كيف توطد العلاقة مع الطلاب المشاكسين
من هو الطالب المشاكس؟
الطالب المشاكس : يوصف بأنه كثير العناد والفوضى ، محاولاً جذب انتباه التلاميذ إليه، وهو عديم الدافعية وغالباً ما يتحدى سلطة مدرسه ويسبب له توتراً في الأعصاب، وخيبة أمل وشعوراً بالفشل.
معظم الطلاب من هذه الفئة هم من الأسرة المفككة ، أو قد يكون الطالب قد تعرض لمشاكل سلوكية نفسية أو عاطفية ، أو أنجب من أمهات مدمنات على المخدرات ، أو من عائلات تفتقد إلى أدنى سيطرة على تصرفات أولادهم ، ولا نقصد بالطالب المشاكس الذي تصرف بسلوكيات سلبية غير طبيعية منها : سلوك عدواني وانحرافات في السلوك بشكل مكثف وباستمرار.
كما قال أحد المدرسين عن الطالب المشاكس : إن غيابه عن الصف يكون سعيداً جداً لأن هذا الطالب لا يسئ التصرف مرة واحدة في اليوم ، وإنما ست مرات ، إنه يعيق عمل المدرس وبرنامجه وكل محاولاته لتعديل سلوكياته الطلاب.
لقد طرح سؤال على ببضع المعلمين عن الصفات التي يمتاز بها الطالب المشاكس ، فكانت الصفات على النحو التالي :-
1. كثير الانفعال .
2. الاعتداء على المدرسين.
3. الاستهزاء – اللامبالاة.
4. إثارة الفوضى دائماً.
5. الإجابة بغضاضة.
6. التعامل بعنف مع زملائه.
7. الانحراف في السلوك.
8. التغيب وعدم الانتظام.
9. القيام بأعمال تخريبية داخل الفصل.
وثمة صعوبة في التصدي لعلاج مشكلة – ولو واحدة – من ضمن المشاكل التي يثيرها المشاكس عنه التي تصدر إزاء التزام المعلم بالمنهج الدراسي والالتزامات الأخرى المحيطة بعمله في الفصل الدراسي.
س: كم تلميذ يكفي لتعطيل المدرس عن أداء عمله كمدرس؟
ج: واحد.
ونستنج من ذلك أن السلوك الفوضوي لطالب واحد كاف لتوقيف المدرس عن أداء عمله وحرمان بقية التلاميذ من الاستفادة من الدرس . وذلك لوجود (طاقة كامنة) عند الطالب المشاكس تقوم بإحداث تأثيرات مضادة لمساعي المدرس وقدرته على إنجاز مهامه كمدرس.
وعندما يحاول المدرس التصدي لهذه المؤثرات السلبية يوماً بعد يوم فسوف يسبب له ذلك شعوراً بالفشل وخيبة الأمل والإرهاق ، وأخيراً الشعور بالنقص حتى إذا كان هذا الطالب المشاكس وزنه (30) ثلاثون كيلوجراماً ، وبصرف النظر عن طوله.
وقد يفشل فشلاً تاماً في أداء عمله بزيادة عدد الطلاب المشاكسين في الصف وقد يفشل كذلك في استخدام الوسائل المتاحة لتعديل سلوكيات الطلاب المشاكسين إذا كانت هذه الوسائل غير مدروسة وغير مخطط لها.
يتفاعل المدرس عادة مع الطالب وخاصة الطالب المشاكس بناءً على مواقفه السلوكية السابقة ويقوم بمنحه سمات سلوكية معينة ، مثلاً كثير الحركة ، عديم الفائدة ، كثير المشاغبة … وهكذا. ويتمكن المدرس بعد ذلك من الهروب من المسؤولية وتزداد ومشاكل الطالب ويصعب أخيراً علاجها بعد أن يحكم المدرس على الطالب المشاكس بأية سمة من هذه السمات ويصعب عليه اعتبار هذا الطالب أنه فرد له كيانه واحترامه وله الحق في النجاح والتفوق ، فلذلك يفضل في تعامله مع الطالب ويسبب ذلك فقدان ثقته لأداء مهامه كمدرس .
إذن هذا الكتاب يعالج هذه المشكلة ، ومن الممكن التغلب على الطالب المشاكس أمثلة:-
1) طالب عمره (12 سنة) كان مشاغباً باستمرار في مرحلة الروضة ، وحتى الصف الخامس الابتدائي ، ثم تغير سلوكياً للأفضل.
2) طالب في المرحلة الثانوية ، كثير المشاكل والمشاغبة خلال الصفوف الدراسية الأربع السابقة ، ثم قرر أن يجلس ويحل الواجبات ، ويشارك في النشاط الصفي.
3) طالب في الصف الثاني الإعدادي ، عديم الدافعية لا يتحدث مع أحد ، ولم يقم بأية أعمال مدرسية في الأشهر الماضية تغير تماماً ، وأصبح الآن يقوم بأعمال المدرسة بثقة كاملة وبدأ يعتز بنفسه بدرجة كبيرة وتوقعاته للتفوق تتزايد.
السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو : ما الأسباب التي أدت إلى هذه التغييرات ؟
والإجابة هي : المدرس الذي أخلص في عمله مستخدماً كل الأساليب التربوية والمهارات المتاحة لتغيير سلوكيات هؤلاء الطلاب ، والاستعداد المسبق الوقائي لمواجهتها. ولذلك كان لزاماً علينا تدريب المعلم التدريب الكافي ليستطيع التعامل مع الطالب المشاكس كي يصبح معلماً مؤهلاً فتعود الثقة والأمل إليه في مجال عمله.
لم يكن هذا الأمر ممكناً في السابق ، وذلك لقيام المدرسين باستخدام أساليب تقليدية غير تربوية في تعاملهم مع الطلاب وأهمل الطالب المشاكس وزادت مشاكله.
العوامل التي تؤثر إيجابياً في تفاعلنا مع الطالب.
الأهم : بناء الثقة :
عندما تسأل المدرس هذه الأسئلة عن الطلاب المشاكسين في صفه.
س: هل يتعين على الطالب أن يستمع إليك باهتمام في الصف؟
ج: الإجابة نعم وبدون تردد والسبب :
1. أنه يعمل بكل إخلاص لمصلحة الطلاب.
2. أنه عندما كان تلميذاً كان يستمع إلى كلام المدرسين.
3. أنه مدرس . فكل كلمة يقولها هي لصالح التلاميذ ، وهو جدير بالتقدير والاحترام .
طرح هذا السؤال لتوضيح هذه الفكرة وهي :
أولاً : الطالب المشاكس قد لا يرى المدرس بأنه إنسان مخلص محب للتلاميذ ويعمل لمصلحتهم كما هو متوقع.
ثانياً: الطالب المشاكس لا يثق بالمدرسين . . لا يحب المدرسة ، ولا يصدق أنه عندما يحسن التصرف سيجلب له ذلك مردوداً إيجابياً.
ثالثا: التعليم ما كان تجربة إيجابية له وبالتالي لا يهمه كلام المدرسين ولا يعطي لهم أية أهمية.
وهذه الصورة غير متوقعة وغير مفهومة من قبل معظم المدرسين ، لأن المدرس يعتبر ذاته إنساناً مهتماً بالتلاميذ ومقدراً لهم ، ويعمل من أجلهم وعليه فهو يستحق الاحترام والتقدير.
إذن المدرس ينجح في اعتبار ذاته عندما يتعامل مع معظم التلاميذ العاديين ، ولكنه يفشل عندما يتعامل مع الطالب المشاكس . فلماذا؟
لأن : 1- الطالب المشاكس لا يثق بالمدرس.
2- لا يستجيب لتوجيهاته وإرشادته.
3- لهذا الطالب عدة مشكلات سلوكية.
لذلك فالمدرس يتأثر بالآتي:
1. يعتقد أن هناك خطأً ما لهذا الطالب لأنه يعطي للمدرس الأهمية والتقدير كبقية التلاميذ.
2. يعد المشكلة أمراً شخصياً ويتعامل معها باعتباره هو المستهدف . فيتأذى ويتألم وأخيراً يلقي باللوم على الطالب المشاكس الذي هو السبب في شعور المدرس بالغضب والشعور بالفشل . والسبب في تأثر المدرس هو أنه يدع (اعتبار ذاته) يعرقل سير عمله ، والواقع هو : أن الطالب المشاكس يتعامل مع واقع مختلف تمام الاختلاف عن واقع جميع التلاميذ العاديين وتصرفاته السلوكية الفوضوية غير مستهدفة للمدرس بشكل خاص. وعكس ذلك الطالب الذي لديه قاعدة مبينة بالثقة التامة مع المدرسين ومع المدرسة وحصل على تأييد وتشجيع فيما يتعلق باجتهاده وفي تصرفاته السلوكية الإيجابية لأنه اكتسب الخبرة الإيجابية والتشجيع من قبل المدرسة والبيت.
وطالما لديه الثقة بالمدرسين . إذن ممكن أن يتقبل التوجيهات والإرشادات وحتى تكليفه بأعمال (واجبات منزلية) فوق طاقته.
بينما الطالب المشاكس يأتي إلى المدرسة من محيط (جو منزلي) أفراده كانوا فاشلين في المدارس ، ولديهم تجارب سلبية مع المدارس ولم يكونوا القدوة الحسنة في إرشاد أولادهم ولم يؤمنوا لهم احتياجاتهم اللازمة من التأييد والتشجيع والدافعية للتعليم وهناك قصوراً وإهمال أسري.
لذلك فعندما يهدف المدرس إلى التعامل مع الطالب المشاكس بوسيلة مقبولة يجد نفسه أمام عدة عقبات تعترض طريقه لأن هذا الطالب عديم الثقة بالمدرس ولا يستجيب لما يطلب منه ، ولا يؤدي أعماله ، فهو فوضوي في معظم في معظم تصرفاته.
والسبب في كل هذا هو عدم وجود الثقة بين المدرس والطالب ولذلك تبقي عملية التعلم لهذا الطالب فاشلة.
إذن الثقة هي البناء الأساسي في تعاملنا مع الطالب المشاكس ، وفي حالة انعدام الثقة والقناعة بالمدرس سوف يقوم الطالب بعدم تقبل إرشاداته أو توجيهاته من مدرسه.
ويفشل المدرس أخيراً في كل محاولاته للسيطرة على سلوكيات هذا الطالب ، لأن الطالب المشاكس لا يهمه ما ينتج من جزاء تصرفاته الفوضوية.
إذن هذا هو سبب فشل بعض المدرسين لوضع خطة توجيهية لتعديل سلوك الطلاب لعدم الأخذ في الاعتبار الثقة في تعاملهم مع الطلاب.
تحرك مسار الطالب إلى الأعلى من خط الثقة (راجع النموذج) وسوف تستدعى العملية العمل مع التلميذ تدرريجياً حيث تأخذ بعين الاعتبار الآتي:-
أولاً: تغيير المعلم الانطباع عن نفسه كمدرس تقليدي معزز وجدير بثقة التلاميذ.
ثانياً: لا يكون المعلم أداة توصيل المعلومات فقط وإنما هو قدوة لهم سلوكياً إلى جانب كونه المرجع والمصدر الأول للمعرفة.
ثالثاً: يوظف المعلم تجاربه الحياتية وخبراته لاقتناص الفرص التي تتاح له لتحسين وضع الطالب والتأثير الإيجابي فيه. هذه السلطة هي التي ستساعد المعلم على إيجاد الثقة وتكوين العلاقات الحميدة مع الطالب . ولينظر المعلم من خلال عيون التلميذ نفسه كما لو كان هو ، مع التركيز على محيط الطالب المنزلي.
رابعاً: إنظر إلى مشكلة الطالب بعمق وأعرفه تماماً ، لأن الطالب المشاكس لم يحصل على العناية والاهتمام ، ولذلك لابد أن تظهر له أنك مهتم به وهذا يتطلب تحريك سلوكيات الطالب إلى سلوكيات واقعة فوق خط الثقة (راجع النموذج) لإعطاء الطالب نوعاً من التقدير والقيم ليتمسك بها ، لأن الطالب المشاكس لو شعر أن المدرس غير مهتم به فإنه سيحاربه بكل طاقاته.
ومع ذلك فإن بناء الثقة بحاجة إلى محاولات مستمرة ومهارات واجتهاد ، وخاصة في التعامل مع فئة معينة من الطلاب المنحرفين سلوكياً وغير المتعاونين ، كذلك سوف يحتاج المدرس إلى وقت لتعزيز الثقة مع الطالب.
ولتحريك سلوكيات الطالب إلى سلوكيات فوق خطة الثقة فنحن بحاجة إلى خطوات معينة ومدروسة تهدف إلى تكوين علاقات إيجابية مع الطالب.
كذلك يجب على المدرس وضع (مجهود السيطرة السلوكية) مع مراعاة الفروق الفردية واحتياجات الطلاب. وفي حالة تكوين الثقة مع الطالب يبدأ الطالب في التفاعل مع المدرس مستجيباً لإرشاداته وتوجيهاته. وبالتالي ينجح المدرس في (مجهود السيطرة السلوكية) ويصبح فعالاً في تعامله مع الطلاب وتكون عملية تدريسية أكثر إنتاجاً ، ويومه الدراسي أكثر فاعلية.
الاستجابات الانفعالية والاستجابات التكيفية
مدرس يشكو من وجود ثلاثين طالباً في صفه ، ثلاثة منهم هم من الطلاب المشاكسين ومن الصعب علاج مشاكلهم السلوكية والنفسية.
ولكنه سوف لا يدع هذه المشاكل تعترض طريقهم وتعرقل استمرار في الدراسة والتوفيق.
المسألة الأساسية هنا هي : أن المدرس لا يمكن أن يغير شئ من السمات السلوكية للطلاب المشاكسين ولكنه من الممكن إختيار وسيلة مناسبة للتعامل والتكيف معهم ، بينما لو يغضب ويكون منفعلاً فسوف لا يصل إلى أية نتيجة ، خاصة عندما يتعامل مع طالب مشاكس. المهم ألا يغضب وينفعل في كل الأحوال.
المدرس الناجح يدرك أنه ليس باستطاعته تغيير طبيعة الطالب المشاكس لعدم امتلاكه يداً سحرية يمكن بها تحريك سلوكيات هذا الطالب ، وإنما يدرك أنه يمكن أن يغير وسيلة تعامله مع الطالب للحصول على أعظم نتيجة.
إن الأساليب العادية للاستجابات لتصرفات الطلاب لا تصلح مع الطلاب المشاكسين ، لذلك أصبح من الضروري الاعداد المسبق لكيفية الاستجابة لتصرفات الطلاب، بحيث يعلم كيف يتصدى لأي موقف سلوكي صادر عن الطالب المشاكس مع استعداد تام لذلك.
الاستجابات الإنفعالية :
طالب في الصف الثاني الإعدادي له عدة مشكلات سلوكية سابقة ، يدخل الفصل الدراسي ويقوم بازعاج بقية التلاميذ ، يصرخ بصوت عالي وهو في طريقه إلى مقعده ، على كل حال يستولى على الفصل بتصرفاته الاستقزازية . يقوم المدرس بالتصدي لتصرفات الطالب من خلال هذا الحوار :
المدرس (منفعلاً) : مالك يا …. أليست قادراً على الجلوس كبقية التلاميذ؟!
الطالب (يجلس ببطئ) : أنا جالس ما هي مشكلتك ؟ إتركني وشأني!
المدرس (يتحدث ويفقد السيطرة على نفسه): إلتفت إلى الآن ، أين كتبك ؟ ، لا أريد أن يكون هذا اليوم كيوم أمس ، هل فهمت؟
الطالب : إنصرف عني ، ما هي مشكلة يوم أمس ، لقد قمت بحل الواجبات ، لا يمكن أن أساعدك إذا كان يومك غير سعيد.
الآن انتباه التلاميذ إلى الحوار بين الطالب والمدرس .
المدرس (بغضب شديد) : أيها الشاب لا تتكلم معي بهذه الطريقة هذه
تأثير ذلك على المدرس : فشل المدرس في مواجهة سلوك الطالب الفوضوي داخل الفصل ، مع فقدانه السيطرة على أعصابه ، وتورط لقيامه بجدال غير مجدي مع الطالب ، وهل كان المدرس راضياً عن تصرفاته؟
1. هل حصل على زيادة في اعتبار ذاته؟
2. هل نقص شئ من توتر أعصابه؟
3. هل توفق في تعامله مع الطالب ، أم أنه شعر بالفشل والهزيمة؟
تأثير ذلك على طلاب الفصل :
1. هل زادت ثقة الطلاب بمدرسهم ، أو شعروا بأن له قدرة على تحمل مسئولية الفصل الدراسي.
2. هل بين شئ للطلاب يدل على أنه مهتم على أنه مهتم وحريص على تقدمهم في الدراسة.
1. لا يخطط لمعاملة الطلاب المشاكسين.
2. لا يميز الفروق الفردية بين الطالب المشاكس والطالب السوي ، على سبيل المثال:
الطالب المشاكس له سوابق من عدة مشكلات سلوكية فوضوية ملموسة من قبل المدرس والطلاب ، وهذه المشكلات السلوكية تقتضي تدخلاً وقائياً مسبقاً من قبل المدرس ، بينما المدرس المنفعل ينتظر وقوع المشكلة ثم يتحرك لعلاج المشكلة بانفعال وباسلوب غير ناجح. فالمدرس في المثال السابق يعرف تلميذه بأنه مشاكس وتوقع منه حدوث تلك المشكلة ، ومع ذلك فشل في وضع خطة مسبقة لكي يتعامل مع هذا الطالب ووقع في مجادلة فاشلة مع الطالب. الأمر الذي أدى به إلى فقدان ثقة الطالب فيه وطرد الطلاب من الفصل الدراسي.
3. يعد المشكلة أمراً شخصياً ويعتبر معها باعتباره مستهدفاً. كما هو واضح في المثال السابق عندما وقع المدرس في نقاش وجدال مع الطالب وكأنه في وضع تحدي معه.
4. يتهرب من المشكلة وذلك لعدم اتقانه اساليب وقائية وعلاجية للمشكلة. وعندما يتعامل مع الطالب بالانفعال تبقي المشكلة كما هي وتزداد سوءاً وتنعدم ثقة الطالب بالمدرس ، ويزداد المدرس شعوراً بالفشل والهزيمة.