هناك مقولة مشهورة لمدير اليونيسكو السابق يقول فيها: »إذا وجدتم أن التعليم مكلف جدا، فجربوا الجهل.. إنه لا يكلف شيئا«. وإذا قدرت الحكومة الجزائرية أن قطاع التربية مكلف.. لتجرب غلق المدارس سنة واحدة، لتحصد 8 ملايين مجرم أو مشروع مجرم.. لنرى كم ستكون التكلفة.
إن التعليم فعلا عملية مكلفة، تبدأ من بناء المنشآت أي المدارس والمتوسطات والثانويات، في 1541 بلدية، 541 دائرة، 48 ولاية، وآلاف القرى والمداشر. وبعدها يجب تجهيزها بالمعدات، ثم استقدام العمال والمعلمين والمربين، وتخصيص الميزانيات للكتب، ونفقات للمطاعم الدراسية، وغيرها إنها عملية مكلفة من أجدل ضمان تعليم الأبناء، وهي مكلفة ليس فقط في الجزائر بل في كل دول العالم، والتعليم عملية مربحة على المدى البعيد، اقتصاديا واجتماعيا وحضاريا.. لذلك تخصص له الميزانيات الضخمة تفوق في العادة ميزانيات وزارات الدفاع إلا في الحالات الاستثنائية أو في الدول المتخلفة.
عندما خصصت الدول الكبرى نسب كبيرة من الناتج الداخلي الخام للتعليم، تطورت فيها الحياة نحو الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية، وقلت فيها الأمراض بفعل ارتفاع الوعي الاجتماعي، وقلت فيها مظاهر المشاكل الاجتماعية كتلك التي تشهدها الدول الفقيرة التي لا تولي أهمية كبيرة للتعليم مثل الدول الإفريقية، والنتيجة: الحروب الأهلية، المجاعات، الأمراض، والتخلف بكل أشكاله.
إن الذين يخصصون نفقات كبيرة للتعليم، يعني أنهم يرغبون في ضمان مستقبل أفضل، وتحدث حالة طوارئ كلما تراجع مستوى التعليم أو غابت جامعاتهم عن احتلال المراكز الأولى في قوائم أفضل جامعات العالم. ففي الثمانينات مثلا تراجع الاقتصاد الأمريكي أمام اقتصاديات آسيا خاصة اليابان التي غزت منتوجاتها السوق الأمريكية، حينها قررت إدارة الرئيس ريغن إعادة النظر في المنظومة التعليمة، وشكلت لجنة من كبار الخبراء أصدرت تقريرا عنوانه أمة في خطر وأعطت التعليمات والتوجيهات لإعادة بعث التعلم، حتى عادت أمريكا إلى احتلال صدارة الاقتصاد العالمي.
منذ عام 2024 وقطاع التربية في الجزائر يشهد سنويا إضرابات متلاحقة، وإن لم تكن إضرابات فاحتجاجات، وإن لم تكن احتجاجات فتلويح بالإضراب أو الاحتجاج والسنة البيضاء وما شابه.. فهل يعقل أن يظل قطاع التربية يغلي بهذا الشكل وتظل الوزارة الوصية تتهم المضربين بالتسرع واللامسؤولية وتعتبر الإضراب غير شرعي، وربما تلجأ إلى العدالة لوقفه؟.
نحن جميعا شهود على التعب الذي يعانيه المعلمون من الابتدائي إلى الثانوي، فهم يعملون ما معدله 40 ساعة في الأسبوع، وهو حجم ساعي قد لا يقوم به أي جزائري عدا المعلم.. وفضلا على ذلك فإن أقسامهم مكتظة للغاية تجاوزت نسبتها النسب المتعارف عاليها عالميا، لتضيف لهم تعبا على تعب..وبدل أن يكرم هذا المعلم وتعلق له النياشين وترسم له التماثيل.. أصبح يهان ويشهر به من قبل الحكومة عبر صفحات الجرائد، حتى أنه مرة أعلنت الحكومة عن زيادات في الرواتب، اتضح فيما بعد أنها زيادات وهمية..
الأستاذ والمعلم والمربي.. هو الوحيد الذي لا يغيب، وعندما يغيب فإن »العالم« كله يعلم بغيابه.. وربما تسلط عليه العقوبات المادية والنفسية فضلا عن الضغوطات المعروفة والمجهولة أيضا. والأستاذ والمعلم والمربي هو الوحيد الذي يشتغل في المدرسة والبيت أيضا في التصحيح والتحضير، ويكون عمل البيت على حساب نفسه وأبنائه وعائلته.
ولأن الأستاذ والمعلم والمربي يتمتع بنوع من الأخلاق والتريث وتحمل المسؤولية الاجتماعية، فهو لا يسمح لنفسه بالخروج للشارع ولا يلجأ لحرق العجلات في الطرقات والأزقة وأمام المباني الحكومية. في العام الماضي شاهدنا حركة اعتصامات واسعة للأساتذة المتعاقدين أمام وزارة التربية ورئاسة الحكومة والمجلس الشعبي الوطني، وحتى رئاسة الجمهورية، استغل خلالها المعتصمون فرصة »الثورات العربية« وخروج جميع الشرائح الاجتماعية إلى الشارع، فعندما لاحظوا أن الذي يخرج إلى الشارع تستجيب له الحكومة فعلوا ذلك، وحققوا جزءا من مطالبهم خلال الدخول المدرس الحالي.. إن مشكلة الأستاذة المتعاقدين أوجدتها الحكومة.. فهي التي وظفت معلمين ثم تخلت عنهم.. فالمعلم الذي كان صالحا للتدريس أمس ليس معقول أن نقول له إنك غير صالح للتدريس اليوم..
ومشكل الإضراب هذه السنة كان يمكن تفاديه.. لكن الوزارة لم تعلن عن قراراتها بزيادة الرواتب إلا ليلة الدخول في الإضراب، وكأنها كانت تريد للإضراب أن يقع
عن جريدة الاحرار.
لنغلق الابواب
ونترك بن بوزيد يظهر لنا حنة يديه
اختصر من فضلك يا اخي
بهذا الحل سيكون على الاولياء ان يحملوا على عاتقهم التربية الحقة لأبنائهم وبذلك سيظهر دور المعلم جليا امام أعينهم ؟؟؟؟؟