"فيه الإخلاصُ؛ فإنَّ كثيرًا من الناس إنَّما يدعو إلى نفسه، ولا يدعو إلى الله عز وجل"
من فتاوى الشيخ رحمه الله
rightttttttttttttttttttttttttttttttttttttttttttttt tttttttttttttttttttttttttt
قال الله تعالى :﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ﴾
ملاحظة الإخلاص لقوله : يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ لا إلى أنفسهم لأن بعض الناس يدعو إلى نفسه ، وبعض الناس يدعو إلى الخير ، وعلامة الداعي إلى نفسه أنه لا يريد من الناس أن يخالفوه ولو كان على خطأ ، وهذا لا شك أنه داعٍ إلى نفسه . ثانياً : من علامة ذلك أنه يكره أن يقوم غيره بذلك أي بالدعوة إلى الخير يريد أن يستبد به من بين سائر الناس ، هذا أيضاً داعٍ إلى نفسه ليصرف وجوه الناس إليه ، نسأل الله الحماية والعافية . أما إذا كان يود أن يقوم هو بالأمر لينال الأجر لا ليحرم غيره أو ليصرف الناس إلى نفسه فهذا ليس عليه شيء ، يعني كل واحد يحب أن يكون داعية إلى الخير . اهـ
( باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله )
فيه مسائل :
الثانية : التَّنبيهُ على الإخلاصِ ؛ لأنَّ كثيرًا من الناس لو دعا إلى الحقِّ ، فهو يدعو إلى نفسه .
قال العلاّمة العثيمين شارحاً :
الثانية : التنبيه على الإخلاص: وتؤخذ من قوله : " أدعو إلى الله " ولهذا قال : " لأن كثيراً من الناس لو دعا إلى الحق ، فهو يدعو إلى نفسه " فالذي يدعو إلى الله هو الذي لا يريد إلا أن يقوم دين الله ، والذي يدعو إلى نفسه هو الذي يريد أن يكون قوله هو المقبول ، حقاً كان أم باطلاً .اهـ
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله ورفع درجته في عليين – :
ومن المعلوم أن الإنسان المؤمن يحزن إذا لم يستجب الناس للحق ، لكنَّ الحازنَ إذا لم يقبل الناس الحق على نوعين :
1- نوع يحزن لأنه لم يُقبل .
2- ونوع يحزن لأن الحق لم يُقبل .
والثاني هو الممدوح لأن الأول إذا دعا فإنما يدعو لنفسه ، والثاني إذا دعا فإنما يدعو إلى الله عزّوجل ، ولهذا قال تعالى : ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ ﴾
لكن إذا قال الإنسان أنا أحزن ؛ لأنه لم يُقبل قولي ؛ لأنه الحق ولذلك لو تبين لي الحق على خلاف قولي أخذت به فهل يكون محمودًا أو يكون غير محمود ؟
الجواب : يكون محموداً لكنه ليس كالآخر الذي ليس له همٌ إلا قَبول الحق سواء جاء من قِبَلهِ أو جاء من قِبَل غيره . اهـ( تفسير سورة الكهف 16 -17 )
منقول للفائدة
قال ابن الجوزي – رحمه الله تعالى – :
وقد لبّس إبليسُ على الكاملين في العلوم ، فيسهرون ليلهم ويدأبون نهارهم في تصانيف العلوم ، ويريهم إبليس أنّ المقصود نشر الدين ، ويكون مقصودهم الباطن انتشار الذكر وعلو الصيت ، والرياسة ، وطلب الرحلة من الآفاق إلى المصنف . وينكشف هذا التلبيس ، بأنه لو انتفع بمصنفاته الناس ، من غير تردد[ إليه ] ، أو قُرِئت على نظيره في العلمِ ، فرح بذلك إن كان مراده نشر العلم ، وقد قال بعض السلف : ما من علمٍ عَلَّمْتهُ إلا أحببت أن يستفيده الناس من غير أن ينسب إليَّ .
ومنهم من يفرح بكثرة الأتباع ، ويلبّس عليه إبليس بأن هذا الفرح لكثرة طلاب العلم ، وإنما مراده كثرة الأصحاب واستطارة الذكر ، ومِنْ ذلك العُجب بكلماتهم وعلمهم ، وينكشف هذا التلبيس بأنه لو انقطع بعضهم إلى غيره ممن هو أعلمُ منه ثَقُلَ ذلك عليه وما هذه صفة المخلص في التعليم ! لأن مَثَلَ المخلص مثل الأطباء الذين يداوون المرضى لله سبحانه وتعالى ، فإذا شفي بعض المرضى على يد طبيبٍ منهم فرح الآخر ؛ وقد ذكرنا آنفًا حديث ابن أبي ليلى ونعيده بإسناد آخر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : أدركت عشرين ومائة من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – من الأنصار ما منهم رجل يسأل عن شيء إلا وَدَّ أن أخاه كفاه ، ولا يحدث بحديثٍ إلا وَدَّ أن أخاه كفاه .اهـ
( تلبيس إبليس ) ص 159-160
وقال أيضًا :
و إني تدبرت أحوال أكثر العلماء والمتزهدين ، فرأيتهم في عقوباتٍ لا يحسون بها ، ومعظمها من قبل طلبهم للرياسة .
فالعالم منهم يغضب إن رُدَّ عليه خطؤه ، والواعظ مُتْصَنعٌ بوعظه ، و المتزهد منافق أو مُراء .
فأول عقوباتهم : إعراضهم عن الحق شغلاً بالخلق .
و من خَفِيِّ عقوباتهم : سلب حلاوة المناجاة ، ولذَّة التعبُّد ؛ إلا رجال مؤمنون ، ونساء مؤمنات ، يحفظ الله بهم الأرض ، بواطنهم كظواهرهم ، بل أجلى ! وسرائرهم كعلانيتهم ، بل أحلى ! وهِمَمُهُم عند الثريا بل أعلى .
إن عُرِفوا تنكّروا ، وإن رُئيت لهم كرامة أنكروا .
فالناس في غَفَلاتهم ، وهم في قَطْعِ فَلاَتهم ، تحبهم بقاع الأرض ، وتفرح بهم أملاك السماء . اهـ (صيد الخاطر ) ص 49
قال شيخ الإسلام أبو العبّاس ابن تيمية – رحمه الله ورفع درجته -:كما أن كثيرًا من طلبةِ العلمِ ليس مقصودهم به [ أي العلم ] إلا تحصيلَ رياسةٍ أو مالٍ ، ولكل امرىٍء ما نوى .
وأما أهل العلمِ والدينِ الذين هم أهلهُ ، فهو مقصود عندهم لمنفعتهِ لهم ، وحاجتهم إليه في الدنيا والآخرة . كما قال معاذ بن جبل في صفة العلم : إنَّ طَلَبَهُ لله عبادة ، ومذكراته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة ، به يُعرف الله ويعبدونه ، ويمجّد الله ويوحّد .ولهذا تجد أهل الانتفاع به يزكّون به نفوسهم ، ويقصدون فيه اتّباع الحق لا اتباع الهوى ، ويسلكون فيه سبيل العدل والإنصاف ، ويحبّونه ويلتذون به ، ويحبون كثرته وكثرة أهله ، وتنبعث هممهم على العمل به وبموجبه ومقتضاه ، بخلاف من لم يذق حلاوته وليس مقصوده إلا مالاً أو رياسة ، فإن ذلك لو حصل له بطريق آخر سلكه ، وربما رجّحه إذا كان أسهل عليه . اهـ
منهاج السنة 8 /209-21منتدى المحجّة
مشكووووووووووووووووووووووور
قال بديل العقيلي –رحمه الله-:
«من أراد بعلمه وجه الله أقبل الله عليه بوجهه، وأقبل بقلوب العباد إليه، ومن عمل لغير الله تعالى صرف عنه وجهه، وصرف بقلوب العباد عنه»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
فإن الداعية إلى السنة يحتاج إلى مجاهدة نفسه وأطرها على الحق أطرا قال تعالى ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) وقال ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
وبين أن الفلاح في خلاف هوى النفس كما قال تعالى ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى . فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) وحذر ربنا نبيه داود – عليه السلام – من الهوى فقال ( يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) .
وإن كثيرا من الداعين إلى الله يفسد عليهم الشيطان دعوتهم ونيتهم ويجعلها دعوة إلى النفس وإلى الرئاسة بدلا من الدعوة إلى الله وإلى إعلاء كلمته ودينه .
وكتب الإمام سفيان الثوري: الزهد في الرياسة أشد من الزهد في الدنيا . ( الجرح والتعديل(1/90) )
وقال يوسف بن أسباط: قال سفيان: ما رأينا الزهد في شيء أقل منه فيالرياسة، ترى الرجل يزهد في المال والثياب والمطعم، فإذا نوزع في الرياسة حامى عليها وعادى . ( الورع لابن حنبل ص96 وحلية الأولياء(7/39))
قال الإمام أحمد: قال: سفيان حب الرياسةأعجب إلى الرجل من الذهب والفضة، ومن أحب الرياسةطلب عيوب الناس أو عاب الناس أو نحو هذا. (طبقات الحنابلة(2/14))
ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام عظيم في هذا ، قال – رحمه الله – كما في " مجموع الفتاوى " (20/142): ولا ريب أن الحرص والرغبة في الحياة الدنيا، وفي الدار الدنيا من المال والسلطان مضر، كما روى الترمذي عن كعب بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما ذئبان جائعان أرسلا في زريبة غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه " قال الترمذى: حديث حسن صحيح . فذم النبي صلى الله عليه وسلم الحرص على المال والشرف، وهو الرياسة والسلطان، وأخبر أن ذلك يفسد الدين مثل أو فوق إفساد الذئبين الجائعين لزريبة الغنم .
وهذا دليل على أن هذا الحرص إنما ذم؛ لأنه يفسد الدين الذي هو الإيمان والعمل الصالح، فكان ترك هذا الحرص لصالح العمل، وهذان هما المذكوران في قوله تعالى ( مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ . هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ) وهما اللذان ذكرهما الله في سورة القصص حيث افتتحها بأمر فرعون، وذكر علوه فى الأرض، وهو الرياسة والشرف والسلطان، ثم ذكر في آخرها قارون وما أوتيه من الأموال وذكر عاقبة سلطان هذا وعاقبة مال هذا، ثم قال (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ )كحال فرعون وقارون؛ فإن جمع الأموال من غير إنفاقها في مواضعها المأمور بها وأخذها من غير وجهها هو من نوع الفساد .
وكذلك الإنسان إذا اختار السلطان لنفسه بغير العدل والحق لا يحصل إلا بفساد وظلم ا.هـ
وقال (28/392): وقال تعالى( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ )فإن الناس أربعة أقسام؛
القسم الأول؛ يريدون العلو على الناس، والفساد في الأرض وهو معصية الله، وهؤلاء الملوك والرؤساء المفسدون كفرعون وحزبه . -ثم قال-والقسم الثانى: الذين يريدون الفساد، بلا علو، كالسراق والمجرمين من سفلة الناس .
والقسم الثالث: يريدون العلو بلا فساد، كالذين عندهم دين يريدون أن يعلوا به على غيرهم من الناس .
وأما القسم الرابع: فهم أهل الجنة الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا، -ثم قال – فكم ممن يريد العلو، ولا يزيده ذلك إلا سفولا، وكم ممن جعل من الأعلين وهو لا يريد العلو ولا الفساد؛ وذلك لأن إرادة العلو على الخلق ظلم لأن الناس من جنس واحد، فإرادة الإنسان أن يكون هو الأعلى ونظيره تحته ظلم. ومع أنه ظلم فالناس يبغضون من يكون كذلك ويعادونه؛ لأن العادل منهم لا يحب أن يكون مقهورا لنظيره، وغير العادل منهم يؤثر أن يكون هو القاهر ا.هـ
وإن للدعوة إلى النفس أمارات وعلامات منها الكبر ورؤية أن للنفس حقا وكثرة حديث الرجل عن نفسه وعن طلابه وكثرة الخصومات مع إخوانه من أهل السنة إلى غير ذلك . قال الإمام ابن القيم في المدارج (1/523):وأما رؤية فضل كل ذي فضل عليك، فهو أن تراعي حقوق الناس فتؤديها ولا ترى أن ما فعلوه من حقوقك عليهم، فلا تعاوضهم عليها فإن هذا من رعونات النفس وحماقاتها، ولا تطالبهم بحقوق نفسك وتعترف بفضل ذي الفضل منهم، وتنسى فضل نفسك وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- يقول: العارف لا يرى له على أحد حقا ولا يشهد له على غيره فضلا ولذلك لا يعاتب ولا يطالب ولا يضارب ا.هـ
أما الداعية إلى الله بحق فهو الهاضم لنفسه الذي لا يراها شيئا وكل ما أجرى على يديه من خير فهو يراه محض تفضل وإنعام من الله .
أسأل الله أن يصلحنا وأن يجعل أعمالنا خيرا من أقوالناوالسلام عليكم ورحمة الله وبركاتهربيع أول عام 1445هـفضيلة الشيخ عبد العزيز بن ريس الريس
المصدر شبكة الإسلام العتيقالنقل: من الآجري
ملاحظة الإخلاص لقوله : يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ لا إلى أنفسهم لأن بعض الناس يدعو إلى نفسه ، وبعض الناس يدعو إلى الخير ، وعلامة الداعي إلى نفسه أنه لا يريد من الناس أن يخالفوه ولو كان على خطأ ، وهذا لا شك أنه داعٍ إلى نفسه . ثانياً : من علامة ذلك أنه يكره أن يقوم غيره بذلك أي بالدعوة إلى الخير يريد أن يستبد به من بين سائر الناس ، هذا أيضاً داعٍ إلى نفسه ليصرف وجوه الناس إليه ، نسأل الله الحماية والعافية . أما إذا كان يود أن يقوم هو بالأمر لينال الأجر لا ليحرم غيره أو ليصرف الناس إلى نفسه فهذا ليس عليه شيء ، يعني كل واحد يحب أن يكون داعية إلى الخير . اهـ