إن المتتبع اليوم لما يحدث هنا و هناك في مؤسساتنا التربوية،يلحظ بجلاء بداية نضج ثمار إصلاحات منظومتنا الغامضة،فهذا العنف المتزايد داخل الحرم المدرسي والذي وصل إلى حد القتل و الحرق لم يأت من فراغ ،و هذا الانحلال الأخلاقي للطلبة و الطالبات و الذي يتنافى مع مقومات الشخصية المنتظرة من شبابنا لا يبشر بخير، والكارثة العظمى تظهر في تدني المستوى الفعلي للتحصيل المعرفي،حيث يكفي للطالب الوقوف في الطابور ليحصل على الشهادة التي يريد و بتقدير يرضي للأسف جميع الشركاء: الطالب و اهله و معلميه والمشرفين على العملية.و أصبح من الضروري بل القانوني أن نفعل كل شيء ـ أو ندع كل شيء ـ من أجل حماية مشاعر التلميذ ونفسيته ومعنوياته المقدسة.
و لعل أكثر ما يبكي هو انشغال هؤلاء الشركاء جميعا بهموم ملهية ـ مادية غالبا ـ حيث تجد اتلأولياء يلهثون وراء منح التمدرس و مجانية النقل والكتب و الإطعام، بينما يسعى المربون للحصول على مزيد من المنح والعلاوات وعلى القليل من ساعات العمل، أما من تشرف باسم مسؤول أو مدير، فهو يبحث عن مؤوولية أعلى و ترقية أكثر بصلاحيات أوسع و نفوذ أنفع لنفسه و أهله، فالمسؤولية تشريف و ليست تكليف على حسب فهمه ، والله المستعان.