*مشكلة علاقةالسياسة بالأخلاق *
هل يمكن فصل السياسة عن الاعتبارات الخلقية ؟
ا- موقفمكيافيلي Machiavel . يجب فصل السياسة عن الاعتبارات الخلقية ، هذا ما يوصي بهالفيلسوف في كتابه الأميــرLe Prince و الدليل على ذلك أن السياسة لها قوانينها ومقتضياتها و معاييرها و هي مختلفة تماما عن المبــادئ الخلقية
" الغاية تبررالوسيلة و الضرورة لا تعرف القانــون" فكل الطرق مشروعة من أجل أن تحقق الدولةأهدافها و من بين هذه الأهداف ، فرض السيادة و المحافظة على العرش ، فلا مانع مناستخدام الحيل و النفاق و وسائل القمع اذا كانت توصل الى المبتغى لأن قيمة الفعلتقاس بنتائجه لا بمبادئه ، يقول "ما هو مفيد ضــــروري "..
إن البشر في نظرميكيافليي خبيثون بحكم طبيعتهم الشريرة ، لذلك يجب أن يتوفر الحاكم على قوة الأسد ودهاء الثعلب ، وأن يبث فيهم الرهبة لا المحبة . و أن القسوة والرذيلة قد يكونا إحدىالأسباب المهمة لدوام الحكومة.يقول ( من الأفضل أن يخشاك الناس من أن يحبوك ) اماالإحسان و الإكرام و التواضع والتسامح فهي أساليب خلقية تقيد إرادة الدولة ، و تقضيعلى هيبتها و لا تسمح بتحقيق أهدافها السياسية ، يقول( ليس من الجدوى أن يكون المرءشريفا دائما ) و من مصلحة الدولة ايضا تحرير نشاطها من كابوس الدين و نصائح الرهبان، فميكيافليي من دعاة "اللائكية" Laïcité ، لكن الدين ضروري للحكومة في بعض الأحيانليس لخدمة الفضيلة ، و لكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس و من واجب الدولةالتفاني بإقامة الحروب وخوضها في حال تعرضت لمخاطر تهدد وجودها.فلا يفرق ميكيافيليبين فن الحرب و فن السياسة ، فالسياسة في نظره هي مواصلة الحرب بطرق أخرى
النقد/ صحيح أن الدولة بحاجة الى قوة ، لكن الإفراط في استعمالها يجعلهادولة مستبدة و ظالمة تؤدي حتما الى التمرد و الثورة الداخلية ، و القول أن الناسبطبعهم خبيثون يعتبر حكم ذاتي غير موضوعي ، لأن الطبيعة الخيرة موجودة في الكثير منالناس بدليل أن المصلحين غالبا ما ينحدرون من الأوساط الشعبية لا من الحاشيةالحاكمة
ب- موقف فلاسفة الأخــلاق/ من الضروري ربط السياسة بالاعتباراتالخلقية لأن الهدف منهما واحد هو بلوغ الفضيلة سواء مع الذات أو مع الغير ، فمنالواجب اذن أن نجعل من المبادئ الخلقية قواعد ثابتة للممارسة السياسية
فالإنسانولد حرا و على طبيعة خيرة ، وأسس الدولة بالتراض لا بالقوة يقول جون جاك روسو J.J.Rousseau (إن الميثاق الاجتماعي لا يمكن أن يقوم على العنف و يكسب بذلك شرعية ،اذ لا وجود لحق الأقوى )
كذلك التزام الحاكم بالاخلاق الا يزيده الا ثقة و محبةو تعاونا من طرف الشعب فتتحقق دولة القانون القامة على الإرادة العامة لذلك يفضلروسو الدولة الديمقراطية عن كل الأنظمة السياسية الأخرى
أما كانط Kant يرى أنالسياسة امتداد للأخلاق ، لذلك نظر الى وظيفة الدولة نظرة انسانية لا أثر فيهاللعبودية و الاستغلال و بين أن الغرض من وجود الدولة هو رعاية مصالح الناسومساعدتهم من أجل تحقيق سعادتهم و رفاهيتهم و لا يجوز لها ان تعتبرهم مجرد وسيلةلتحقيق غايات سياسية يقول ( يجب أن يحاط كل انسان بالاحترام بوصفه غاية مطلقة فيذاته ) و يرى كانط في كتابه مشروع السلام الدائم أن التطور الصحيح للتاريخ يستدعيتضييق دائرة العنف و توسيع دائرة السلام ، و تقديس الحرية و المساواة ، و أنالمشاكل السياسية تعود الى الحكم الفردي المستبد ، و لهذا مجد كانط النظام الجمهوري، ودعا الى تكريس المبادئ الديمقراطية في السياسة الداخلية و الخارجية و فيالعلاقات بين الشعوب ، نفس الفكرة يدافع عنها برتراند راسل B.Russel حيث يرى أنالسلم العالمي لن يتحقق الا اذا ارتبطت العلاقات الدولية بالأخلاق ، و استبدلتالانفعالات القديمة من حقد و حسد التي كانت وراء الحروب بالحكمة و المحبة والتعاونو التآخي و إدراك الخطر المشترك الذي يهدد الإنسانية .
النقد/ صحيح أن الغرضمن وجود الدولة هو خدمة مصالح الشعب و تحقيق سعادتهم ، لكن ما يقوله فلاسفة الأخلاقلا يتعدى ما ينبغي أن يكون و ليس ما هو كائن ، فهي سياسية مثالية لا عملية ، كمانجد البعض يدعي احترامه للقيم الخلقية و المبادئ الإنسانية ، و لكن العمل الفعلييتنافى مع ذلك تماما
الحل/ ان السلطة التي تعرف كيف توفق بين المبداين تكوناكثر امنا و انتظاما من غيرها ، اما الوسائل القمعية لن تستخدم الا اذا فشلت الحلولالسياسية .
امل ان تنال اعجابكم