تخطى إلى المحتوى

تفسير سورة المسد 2024.

تفسير سورة المسد
( تبت يدا أبي لهب وتب ( 1 ) ما أغنى عنهماله وما كسب ( 2 ) سيصلى نارا ذات لهب ( 3 ) وامرأته حمالة الحطب ( 4 ) في جيدهاحبل من مسد ( 5 ) )

قال البخاري : حدثنا محمد بن سلام ، حدثنا أبو معاوية ،حدثنا الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أن النبي صلىالله عليه وسلم خرج إلى البطحاء ، فصعد الجبل فنادى : " يا صباحاه " . فاجتمعت إليهقريش ، فقال : " أرأيتم إن حدثتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ، أكنتم تصدقوني ؟ " . قالوا : نعم . قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " . فقال أبو لهب : ألهذاجمعتنا ؟ تبا لك . فأنزل الله : ( تبت يدا أبي لهب وتب ) إلى آخرها .

وفيرواية : فقام ينفض يديه ، وهو يقول : تبا لك سائر اليوم . ألهذا جمعتنا ؟ فأنزلالله : ( تبت يدا أبي لهب وتب ) .

الأول دعاء عليه ، والثاني خبر عنه . فأبو لهب هذا هو أحد أعمام رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه : عبد العزى بن عبدالمطلب ، وكنيته أبو عتبة . وإنما سمي " أبا لهب " لإشراق وجهه ، وكان كثير الأذيةلرسول الله صلى الله عليه وسلم والبغضة له ، والازدراء به ، والتنقص له ولدينه . .

قال الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن أبي العباس ، حدثنا عبد الرحمن بن أبيالزناد ، عن أبيه قال : أخبرني رجل – يقال له : ربيعة بن عباد ، من بني الديل ،وكان جاهليا فأسلم – قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية في سوق ذيالمجاز وهو يقول : " يا أيها الناس ، قولوا : لا إله إلا الله تفلحوا " والناسمجتمعون عليه ، ووراءه رجل وضيء الوجه أحول ذو غديرتين ، يقول : إنه صابئ كاذب . يتبعه حيث ذهب ، فسألت عنه فقالوا : هذا عمه أبو لهب .

ثم رواه عن سريج ،عن ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، فذكره – قال أبو الزناد : قلت لربيعة : كنت يومئذصغيرا ؟ قال : لا والله ، إني يومئذ لأعقل أني أزفر القربة . تفرد به أحمد .

وقال محمد بن إسحاق : حدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس قال : سمعت ربيعة بن عباد الديلي يقول : إني لمع أبي رجل شاب ، أنظر إلى رسول الله صلىالله عليه وسلم يتبع القبائل – ووراءه [ ص: 515 ] رجل أحول وضيء ، ذو جمة – يقفرسول الله صلى الله عليه وسلم على القبيلة فيقول : " يا بني فلان ، إني رسول اللهإليكم ، آمركم أن تعبدوا الله لا تشركوا به شيئا ، وأن تصدقوني وتمنعوني حتى أنفذعن الله ما بعثني به " . وإذا فرغ من مقالته قال الآخر من خلفه : يا بني فلان ، هذايريد منكم أن تسلخوا اللات والعزى ، وحلفاءكم من الجن من بني مالك بن أقيش ، إلى ماجاء به من البدعة والضلالة ، فلا تسمعوا له ولا تتبعوه . فقلت لأبي : من هذا ؟ قال : عمه أبو لهب .

رواه أحمد أيضا والطبراني بهذا اللفظ .

فقولهتعالى : ( تبت يدا أبي لهب ) أي : خسرت وخابت ، وضل عمله وسعيه ( وتب ) أي : وقد تبتحقق خسارته وهلاكه .

وقوله : ( ما أغنى عنه ماله وما كسب ) قال ابن عباسوغيره : ( وما كسب ) يعني : ولده . وروي عن عائشة ، ومجاهد ، وعطاء ، والحسن ، وابنسيرين ، مثله .

وذكر عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعاقومه إلى الإيمان ، قال أبو لهب : إذا كان ما يقول ابن أخي حقا ، فإني أفتدي نفسييوم القيامة من العذاب بمالي وولدي ، فأنزل الله : ( ما أغنى عنه ماله وما كسب ) .

وقوله : ( سيصلى نارا ذات لهب ) أي : ذات شرر ولهيب وإحراق شديد .

( وامرأته حمالة الحطب ) وكانت زوجته من سادات نساء قريش ، وهي : أم جميل ،واسمها أروى بنت حرب بن أمية ، وهي أخت أبي سفيان . وكانت عونا لزوجها على كفرهوجحوده وعناده ; فلهذا تكون يوم القيامة عونا عليه في عذابه في نار جهنم . ولهذاقال : ( حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد ) يعني : تحمل الحطب فتلقي على زوجها ،ليزداد على ما هو فيه ، وهي مهيأة لذلك مستعدة له .

( في جيدها حبل من مسد ) قال مجاهد وعروة : من مسد النار .

وعن مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة، والثوري ، والسدي : ( حمالة الحطب ) كانت تمشي بالنميمة ، [ واختاره ابن جرير ] .

وقال العوفي ، عن ابن عباس ، وعطية الجدلي ، والضحاك ، وابن زيد : كانت تضعالشوك في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واختاره ابن جرير .

قال ابنجرير : وقيل : كانت تعير النبي صلى الله عليه وسلم بالفقر ، وكانت تحتطب ، فعيرتبذلك .

كذا حكاه ، ولم يعزه إلى أحد . والصحيح الأول ، والله أعلم .

قال سعيد بن المسيب : كانت لها قلادة فاخرة فقالت : لأنفقنها في عداوة محمديعني : فأعقبها الله بها حبلا في جيدها من مسد النار .

[ ص: 516 ]

وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن سليم مولى الشعبي ، عنالشعبي قال : المسد : الليف .

وقال عروة بن الزبير : المسد : سلسلة ذرعهاسبعون ذراعا .

وعن الثوري : هو قلادة من نار ، طولها سبعون ذراعا .

وقال الجوهري : المسد : الليف . والمسد أيضا : حبل من ليف أو خوص ، وقديكون من جلود الإبل أو أوبارها ، ومسدت الحبل أمسده مسدا : إذا أجدت فتله .

وقال مجاهد : ( في جيدها حبل من مسد ) أي : طوق من حديد ، ألا ترى أن العربيسمون البكرة مسدا ؟

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي وأبو زرعة ، قالا : حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا الوليد بن كثير ، عن ابنتدرس ، عن أسماء بنت أبي بكر قالت : لما نزلت : ( تبت يدا أبي لهب ) أقبلت العوراءأم جميل بنت حرب ، ولها ولولة ، وفي يدها فهر ، وهي تقول :

مذمماأبينا ودينه قلينا وأمره عصينا

ورسول الله صلى الله عليه وسلمجالس في المسجد ومعه أبو بكر ، فلما رآها أبو بكر قال : يا رسول الله ، قد أقبلتوأنا أخاف عليك أن تراك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها لن تراني " . وقرأ قرآنا اعتصم به ، كما قال تعالى : ( وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذينلا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ) [ الإسراء : 45 ] . فأقبلت حتى وقفت على أبي بكرولم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا أبا بكر ، إني أخبرت أن صاحبكهجاني ؟ قال : لا ورب هذا البيت ما هجاك . فولت وهي تقول : قد علمت قريش أني ابنةسيدها . قال : وقال الوليد في حديثه أو غيره : فعثرت أم جميل في مرطها وهي تطوفبالبيت ، فقالت : تعس مذمم . فقالت أم حكيم بنت عبد المطلب : إني لحصان فما أكلم ،وثقاف فما أعلم ، وكلنا من بني العم ، وقريش بعد أعلم .

وقال الحافظ أبوبكر البزار : حدثنا إبراهيم بن سعيد وأحمد بن إسحاق ، قالا : حدثنا أبو أحمد ،حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما نزلت : ( تبت يدا أبي لهب ) جاءت امرأة أبي لهب ورسول الله صلى الله عليهوسلم جالس ، ومعه أبو بكر . فقال له أبو بكر : لو تنحيت لا تؤذيك بشيء . فقال رسولالله صلى الله عليه وسلم : " إنه سيحال بيني وبينها " . فأقبلت حتى وقفت على أبيبكر فقالت : يا أبا بكر ، هجانا صاحبك . فقال أبو بكر : لا ورب هذه البنية ما نطقبالشعر ولا يتفوه به . فقالت : إنك لمصدق ، فلما ولت قال أبو بكر ، رضي الله عنه : ما رأتك ؟ قال : " لا ، ما زال ملك يسترني حتى ولت " .

[ ص: 517 ]

ثم قال البزار : لا نعلمه يروى بأحسن من هذا الإسناد ، عن أبي بكر ، رضيالله عنه .

وقد قال بعض أهل العلم في قوله تعالى : ( في جيدها حبل من مسد ) أي : في عنقها حبل في نار [ جهنم ] ترفع به إلى شفيرها ، ثم يرمى بها إلى أسفلها ،ثم كذلك دائما .

قال أبو الخطاب بن دحية في كتابه التنوير – وقد روى ذلكوعبر بالمسد عن حبل الدلو ، كما قال أبو حنيفة الدينوري في كتاب " النبات " : كلمسد : رشاء ، وأنشد في ذلك :

وبكرة ومحورا صرارا ومسدا من أبقمغارا

قال : والأبق : القنب .

وقال الآخر :

يا مسد الخوص تعوذ مني إن تك لدنا لينا فإني
ما شئت من أشمطمقسئن

قال العلماء : وفي هذه السورة معجزة ظاهرة ودليل واضح علىالنبوة ، فإنه منذ نزل قوله تعالى : ( سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب فيجيدها حبل من مسد ) فأخبر عنهما بالشقاء وعدم الإيمان ، لم يقيض لهما أن يؤمنا ،ولا واحد منهما لا ظاهرا ولا باطنا ، لا مسرا ولا معلنا ، فكان هذا من أقوى الأدلةالباهرة على النبوة الظاهرة .

لاتنسوني بالدعاء الصالح

شكرا لك يا اخي

بارك الله فيك و جعلك ذخرا للمنتدى

شكرااااااااااااااااااااااا لك
وادخلك وادخلنا فسيح جنانه

جزاك الله خيرا اخي في الله

جزاكم الله خير الجزاء

دمتم اوفياء للرفع من مستوى المنتدى

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
جازاك الله خيرا و بارك الله فيك

شكرااااااااااااااااااااااا لك
وادخلك وادخلنا فسيح جنانه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.