مقال أعجبني بيانه في جريدة الخبر لعبد الحفيظ دعماش :
كيف يمكن أن يصل الحد بشخص الاعتقاد أن كل الناس على خطأ وهو الوحيد على صواب، هذا ما يحصل مع وزير التربية الوطنية أبو بكر بن بوزيد، الذي يريد أن يطرد كل الأساتذة المضربين من وظائفهم ويدخل المدرسة الجزائرية في أزمة لن تخرج منها أبدا، عوض أن يعترف هو بأخطائه ويستقيل من منصبه. ومهما كانت أهمية الوزير والمدة التي قضاها في الحكومة فإنه راحل لا محالة، سواء بالإقالة أو بالاستقالة، أما الأساتذة فمنهم من يعمل منذ ثلاثين سنة ومازال في منصبه، والوزير يعرف أنهم سيظلون في مناصبهم، لأنه لا يمكن تعويض نصف مليون موظف في 24 ساعة، بينما يمكن تعويض وزير في 24 دقيقة.
مثل هذا المنطق ينم عن عجز تام لإيجاد حلول للمشاكل التي تعيشها المدرسة الجزائرية، إذ رغم الإصلاحات والإصلاحات التي أدخلت على الإصلاحات، لم يتغير شيء والمشاكل هي هي، أما نسب النجاح المبهرة في البكالوريا التي تفخر بها الحكومة فإنها أضرت الجزائر بدل أن تنفعها وتسببت في انهيار المستوى في الجامعات، فأصبحت تخرّج آلاف حاملي الشهادات بلا تحصيل علمي حقيقي بدل أن تخرّج نخبا تقود البلاد.
الوزير اختار أن ينشر أجور الأساتذة في الجرائد، وهو إجراء لا يتعارض مع مبادئ الشفافية التي تفرض أن تكون رواتب الموظفين معروفة، لكن ”المومن يبدأ في روحه”، كما يقول المثل الشعبي، أي أن الوزير يجب أن ينشر راتبه ورواتب مستشاريه والموظفين السامين في الوزارة كذلك. ورغم أن الأساتذة انزعجوا من هذا الإجراء، إلا أنهم انزعجوا أكثـر لما عرفوا أن الأجور التي نشرت ليست هي الأجور التي سيقبضونها، والدليل أن حرب جداول الرواتب والعلاوات انتهت بانتصار النقابات ولم تستطع الوزارة الرد عليها.
وإذا سارت الحكومة بنفس منطق وزير التربية، فإنها يجب أن تطرد الأطباء أيضا لأنهم يشنون إضرابا منذ ثلاثة أشهر، وإلا فإنها متهمة بالكيل بمكيالين، لأن توقف المستشفيات عن العمل أخطر على حياة الجزائريين من توقف التلاميذ عن الدراسة.
كثير من الدول عرفت أزمات بسبب إضراب الأساتذة، والمثال الأقرب إلينا في فرنسا، التي شهدت رحيل عدد كبير من وزراء التربية، بسبب الإضرابات، لكن لم يجرؤ أحد على القول يجب طرد كل الأساتذة وأبقى أنا.