اعتبرت نقابات التربية المستقلة لدى نزولها ضيفة على فوروم "الشروق"، ظاهرة الدروس الخصوصية واقعا يستحيل القضاء عليه، إلا أنه قابل للتقنين بتوفر شرط "شهادة الأستاذية" و"المقر المحترم"، مع إقرار مجّانيتها للمعوزين من التلاميذ، متهمين الوزارة بالدفع نحو الدروس الخصوصية*.
ظاهرة* الدروس* الخصوصية* ليست* وليدة* اليوم
قال الأمين الوطني المكلف بالإعلام والاتصال بالمجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني الموسع، مسعود بوديبة، أن الدروس الخصوصية هي عالمية ومألوفة لدى الجزائريين، وخلال الحقبة الاستعمارية كان الأولياء يدرسون أبناءهم بالكتاتيب ويدفعون المستحقات المالية لمعلمي المدارس القرآنية، حيث ظلت لسنوات مبعث "افتخار" لدى العائلات الجزائرية، وبعد الاستقلال، لما تبنّت الجزائر التعليم المجاني بقيت الظاهرة وسط العائلات الميسورة، أين كان طلبة الجامعات يسهرون على تقديم ساعات الدعم للتلاميذ مجانافي المساجد، وعادت للانتشار في بداية الألفية الثالثة عقب لجوء وزارة التربية، إلى تبنّي الاصلاحات، فظهر مشكل كثافة الدروس، حيث وجد الأستاذ نفسه ملزما بالتركيز على التقدم في البرامج على حساب التلقين وحل التمارين، بالمقابل وجد أولياء التلاميذ أنفسهم عاجزين عن متابعة أبنائهم في المنزل*.
من* جهته* أوضح،* أستاذ* دروس* خصوصية* ــ* وهو* أستاذ* سابق* لمادتي* الفيزياء* والرياضيات* ــ،* بدر* الدين* كركار،* أن* الدروس* الخصوصية* كانت* موجودة* في* السابق*.
*
الدروس* الخصوصية*..ساهمت* في* رفع* نسب* النجاح* في* البكالوريا*
وجزم مسؤول الإعلام والاتصال في النقابة، بأن الدروس الخصوصية ساهمت في رفع نسب النجاح في شهادة البكالوريا، لأن كثافة البرامج والحجم الساعي صعّبا مهمة الأستاذ والتلميذ، مما أدى بالتلميذ إلى البحث عمن يمنحه دروسا إضافية تدعم معارفه لتحقيق النجاح.
وأوضح أستاذ الدروس الخصوصية، أن من أبرز أسباب الظاهرة الاكتظاظ بالأقسام، حيث أصبح الأستاذ يضيع 30 دقيقة كاملة في ترديد عبارات "اسكت، انتبه، أجلس وأخرج"، لأن الأستاذ ليس من حقه طرد التلميذ المشوش وهذا ما يعد تقليصا لدوره، وكذا ارتباط الأستاذ بوقت زمني لا يكفي* لحل* تطبيق* أو* تطبيقين* في* المواد* العلمية* فقط،* بالإضافة* إلى* نفور* بعض* التلاميذ* من* أساتذة* "مجانين*" لا* زالوا* يمارسون* مهامهم* بسبب* غياب* مناصب* مكيّفة*.
من جهته أكد بوديبة، أنه لا بد من البحث عن أسباب نفور التلاميذ من المدرسة العمومية، خاصة وأن الوسائل البيداغوجية والمادية "غير محفّزة"، بالإضافة إلى كثرة العطل المرضية للأساتذة وانشغال بعضهم بالأمور السياسية، وبالتالي أصبح التلميذ يرى في الدروس الخصوصية "الوصفة* السحرية*".
*
أبناء* وزراء* ومديري* تربية*.. يتلقون* دروسا* خصوصية
وقال الأستاذ كركار، أن وزارة التربية عقدت ندوة تقنية حول ظاهرة الدروس الخصوصية، باستعانتها بتكنولوجيات متطورة "فيدو محاضرة"، لكنها لم تتوصل إلى نتائج من شأنها الحد من الظاهرة، والدليل على ذلك أن أبناء مديري تربية، يتلقون دروسا خصوصية وحتى ابنة وزير التربية* السابق،* كانت* تتلقى* دروسا* خصوصية،* وكذا* أبناء* وزراء،* جنرالات* وألوية*.
*
الدروس* الخصوصية* تستقطب* "التلاميذ* الممتازين*"
وقال أستاذ الدروس الخصوصية، أن الدروس الخصوصية تستقطب الجميع بمن فيهم التلاميذ ذوي المعدلات العالية، يتهافتون على الدروس الخصوصية وعلى الأستاذ الذي يتمتع بسمعة جيدة لكي يحققوا نتائج جيدة في البكالوريا، ويظفرون بمعدلات ممتازة تضمن لهم تلبية رغباتهم في التوجيه*.
*
* عتبة* الدروس* في* الثانوي*.. وراء* انتشار* الدروس* الخصوصية*
وقال المكلّف بالإعلام في النقابة، أن "الكناباست" تفاجآت لاهتمام الوزارة بملف الدروس الخصوصية على حساب ملفات مستعجلة كالعنف المدرسي، وتأمين المدارس والغش في البكالوريا، من جهته اعتبر الأستاذ كركار، أن عتبة الدروس التي اعتمدتها الوزارة سنة 2024، ترتبت عنها الدروس* الخصوصية*.
*
أولياء* يبحثون* لأبنائهم* عن* علامات* "إضافية*"
وطالب بوديبة، بمحاسبة أولياء التلاميذ الذين يسمحون لأبنائهم بتلقي دروس خصوصية لدى نفس أساتذتهم بالمدرسة العمومية، على اعتبار أن ذلك الأستاذ يحدد للتلميذ الدروس التي تقع في الاختبار و يضمن له علامات ممتازة، واتهم الأستاذ كركار، الأولياء بالتواطؤ مع أبنائهم من أجل تحقيق علامات عالية، وشدد بوديبة في آخر الندوة، على ضرورة حماية المدرسة العمومية، وتقويتها لكي تصبح مكان "إبداع"، ولا يتأتى ذلك إلا بالاعتماد على الكفاءة في توظيف الأساتذة، بالإضافة إلى استغلال المؤسسات في تدريس الدروس الخصوصية خارج أوقات الدراسة، على* أن* يتكفّل* أولياء* التلاميذ* بدفع* المستحقات* المالية* للأساتذة*.