بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اهدني وسددني
الحمد لله رب العالمين، وفق من شاء لطاعته، وهدى برحمته من رغب في دعوته، وجعلهم للناس أئمة هدى، ومصابيح دجى، والصلاة والسلام على إمام المرسلين وقائد الغر المحجلين، وقائد الناس إلى رب العلمين، وعلى آله وصحبه الناصحين، ومن سار على نهجهم وهديهم إلى يوم الدين وبعد:
فإن الحديث عن الدعوة حديث شيق ولذيذ، وعن الدعاة إلى الله ذو شجون ولذة، وعن الداعيات وقفة إجلال وخاصة في هذا الزمن الذي أصبح الدعاة الصادقين قليل، والداعيات إلى الله أقل من القليل، مع أن هذه مهمة الأنبياء والرسل عليهم السلام.
إن الدعوة إلى الله تعالى شرف لا يقايسه شرف، كيف لا؟ والداعي يدل الناس على ربهم عز وجل، فكان قول الدعاة أزكى الأقوال وأحسنها، فإن الله لم يزكِ في القرآن قولاً بعد قوله إلا قول الدعاة إليه فقال عز من قائل حكيم:] وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [ [فصلت:33].
إن الحديث عن الدعوة وفضلها يطول، وليس هو موضوعي هنا، بل موضوعي هنا عن تصحيح المسار وليس مسار الدعوة ككل بل مسار صنف من الدعاة، الذين ضحوا على ضعف حيلة، وقلة وسيلة مع قوة وعزيمة، على حياء وحشمة، مع جد يحدوه البذل والتضحية، هذا الصنف عزيز على المجتمع، أتدرون من هن؟، إنهن الداعيات إلى الله – تعالى – من أخواتنا الصالحات المصلحات المحتسبات.
إنَّ الحديث عن الداعيات حديث ذو شرف وشجون، إنهن تحملن – مع كثرة مسئوليتهن – همَّ النصح والدعوة، والدلالة والإرشاد، مع ما يقابلهن من التعب والعناء، والمشقة واللأواء.
وحيث أن هذا الصنف من الدعاة بحاجة إلى رعاية ونصح كان من الواجبات بذله لهن متى احتجن له، وحيث تعددت مجالات الدعوة، وفتحت أبوابها وكثر الداخلون فيها حصلت أخطاء وتراكمات، فكان الواجب تصحيح الخطأ، ونفض جلباب الحياء في بيان تلك التراكمات التي تؤثر سلبا في مسيرة الداعيات إلى الله – تعالى -، ومسيرة عملهن.
إنَّ الحديث عن تصحيح مسار الدعوة – وخاصة في هذه الزمن الذي كثرت فيه المناهج، والأفكار، والوسائل الدعوية – لهو من الأهمية بمكان، فبعد التقدم التقني والعلمي، ووجود مراكز الأبحاث والتخطيط كان لزاماً على أهل الدعوة أن يكونوا أهل الميدان، وأكثر الناس استفادة من هذه المعاهد والبرامج لتقويم العمل ونجاحه، وإن كان الداعية الذي ينطلق من هدي القرآن والسنة، وفهم سلف الأمة قد لا يحتاج إلى كثير مما يطرأ في هذا الزمن، لأن جميع ما يطرح هو صياغة جديدة عصرية لمواكبة الواقع في ظل التغيرات الحديثة بدون مخالفات شرعية، وإلا طريقة الدعوة وأساسياتها وفقهها قد أسسه نبينا صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، وأئمتنا من علمائنا الأعلام، لكن لضعف اهتمامنا بهدي سلفنا كان الضعف واضحاً، والخلل بيناً.
أما من كان يرى في مثل هذه المراكز والمعاهد ما يُقَوِّمُ العمل، ويكون سبباً مهماً في سيره ونجاحه فلا مانع من الإفادة من مثل هذه البرامج والمعاهد والوسائل، وقد روي في الخبر:« الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا »(1).
وإنَّ من أهم ما يقوم عليه التخطيط في هذه المراكز والمعاهد هو تحديد الأهداف، والمتابعة، والتقويم، ومعنى التقويم هو التصحيح، فلأهمية التصحيح وخاصة في العمل الدعوي أحببت أن أشارك في هذا الموضوع ألا وهو: تصيح المسار.
وفي هذه العجالة سيكون حديثي عن موضوع غاية في الأهمية، وخلل يحتاج إلى تصحيح، وتلبيس يحتاج إلى تجلية، هذا الخلل والتلبيس أثر سلباً في سير كثير من الداعيات إلى الله – تعالى – ، إنه تهرب بعض الداعيات عن العمل الدعوي).
إن هذا الموضوع أجزم أنه يُشْتَكى منه، ويُتَألم له، كيف وهذا الخلل يؤخر الدعوة، ويضعف قوتها، ويفت في عضدها، ويزرع الوهن فيها وذلك كله من أهلها عفا الله عنهم.
عندما نريد أن نناقش أي مشكلة من المشاكل فلابد من دراسة أسبابها، والتعرف على بواعثها وذلك للتوصل إلى حلها، وهنا سندرس أسباب تهرب الداعيات من العمل الدعوي ثم نضع بإذن الله عز وجل علاجاً لهذه المشكلة، وسيكون النقاش في نقاط ليتم الإفادة من هذه النصائح التي أسأل الله أن يسددني فيها وأن ينفع بها.
عندما نتأمل في أسباب التهرب عن العمل الدعوي وخاصة في جانب الداعيات نجد أنه يدور حول مجموعة من الحيل الشيطانية، وتزيينٌ من النفس الأمارة بالسوء، مع هوى وحب خلود للدعة والراحة، فلبسها الشيطان بلباس بعد أن جعل على العين غشاوة، فأصبحن يرينه سبباً لترك العمل، مع أنه تلبيس شيطاني، فكان حقاً أن تنزع الأخت ذلك اللباس، وتستبدله بلباس التقوى فهو خير لباس، مع ترديد قولاللهم أرني الحق حقاً وارزقني اتباعه، وأرني الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه).
بارك الله فيك
الله اكبر كبيرا