم الموسوم بـ (إجماع العلماء على الهجر والتحذير من أهل الأهواء) جمع فيه ما تفرق في شتى المصادر السلفية من أقوال أئمة الإسلام وسادتها ونبلائها في بيان خطر البدع والتحذير منها ومن أهلها والدعوة إلى مقاطعتهم وهجرانهم تلك الأقوال العظيمة التي استفادت الأمة منها حين كان لمعظمها عقول واعية وآذان صاغية.

ونرجو لشباب الأمة في هذا العصر أن يتخلص من قبضة أهل الأهواء الحديدية التي صفدوا بها أرجل شباب المسلمين أن يهرع إلى الحق وغلوا أعناقهم وقفلوا أعينهم لكي لا تبصر الحق ولا ترى سبيل الرشاد نرجو له الخلاص من هذه الدوامة المهلكة والحال الزرية، ونسأل الله تعالى أن يتحقق ذلك.

هذا وقد قام المؤلف بتقسيم كتابه إلى:

مقدمة: بيّن فيها أهمية طاعة الله ورسوله والاعتصام بالكتاب والسنة والأدلة على ذلك.

ثمّ أتبعها بأربعة فصول:

الفصل الأول: تحذير أهل السنّة من البدع وأهلها.

ذكر فيه خطر البدعة وتحذير الشارع منها، وتحذير السلف من أهل البدع والأمر بهجرانهم واجتنابهم.

ثم ردّ على شبهة من يقول: حذّر من البدعة واترك المبتدعة، أو حذّر من الفكر واترك الذات.

الفصل الثاني: الشدّة على أهل البدعة منقبة وليست مذمّة.

ذكر فيه من قيل فيه من السلف كان شديداً في السنّة أو شديداً على أهل البدع والأهواء، وذلك رداً على من يأمر بموادعة أهل البدع أو من وصم السلفيين بالشدّة عليهم، وذكر فيه أكثر من أربعين أنموذجاً على ذلك.

هذا مع العلم أن أهل البدع يطلقون وصف الشدة على من ليس كذلك لقصد التنفير منه ومن الحق الذي يدعوا إليه ويذبّ عنه.

الفصل الثالث: منهج أهل السنة في معاملة كتب أهل البدع.

ذكر فيه عدداً من أقوال أهل العلم في التحذير من كتب أهل البدع وتحريم النظر فيها إلا لمن أراد أن يرد عليها، ثم ذكر نقولات عن السلف في وجوب إتلافها وعدم الضمان على ذلك.

الفصل الرابع: إجماع العلماء على هجر أهل البدع والأهواء.

خصص هذا الفصل لذكر من نقل الأجماع عن السلف في وجوب هجر أهل البدع والتحذير منهم، ورتّبهم على الوفيات فكانوا ثلاثين عـالمــاً.

ثم ختم ذلك بنقل فتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في ضوابط هجر أهل البدع، ضمنها تعليقات مفيدة.

وفقه الله وسدّد خطاه ونفع المسلمين بهذا الجهد المبارك، إن ربنا لسميع الدعاء.

كتبه

الفقير إلى رحمة ربه وغفرانه

ربيع بن هادي عمير المدخلي

جزاك الله خيرا أخي الفاضل ونفع بما قدمت…
كتاب اجماع العلماء على الهجر والتحذير من أهل الأهواء من أجمل ما قرأت …فهو مكتوب بطريقة ميسرة … وفيه شرح كافي …
وقد وضعت مشاركة سابقة عنه وهذا رابط الكتاب:
https://www.box.net/shared/j5besezx0j

جزاك الله خيرا اخي ونفع بك
قال الإمام أبو محمد البربهاري – رحمه الله تعالى – في « شرح السُّنَّة » : « فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجَلَنَّ ولا تَدخُلَنَّ في شيء منه حتى تسأل وتنظر, هل تكلم فيه أحدٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من العلماء؟, فإن أصبت فيه أثرًا عنهم فتمسك به ولا تجاوزه لشيء ولا تختر عليه شيئًا فتسقط في النار »
هذا مما ضيعه الكثير من الناس اليوم بل حتى من يدعي السلفية والله المستعان

بارك الله فيك .

جزاكم الله كل خير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.