تخطى إلى المحتوى

:: حِصْنُ اللَّهِ الْحَصِينُ الَّذِي مَنْ دَخَلَهُ كَانَ مِنَ الْآمِنِينَ :: 2024.

  • بواسطة

بسم الله الرحمن الرحيم
و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

[بَيَانُ مَنْزِلَةِ السُّنَّةِ]
فَإِنَّ السُّنَّةَ حِصْنُ اللَّهِ الْحَصِينُ الَّذِي مَنْ دَخَلَهُ كَانَ مِنَ الْآمِنِينَ. وَبَابُهُ الْأَعْظَمُ الَّذِي مَنْ دَخَلَهُ كَانَ إِلَيْهِ مِنَ الْوَاصِلِينَ تَقُومُ بِأَهْلِهَا
وَإِنْ قَعَدَتْ بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ وَيَسْعَى نُورُهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ إِذَا طُفِئَتْ لِأَهْلِ " الْبِدَعِ وَالنِّفَاقِ أَنْوَارُهُمْ "، وَأَهْلُ السُّنَّةِ: هُمُ الْمُبْيَضَّةُ
وُجُوهُهُمْ إِذَا اسْوَدَّتْ وُجُوهُ أَهْلِ الْبِدْعَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106] الْآيَةَ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَبْيَضُّ وُجُوهُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالِائْتِلَافِ وَتَسْوَدُّ وُجُوهُ أَهْلِ الْبِدْعَةِ وَالتَّفَرُّقِ.

وَهِيَ الْحَيَاةُ وَالنُّورُ " اللَّذَانِ " بِهِمَا سَعَادَةُ الْعَبْدِ وَهُدَاهُ وَفَوْزُهُ قَالَ جَلَّ وَعَلَا: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ
فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا. . .} [الأنعام: 122] .

[بَيَانُ مَنْزِلَةِ صَاحِبِ السُّنَّةِ وَصَاحِبِ الْبِدْعَةِ]
فَصَاحِبُ السُّنَّةِ: حَيُّ الْقَلْبِ، مُسْتَنِيرُ الْقَلْبِ، وَصَاحِبُ الْبِدْعَةِ: مَيِّتُ الْقَلْبِ مُظْلِمُهُ.
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ فِي كِتَابِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَجَعَلَهُمَا صِفَةَ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَجَعَلَ ضِدَّهُمَا صِفَةَ مَنْ
خَرَجَ عَنِ الْإِيمَانِ، فَإِنَّ الْقَلْبَ الْحَيَّ الْمُسْتَنِيرَ هُوَ الَّذِي عَقَلَ عَنِ اللَّهِ، وَأَذْعَنَ وَفَهِمَ عَنْهُ، وَانْقَادَ لِتَوْحِيدِهِ، وَمُتَابَعَةِ مَا بُعِثَ بِهِ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. " وَالْقَلْبُ الْمَيِّتُ الْمُظْلِمُ الَّذِي لَمْ يَعْقِلْ عَنِ اللَّهِ وَلَا انْقَادَ لِمَا بُعِثَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
وَلِهَذَا يَصِفُ سُبْحَانَهُ هَذَا الضَّرْبَ مِنَ النَّاسِ بِأَنَّهُمْ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ، وَبِأَنَّهُمْ فِي الظُّلُمَاتِ لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا، وَلِهَذَا كَانَتِ الظُّلْمَةُ
مُسْتَوْلِيَةً عَلَيْهِمْ فِي جَمِيعِ جِهَاتِهِمْ فَقُلُوبُهُمْ مُظْلِمَةٌ تَرَى الْحَقَّ فِي صُورَةِ الْبَاطِلِ، وَالْبَاطِلَ فِي صُورَةِ الْحَقِّ، وَأَعْمَالُهُمْ مُظْلِمَةٌ
وَأَقْوَالُهُمْ مُظْلِمَةٌ، وَأَحْوَالُهُمْ كُلُّهَا مُظْلِمَةٌ، وَقُبُورُهُمْ مُمْتَلِئَةٌ عَلَيْهِمْ ظُلْمَةً.

وَإِذَا قُسِمَتِ الْأَنْوَارُ دُونَ الْجِسْرِ لِلْعُبُورِ عَلَيْهِ بَقُوا فِي الظُّلُمَاتِ، وَمُدْخَلُهُمْ فِي النَّارِ مُظْلِمٌ، وَهَذِهِ الظُّلْمَةُ هِيَ الَّتِي خُلِقَ فِيهَا
الْخَلْقُ أَوَّلًا، فَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ السَّعَادَةَ أَخْرَجَهُ مِنْهَا إِلَى النُّورِ، وَمَنْ أَرَادَ بِهِ الشَّقَاوَةَ تَرَكَهُ فِيهَا، كَمَا رَوَى الْإِمَامُ
أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا " عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
( «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ اهْتَدَى وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ، فَلِذَلِكَ أَقُولُ جَفَّ الْقَلَمُ
عَلَى عِلْمِ اللَّهِ» ) "
وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ نُورًا فِي قَلْبِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَشَعْرِهِ وَبَشَرِهِ وَلَحْمِهِ وَعَظْمِهِ وَدَمِهِ
وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَخَلْفَهُ وَأَمَامَهُ وَأَنْ يَجْعَلَ ذَاتَهُ نُورًا، فَطَلَبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النُّورَ لِذَاتِهِ
وَلِأَبْعَاضِهِ وَلِحَوَاسِّهِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ وَلِجِهَاتِهِ السِّتِّ.

وَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ": " الْمُؤْمِنُ مُدْخَلُهُ مِنْ نُورٍ، وَمُخْرَجُهُ مِنْ نُورٍ، وَقَوْلُهُ نُورٌ، وَعَمَلُهُ نُورٌ. . "
وَهَذَا النُّورُ بِحَسَبِ قُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ يَظْهَرُ لِصَاحِبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَسْعَى بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَمِينِهِ. فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَكُونُ نُورُهُ كَالشَّمْسِ
وَآخَرُ كَالنَّجْمِ، وَآخَرُ كَالنَّخْلَةِ السَّحُوقِ، وَآخَرُ دُونَ ذَلِكَ حَتَّى " إِنَّ " مِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورًا عَلَى رَأْسِ إِبْهَامِ قَدَمِهِ يُضِيءُ
مَرَّةً وَيُطْفِئُ أُخْرَى، كَمَا كَانَ نُورُ إِيمَانِهِ وَمُتَابَعَتِهِ فِي الدُّنْيَا كَذَلِكَ، فَهُوَ هَذَا بِعَيْنِهِ يَظْهَرُ هُنَاكَ لِلْحِسِّ وَالْعِيَانِ.

وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ
مِنْ عِبَادِنَا. .} [الشورى: 52] الْآيَةَ
فَسَمَّى وَحْيَهُ وَأَمْرَهُ رُوحًا لِمَا يَحْصُلُ بِهِ مِنْ حَيَاةِ الْقُلُوبِ وَالْأَرْوَاحِ. وَسَمَّاهُ نُورًا ; لِمَا يَحْصُلُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَاسْتِنَارَةِ الْقُلُوبِ
وَالْفُرْقَانِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.

وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ " عَزَّ وَجَلَّ ": {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا} [الشورى: 52] فَقِيلَ: يَعُودُ عَلَى الْكِتَابِ، وَقِيلَ: عَلَى
الْإِيمَانِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَعُودُ عَلَى الرُّوحِ، فِي قَوْلِهِ: {رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52] فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ جَعَلَ أَمَرَهُ
رُوحًا وَنُورًا وَهُدًى، وَلِهَذَا تَرَى صَاحِبَ اتِّبَاعِ الْأَمْرِ وَالسُّنَّةِ قَدْ كُسِيَ مِنَ الرُّوحِ وَالنُّورِ وَمَا يَتْبَعُهُمَا مِنَ الْحَلَاوَةِ وَالْمَهَابَةِ وَالْجَلَالَةِ
وَالْقَبُولِ مَا قَدْ حُرِمَهُ غَيْرُهُ، كَمَا قَالَ الْحَسَنُ: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ مَنْ رُزِقَ حَلَاوَةً وَمَهَابَةً)
وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ
النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ. .} [البقرة: 257]
فَأَوْلِيَاؤُهُمْ يُعِيدُونَهُمْ إِلَى مَا خُلِقُوا فِيهِ، مِنْ ظُلْمَةِ طَبَائِعِهِمْ وَجَهْلِهِمْ وَأَهْوَائِهِمْ، وَكُلَّمَا أَشْرَقَ لَهُمْ نُورُ النُّبُوَّةِ وَالْوَحْيِ وَكَادُوا أَنْ
يَدْخُلُوا فِيهِ مَنَعَهُمْ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْهُ وَصَدُّوهُمْ، فَذَلِكَ إِخْرَاجُهُمْ إِيَّاهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ.

وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا. .}
[الأنعام: 122]
فَأَحْيَاهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِرُوحِهِ الَّذِي هُوَ وَحْيُهُ وَهُوَ رُوحُ الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ، وَجَعَلَ لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ بَيْنَ أَهْلِ الظُّلْمَةِ كَمَا
يَمْشِي الرَّجُلُ بِالسِّرَاجِ الْمُضِيءِ فِي الظُّلْمَةِ، فَهُوَ يَرَى هْلَ الظُّلْمَةِ فِي ظُلُمَاتِهِمْ وَهُمْ لَا يَرَوْنَهُ كَالْبَصِيرِ الَّذِي يَمْشِي بَيْنَ الْعُمْيَانِ.

مسلولة من كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية
لإبن قيم الجوزية رحمه الله تعالى
– المكتبة الشاملة –

جزاكم الله خيرا

وَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ": " الْمُؤْمِنُ مُدْخَلُهُ مِنْ نُورٍ، وَمُخْرَجُهُ مِنْ نُورٍ، وَقَوْلُهُ نُورٌ، وَعَمَلُهُ نُورٌ. . "
وَهَذَا النُّورُ بِحَسَبِ قُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ يَظْهَرُ لِصَاحِبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَسْعَى بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَمِينِهِ.

اللهم اجعلنا من أهل السنة ثابتين على الحق حتى نلقاك يارب

جزاكم الله خيرا

يوم أمس عدت إلى مدينتي من السفر ( أكثر من 100 كم ) … وقد حان وقت صلاة الجمعة ، فذهبت إلى المسجد مسرعا لاتوضأ و ألحق على الصلاة ، فوجدت أن المصلين قد شرعوا فيها ، و كان الوقت غير مناسب لاتمكن من الوضوء والصلاة ، فتيممت وصليت معهم … فهل هذا جائز … و شكرا مسبقا ^^

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Æymen الجيريا
يوم أمس عدت إلى مدينتي من السفر ( أكثر من 100 كم ) … وقد حان وقت صلاة الجمعة ، فذهبت إلى المسجد مسرعا لاتوضأ و ألحق على الصلاة ، فوجدت أن المصلين قد شرعوا فيها ، و كان الوقت غير مناسب لاتمكن من الوضوء والصلاة ، فتيممت وصليت معهم … فهل هذا جائز … و شكرا مسبقا ^^
تجد هنا اجابات عن أسئلة في نفس السياق
وفقك الله اخي :
التيمم لإدراك الجماعة
فيمن تيمَّم مع وجود الماء خشيةَ فوات الجماعة
و الله اعلم

جزاك الله خيرا

كلامك يحتاجه كل واحد منا ليفتخر بانتمائه للامة الاسلامية ويعتز بكونه سنيا.

فَصَاحِبُ السُّنَّةِ: حَيُّ الْقَلْبِ، مُسْتَنِيرُ الْقَلْبِ، وَصَاحِبُ الْبِدْعَةِ: مَيِّتُ الْقَلْبِ مُظْلِمُهُ.

جزاكم الباري

جزاك الله كل خير
شكرا لك

جزاك الله كل خير

bien dit kamal الجيريا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.