القلب تلك اللقطعة التي هي بمقدار المضغة من اللحم لكنها تؤثر على الجسم
كله , وتتأثر الجوارح به , فهو ملك على ألأعضاء والجوارح والحواس وهو الراعي
الوحيد والقائد الأول . وجميع الأعضاء تبع له فهي تأتمر به وتصدع بما يطلب فلا
تصدر افعالها الا بأوامره ,
لهذا يقول عليه الصلاة والسلام في حديث النعمان بن بشير بعد ان ذكر الحلال
والحرام والمشتبه بينهما ختم ذالك كله بقوله عليه الصلاة والسلام " الا وان
في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله , واذا فسدت فسد الجسد كله الا
وهي القلب " فبين لنا عليه الصلاة والسلام ان صلاح الأعضاء والجوارح
هو بصلاح الملك وهو " القلب "
وبين القلب والأعضاء صلة عجيبة وتوافق غريب بحيث تسري مخالفة كل منهما
فورا الى الأخر , فإذا زاغ البصر فلأنه مأمور , واذا كذب اللسان فما هو غير عبد
مقهور , واذا سعت القدم الى الحرام فسعي القلب اسبق ,
لذا قال عليه الصلاة والسلام عن العابث في صلاته " لو خشع قلب هذا لخشعت
جوارحه " وقال عليه الصلاة والسلام لمن يؤم المصلين " استووا ولا تختلفوا
فتختلف قلوبكم "
فأعمال الجوارح ما هي الا ثمرة لأعمال القلب , والقلب هو خط الدفاع فإن ضعف
او استسلم انهارت معه الجوارح .
وفي المقابل اذا ذكر العبد ربه فلأن القلب ذكر , واذا اطلق يده بالصدقة فالقلب قد
اذن , واذا بكي العين فلأن القلب قد امر , فالقلب مملي الكلام على اللسان اذا نطق
, وعلى اليد اذا كتبت , وعلى الرجل ان مشيت ,
فجميع الأفعال مردها للقلب وانبعاثها من القلب , وكل الأفعال تعني كل الأفعال ولو
كانت لبس ثيابك وزينة بدنك ,
وهذا ما ادركه الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه فقال " لا يشبه الزي
الزي حتى تشبه القلوب القلوب "
وفي الأخير يقول عليه الصلاة والسلام لمن جاء يسأل
عن البر والأثم " استفت قلبك البر ما اطمئنت له النفس
واطمأن له القلب , والأثم ماحاك في النفس وتردد في
الصدر وإن افتاك الناس وافتوك "
اذا فاليبحث كل واحد منا عن قلبه وحين يجده
سيتبن له السبيل والطريق الموصل لموطنه الأصلي .
فاللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك , ويا مصرف القلوب صرف قلوبنا
على طاعتك ,
ابو شادي , بزيادة متواضعة .
بارك الله فيك
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك , ويا مصرف القلوب صرف قلوبنا
على طاعتك
بارك الله فيك وجزاك خيرالجزاء