تخطى إلى المحتوى

أبو حيان التوحيدي : في فضل العرب على سائر الشعوب 2024.

جاء في كتاب الإمتاع والمؤانسة "الليلة السادسة"

ثم حضرته ليلةً أخرى فأول ما فاتح به المجلس أن قال: أتفضل العرب على العجم أم العجم على العرب؟ قلت: الأمم عند العلماء أربع: الروم، والعرب، وفارس، والهند؛ وثلاث من هؤلاء عجم، وصعبٌ أن يقال: العرب وحدها أفضل من هؤلاء الثلاثة، مع جوامع مآلها، وتفاريق ما عندها. قال: إنما أريد بهذا الفرس. فقلت: قبل أن أحكم بشيء من تلقاء نفسي، أروي كلاماً لابن المقفع، وهو أصيلٌ في الفرس عريق في العجم، مفضل بين أهل الفضل؛ وهو صاحب اليتيمة القائل: تركت أصحاب الرسائل بعد هذا الكتاب في ضحضاح من الكلام. قال: هات على بركة الله وعونه. قلت: قال شبيب بن شبة: إنا لوقوفٌ في عرصة المربد – وهو موقف الأشراف ومجتمع الناس وقد حضر أعيان المصر – إذ طلع ابن المقفع، فما فينا أحد إلا هش له، وارتاح إلى مساءلته، وسررنا بطلعته؛ فقال: ما يقفكم على متون دوابكم في هذا الموضع؟ فوالله لو بعث الخليفة إلى أهل الأرض يبتغي مثلكم ما أصاب أحداً سواكم، فهل لكم في دار ابن برثن في ظلٍ ممدود، وواقيةٍ من الشمس، واستقبال من الشمال، وترويحٍ للدواب والغلمان، ونتمهد الأرض فإنها خير بساط وأوطؤه، ويسمع بعضنا من بعض فهو أمد للمجلس، وأدر للحديث. فسارعنا إلى ذلك، ونزلنا عن دوابنا في دار ابن برثن نتنسم الشمال، إذ أقبل علينا ابن المقفع، فقال: أي الأمم أعقل؟ فظننا أنه يريد الفرس، فقلنا: فارس أعقل الأمم، نقصد مقاربته، ونتوخى مصانعته. فقال: كلا، ليس ذلك لها ولا فيها، هم قوم علموا فتعلموا، ومثل لهم فامتثلوا واقتدوا وبدئوا بأمر فصاروا إلى اتباعه، ليس لهم استنباط ولا استخراج. فقلنا له: الروم. فقال: ليس ذلك عندها، بل لهم أبدانٌ وثيقة وهم أصحاب بناء وهندسة، لا يعرفون سواهما، ولا يحسنون غيرهما.
قلنا: فالصين. قال: أصحاب أثاثٍ وصنعة، لا فكر لها ولا روية. قلنا: فالترك. قال: سباع للهراش. قلنا: فالهند. قال: أصحاب وهم ومخرقة وشعبذة وحيلة. قلنا: فالزنج: قال: بهائم هاملة. فرددنا الأمر إليه. قال: العرب.
فتلاحظنا وهمس بعضنا إلى بعض، فغاظه ذلك منا، وامتقع لونه، ثم قال: كأنكم تظنون في مقاربتكم، فوالله لوددت أن الأمر ليس لكم ولا فيكم ولكن كرهت إن فاتني الأمر أن يفوتني الصواب، ولكن لا أدعكم حتى أبين لكم لم قلت ذلك، لأخرج من ظنة المداراة، وتوهم المصانعة؛ إن العرب ليس لها أولٌ تؤمه ولا كتابٌ يدلها، أهل بلد قفر، ووحشةٍ من الإنس، احتاج كل واحد منهم في وحدته إلى فكره ونظره وعقله؛ وعلموا أن معاشهم من نبات الأرض فوسموا كل شيء بسمته، ونسبوه إلى جنسه وعرفوا مصلحة ذلك في رطبه ويابسه، وأوقاته وأزمنته، وما يصلح منه في الشاة والبعير؛ ثم نظروا إلى الزمان واختلافه فجعلوه ربيعياً وصيفياً، وقيظياً وشتوياً؛ ثم علموا أن شربهم من السماء، فوضعوا لذلك الأنواء؛ وعرفوا تغير الزمان فجعلوا له منازله من السنة؛ واحتاجوا إلى الانتشار في الأرض، فجعلوا نجوم السماء أدلةً على أطراف الأرض وأقطارها، فسلكوا بها البلاد؛ وجعلوا بينهم شيئاً ينتهون به عن المنكر، ويرغبهم في الجميل، ويتجنون به على الدناءة ويحضهم على المكارم؛ حتى إن الرجل منهم وهو في فجٍ من الأرض يصف المكارم فما يبقى من نعتها شيئاً، ويسرف في ذم المساوىء فلا يقصر؛ ليس لهم كلام إلا وهم يحاضون به على اصطناع المعروف ثم حفظ الجار وبذل المال وابتناء المحامد، كل واحد منهم يصيب ذلك بعقله، ويستخرجه بفطنته وفكرته فلا يتعلمون ولا يتأدبون، بل نحائز مؤدبة، وعقولٌ عارفة؛ فلذلك قلت لكم: إنهم أعقل الأمم، لصحة الفطرة واعتدال البنية وصواب الفكر وذكاء الفهم. هذا آخر الحديث.

1 – هل تعتقد أن هذا الكلام كلام ابن المقفع أو انه منحول عليه حتى يبدو الامر و كأنه "و شهد شاهد من اهلها" ؟؟


2- يتميز النص بما يلي :

أ- الصور النمطية : يميل النص إلى تقديم صور في غاية النمطية عن الشعوب الاخرى , فالزنج بهائم هاملة و الهنود أصحاب شعوذة و حيل و الروم لا تحسن غير البناء و الهندسة و الصين لا فكر لها و لا روية .

ب- النزعة المركزية : يظهر العرب في هذا النص على كونهم افضل و اعقل الامم . تماما ككل الثقافات المهيمنة سياسيا التي تجعل من نفسها صاحبة الفضل و مركز العالم و معيار الذوق و الاخلاق و الفضيلة . فالإغريق كانوا يعتقدون انهم أفضل الشعوب و الشعوب المحيطة بهم برابرة . و نفس المنطق ورثه عنهم الرومان , أما العرب فيجمعون كل من خالفهم في اللسان تحت تسمية العجم . لكن النص مع ذلك يعترف ببعض الفضل للشعوب الاخرى . و هو في نظري مكره و مجبر على ذلك بالنظر لما كانت عليه العرب من حالة البداوة و الأمية و البعد عن المدنية قبل الإسلام .



ما هي قراءتك للنص بالنظر للفترة التي كتب فيها (حكم البويهيين الذي عقب النفوذ التركي) و في بغداد اكبر مدن العالم آنذاك حيث تسكنها فسيفساء من الشعوب و القوميات .
3- هل كانت الشعوبية رد فعل على الاستعلاء العرقي العربي أم العكس هو الصحيح أو أن الأمر خليط بينهما ؟؟؟

لولا الاسلام لما كان للعرب ذكر
العرب امة اكرمها الله بالاسلام
فان تخلوا عنه ذهبت ريحهـــــم

شكرا على الموضوع

الجيريا

الجيريا

السلام عليكم
شكرا على الموضوع

شكرا على الموضوع المتميز ، وصح عيدكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.