تخطى إلى المحتوى

الى الاستا ابراهيم داود 2024.

السلام عليكم استاد أرجوك ساعدني
بان تزودني مقالات لاني سأجتاز bac libre
ليس لدي اي مراجع
ارجوك ان تساعدني

يا اختي انا لا اعلم اي شعبة انتي ولكن عندي مقالة للاساذ ابراهيم : في الشعور واللاشعور وهي موسعة وضعها هنا في المنتدى جزاه الله خيرا

ساضعها لكي لعلك تستفيدين منها فهي شاملة

طرح المشكلة :يهتم علم النفس بدراسة مختلف الظواهر النفسية الصادرة عن الإنسان من ذاكرة و تخيل و عواطف و رغبات و ميول و هي أحوال باطنية و ذاتية لا يمكن التعرف عليها و إدراكها إلا بواسطة الشعور وهو معرفة النفس لأحوالها و أفعالها مباشرة ، غير أن هناك أحوالا نفسية باطنية أخرى لا ندرك حقيقتها و لا نشاطها و التي لها تأثير عميق على سلوكنا و هي تشكل ما يعرف باللاشعور، وهذا ما أدى إلى ظهور صراع و جدال بين علماء النفس و الفلاسفة حول أساس الحياة النفسية فالبعض يرى انه عن طريق الشعور يمكن فهم و تفسير كل الأحوال النفسية لكن البعض الآخر يرى أن هناك أفعالا تصدر عنا و لا نستطيع فهمها و تفسيرها بالشعور و الوعي و هو ما أدى إلى افتراض وجود اللاشعور و من هنا نتساءل: هل الشعور كاف لمعرفة و تفسير حياتنا النفسية؟ أم أن اللاشعور ضروري لتفسير ما لا نفهمه عن طريق الشعور؟ و بتعبير آخر هل أساس الحياة النفسية هو الشعور فقط أم أن هناك جوانب لا شعورية لابد من الاعتراف بها ؟
محاولة حل المشكلة :
عرض منطق الأطروحة: يرى أنصار علم النفس التقليدي و على رأسهم الفيلسوف الفرنسي رونيه ديكارت DescartesRené( 1596-1650 ) و مواطنه آلان Alain (1868-1951 م) أنالحياة النفسية قائمة على الشعور وحده ، وهو الأساس الذي تقوم عليه ، فيكفيأن يحلل المرء شعوره ليتعرف بشكل واضح جلي على كل ما يحدث في ذاته من أحوالوخبرات نفسية وكل ما يقوم به من أفعال وسلوكات ، فالشعور هو أساس الحياةالنفسية ، وهو الأداة الوحيدة لمعرفتها ، وأن الشعور والنفس مترادفان ، ومنثـمّ فكل نشاط نفسي شعوري ، وما لا نشعر به فهو ليس من أنفسنا ، و قد انطلقوا من المسلمات التالية: الانطلاق من القاعدة الثنائية :النفس و الجسد ؛فكل ما هو شعوري نفسي و كل ما لاشعوري جسدي ، الشعور هو الأساس الوحيد للنفس.
الحجج و البراهين:و قد برروا موقفهم بالحجج التالية:
* فالحجة الأولى نجدها عند ديكارت الذي يتصور أن الإنسان يتكون من ثنائية الجسم و الروح( النفس) و أن النفس لا تنقطع عن التفكير إلا إذا تلاشى وجودها فهي تشعر بكل ما يجري داخلها من أحوال و انفعالات و عواطف كالفرح و الحزن و الغضب و أما الحوادث اللاشعورية فتتمثل فقط في بعض النشاطات الفيزيولوجية الآلية المرتبطة بالجسم و التي تحدث دون وعي منا كالدورة الدموية ؛و انقسام الخلايا و نبضات القلب ؛و حركة الرئتين و قيام المعدة بهضم الطعام؛ و عمل الدماغ و نمو الأظافر و الشعر؛ كلها وظائف تعمل من غير شعورنا بها فقد رفض علم النفس التقليدي إمكانية وجود لا وعي نفسي و اعتبر هذه العبارة متناقضة فاللاشعور هو جسدي أما النفسي فهو الشعور. يقول ديكارت: « لا توجد حياة نفسية خارج الروح إلا الحياة الفيزيولوجية » و يقول أيضا: « الشعور و النفس مترادفان »، وفي قول آخر: « النفس جوهر ميتافيزيقي بسيط يتكون من الشعور فقط ».
* والحجة الثانية منطقية في طابعها وهي مستمدة بالضبط من " كوجيتو ديكارت " القائل : » أنا أفكر ، إذن أنا موجود »Je pense donc je suis، وهذا يعني أن الفكر دليل الوجود ، وأنالنفس البشرية لا تنقطع عن التفكير إلا إذا انعدم وجودها، فكلمة الجسم عند ديكارت تعني شيئا ماديا يشغل مكانا و على ذلك فالجسم البشري هو مجرد « جسم » و تسير حجته على النحو التالي: * ٳنني موجود لا ريب في ذلك ( فهو أمر لا يمكن الشك فيه)،* و أن لي جسدا، ذلك أمر فيه شك ( يمكن الشك فيه ).* ذلك يعني أن وجودي مستقل عن الجسد.* و من ثم فإنني لا أستطيع أن أكون على يقين من أنني موجود عندما لا أفكر.* و على ذلك فوجودي و وجود نفسي يعتمد على تفكيري.* و إذن؛ فأنا من حيث الماهية( وهي الصفات الأساسية للشيء)، شيء مفكر أي أنني نفس، أو ذهن ، أو عقل.و لهذه الحجة المنطقية عدة نتائج منها أن وجودنا يعتمد تماما على وعينا و شعورنا فقط، و ما إن نكف عن التفكير فإننا عندئذ نختفي.و نتيجة أخرى هي أن أذهاننا أو أنفسنا تستمر في الوجود بعد أن تموت أجسادنا. يقول ديكارت : « إنني لست مقيما في جسدي كما يقيم الملاح في سفينته، ولكنني متصل به اتصالا وثيقا، ومختلط به بحيث أؤلف معه وحدة منفردة، ولو لم يكن الأمر كذلك، لما شعرت بألم إذا أصيب جسدي بجرح، ولكني أدرك ذلك بالعقل وحده، كما يدرك الملاح بنظرة أي عطل في السفينة ».
* و كلمة شعور في اللغة اليونانية مأخوذة من اللفظ Conscientia، ويعني الوعي أو امتلاك وعيبشيء ما. أما بالنسبة للفظة الفرنسيةConscienceفتعني الفهم المباشر من طرف الفكر لذاته ؛ فعندما أفكر فأنا أعرف بالضرورة أنني أفكر أيضا ،فكيف أضمن أنني لا أحلم في الوقت ذاته الذي أكون فيه مستيقظا؟ .. ولماذا لا يخدعني الله عندما أرى بوضوح أن 2 و 3 يساويان 5؟، كل هذا يتم بفضل الشعور الذي يعتبر الفكر أهم مظهر له ،و من ثمة لا نستغرب كيف أن جميع المناطقة القدامى عرفوا الإنسان بأنه كائن عاقل ناطق و النطق هنا تعبير عن الفكر،يقول ديكارت:«من خلال اسم الفكر نعرف كل ما يدور بدواخلنا بالصورة التي تجعلنا واعين بذلك، كلما كان لنا وعي به »، و يقول أيضا: «ليس هناكشيء يمكنه أن يكون في متناولنا غير أفكارنا »
*وهناك حجة منطقية أخرى تقول أن كون كل ما هو نفسي يرادف ما هو شعوري يلزم عنه أن كل ما أشعر به فهو موجود و ما لا أشعر به فهو غير موجود فالقول بوجود حياة نفسية لا شعورية هو من باب الجمع بين النقيضين في الشيء الواحد و هذا خطأ .فكل ما يحدث فيالذات قابل للمعرفة ، والشعور قابل للمعرفة فهو موجود ، أما اللاشعور فهو غيرقابل للمعرفة ومن ثـمّ فهو غير موجود . إذن لا وجود لحياة نفسية لا نشعر بها ، فلا نستطيع أن نقول عنالإنسان السّوي انه يشعر ببعض الأحوال ولا يشعر بأخرى مادامت الديمومة والاستمرارية من خصائص الشعورأي لا وجود لفاعلية أخرى تحكم السلوك سوى فاعلية الوعي و الشعور و من ثمة فعلم النفس التقليدي على حد تعبير هنري آي Henri Ey(1900-1977 م)في كتابه " الوعي ": « و قد قام علم النفس التقليدي على المعقولية التامة هذه و على التطابق المطلق بين الموضوع (النفس) و العلم به (الشعور) و تضع دعواه الأساسية أن الشعور و الحياة النفسية مترادفان ».
* ثـم إنالقول بوجود نشاط نفسي لا نشعر به معناه وجود اللاشعور ، وهذا يتناقض معحقيقة النفس القائمة على الشعور بها ، ولا يمكن الجمع بين النقيضين الشعورواللاشعـور في نفسٍ واحدة ، بحيث لا يمكن تصور عقل لا يعقل ونفس لا تشعر حيث يقول الفيلسوف الفرنسي مان دو بيران Maine De Biran (1766-1824): « لا توجد واقعة يمكن القول عنها أنها معلومة دون الشعور بها »، كما دعم نفس الاتجاه زعيم المذهب البراغماتي وليام جيمس في بداية حياته و الذي كتب يقول: « إن علم النفس هو وصف وتفسير للأحوال الشعورية من حيث هي كذلك »
* لو كان اللاشعور موجودا في النفس لكانقابلا للملاحظة ، لكننا لا نستطيع ملاحظته داخليا عن طريق الشعور ، لأننا لانشعر به ، ولا ملاحظته خارجيا لأنه نفسي ، وما هو نفسي باطني وذاتي . وهذايعني أن اللاشعور غير موجود ( ليس قابلا للملاحظة و التجربة ) ، وما هو موجود نقيضه وهو الشعور لذلك قال آلان Alain:« إن الإنسان لا يستطيع أن يفكر دون أن يشعر بتفكيره » كما رفض جان بول سارتر القول بوجود عواطف لاشعورية لأن ذلك ضرب من الوهم و الخطأ و قال: « إن مفهوم اللاشعور النفسي هو مفهوم متناقض إذ لا توجد إلا طريقة واحدة للوجود و هي أن أعي أنني موجود» .

* لقد تعززت فكرة الشعور كأساس للحوادث النفسية مع المدرسة الظواهرية، إذا أعطى إدموند هوسرل (1859-1938م) Edmund Husserlبعدا جديدا للمبدأ الديكارتي "أنا أفكر إذن أنا موجود" و حوله إلى مبدأ جديد سماه الكوجيتاتوم و نصه "أنا أفكر في شيء ما، فذاتي المفكرة إذن موجودة". و معناه أن الشعور لا يقوم بذاته و إنما يتجه بطبعه نحو موضوعاته. و أيضا الفيلسوف الفرنسي أندريه لالاند (1867-1963م) André Lalandeالذي عرف الشعور في موسوعته الشهيرة بقوله: « الشعور هو حدس الفكر لأحواله وأفعاله » ’ ويكون الشعور بهذا التعريف هو الوعي الذي يصاحبنا دوما عند القيام بأي عملونجد من المسلمين من تطرق لهذا الموضوع وهو ابن سينا (980م-1037م) الذي اعتبرأن أساس إثبات خلود النفس هو الشعور وأن الإنسان السوي إذا تأمل نفسه يشعر أن ما تتضمنه من أحوال في الحاضر هو امتداد للأحوال التي كان عليها في الماضي و سيظل يشعر بتلك الأحوال طيلة حياته لأن الشعور بالذات لا يتوقف أبدا حيث يقول « إن الإنسان إذا تجرد عن تفكيرهفي كل شيء من المحسوسات أو المعقولات حتى عند شعوره ببدنه فلا يمكن أن يتجردعن تفكيره في أنه موجود وأنه يستطيع أن يفكر» و يقول أيضا:« الشعور بالذات لا يتوقف أبدا »،ومعنى هذا أن الشعور يعتبرأساسا لتفسير وتحديد العالم الخارجي نظرا لما يتضمن من عمليات عقلية متعددةومتكاملة .
* كما دعم هذا الموقف هنري برغسون مؤسس علم النفس الاستبطاني الذي يرى أن الإنسان يدرك ذاته إدراكا مباشرا فهو يدرك تخيلاته وأحاسيسه بنفسه إذ لا يوجد في ساحة النفس إلا الحياة الشعورية كما يمتاز الشعور بخاصية مهمة وهي الديمومة فهو مستمر و متصل لا يعرف الانقطاع إلا في حالات خاصة حيث يقول هنري برغسون: « الشعور ليس ممتدا في المكان بل هو تدفق في الزمان » فتغير الحالات الشعورية لا يعني وجود فراغات تفصل بين الحالات المختلفة بل هو متصل رغم النوم وحالة الغيبوبة فالشعور يستأنف مجراه ويندمج كما تنصهر الألوان و تتوحد لحظة مغيب الشمس ، ويعبر برغسون Bergson عن الاتصال في الشعور بالديمومة (Durée) ويعني بها اتصال الأحوال الشعورية واندماج اللاحق منها بالسابق أثناء جريانها بحيث تصحبها فكرة الكيف لا فكرة الكم التي تجزئ المتصل و يعمد إليها الإنسان عند التفكير أو التواصل مع الغير،. .
* زيادة على أن هناك حجة نفسية أخرى فالدليل على الطابع الواعي للسلوك النفسي هو شهادة الشعور ذاته كملاحظة داخلية إذ يستطيع الإنسان أن يتعرف على ذاته عن طريق الاستبطان أو التأمل الذاتيالاستبطان (معرفة الباطن أو تعرف الباطن ) Introspection هو معاينة الفرد لعملياته العقلية أو هو المعاينة الذاتية. ويُعرّفه بعضهم بأنه ملاحظة الشخص المنظمة لما يجري في شعوره من خبرات و تجارب حسية أو عقلية أو انفعالية تصف هذه الحالات وتحللها وتؤولها أحياناً، سواء أكانت حاضرة كحالة الحزن أو الغضب أم ماضية كأحلام النوم. وهو أيضا ملاحظة داخلية لما يجري في النفس من فرح و حزن و غضب حيث ينقلب الفرد إلى شاهد على نفسه ليعلم أن له ذاتا أو نفسا حقيقية تميزه عن الآخرين، ومازاللهذا المنهج أهميته وضرورته في دراسة بعض الظواهر النفسية، كذلك كان أساساً للعديدمن الأدوات والمقاييس النفسية خاصة في دراسة الشخصية وأبعادهاالمختلفة وقياس خصائصهاوسماتها ،فالإجابة على غالبية الاستخبارات التي تقيس الشخصية تعتمدعلى استبطان الفرد لذاته، كذلك المقابلة التي تعتمد على ما يقرره الفرد عنذاته. و أيضا في دراسة الأحلام.

. و ترجع جذور هذه النظرية إلى الفلسفة اليونانية وبالتحديد إلى آراء سقراطSocrate 479/ 399 ق م ، الذي اعتقد إن الإنسان يعرف نفسه ويستطيع الحكم عليها وعلى أحوالها وأفعالها وقد عبر عن ذلك بمقولته الشهيرة « ٳعرف نفسك بنفسك ». ومن أنصار منهج الاستبطان أيضا العالم الفرنسي مونتانيه Montagnierالذي يقول: « لا أحد يعرف هل أنت جبان أو طاغية إلا أنت، فالآخرون لا يرونك أبدا »
النقد:لا ننكر أن الإنسان كائن يعي و يشعر فهو يعيش معظم لحظات حياته واعيا،لكن هذا الموقف يفسر بعض الجوانب النفسية فقط ويعجز عن تفسير كثير من الحالات الأخرى التي يتعرض لها الإنسان في حياته فلا يوجد شيء يؤكد أن الحياة النفسية هي كلها شعورية وقابلة للملاحظة ، فهناك الكثير من الحالات النفسية والسلوكية عجز الإنسان عن تفسيرها تبعا للشعور فأحيانا يكون الإنسان قلقا لكنه لا يعرف سبب قلقه و أحيانا ننجذب إلى شخص ما أو ننفر منه دون معرفة السبب كما أن الإبداع الفني و العلمي لا يمكن تفسيرهما بالشعور فقد فمن أين تأتي الأفكار المذهلة التي يقدمها الشعراء و الأدباء و العلماء… ،و بهذا يصير جزء من السلوك الإنساني مبهما و مجهول الأسباب و في ذلك تعطيل لمبدأ السببية الذي يقول أنه ما من ظاهرة تحدث إلا و لها سبب يفسرها و هذا المبدأ هو أساس العلوم كما أن الملاحظة ليست دليلا على وجود الأشياء حيث يمكن أن نستدل على وجود الشيء من خلال آثاره فلا أحد يستطيع ملاحظة الجاذبية أو التيار الكهربائي، و رغم ذلك فآثارهما تجعلنا لا ننكر وجودهما. ، وأخيرا يمكننا القول عن منهج الاستبطان أن تطبيقه غير ممكن دائما لأن الذات واحدة و لا يمكن أن تشاهد ذاتها بذاتها لأن المعرفة تفترض وجود العارف و موضوع المعرفة و لكن في الاستبطان يتحد موضوع المعرفة مع الذات العارفة وهذا ما يجعل الدراسات عن النفس غير موضوعية و غير صادقة فالشعور قد يكون وهما و مبالغة و تضخيما للأحوال النفسية فانقسام الفرد إلى ملاحظ وملاحظقد يصرف انتباهه عما يلاحظ داخل نفسه، فقد لا يكون الفرد صادقاً في التعبير عما يشعر به حقيقة؛ بقصد عدمقدرته على مواجهة ذاته، أو بغرض تزييف الاستجابة،كمالا يصلح هذا المنهج للأطفال الصغار أو بعض فئات من ذوىالحاجات الخاصة ( التخلف العقلي مثلاً). يقول الفيلسوف و عالم الاجتماع الفرنسي أوجست كونت Auguste Comte (1798-1857م)منتقدا منهج الاستبطان القائم على الشعور كمصدر وحيد لفهم النفس : « لا يمكنني أن أكون أنظر من النافذة، و أن أشاهد نفسي في الآن عينه، و أنا أسير في الشارع »، و المقصود من هذا القول أن الدارس وهو( الأنا ) هو نفسه المدروس بالتالي لا توجد مراقبة موضوعية لحياتنا النفسية ،وهنا كان لابد من افتراض جانب آخر يشكل الحياة النفسية وهذا الجانب هو اللاشعور.

عرض نقيض الأطروحة :في المقابل، يرى الكثير منأنصار علم النفس المعاصر ، أن الشعور وحده ليس كافيا لمعرفة وفهم كل خبايا النفسومكنوناتها ، كون الحياة النفسية ليست شعورية فقط ، لذلك فالإنسان لا يستطيع – في جميع الأحوال – أن يعي ويدرك أسباب سلوكه – ومادام الشعور لا يستطيع أنيشمل كل ما يجري في الحياة النفسية ، فهذا يعني وجود نشاط نفسي غير مشعور به، الأمر الذي يدعو إلى افتراض جانب آخر من الحياة النفسية هو اللاشعور و الذي يمثل مختلف الأحوال النفسية الخفية كالميول و الرغبات و الأفكار المكبوتة التي لا ندرك نشاطها أو حقيقتها و التي لها تأثير عميق على سلوكنا،ولقد دافع عن هذا الموقف العديد من علماء النفس منهم الفرنسي: شاركو (1825-1893م) Charcotو مواطنه بيرنهايم ( 1837-1919م)Bernheim و الطبيب النمساوي جوزيف بروير (1842-1925م)Josef Breuer وطبيب الأعصاب النمساوي ومؤسس مدرسة التحليل النفسيسيغموند فرويد (1856-1939م)Sigmund Freud الذي يرى أن : « اللاشعور فرضية لازمة ومشروعة .. مع وجودالأدلة التي تثبت وجود اللاشعور »و قد انطلقوا من المسلمات التالية: الشعور وحده عاجز عن تفسير كل ما يصدر عن النفس.
الحياة النفسية تنقسم إلى شعورية و لا شعورية و اللاشعور يمثل الجانب الأكبر منها.
الحجج و البراهين: وقد برروا موقفهم بحجج عديدة أهمها:
* ففي العصور الحديثة أشار كثير من المفكرين و الفلاسفة الى اللاشعور فكانوا ممهدين لفكر فرويد، لكن أيا من هؤلاء لم يبن نظرية متماسكة قاعدتها اللاشعور منهم شوبنهاور (1788-1860م) Schopenhauerالذي قال :« ٳن دوافعنا الشعورية ليست سوى واجهة تخبئ دوافعنا اللاشعورية، و أن إرادة الحياة تتألف من غريزة المحافظة على الذات و الغريزة الجنسية، و أن الكبت بواسطة العقل يشكل أساسا لأمراض النفس » ، وأيضا الفيلسوف الألماني نيتشه (1844-1900م) Nietzcheالذي تكلم عن اللاشعور وأقنعته و قال أن القيم الأخلاقية تصدر غالبا عن غرائز أنانية عدوانية و جنسية .

* مع أواسط القرن التاسع عشر بدأت ردة فعل قوية ضد المنهج التقليدي و كان سببها الظواهر المرضية كالهستيريا Hystérie و
*ثم جاء الطبيب النمساوي سيغموند فرويد الذي تلقى تعليمه في فينا و عمل أستاذا لعلم أمراض الأعصاب و كان قد لاحظ مع شريكه الطبيب بروير أن مرضاه المصابين بالهستيريا (و المترافق مع شلل اليدين أو الرجلين أو جمود الرقبة و صعوبة في استعادة الذكريات الأليمة و نوبات عصبية ) يستعيدون حياتهم السوية و الطبيعية بعد تذكر حادثة معينة مروا بها و استطاعوا روايتها. اتبع فرويد بداية طريقة التنويم المغناطيسي الشائعة في ذلك الحين. ولاحظ أن المريض الذي يتكلم أثناء نومه يفضح ذكرياته الأليمة التي لم يكن يجرؤ على فضحها من غير التنويم,إلا أنه يتحرر من مرضه حينما يصبح اللاشعور واعيا فيتم الشفاء و سمى هذه الطريقة بالتطهيرية فقد عالج "فرويد" و "بروير" فتاةتبلغ من العمر 21 سنة تسمى أنا Anna وكانت تعاني من أعراض عصابية عديدةمثل السل والسعال العصبي وكشف التنويم المغناطيسي أن لها ذكريات مكبوتة تسمع فيها صوت موسيقي راقصةتأتي من منزل قريب بينما كانت تعتني بوالدها الذي توفى فيما بعد ؛ فاكتشفا أن شعورها بالذنب راجع لكونها كانت تعتقد أنهاكانت ترقص ( فقد كانت تتدرب على الرقص ) أكثر مما كانت ترعى والدها بعدها اختفى سعالها العصبي بعد أن ظهرت منجديد تلك الذكرى المكبوتة .لكنه اكتشف بعد حين أن الطريقة التطهيرية بربرية لأنها ترهق المريض و تخيفه ،كما أن المرض يعود للمريض من جديد بعد فترة وأن بعض الأشخاص يبدون مقاومة شديدة و يصعب تنويمهم فوضع طريقة جديدة تدعى التحليل النفسي Psychanalyseالتي تقوم على الحوار و التداعي الحر للأفكار Libre Association و التي تهدف إلى اكتشاف اللاشعور ومن مظاهرها عدم مقاطعة المريض أثناء كلامه إلا عند الضرورة على ألا يخفي المريض عن طبيبه شيئا مهما بدا له تافها أو مرفوضا أخلاقيا و الهدف هو إخراج هذه الرغبات المكبوتة في اللاشعور فيصارعها المريض من جديد إلى غاية أن تزول الأعراض المرضية .وقد طور فرويد طريقته في التحليل النفسي فأخذ بتأويل زلات اللسان و الأفعال الناقصة و الأحلام الليلية، و قد صادفت هذه النظرية رواجا كبيرا في أوساط علماء النفس و المثقفين، يقول فرويد:« اللاشعور فرضية لازمة ومشروعة .. مع وجود الأدلة التي تثبت وجود اللاشعور »
*و ما يثبت وجود اللاشعور أيضا حسب التحليل النفسي وجود عمليات نفسية لاشعورية لا تقتصر على المرضى بل على الأسوياء أيضا منها الحيل الدفاعية اللاشعورية التي نستخدمها للتخلص من الدوافع المنبوذة أو لحماية الذات من القلق الشديد، و تأثير الرغبات المكبوتة التي لا يمكن تحقيقها في الواقع، أو من تأنيب الضمير،فالقلق هو إنذار بالخطر يخبر الأنا أن شيئا ما ينبغي عمله،وإذا لم يتم تجنب القلق أو التعامل معه بفاعليه فإنهيصبح مرضا نفسيا.وعندما يعجز الأنا عن التعامل مع القلق بطرق منطقية(عقلانية) فإنه يلجئ إلىطرق غير واقعية تسمى بــ(آليات الدفاع أو الحيل الدفاعية) والتي من أهمها: الأحلام: التي تعتبر مناسبة لظهور الميول و الرغبات المكبوتة في اللاشعور في صور رمزية،، فالحلم – بالنسبة لفرويد – نشاط نفسي ذو دلالة لا شعورية يكشف عن متاعب وصراعات نفسية يعانيها النائم تحت تأثير ميولاته ورغباته التي لم يستطع تحقيقها ، فيتم تحقيقها بطريقة وهمية، و رمزية في الحلم وأطرف حلم رواه فرويد في كتابه تفسير الأحلام ما روته إحدى مريضاته فقد رأت في منامها و هي في السنة الرابعة من عمرها حشدا من الأطفال الصغار ، جميعهم من إخوتها و أقاربها بنين و بنات يحبون فوق أرض حقل أخضر، و فجأة نبتت لهم أجنحة و طاروا جميعا أمام عينيها إلى أن اختفوا في الجو و هي تنظر إليهم..، وهو حلم يبدوا لأول وهلة و لا علاقة له بالموت، و لكن بعد الاستقصاء و التحليل علم فرويد أنها قبل ذلك الحلم كانت قد سمعت بوفاة طفل من أقاربها، فسألت ذويها ماذا يحدث للأطفال الذين يموتون ؟، فأخبروها أنهم يتحولون إلى ملائكة ذوي أجنحة و يطيرون بعيدا إلى السماء و بذلك اكتشف فرويد المضمون الحقيقي لحلم الطفلة الصغيرة فتحولُ جميع أقاربها و أصدقائها الصغار إلى ملائكة يطيرون و يختفون في السماء و تبقى هي وحدها معادل للقول بأنهم جميعا ماتوا و لم يبق على قيد الحياة سواها ؛ و هذا الحلم هو تحقيق لرغبة الحالمة الخفية في أن يموت كل الأطفال في الوسط الذي تعيش فيه و تنفرد هي بالإعزاز و رعاية والديها يقول فرويد: « غالبا ما تكون الأحلام في غاية العمق عندما تكون في غاية الجنون ».و مثال آخر يقول أن إحدى مريضات فرويد ذكرت أنها رأت في الحلم أنها تشتري من دكان كبير قبعة جميلة لونها أسود وثمنها غالي جدا فيكشف المحلل أن للمريضة في حياتها زوجا مسنا يزعج حياتها وتريد التخلص منه وهذا ما يرمز إليه سواد القبعة أي الحداد وهذا ما أظهر لفرويد أن لدى الزوجة رغبة مخفية في التخلص من زوجها الأول،وكذا أنها تعشق رجلا غنيا وجميلا وجمال القبعة يرمز لحاجتها للزينة لفتون المعشوق وثمنها الغالي يعني رغبة الفتاة في الغنى.يقول فرويد: « تفسير الأحلام هو الطريق الملكي لمعرفة أنشطة العقل اللاواعية« .

* إضافة إلى حيلة أخرى هي: هفوات أو فلتات اللسان وزلات الأقلام: فالناس – في حياتهم اليومية – قد يقومون بأفعال مخالفة لنواياهم ومقاصدهم ، تظهر في شكل هفوات وزلات تصدر عن ألسنتهم وأقلامهم تغير المعنى بأكمله ، وهذه الهفوات والزلات لها دلالة نفسية لاشعورية كالنفور والكره والغيرة والحقد .. وليست كلها صادرة عن سهو أو غفلة كما يعتقد البعض إذ يروي فرويد عن رئيس برلمان النمسا أنه لما دخل القاعة قال: يشرفني أن أعلن عن رفع الجلسة بدل قوله: افتتاح الجلسة وهكذا يكون قد عبر لاشعوريا عن عدم ارتياحه لنتائج الجلسة. يقول فرويد : « يكتشف المرء الحقيقة الكاملة من خطأ لآخر »
النسيان: فقد تكون وراءه رغبات مكبوتة فنحن نميل إلى نسيان الأمور التي لا نرغب فيها و تجرح مشاعرنا حيث يروي فرويد عن نفسه انه نسي ذات يوم اسم مريضته لأنه عجز عن تشخيص مرضها و عندما ننسى إحضار شيء وعدنا به زميلنا فهذا ناتج عن كرهنا لانجاز الوعد. ومن أمثلة النسيان أن شخصا أحب فتاة ولكنها لم تبادله الحب وحدث أن تزوجت شخصا آخر،ورغم أن الشخص الخائب كان يعرف الزوج منذ أمد بعيد وكانت تربطهما رابطة العمل فكان كثيرا ما ينسى اسم زميله محاولا عبثا تذكره وكلما أراد مراسلته أخذ يسأل عن اسمه،وتبين لفرويد أن هذا الشخص الذي ينسى اسم صديقه يحمل في نفسه شيئا ضد زميله كرها أو غيرة ويود ألا يفكر فيه.
الإسقاط: فنحن نميل إلى توجيه و إسقاط الأفعال التي تثير فينا إحساسا بالذنب على الآخرين فالغشاش يرى جميع الناس غشاشين و الأناني يرى الجميع أنانيين فيصير المحظور مباحا بطريقة لاشعورية يقول فرويد :« لا يريد معظم الناس الحرية حقا، لأن الحرية تتطلب مسؤولية ومعظم الناس يخافون من المسؤولية ».
التقمص: عندما يرى الشخص ذاته غير مهمة في نظر الغير يلجأ لاشعوريا إلى تقمص شخصية ذات أثر فيقلدا في طريقة اللباس و حلاقة الشعر و الكلام و الحركات( الملامح الخارجية) حتى يجلب الاهتمام.
النكت: فالإنسان وهو يسخر و ينكت يكون قد تحلل من قيود آداب الحديث لذا تجد الرغبات المكبوتة منفذا للخروج كما تجعل النكتة الواقع الذي اعترض رغباتنا محل ضحك و سخرية، خاصة النكت ذات المواضيع الجنسية أو السياسية.
التعويض: ويكون نتيجة الشعور بالنقص الذي يدفع الفرد إلى التعويض في مجال آخر ، ومن أمثلة التعويض أن الفتاة قصيرة القامة قد تخفف من عقدتها النفسية بانتعالها أعلى النعال أو بميلها إلى الإكثار من مستحضرات التجميل حتى تلفت إليها الأنظار، أو تقوم ببعض الألعاب الرياضية أو بارتداء بعض الفساتين القصيرة .
التبرير: و الذي يستخدم لتفادي الصراع بين دافع ما و السلطة الأخلاقية ( الضمير) كأن يغادر فرد ما الحافلة دون دفع ثمن التذكرة ثم يبرر لنفسه بأنه كان واقفا طيلة المسافة بالتالي فصاحب الحافلة لا يستحق ماله. و الشخص الذي لم يتمكن من أخذ تذكرة لحضور مسرحية ما قد يلجأ لتبرير موقفه بإحصاء عيوب المسرحية.
النكوص: و هو رجوع الشخص الكبير سنا سلوكيا إلى الوراء كالشيخ الذي يلعب مع الصغار تحقيقا للرغبة ( و التي قد تكون طلب الرعاية و الحنان من أفراد أسرته)أو بحثا عن لذة.
*كما قسم فرويد الجهاز النفسي إلى ثلاث مستويات ينتج عن العلاقة بينها إما التوازن و إما الاختلال في الحياة النفسية وهي:
الهو: Le Soi : و يمثل جملة الغرائز و الرغبات البيولوجية التي تسير وفق مبدأ اللذة و يتصف بأنه لا يعترف بالأخلاق و المعايير الاجتماعية و المنطقية و يظهر الهو من خلال غريزتين هما غريزة الحياة و غريزة الموت( التدمير ) ،و يحدث بينهما تفاعل يكون مختلف الأنشطة النفسية في الحياة، و هما: الغريزة الجنسية( الليبيدو ) أو غريزة الحياة Libido:
فهي الأساس الذي بنى عليه فرويد نظريته؛ لكنه توسع فيها و لم يحصرها في وظيفة التناسل و إنما جعلها غريزة الحياة فهي تعني كل التنبيهات و النشاطات التي تنتج عنها لذة سواء كانت جنسية أو وجدانية أو حسية و كل الأعمال الايجابية و البناءة التي تؤدي إلى استمرار الحياة،يقول فرويد في هذا السياق « إن الفنان الذي يرسم لوحة فنية ليس إلا طريقة لا شعورية للتعبير عن غريزته الجنسية المكبوتة » و يقول أيضا : « إن الطاقة الغريزية التي يولد الطفل مزودا بها تمر بأدوار محددة بحياته؛ كما أن النضج البيولوجي هو الذي ينقل الطفل من مرحلة إلى أخرى، ولكن نوعوطبيعة المواقف التي يمر بها هي التي تحدد النتاج السيكولوجي لهذهالمراحل «.
إضافة إلى غريزة العدوان ( أو غريزة الموت ) التي تشمل كل مظاهر القسوة و الهدم و التحطيم و التهديم و الاضطهاد و الكره ضد الآخر سواء كان إنسانا أو حيوانا أو جمادا أو حتى ضد نفسه كما في الانتحار ، و تظهر أيضا من خلال اللوم المستمر و مشاعر الذنب و تعذيب الذات و يكفي أن نتأمل حالة الغضب و هو ينتقل من العدوان المكبوت إلى حالة إفناء النفس بتوجيه عدوانه إلى نفسه، فيلطم الغاضب نفسه و يجذب شعره و هي أعمال كان يفضل لو يوجهها إلى شخص آخر.و التي تظهر في السلوك التخريبي كما نجده عند الطفل الذي يكسر لعبه، يقول فرويد: « كل أشكال الحياة هدفها الموت »الأنا الأعلى Le Moi Supérieur: (Le Sur-Moi) : و يمثل القوة القمعية و النقدية التي تقف أمام متطلبات الهو اللامحدودة فيشمل الموانع و المحظورات الأخلاقية و القوانين العقابية و الذي يتكون من خلال التربية و سلطة الأبوين و العادات و القوانين الاجتماعية و المعتقدات الدينية( مثل يجب أن …يجب ألا…) و بتعبير آخر هو جملة القيم الأخلاقية التي نتعلمها من المجتمع و يمثل سلطة الأبوين و الضمير وهو ذو طابع أخلاقي مكتسب يتسلط على الذات و يكبح الهو. يقول فرويد: « إن الطفل يتحرك بالغريزة، بيد أن هذه الغريزة لا تلبث أن تدخل في سن مبكرة في تناقض مع متطلبات الحياة »
الأنا Le Moi : تمثل الجانب الواقعي من الشخصية ( النفس) وهو ساحة الصراع بين مطالب الهو و موانع الأنا الأعلى و لذلك مهمة الأنا هي التوفيق بينهما ؛و إزالة الصراع لكنه في بعض الأحيان يضطر إلى كبت و رفض بعض مطالب الهو. كما تعتبر الأنا القوة المنظمة التي تحقق التوازن النفسي و التوافق بين الأنا الأعلى و الهو فيؤدي إلى الابتعاد عن الصراع و الأزمات النفسية و ذلك باستخدام مختلف الآليات الدفاعية التي تؤدي إلى تحقيق المطالب وفق أساليب مقبولة أخلاقيا و اجتماعيا أما المطالب المرفوضة فتشكل ما يسمى «الكبت »Le Refoulement، و الرغبة المكبوتة تستقر في اللاشعور و تبقى حية محتفظة بكل طاقتها و تؤثر باستمرار على الحياة النفسية و على السلوك.
* و بفضل هذا التقسيم صار بالإمكان فهم أسباب الهستيريا التي حددها أطباء النفس اليوم في أسباب نفسية تنحصر في الصراع بين الغرائز والمعايير الاجتماعية، والصراع الشديد بين الأنا الأعلى و بين الهو (خاصة الدوافع الجنسية) بالتوفيق عن طريق العرض الهستيري، بسبب الإحباط وخيبة الأمل في تحقيق هدف أو مطلب، والفشل والإخفاق في الحب، والزواج غير المرغوب فيه ،والزواج غير السعيد، والغيرة، والحرمان ونقص العطف والانتباه وعدم الأمن، والأنانية والتمركز حول الذات بشكل طفلي.وعدم نضج الشخصية وعدم النضج الاجتماعي، وعدم القدرة على رسم خط الحياة، وأخطاء الرعاية الوالديـه مثل التدليل المفرط والحماية الزائدة .
النقد : صحيح أن اكتشاف اللاشعور ساهم في علاج الكثير من حالات الهستيريا و الاضطرابات النفسية كما تعتبر نظرية فرويد حول التحليل النفسي أول نظرية متكاملة في الشخصية ؛كما بين تأثير مرحلة الطفولة في نمو الشخصية وقد شاركه الكثير من الباحثين هذا الرأي؛ لكناللاشعور يبقى مجرد فرضية فلسفية لا ترتقي إلى مستوى النظرية العلمية فتجارب فرويد اقتصرت على المرضى فقط و لم تمتد إلى الأسوياء غير أن مدرسة التحليل النفسي جعلت اللاشعور حقيقة مؤكدة ، مما جعلها تحول مركز الثقل فيالحياة النفسية من الشعور إلى اللاشعور ، فقد أنكر فرويد حرية الشعور مع أن الشفاء من الاضطرابات العصابية اللاشعورية لا يتم إلا بالشعور، كما بالغ فرويد في جعل الإنسان تحت رحمة جملة من الغرائز أهمها الغريزة الجنسية و بالغ في اعتبارها المحرك الأساسي للإنسان فقد تعرض إلى كثير من الانتقادات حتى من أقرب الناس إليه فآراءه المتعصبة لجهة سيطرة اللاشعور على حياة الإنسان افقده خصوصية هامة ألا وهي الوعي والإدراك فجعله أسيرا لغرائزه ومكبوتاته ونفى عنه كذلك كل إرادة وحرية في الاختيار ، فابنته أنا فرويد Anna Freud ( 1895-1982م)وتلميذه ألفرد أدلر ( 1870-1937م) Alfred Adler كانا أكثر من انتقده في هذا الجانب ،كما رأت ابنته أنا Anna أيضا أن التداعي الحر لا يمكن تطبيقه عمليا مع الأطفال قبل سن البلوغ فذلك يؤثر على تحليل الأحلام وهو الطريق الثانية للنفاذ إلى اللاشعور فمع أن الطفل يحكي أحلامه بحرية إلا أنه لا يمكن أن يعلق عليها ليكشف عن مضمون الحلم الكامن ؛و كذلك من غير الممكن أن نقسر الطفل على أن يرقد على وسادة ليتداعى بحرية لأنه غالبا ما ينام و أيضا لقلة حيلته في التعبير عن نفسه لغويا؛ و لعدم نضجه و وعيه ثانيا . ومن الانتقادات الموجهة إلى فرويد أن الإنسان في الحقيقة مكرم و منزه عن بقية الكائنات بميزة العقل فربط الأمراض النفسية بالليبيدو يعتبر تشويها للإنسان إذ تم تصويره كحيوان يجري وراء شهواته و غرائزه و حين نتحدث عن اللبيدو أوالجنس فلامناص من ذكر فرويد فقد كان يوجه اهتمامه لهذه المسألة إلى درجة المبالغةوالشذوذ وكل ما كتبه يدور حول الغريزة الجنسية لأنه يجعلها مدار الحياة كلهاومنبع المشاعر البشرية بلا استثناء و يصل به الأمر إلى تقرير نظريته إلى حد أنيصبغ كل حركة من حركات الطفل الرضيع بصبغة الجنس الحادة المجنونة فالطفلأثناء رضاعته ـ كما يزعم هذا الأخير ـ يجد لذة جنسية ويلتصق بأمه بدافع الجنسوهو يمص إبهامه بنشوة جنسية،وقد جاء فيبروتوكولات حكماءصهيون: (يجب أن نعمل أن تنهار الأخلاق في كل مكان فتسهل سيطرتنا…إنفرويد منا وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس كي لا يبقى في نظرالشباب شيء مقدس ويصبح همه رواء غرائزه الجنسية وعندئذ تنهار أخلاقه) فقد لحقت تهمة المادية بنظرية التحليل النفسي إذ ردت عالم القيم كله إلى عقد نفسية مرتبطة بالغرائز المكبوتة .لقد تجاهل فرويد عناصر كثيرة تؤثر في الشخصية كالعناصر الاجتماعية و العرقية و التاريخية و الثقافية بدليل ظهور فرضيات جديدة من طرف تلاميذه خاصة ألفرد أدلر الذي اختلف مع فرويد بالتأكيد أن القوة الدافعةفي حياة الإنسان هي الشعور بالنقص والتي تبدأ حالما يبدأ الطفل بفهم وجودالناس الآخرين والذين عندهم قدرة أحسن منه للعناية بأنفسهم والتكيف معبيئتهم . فمن اللحظة التي ينشأ الشعور بالنقص يبدأ الطفل يكافح للتغلب عليه، ولأن النقص لا يحتمل الآليات التعويضية التي تنشأ من النفس تظهرالاتجاهات العصابية الأنانية وإفراط التعويض وانسحاب من العالم الواقعي ومشاكله أما تلميذه الأخر عالم النفس السويسريكارل يونغ(1875-1961م)Carl Jungفيرى أن الليبيدو يؤثر على الطبع المنطوي و لا يقوى على المنبسط لاهتمامه بالعالم الخارجي و قال بوجود اللاشعور الاجتماعي. كما رفض الطبيب النمساوي ستيكال Stekelاللاشعور من خلال قوله: ( أنا لا أومن باللاشعور فلقد آمنت به في مرحلته الأولىولكن بعد تجربتي التي دامت ثلاثين عاما وجدت أن الأفكار المكبوتة إنما هي تحتشعورية وان المرضى دوما يخافون من رؤية الحقيقة).ومعنى هذا أن الأشياءالمكبوتة ليست في الواقع غامضة لدى المريض إطلاقا إنه يشعر بها ولكنه يميلإلى تجاهلها خشية إطلاعه على الحقيقة في مظهرها الخام كما هاجم جورجي لوكاس فرويد قائلا: « إن سيكولوجيا فرويد هي سيكولوجيا الرجل العاطل عن العمل و لهذا غلبت فيها الدوافع الجنسية »و قال طبيب الأعصاب الفرنسي هنري آي Henri ey (1977-1900)ساخرا من أسلوب التحليل النفسي الذي ابتكره فرويد: « إن المحلل النفسي كالبوم لا يرى إلا في الظلام ».
التركيب:إن الحياة النفسية كيان متشابك يتداخل فيه ما هو شعوري بما هو لاشعوري ، فالشعور يمكننا من فهم الجانب الواعي من الحياة النفسية ، واللاشعور يمكننا من فهم الجانب اللاواعي منها ، أي أن الإنسان يعيش حياة نفسية ذات جانبين : جانب شعوري وجانب لا شعوري ، وأن ما لا يستطيع الشعور تفسيره ، نستطيع تفسيره برده إلى اللاشعور.واعتبار الحياة النفسية يمثلها الشعور فقط فيه نوع من الإهمال لجانب مهم وهو اللاشعور ، وكذلك اعتبار الحياة النفسية يمثلها اللاشعور فقط فيه تقليل من قيمة الإنسان ككائن واع بكل خصائصه ، والرأي السليم هو أن الحياة النفسية عند الإنسان لا يمكن معرفتها وتفسيرها إلا بالإيمان بوجود الجانبين معا فهما يتكاملان لمعرفة حقيقة النفس الإنسانية وما يدور بداخلها وان كانت هذه المعرفة محدودة إلى حد ما .
الرأي الشخصي: لكن حسب رأيي الشخصي فان الحياة النفسية للإنسان هي حياة شعورية بالدرجة الأولى لأنه يعيش معظم لحظات حياته واعيا ولان من خصائص الشعور الديمومة، و الاتصال، لكن هناك جانب آخر لاشعوري له دور كبير في تنفيس الرغبات المكبوتة و لكلا الجانبين دور و أهمية في الحياة النفسية لكل منا.
حل المشكلة :وهكذا يتضح في الأخير، أن الإنسان يعيش حياة نفسية ذات جانبين : جانب شعوري يُمكِننا إدراكه والاطلاع عليه من خلال الشعور ، وجانب لاشعوري لا يمكن الكشف عنه إلا من خلال التحليل النفسي ، ومادام الشعور وحده غير كافٍ لمعرفة كل ما يجري في حياتنا النفسية ، فإنه يمكن أن نفهم عن طريق اللاشعور كل ما لا نفهمه عن طريق الشعور ، فالشعور يساعدنا على التكيف مع العالم الخارجي؛ و اللاشعور بمخزونه المتنوع يساعد على اكتشاف تاريخ الفرد بالتالي تقويم سلوكه، فبفضل اللاشعور مثلا تطور العلاج النفسي كما استثمر في مجال التربية حيث بين حساسية و أهمية مرحلة الطفولة و كيف أن التجارب القاسية التي يعيشها الطفل تكون سببا لما يعانيه و هو راشد؛ فالشاب الذي يصير لصا أو مجرمامثلا قد يكون السبب راجعا إلى العنف الذي تعرض له في أسرته؛ و هو طفل صغير، أو إلى العنف الذي تعرض له في المدرسة..

ابحثي في المنتدى ستجدين مقالات كثيرة فلقد استفدت منه كثيرا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صرخة مظلوم الجيريا
ابحثي في المنتدى ستجدين مقالات كثيرة فلقد استفدت منه كثيرا

بارك الله فيك اختي
انا شعبة اداب و فلسفة
و الله اني قد بحثت كثيرا عن مثالات الاستاذ ابراهيم داود
و المقالة الوحيدة التي وجدتها في بحثي هي مقالة الشعور
و بعد ان قرأتها بدأت رحلة بحثي عن مقالات الاستاذ حفظه الله
لقد توجهت الى ملفه الشخصي و بحثت في كل مواضيعه و مشاركاته
الا انه حذفها ، أعتقد لحقوق التأليف و هذا حقه

لكنني اريد مقالاته لاني و كما قلت سابقا لا املك اس مراجع بحكم اني درست بالمراسلة

اذا كان لديكٍ مقالات اخرى اختي افيديني بها أرجوكِ

الاستاذ ابراهيم تعرض …. من قبل لمشكلة بينه وبين الطلبة السابقين هنا…. ثم حذف كل أعماله.. وليس لحقوق التأليف.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة life is life الجيريا
بارك الله فيك اختي
انا شعبة اداب و فلسفة
و الله اني قد بحثت كثيرا عن مثالات الاستاذ ابراهيم داود
و المقالة الوحيدة التي وجدتها في بحثي هي مقالة الشعور
و بعد ان قرأتها بدأت رحلة بحثي عن مقالات الاستاذ حفظه الله
لقد توجهت الى ملفه الشخصي و بحثت في كل مواضيعه و مشاركاته
الا انه حذفها ، أعتقد لحقوق التأليف و هذا حقه

لكنني اريد مقالاته لاني و كما قلت سابقا لا املك اس مراجع بحكم اني درست بالمراسلة

اذا كان لديكٍ مقالات اخرى اختي افيديني بها أرجوكِ

وفيك بارك الله . لا يا اختي جل مقالاتي اخذتها من هنا ولكنت ليست للاستاذ فكما قلتي

وجدت انه حذفها لاسباب الله اعلم . ربما هناك اعضاء هنا يملكون بعضها

ربي يوفقك اختي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صرخة مظلوم الجيريا
وفيك بارك الله . لا يا اختي جل مقالاتي اخذتها من هنا ولكنت ليست للاستاذ فكما قلتي

وجدت انه حذفها لاسباب الله اعلم . ربما هناك اعضاء هنا يملكون بعضها

ربي يوفقك اختي

اختي الكريمة اذا كان لديكي مقالات موسعة ارجوكي ارسليها لي

هل القيمة الخلقية موضوعية ام ذاتية ؟
مقدمة : اتفق علماء الأخلاق على أن يكون موضوع الأخلاق هو دراسة للسلوك الإنساني وهو موضوع متفق بينهما وبين علم النفس لكنها تختلف عنها لكونها لا تدرس السلوك كما هو وإنما كما يجب أن يكون ونلاحظ ان لكل مجتمع قيم خلقية فهي تتنوع باختلاف المجتمعات والعصور بل تختلف باختلاف الطبقات والأشخاص انفسهم ولكن ما نلاحظه هو ان جميع المجتمعات تتفق على مبدأ الأخلاق الصوري المتمثل في استحسان بعض الاعمال وواجب القيام بها واستهجان بعض الأعمال وواجب النفور منها فلا يمكن تصور اخلاق غير مرتبطة بالخير والشر أي إننا نلجأ الى تقييمنا وفق معيار ما يجب ان يكون عليه الفعل مستقبلا ولكن الاختلاف يكمن في تقييمنا وحكمنا على الأفعال فقد يحكم البعض على ان يضرب الاب ابنه بقسوة قصد تاديبه بانه فعل حسن في حين يستهجنه الغير ولهذا علينا ان نتساءل : هل القيمة الخلقية للفعل مستقلة ومنعزلة عن ارادة ورغبة الشخص الذي يحكم ام ان كل قيمة أخلاقية هي قيمة يمنحها الفرد وفقا لرايه الشخصي لفعل معين ؟ او بتعبير آخر : هل القيمة الخلقية موضوعية ام ذاتية
تحليل الموقف الذي يرى ان القيمة الخلقية هي موضوعية او مطلقة : يذهب أصحاب هذا الطرح من أصحاب الفلسفة التقليدية وغيرهم الى اعتبار القيم غايات قسوى وليست وسائل لغايات ابعد منها فهي تحمل قيمتها في باطنها ولا تتغير بتغير تضره الناس إليها ولا تختلف باختلاف الظروف التي تكيف حياة الناس وتغير من رايهم في الأشياء والأفعال لأنها قائم في طبائع الأشياء لا خارجها ويرى – أفلاطون- ان القيمة الخلقية ثابتة ومستقلة عن الإنسان وانطلق من مبدا مناقص لمبدا السفطائيين الذي يقول الالاه مقياس الأشياء كلها وليس الإنسان ويرى ان عالم الاشاء الذى نعيش فيه وندركه هوضل عالم المثل وان الاشاء التى نراها فى الواقع متشاركة بدرجات متفاوتة الحقائق المماثلة لمعانى العالم العلوي والتى تتميز بالكلية والثباة بالحقائق مثل العدل والخير والفضيلة لا وجود لها عند أفلاطون فهي توجد اولا في عالم المثل قبل ان توجد في عالم الحس وعليه فالفكرة مقياس وجود كل شيء في الواقع لان كل ما نراه قيم اخلاقية جزئية مثل الصدق والأمانة هي في الأصل قيم كلية ذاتية او مطلقة توجد في عالم المثل ويدركها الانسان فقط عن طريق العقل لان روحه كانت تقيم في عالم المثل قبل انصالها بجسده ولكن اتحاد الروح مع الجسد لم ينسيها ما كانت عليه وبقيت لها ذاكرة تسترجع من خلالها القيم الخلقية الأصلية وعليه فالإنسان لا يصنع لبقيم الاخلاقية لان وجوده سابق عليه هي ثابتة وكلية واحدة عند جميع البشر ومن ثم فهي موضوعية وهذه النظرية القديمة عرفت عند – المعتزلة- في ردهم على أهل السنة من المسلمين حيث ترى المعتزلة بزعامة – واصل بن عطاء- ان الخير والشر عقليان أي ان العقل هو ذاتنا الأساسية في التمييز بين الخير والشر وبالتالي هو مصدر الإلزام الأخلاقي وتؤكد المعتزلة انه لم يكن الخير والشر عقليان لحس من الذي لكل شيء ولم لم يكن الخير والشر معلومات قبل ورود الشر لاستحال ان يعلم عند وروده ويكون الشرع قد جاء بما لا يعقله السامع ولا يتصوره كما عرفت هذه النظرية في مطلع العصر الحديث عند الذين انكرو علماء اللاهوت في الغرب موقعهم من الافعال الخيرة والشريرة مع العلم ان القيم الاخلاقية عند اصحاب النزعة التقليدية تتميز بخصائص هي انها عاصة وليست خاصة وضرورية غير عرضية لان الحياة لا تستقيم بدونها كما انها واضحة بذاتها ولا تستقي ببرهان ان يكفي ان يفهمها الإنسان ليسلم بصوابها فهي لا تحمل التناقض أي يستحيل جعل نقيضها قاعدة عامة للسلوك الإنساني مثلا لا يستطيع احد ان يدعي ان من حقه ان يكون ضالما ولا هو يقبل ان يقع عليه الظلم من الغير فنقيض المبدا الخلقي مستحيل
نقد : وهنا نتساءل فنقول هل استطاع اصحاب هذا الطرح : هل الاشكال بالنسيبة للقيمة الخلقية تتعلق بالصورة التي ينبغي ان يكون عليه السلوك الانساني فان القول باستغلالها يفقدها حيويتها وفاعليتها التي لا يمكن فصلها عن طبيعته وحريته فلو كانت القيم الاخلاقية مطلقة لما تغيرت بتغير الزمان والمكان والتاريخ فهذا الاخير يشهد ان القيم الاخلاقية السائدة في المجتمعات الحديثة تختلف اختلافا اساسيا عن القيم الاخلاقية التي كانت سائدة في المجتمعات القديمة وهذا ما ذهب اليه دعاة الطرح الثاني.
نقيض القضية : تحليل الراي القائل ان القيم الأخلاقية ذاتية او نسبية حيث يرى اصحاب هذا الطرح ان القيم الأخلاقية ذاتية لان الفرد في نظرهم هو الذي يختار ويفكر فيها قصد تايسها وتوضيحها وترتيبها وفقا لسلم القيم الذي يتصور عزل القيم عن ييولوجيا الفرد وقديما نصح السوقطائيون الإنسان بعدم الاهتمام بالأمور الالاهية التي لا يعرف عنها شيئا وان يشتغل الا بما يقع في النطاق انسانية وعليه ان يعتمد على ذاته في اصدار الاحكام لانه مستقل عن كل الاسباب الخارجية واستغلاله يظهر في مجال الاخلاق والسياسة فما يظهر له خير فهو خير وما يظهر شر وما يترتب على هذا هو ان القيم بصفة عامة والقيم الخلقية بصفة خاصة تابعة للانسان ووجودها متوقف على وجودهم يرون ان السلوك ليسوا في مجموعة من الظواهر الخلقية الجزئية التي ترتبط بصاحبها باعتباره فردا يعيش في ظروف معينة وفي بيئة وزمن معينين وحينئذ تتيسر دراسة هذه الظواهر في مناهج التجربة الحسية فمن الطبيعي ان ينكر هؤلاء الطبيعيون امكانية وجود علم معياري يدرس ما ينبغي ان يكون لانه ليس بكائن وما لي بكائن يستحيل دراسته دراسة علمية ومن الواضح ان القول بنسبية القيم ياتي في مقدمة النتائج التي تترتب على هذا الاتجاه الذي يقول اصحابه ما من فضيلة الا وكانت عند بعض الناس رذيلة وما من رذيلة الا وكانت عند بعض الناس فضيلة لان الناس يختلفون باختلاف ثقافتهم ومعتقداتهم وسائر مقومات حضارتهم وهذا ما اكده – جون بول سارتر- حي اكد ان كل انسان يصنع قيما بنفسه ما دامت الحرية هي نسيج وجوده ان الخير والشر في نظره من ابداع الانسان ويقول : لا يوجد غيري فانا وحدي الذي اقرر الخير واخترع الشر. ويرى انه لا يوجد شيء يرغم الانسان على الافعال يكون بكل حرية ويختار لنفسه ما يشاء من القيم والاخلاق – سارتر- لا وجود لها الا بوجود الانسان وليس لها في ذاتها كيان مستقل عن ذاته أي الاشياء لا تحمل في ذاتها قيما بل الانسان هو الذي يمنحها اياها وفي ها الصدد خير – برغسون- بين نوعين من الاخلاق : اولا الاخلاق المغلقة وهي الاخلاق التي يجدها الانسان في مجتمعه وهي ذات صلة وثيقة بالعادات والتقاليد ومميزاتها الاساسية هي ان الفرد ملزم باحترامها ولم يساهم في ايجادها وثانيا الاخلاق المتفتحة وهي اخلاق المصلحين وغيرهم وتتميز بحدتها وعدم انسجامها مع الاخلاق والعادات والتقاليد لانها قيم جديدةابدعها بعض الافراد الذين يرفضون الاخلاق التي تنشا وعليها ومنه هل وفق اصحاب هذا الطرح فيما ذهبو اليه؟
مناقشة: في الواقع لا يمكن ان ننكر ان الفرد الانساني هو محور العملية الاخلاقية لكن ربط هذه القيمة بالانسان وتعليل وجودها بميوله ورغباته يفقدها خصائصها الروحية وهنا يتناقض مع الروح الاخلاقية السامية ويتعارض مع كل تنظيم اخلاقي يطمح الى تحقيق الكمال الانساني م ان القول ينفي المبدا الكلي بدعوى اختلاف نظرة الناس الى الفعل الواحد لا يكون في المبدا وانما في التطبيق مع حالات خاصة وجزئيةفقتل النفس رذيلة من حيث المبدا ولكن سيصير غير اخلاقي في حالات استثنائية كافشاء الاسير لاسرار وطنه
التركيب : وهنا يحق لنا التوفيق بين الطرحين فنقول : ان القول بذاتية القيم الخلقية هي لكيانها المستقل واثبات لاثر الانسان في وجودها كما ان القول بانها مطلقة هي نفي لاثر الانسان فيها واثبات وجودها المستقل اذن القيم الاخلاقية هي موضوعية وذاتية في نفس الوقت. خاتمة: ونستخلص من كل ما سبق ان القيمة الاخلاقية من صنع الفرد الذي يعيش داخل مجتمعه ويجعل سلوكه منسجما مع مقتضيات الجماعة ومصالح المجتمع والقيم ذاتية في مستواها الفردي وموضوعية في ممارستها الاجتماعية.

الأخلاق بين النسبي والمطلق
مقدمة: إذا كان الإنسان يختار فعاله الحرة بصفة إرادية وفي حدود معينة فهذا الاختيار يكون بين ممكنين على الإنسان في ذلك يعي ما يختار، أي لا يتم الاختيار إلا بعد تقييم ثم يترتب عليه الإقدام أو الأحجام فنقدم على الفعل إذا كان حسنا ونحجم عنه إذا كان مستهجنا، فلو أخذنا فعل السرقة، وفعل العمل، لوصفنا الأول بأنه قبيح رغم ما يترتب عليه من أثار مادية كالربح ونصف الثاني بأنه حسن رغم ما به من تعب ونصب، وهذا يعني أن الأول فعل لا أخلاقي أي انه شر أما الثاني فهو فعل أخلاقي وهو خير.
إن ما ينتج عن هذه الموازنة هو أن الإنسان العادي السوي ينشد الخير وينفر من الشر وهذا أمر عادي ومعروف ولكن الموضوع سيصبح إشكاليا لو طرح السؤال متى يكون الفعل خيرا؟ ومتى يكون شرا؟ هل ما كان خيرا سيظل كذلك ؟ أم أن ما هو خير اليوم يمكن إن يصبح شرا غدا؟ أن هذه التساؤلات تفرض رائع علينا مستوى من التحليل يبدل بضبط مفهوم للقيمة الأخلاقية ذاتها .
معنى القيمة الأخلاقية : القيمة في اللغة تعني المقدار فيقال قيمة الشيء مقداره وقيمة المتاع ثمنه ويطلق من الناحية الذاتية على الصفة التي تجعل من ذلك الشيء مرغوبا ومطلوبا ، أما الناحية الموضوعية فتطلق على ما يتميز به الشيء ذاته من صفات تجعله مستحقا للتقدير إن كثيرا أو قليلا . أما في الأخلاق فلفظ القيمة الأخلاقية يعني الخير ونقيضه الشر، بحيث تكون قيمة الفعل فيما يتضمنه من خيريه أو ما نرى فيه من خيريه وكلما كانت المطابقة بين الفعل والصورة الغائية للخير كلما كانت قيمة الفعل اكبر .
طبيعة القيمة الأخلاقية:أ- ضبط المشكلة: إذا كان من السهل أن يقال أن القيمة الأخلاقية هي المطابقة بين الفعل والصورة الغائية للخير فما طبيعة هذه القيمة؟ هل الخير خير في ذاته ومن ثمة فصورته ثابتة، موضوعية، مطلقة لتكون القيمة الأخلاقية موضوعية مستقلة عنا وعن كل ما يطرأ في حياة الناس من تغيرات أم أن القيمة الأخلاقية (الخير) ذاتية لتكون صورته الغائية متغيرة، نسبية، تتصل بالزمان والمكان ؟ بصورة وجيزة هل طبيعة القيمة الأخلاقية موضوعية أم ذاتية.؟
ب- التحليل: 1- القيمة الأخلاقية موضوعية: يذهب المثاليون إلى الاعتقاد أن القيم الأخلاقية ينبغي أن تكون موضوعية مستقلة عن عالم الكون والفساد. فأفلاطون قديما يعتقد أن الفضيلة موجودة في عالم المثل، والروح تأتي منه وهي محملة بالفضيلة، وعليه فما كان خيرا سيظل كذلك والروح تدرك بذاتها ما في الفعل من خيرية من خلال التذكر. على أن الفكرة تزداد وضوحا مع كانط الذي سلك منهجا نقديا قاده بالضرورة إلى افتراض ثلاث خصائص للقيمة الأخلاقية حتى تكون قيمة بالمعنى الإنساني الموضوعية والثبات والمطلقية، وإلا لم ولن تستطيع القيم الأخلاقية أن تكتسب الطابع الإنساني .
وقد تذهب المعتزلة في الفكر الإسلامي إلى أن في الفعل من الصفات ما يجعله خيرا، الشرع مخير والعقل مدرك. فالفعل الخير كالجوهرة فيه من الصفات الموضوعية ما يجعله خيرا, ويذهب فولتر إلى أن الخير يعرف بداهة ولا يختلف فيه اثنان مهما اختلف الزمان والمكان فالراعي التتري والصباغ الهندي والبحار الإنجليزي يتفوق على أن العدل خير والظلم شر, ومعناه إن في العدل من الصفات ما يجعله خيرا بشكل موضوعي وثابت ومطلق.
النقد: يتضح من هذا الطرح أن القول بموضوعية القيم الأخلاقية هدفه تامين اليقين للقيم الأخلاقية وتجاوز كل تضارب أخلاقي يفقد القيم الأخلاقية طابعها الإنساني وهو مسعى لا نعترض علبيه ولكنها طرح يتجاوز الوقائع من جهة ويتجاوز الحياة الإنسانية من جهة ثانية لأن النظر في الواقع يفيد أن لكل بيئة اجتماعية ثقافية نظاما من القيم يخالف بيئة أخرى فإذا كان العدل مثلا مطلبا إنسانيا فهو لا يطبق بنفس الكيفية فالعدل كما يراه الصباغ الهندي يختلف من طبيعة ذاتية:- ( يمكن إدراج وجهة نظر الاشاعرة ضمن الاتجاه الذاتي). يذهب أنصار الاتجاه الذاتي الذي يشمل ذوي النزعة الواقعية التجريبية أن القيمة الأخلاقية ذاتية بنت بيئتها زمانيا ومكانيا, فإذا كنا نعيش عالما يتسم بالتغير فالأكيد إن القيم الأخلاقية تتغير ولا وجود لقيم موضوعية هي بذاتها ثابتة .فالنفعيون والاجتماعيون والعاطفيون يتفقون على أن القيم الأخلاقية ذاتية نسبية متغيرة مثلما تتغير المنافع وتتغير البيئات وتتقلب العواطف وخير دليل الواقع , إن تمثلنا للقيم وتبنينا لها يخضع لما نتلقاه من تربية وتلقين, وما يلاحظ من تقارن بين الناس و بين البيئات الثقافية لذا كان حقد نيتشة على كانط كبيرا حينما زعم نمطا أخلاقيا متعاليا إنسانيا لأن الواقع يفرض رائع نظاما من الأخلاق تبعا لموقع الفرد الطبقي, الثقافي….الخ.
وفي الفكر الإسلامي ناهض الاشاعرة دعوى المعتزلة واعتقدوا أن الحسن والقبيح شرعيان وليسا عقليان , مختلفان باختلاف الشرائع.
النقد: إن كنا لا نستطع إن نقفز فوق الواقع الذي يثبت أن لكل نظام ثقافي منظومة أخلاقية يساهم في إرسائها المعتقد الديني والواقع الثقافي والوضع المادة التاريخي فإننا في المقابل نؤكد أن هذه النظرة تمثل الأخلاق كممارسة وهنا نفهم أن طبيعة القيم الأخلاقية من حيث الممارسة متغيرة وتتأثر بالذات في حين أن النظر أليها من جهة الطبيعية النظرية وفي صورة إنسانية تبدو ثابتة.
نتيجة: تتأثر طبيعة القيمة الأخلاقية بالزاوية التي ننظر منها إلى القيمة فمن الناحية النظرية تبدو مطلقة لوضعية ثابتة حتى أن نحكم الحياة الإنسانية , أما من الناحية العلمية فهي تتأثر بالزمان والمكان ليغلب عليها الطابع الذاتي.
أساس القيمة الأخلاقية: إذا كان الاختلاف قائما حول طبيعة القيمة الاخلاقية فأن هذا الاختلاف امتد أيضا إلى الأساس الذي تقوم عليه هذه القيمة ومن ثمة يطرح السؤال ما هو المعيار الذي بموجبه يغدو الفعل خيرا أو شرا ؟ هل يمكن أن تكون التجربة القائمة على اللذة والألم والنفع والضرر أساسا موجها لأحكامنا الاخلاقية أم أن التجربة تعجز عن ذلك لتضارب اللذات و المنافع و عليه لا يكون الأساس سوى عقليا بعيدا عن الميول والعواطف والهواء أم أن العقل هو الآخر لا يكفي لأنه قد يؤدي إلى أحكام صورية نظرية يصعب تطبيقها و بالتالي يكون التفكير في المجتمع كأساس لأحكامنا الاخلاقية , فما حسنه المجتمع كان حسنا وما قبحه كان قبيحا ؟ وبصيغة موجز هل أساس القيمة الاخلاقية هو الطبيعة البشرية ( اللذة والالم) أم الطبيعة الإنسانية العاقلة (العقل) آم الطبيعة الاجتماعية ؟
أ- المذهب التجريبي: (من اللذة إلى المنفعة) يعد هذا المذهب من أقدم المذاهب الفلسفية إذ تعود جذوره الأولى إلى الفكر اليوناني إذ يذهب ارستيب إلى تأكيد أن اللذة هي مقياس الفعل، بل هي الخير الأعظم، هذا ما يلائم الطبيعة البشرية التي تنجذب بصورة تلقائية وعفوية إزاء ما يحقق لها متعة الحياة وتنفر في المقابل من كل ما يهدد أو يقلل من هذه المتعة هذا هو صوت الطبيعة ، فلا خجل ولا حياء ، أن اللذة المقصودة عنده هي لذة الجسد وأقواها إطلاقا لذة البطن ويلزم على ذلك أن كل القوى تتجه نحو تأكيد وتمجيد هذا المقياس .
لكن اتباع هذا المذهب عدلوا من هذا الطرح لأنه يتضمن صراحة الإساءة إلى حياة إنسانية يقترض فيها التميز عن حياة حيوانية هذا ما يؤكد ابيقور والابيقوريون.الذين ميزوا بين الذات يعقبها الم وأخرى نقية لا يعقبها الم الأولى ليست مقياسا للفعل الاخلاقي هي لذة الفساق كالخمر والنساء، وبينما هي أساسه وانتهى ابيقور Epicure) (341-270 ق م التي تتوافق اكثر مع طبيعة الإنسان هي اللذات الروحية من قبيل الصداقة وتحصيل الحكمة ، وهي لذات تستلزم الاعتدال في السلوك، بينما رفع الرواقيون Les stoicims اللذة إلى مستوى روحي أعلى ومقياس اللذة عندهم كل ما يحقق السعادة، ولا تتحقق السعادة إلا إذا عاش الفرد على وفاق مع الطبيعة .
أما الفلاسفة المحدثون الذين يعد فكرهم امتداد لمذهب اللذة فقد جعلوا من المنفعة أساسا للفعل ويظل الاختلاف بين النفعيين في أي المنافع يصلح مقياسا للفعل فقد حرص جريمي بنتام على وضع مقاييس للمنفعة، كالشدة والدوام واليقين والقرب والخصوبة والصفاء أو النقاء والسعة أو الامتداد ، ومع ذلك لم يخرج بنتام عن الأنانية السائدة في تصوره لمذهب المنفعة فهو يشترط في نقاء اللذة إلا تنطوي على تضحية من جانب الشخص للآخرين وهذا ما رفضه جون استورت مل الذي اثر المنفعة العامة عن المنفعة الخاصة . وهو ما سبقه إليه جون لوك (1704-1632 ) الذي يذهب إلى أن الغاية من الاختلاق اجتماعية.
النقد : يتميز هذا المذهب بنظرية الواقعية آذ لا احد يتصرف ضد مصالحه ومنافعه وهذا ليس أمرا سيئا , لكن السيئ في الموقف هو الاكتفاء باللذة و المنفعة موجها للفعل و إلا ترتب على ذلك تضاربا في القيم نتيجة لتضارب المصالح.
ب- المذهب العقلي: يذهب نيون إجمالا إلى اتخاذ العقل مقياسا للفعل فقد قرن سقراط الفضيلة بالمعرفة, لكن جميع الدارسين يقفون على محاولة كانط التي تعد أهم محاولة لتأسيس الأخلاق لسببين , الأول وضع الأخلاق على محك النقد في محاولة لكشف الشروط القبيلة للفعل الاخلاقي و الثاني إيجاد مقياس يسمح لكل ذي عقل أن يميز بين الفعل الاخلاقي واللاخلاقي.
فعن السبب الأول رفض كانط رهن الواجب الأخلاقي لغايات تخرج عنه, بصيغة أوضح رفض كانط بتأسيس الأخلاق على التجربة الحية لما يطالها من تغير وتبدل وما ترتبط به من غايات خارجة عن الفعل ,وهذا معناه أن الفعل الأخلاقي لا يكون كذلك إلا لذا كان واجبا إذا الواجب آمرا مطلق, كلي, ثابت, إنساني, منزه, صادر عن الإرادة الخبرة للإنسان وعن السبب الثاني يحدد كانط جملة من القواعد أو الصيغ بها تقاس أفعالنا .
1-قاعدة الكلية: " اعمل دائما بحيث تستطيع أن تجعل من قاعدة فعلك قانونا كليا شبيها بقانون الطبيعة".
2- قاعدة التنزيه: اعمل دائما بحيث تعامل الإنسانية في شخصك وفي أشخاص الآخرين دائما كغاية لا كوسيلة".
3- قاعدة الحرية أو الإرادة: "اعمل دائما بحيث تستطيع أن تجعل عن إرادتك الإرادة الكلية المشرعة للقانون الأخلاقي."
بهذه القواعد يتضح سمو الواجب الاخلاقي الذي لا يمكن أن نخفضه إلى مجرد واجب اجتماعي قل هو واجب لكل الكائنات العمالقة تمثلا للقانون لا أكبر.
النقد: طمح كانط إلى تأسيس أخلاق ثابتة أمن لها اليقين و المطلقة وجعلها متعالية منزهة ومع ذلك كانت عرضة لانتقادات شديدة وخاصة من قبل الفيلسوف الألمان فريدريك نيتشة الذي لم ير في مساواة الناس جميعا في واجب مطلق يختفي وراءه هؤلاء الضعفاء في الوقت الذي يفترض فيه أخلاق القوة (أخلاق السادة) تلك التي تعبر عن إرادة الحياة.
ج- المذهب الاجتماعي: في المقابل للمذاهب السابقة يرفض الاجتماعيون كل تأمل أخلاقي لا يأخذ بعين الاعتبار الواقع الاجتماعي و فقد جعلت الماركسية الخلاق انعكاس للواقع الاجتماعي الذي يعد هو بحد ذاته صدى لعلاقات الإنتاج, فالأخلاق السائدة هي أخلاق الطبقة المسيطرة , بينما تذهب المدرسة الاجتماعية بزعامة دوركايم وليفي بريل, إلى أن الأخلاق ethique هي في الحقيقة العادات والتقاليد, فهي في نظر دوركايم ظاهر اجتماعية تمارس ضغطا وإكراها , "لسنا سادة وتقويمنا الأخلاقي , فنحن ملزمون ومجبرون ومقيدون والذي يلزمنا ويجبرنا ويفيدنا هو المجتمع". معنى ذلك أن أساس الفعل الأخلاقي هو المجتمع, فما حسنه المجتمع وأمر به فهو واجب أخلاقي لأن الواجب الأخلاقي بالضبط هو الواجب الاجتماعي وما نهى عنه معناه شر ينبغي تجنبه, هذا ما يدل عليه الواقع وما يكشف عليه المادة التاريخ.
النقد: لا شك أن للمجتمع حضورا قويا فيما لدينا من قيم أخلاقية نأخذها كقوالب جاهزة علينا الاقتتال لها ومع ذلك فالأخلاق ليس كلها اجتماعية, فقد ناهض برغسون الخلاق الاجتماعية ووصفها بالأخلاق المغلقة, الساكنة والراكدة التي تتنقل من جيل إلى جيل في مقابل الأخلاق المفتوحة, الحيوية والمتطورة تلك التي يبدعاه الأفراد القديسون والأبطال…
ويعلق فرانسوا غريغوار على الأخلاق الاجتماعية وما بها من نقص"فهي تبرير للانسياق الاتباعي " الذي يحرمنا من كل إبداع.
نتيجة : نكشف من العرض السابق إن الإنسان كائن أخلاقي بلا ريب حتى لو شك في هذا الأساس أو ذاك كما يكشف التحليل انه من الصعب اتخاذ أساس مطلق للأخلاق بسبب من تشعب الحياة وتعدد مناحيها.

مشكلة سلم القيم الأخلاقية وتعارض الواجبات .
ضبط المشكلة: تقرر من التحليل السابق أن الإنسان في جميع الأحوال يسلك بمقتضى رقم ونظام أخلاقي بغض النظر الطبيعية و الأساس و لكن كثيرا ما نجد أنفسنا إزاء واجبات نختار في أيتها نختار وبأيها نبدأ. فما هو السلم الذي ينبغي أن نعتمده في اختيار الواجبات ؟
يمكن إخضاع الإجابة على هذا السؤال للمذاهب السابقة ونتوقع أن يوجهنا أصحاب اللذة والمنفعة إلى اختيار السلوك على أساس من اللذة وبها تغدو الواجبات الشخصية سابقة على العامة, وفضائل الحس والجسد قبل تضائل التأمل والعقل, حلافا للاجتماعين الذين يضعون الواجبات الاجتماعية, الآتية والقائمة موضع التنفيذ قبل الواجبات الخاصة أو المتعالية , بينما ستكون إجابة كانط على ذلك من أن السلم الجدير بالاحترام هو أن نضع الواجب الاخلاقي موضع الاختيار باعتباره الأسمى والمنزه والكلي و الثابت و إجمالا الفضائل أصناف و ينبغي للإنسان أن يحرص على انتقاد واختيار الأجدر منها و الأكمل, أي تلك التي تكمل بها إنسانية الإنسان. .

هل النظام الاقتصادي القائم على الحرية الفردية كفيل بتحقيق رفاهية الشعوب ؟
الطريقة : جدلية :
مقدمة :
إن استمرارية ورقي أي دولة أو مجتمع بشري يقتضي انتهاج نظام اقتصادي معين ، يضمن تجنب مشاكل اقتصادية واجتماعية ويحقق الرفاهية والتوازن الاجتماعي لهم ، ولقد اختلف الفلاسفة ورجال الاقتصاد عبر التاريخ حول مسالة اختيار النظام الاقتصادي الأمثل والأنجح لتحقيق العدالة والرفاهية للشعوب ، وهذا نظرا لتعدد النظم الاقتصادية من اقتصاد قائم على الحرية الفردية و آخر قائم على الاشتراكية ، ومن هذا المنطق نطرح عدة إشكاليات مفادها ، هل النظام الرأسمالي القائم على الحرية الفردية هو الأنسب لتحقيق الرفاهية والعدالة الاجتماعية ؟ وبتعبير آخر ما هو النظام الاقتصادي الأفضل لتحقيق العدالة في المجتمع ؟
العرض :
يرى بعض الفلاسفة والمفكرين وعلى رأسهم رجل الاقتصاد الانجليزي " آدم سميث " و " جون باتيست " أن النظام الاقتصادي الأمثل والأفضل لكافة الشعوب هو النظام الليبرالي " الرأسمالي " فهو الذي يحقق العدالة في المجتمع لأنه يمنح للإفراد الحرية المطلقة في ممارسة كل الأنشطة الاقتصادية ، ولقد ظهر النظام الرأسمالي في خضم التغيرات الاجتماعية التي أحدثها انتقال المجتمع الأوربي من مجتمع إقطاعي إلى مجتمع رأسمالي بفعل الثورة الصناعية في انجلترا التي أحدثت تغيرا جذريا على البنية الاقتصادية و الاجتماعية للمجتمع الأوروبي وتعود الجذور الفلسفية للرأسمالية حسب عالم الاجتماع "ماكس فيبر" إلى عاملين فلسفة التنوير التي دافعت عن حرية الفكر والتصرف والبروتستانتية التي مجّدت العمل والحرية, هذه الأفكار تجلّت في المذهب الفردي والذي من أكبر دعاته "آدم سميث" و"ستيوارت ميل" والرأسمالية تقوم على مجموعة من الخصائص أهمها [الملكية الفردية لوسائل الإنتاج وحقّ التملّك] التي هي في نظرهم تشبع غريزة حبّ التملّك واعتبرها "جون لوك" من الحقوق الطبيعية للإنسان وامتداد لغريزته حيث يقول وهذه الملكية حق من حقوق الطبيعة وغريزة تنشأ مع نشأة الإنسان، فليس لأحد أن يعارض هذه الغريزة
وقال عنها "جون ستيوارت ميل" {الملكية الخاصة تقليد قديم اتّبعه الناس وينبغي إتباعه لأنه يحقّق منفعتهم}وترى الرأسمالية أن الاقتصاد ظاهرة طبيعية أساسه قانون العرض والطلب الذي ينظّم حركة الأجور والأسعار ومنه ضرورة [عدم تدخّل الدولة في الشؤون الاقتصادية] لأن تدخلها يتعارض مع أهمّ مبادئ هذا النظام وهو الحرية وهي حقّ مقدّس لكل إنسان لا ينبغي النازل عنه وتدخّلها يضر بالاقتصاد لأنه يخلق عراقيل مختلف وهنا يظهر مبدأ [التنافس الحرّ] الذي هو في نظرهم ضروري لخلق حركية في الفكر والإبداع وإلغاء التنافس يضعف الاقتصاد قال عنه "باستيا" {إلغاء التنافس الحرّ معناه إلغاء العقل والفكر والإنسان} وما يؤكد ذلك انه في الجزائر مثلا لما تعدد متعاملو النقال اصبح هناك تنافسا بينهم ادى الى تحسن الانتج وزيادة الامتيازات للزبائن وانخفضت الاسعار بعد ان كانت مرتفعة جدا وهذا كله من مزايا الراسمالية التي كما يعتقد "سميث " ان ظروف الحرية الاقتصادية هى الأكثر ملائمة لزيادة الطاقة الانتاجية ، حيث يصبح الأفراد أحرار فى اتخاذ الأنشطة التى تحقق لهم مصالحهم . هذا الدافع وحدة- وهو تحقيق المصلحة الفردية يدفع الأفراد إلى التخصص فى الانشطة التى تتناسب مع قدراتهم الخاصة ، هكذا يتم تقسيم العمل بما يحقق أعلى انتاجية ممكنة فى ظل المنافسة الكاملة. وعلى هذا لم يؤمن "سميث" بأهمية دور الدولة فى التدخل فى النشاط الاقتصادى كما نادى المركنتاليين، بل على العكس اعتقد "سميث" فى وجود يد خفية تسعى إلى تحقيق مصلحة المجتمع ككل عندما يكون الأفراد أحراراً فى اختيار الأنشطة الاقتصادية التى تحقق مصلحتهم الشخصية، فى إطار القانون والحفاظ على حقوق الملكية الخاصة يقول . "كل فرد بتوجيه صناعته نحو إنتاج اكبر قيمة ممكنة، لا يسعى إلا في سبيل ربحه الخاص لا غير، وهو على هذه الصورة مسيرا بيدٍ خفية، يحقق غاية لا يدركها وعية… وهو بملاحقته لمصلحته الخاصة يقدم النفع لمصلحة المجتمع بفعالية أكبر) وما يؤكد قيمة النظام الراسمالي هو تبني اغلب دول العالم له رغم بعض الهزات التي لحقته يقول اللورد شلبورن رئيس حكومة انجلتراالتنافس هو أساس كل تبادل حر سليم.. ليس لنا سوى أن نجعل نصب أعيننا التبادل الحر على أرض الواقع… إننا متفوقون في الصناعة، والمشاريع على جميع الأمم الأخرى التجارية في العالم، ولذا يجب أن يكون شعارنا فتح جميع الأسواق".
النقد رغم النجاح الكبير الذي حققه النظام الرأسمالي وقدرته على النفوذ في اقتصادات معظم دول العالم خاصة الغربية وما رافقه من تطور تكنولوجي مذهل ، إن الثروة ورؤوس الأموال في الاقتصاد الليبرالي الحر تتركز في يد الأقلية فقط دون الأغلبية وهذا ما أدى إلى تقسيم المجتمع إلى طبقتين طبقة غنية مالكة للثروة ووسائل الإنتاج وطبقة أخرى فقرة تعمل ولا تكسب ، فالغني في النظام الرأسمالي يزداد غنى والفقير يزداد فقرا وبذلك اتسعت الهوة بين الطبقتين بالإضافة إلى الأزمات والمشاكل التي تعرض لها النظام الرأسمالي في تاريخه مثل " أزمة الكساد الكبير سنة 1929 ، وأزمة الرهن العقاري سنة 2024 " وقد أدى أيضا إلى نشوب حروب ومشاكل بين الدول عبر عنها الفيلسوف " جوريس " بمقولته الشهيرة ( إن الرأسمالية تحمل الحروب مثلما يحمل السحاب المطر ).
وعلى أنقاض النظام الرأسمالي ظهر نظام اقتصادي آخر حمل مبادئ جديدة تمثل في النظام الاشتراكي الذي يرى مؤسسوه وعلى رأسهم الفيلسوف الألماني " كارل ماركس " إن هذا النظام هو الذي يكفل تحقيق العدالة في المجتمع ويقضي على الطبقية التي أنتجها النظام الرأسمالي ، ويقوم النظام الاشتراكي على عدة أسس ومبادئ أهمها الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج على اعتبار أنها تساوي بين أفراد المجتمع فلا يشعر احد منهم بالظلم ، كذلك يرفض هذا النظام استغلال الإنسان لأخيه الإنسان ،وقد جاء هذا النظام لمحاربة الظلم الذي مارسه البورجوازيون على الطبقة الكادحة قال "انجلز" {نشأت من صرخة الألم لمحاربة استغلال الإنسان لأخيه الإنسان يقول شي غيفارا اننا لا نرى تعريفا اخر للاشتراكية سوى الغاء استثمار الانسان لاخيه الانسان كما يعتقد الاشتراكيون ان سبب كل المشاكل والازمات هو النظام الرأسمالي يقول لينين ان الازمة تبين ان المجتمع المعاصر باستطاعته ان ينتج منتجات اكبر بما لا يقاس، منتجات تكرس تحسين حياة الشعب الكادح كله، لو لم تستول على الارض والمعامل والالات وغيرها (أي وسائل الانتاج) حفنة من المالكين الخاصين الذين يبتزون الملايين من بؤس الشعب" (لينين المؤلفات الكاملة المجلد الخامس صفحة 84) كما دعا ماركس العمال إلى التوحد وذلك في مقولته " الشهيرة ( يا عمال العالم اتحدوا ) وقد دعا ماركس العمال الى التحاد لمجابهة الرجوازيين الذين استولوا على كل شيئ وسرقوا جهود العمال مما ادى الى كثير من التناقضات في هذا النظام يقول ماركس الرأسمالية تحمل بذور فنائها بداخلها حيث تزداد الفجوة باستمرار بين الطبقة البرجوازية المالكة لوسائل الإنتاج وطبقة البروليتاريا (الكادحة) ويفسّر ماركس هذا التناقض قائلاُ {الذين يعملون لا يغتنون والذين يغتنون لا يعملون} هذا التناقض يولد مشاعر الحقد والكراهية فتحدث ثورة الفقراء على الأغنياء عندها تسقط الرأسمالية وتحل محلّها الاشتراكية التي تنادي بضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع افراد المجتمع والقضاء على الطبقية يقول فلاديمير لينين" في بيان الحزب الاشتراكي السوفياتي {الاشتراكية نظام اجتماعي لا طبقي له شكل واحد الملكية العامة لوسائل الإنتاج، ويقول ماركس ،تقوم الجماعة على أساس كون أعضائها مالكين عقاريين يعملون، فلاحين و زراع صغار، وفي الوقت نفسه يستند استقلالهم إلى علاقتهم المتبادلة كأعضاء في الجماعة و إلى حمايتهم للأرض المشاع من أجل الحاجات المشتركة و المجد المشترك كما يؤكد هذا النظام أيضا على ضرورة تدخل الدولة في كل النشاطات الاقتصادية والتحكم فيها وذلك عن طريق ما يسمى بعملية التخطيط المسبق لسير الاقتصاد من طرف الدولة ويظهر التخطيط المركزي بوضوح في مصر حيث كانت الدولة تخطط لكمية الشاي المستهلكة في مصر حيث ان المصري يشرب ثلاث اكواب يوميا وكل كوب يستلزم ملعقة كل ملعقة تزن عشرين غراما اذا ضربنا عشرون في ثلاثة نجد ان المصري يستهلك ستين غرام يوميا هذا نموذج عن التخطيط الموجه من طرف الدولةوالذي يهدف الى ضبط الانتاج وفق حاجيات المجتمع وكنتيجة لهذا الموقف يمكن القول ان النظام الاشتراكي القائم على الملكية الجماعية لوسائل الانتاج كفيل بتحقيق الازدهار الاقتصادي والعدالة الاجتماعية
رغم أن الاشتراكية تعبر تاريخيا عن وعي الإنسانية ، ونضالها الدائم من اجل العدل والمساواة وحاربت التفاوت والاستغلال لا أنها لم تخلو هي الأخرى من العيوب والسلبيات ولعل أهم هذه السلبيات تمثل في قمعه للحرية الفردية التي تعتبر شيئا مقدسا للإنسان وكذلك أدى تطبيقه إلى الاتكال على الدولة في كل شيء والى المشاكل الإدارية ممثلة في البيروقراطية وكذا غياب المبادرة الفردية ، وأدت أيضا إلى ركود وجمود اقتصادي كبير وواضح لدى الدول الاشتراكية ، ولعل أهم دليل على فشل الاشتراكية هو انهيارها السريع في معظم الدول التي تبنت هذا النظام وأفضل مثال على ذلك انهيار المعسكر الشيوعي ممثلا في الاتحاد السوفياتي أمام المعسكر الليبرالي .
إن كل من النظامين السابقين لم يخلو من العيوب والمشاكل رغم تفوق الرأسمالية التي لازالت تعاني من الأزمات من حين لآخر إلا أن النظام الاقتصادي الإسلامي أو بتعبير أفضل الممارسة الاقتصادية في الإسلام يعتبر افضل الانظمة على الاطلاق لانه يقوم على الاعتراف بمبدأ الملكية المزدوجة، وفق أساليب متوازنة تكفل مصلحة الفرد و الجماعة معا،و تعتني بالنواحي الإنسانية عناية خاصة فالاقتصاد الإسلامي يستمد فلسفته من مبادئ الشريعة الإسلامية و قيمها كوحي الهي و لهذا نجده ينطلق من قاعدة جوهرية و هي أن المال مال الله و الأرض أرضه و العباد عباده و هم مستخلفون في أرضه على ماله و هو يقوم على الملكية المزدوجة فهو يعترف بالملكية الفردية و بحق الفرد في العمل و الإنتاج و الامتلاك لأنها فطرة في الانسان و هي الباعث على العمل لقوله تعالى في الآية 14 من سورة آل عمران : « زين للناس حب الشهوات من النساء و البنين و القناطير المقنطرة من الذهب و الفضة و الخيل المسومة و الأنعام و الحرث ذلك متاع الدنيا و الله عنده حسن المآب » و قوله صلى الله عليه وسلم : « لو كان لابن ادم واد من ذهب لتمنى أن يكون له ثان.. و لا يملأ جوف ابن ادم ﺇلا التراب»، كما حافظ الإسلام على الملكية الفردية فحرم السرقة و الغصب و منح الشهادة لمن يموت و هو يدافع عنها و أقرها عندما شرع الميراث.لكن الإسلام قيد هذه الحرية بمصلحة ال****ة من خلال الزكاة و هي واجب و حق معلوم لقوله تعالى : « و الذين في أموالهم حق معلوم للسائل و المحروم » ﺇذ يعترف الإسلام بالقطاع العام و هو كل أمر فيه مصلحة ضرورية لل****ة فلا بد من جعله ملكية ****ية حيث يقول النبي صلى عليه وسلم : « الناس شركاء في ثلاث الماء و الكلأ و النار » وفي رواية الملح. وحافظ الإسلام أيضا ملكية المعادن التي في باطن الأرض و المرافق الأساسية كالطريق و المساجد… و أقر مبدأ التكافل الاجتماعي فلكل فرد الحق في مستوى معيشي لائق فإذا عجز عن تحقيقها يتكفل به بيت مال المسلمين تبعا لحاجته و ظروفه و عدد أولاده كما حاول القضاء على ظاهرة استغلال الانسان لأخيه الانسان لقوله صلى الله عليه وسلم : « أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه » وحث أيضا على ترشيد الاستهلاك و الإنفاق و ذلك بتحريم التبذير و الإسراف فلا يكون بخيلا مقترا و لا مسرفا مبذرا و إنما معتدلا و وسطا لقوله تعالى : « و لا تجعل يدك مغلولة الى عنقك و لا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا » فقد تضمنت فلسفة الاقتصاد في الإسلام مبادئ وقواعدعامة لتنظيم الحياة الاقتصادية تنظيما أخلاقيا من أجل تحقيق حياة متوازنة بين الفردو المجتمع وعلى هذا الأساس منحت الإنسان الحرية من الملكية قوله صلى الله عليه و سلم : ( من أحي أرضا ميتة فهي له)، ولكن قيدها بالمصلحةالعامة حتى لا تكون أداة لاستغلال الإنسان لأخيه الإنسان وجعلها ملكية نسبية(حيث كلشيء لله)، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الإسلام حرم كل أنواع الربا و الغش والاحتكار وكل ضروب الاستغلال ..
الحرية و المنافسة الاقتصادية المشروعة مضمونة في هذا الاقتصاد لكنها مشروطة و مضبوطة بحدود أخلاقية لأنها تحترم كل وسائل العمل غير المشروع مثلا كتحريم الغش، السرقة، الربا…
ويبدو لي ان الاقتصاد الاسلامي هو الكفيل بتحقيق الرفاهية والنمو وهو احسن الانظمة الاقتصادية لانه ينادي بتحقيق العدالة و التكافل الاجتماعيين بطرق أخلاقية و عملية، فالإنسان هو محور العملية الاقتصادية في الإسلام، فهو يدعو للتعاون بين الجميع، و يلح على العمل و الكسب الشريف و يوصي به.. تضمن لحد كبير تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية كما تضمن الرفاهية ، كما يربط الاسلام الاقتصاد بالاخلاق حيث حرم أشكال الغش والربا والاحتكار والتبذير حيث منعت النظرة الإسلامية للاقتصاد الاستبداد والتعسف في استخدام المال سواء كان خاصا أو عاما ولقد عرفت هذه الممارسة الاقتصادية اهتماما كبيرا من علماء الاقتصاد لاسيما بعد الأزمة المالية العالمية "2017 / 2024 وذلك من اجل الوصول إلى معاني اقتصادية متكاملة تقوم على أسس أخلاقية .
خاتمة :
وفي الأخير وكحوصلة لما سبق فإن الاقتصاد الحر لا يحقق لا الحياة المزدهرة ولا العدالة الاجتماعية لأنها منبع المصائب والأزمات أما الاشتراكية فإنها رغم فضحها لعيوب الرأسمالية لم يتسن لها تحقيق روح العدل ومن هنا فالنظام الذي يحقق الحياة المزدهرة إنما هو النظام الذي يجمع بين عنصري الاقتصاد و الأخلاق في آن واحد ألا وهو النظام الاقتصادي الإسلامي الذي يجعل من المال كوسيلة وليس كغاية يقول تعالى المال و البنون زينة الحياة الدنيا و الباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا

الاستاذ عبدلي

اذا توفرت لدي مزيد منها سارسلها لك . وراجعي هته المقالات لا اعرف ان كانت فيها

اخطاء …… وفقك الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.