تخطى إلى المحتوى

الموهوبون في أوساط الدعاة 2024.

  • بواسطة

الموهوبون في أوساط الدعاة
الجيريا

فالأمم العظيمة ليست إلا صناعةً حسنة لنفر من الرجال الموهوبين، وأثر الرجل العبقري فيمن حوله كأثر المطر في الأرض الموات، وأثر الشعاع في المكان المظلم، وكم من شعوب رسفت دهراً في قيود الهوان، حتى قيض الله لها القائد الذي نفخ فيها من روحه روح الحرية، فتحولت بعد ركود إلى إعصار يجتاح الطغاة ويدك معاقلهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ

يشهد عصرنا تطوراً مطرداً في مجمل نواحي الحياة الاجتماعية وغيرها، وتزدهر بعض أنواع الأعمال والنشاطات مستفيدة مما يقدمه التطور التكنولوجي والخدمي والثقافي، وصولاً لتحقيق أهداف معينة.. إلا أن العمل الدعوي يعاني من ركود فلا يكاد يخرج عن قالبه القديم المحافظ إلا في ما ندر. ولا يقتصر الجمود والركود على أساليب وآليات العمل الدعوي، بل يتعداه إلى مفاهيم وأفكار هذا العمل، ما يجعل من الصعب الاستفادة من الإمكانيات البشرية والتقنية المتاحة أحياناً.

ومن بين الإمكانيات البشرية التي تنمو وتذبل دون أن يستفاد منها هي الموهبة التي يزرعها الله تبارك وتعالى في بعض أفراد المجتمع ممن قد يمتهنون العمل الدعوي، وممن يجدون القوالب الجاهزة أمامهم، التي يصعب تحريكها أو تغييرها، فتنتهي الموهبة عندهم دون أن يستفاد منها في الدعوة إلى الله، أو في تطوير مفاهيم أو أفكار هذا العمل المبارك.

حاجة الدعوة إلى التطوير والموهبة

من أكثر الأعمال إلحاحاً لتطويرها وتغييرها وفقاً لمعطيات العصر الحديث هو العمل الدعوي، والذي يعاني في غالبيته من جمود وركود استمر على مدى سنوات طويلة، لم يستطع أن يخرج من قوالبه الجامدة إلا في بعض الحالات النادرة.. ويحتاج العمل الدعوي تحديداً للتطوير أكثر من غيره من الأعمال والنشاطات لعدة أسباب:

1- أنه عمل خلاق يحاكي العقل والعاطفة، ما يتطلب منه أفكاراً وقوة دائمة للإقناع.
2- التطور الذي يشهده العصر الحديث من علوم وتكنولوجيا واتصالات وغيرها، ما يجعل لزاماً على العمل الدعوي مواكبة هذا التطور كي لا يبتعد عن المجتمع الذي هو البيئة الأولى له.
3- تستفيد جهات سلبية أخرى من التطور الحاصل في عدة مجالات من بينها جهات التنصير والجهات التي تبث الأفكار الهدامة للجهات المسلمة كالأغاني الهابطة والمواقع والقنوات الماجنة، ما يحتم على العمل الدعوي منافسة هذه الجماعات والتسلح بهذه الآليات لمواجهة مثل هذه الأفكار.
4- زيادة الوعي في المجتمعات المسلمة، ما يجعل من الضروري مخاطبة هذا المجتمع بلغات وأساليب جديدة ومبتكرة.
5- الجمود الطويل الذي لحق بالعمل الدعوي، وضرورة وجود أساليب وطرق جديدة كي لا يثبت في تصور البعض أن العمل الدعوي «متخلف» وبعيد عن طبيعة الحياة الجديدة.

ويؤكد الشيخ محمد الغزالي رحمه الله أن تكوين الدعاة يعني تكوين الأمة، «فالأمم العظيمة ليست إلا صناعةً حسنة لنفر من الرجال الموهوبين، وأثر الرجل العبقري فيمن حوله كأثر المطر في الأرض الموات، وأثر الشعاع في المكان المظلم، وكم من شعوب رسفت دهراً في قيود الهوان، حتى قيض الله لها القائد الذي نفخ فيها من روحه روح الحرية، فتحولت بعد ركود إلى إعصار يجتاح الطغاة ويدك معاقلهم».

ويقول الأستاذ نضال جمعان باوافي: «الدعوة إلى الله ليست مجرد وعظٍ للناس وتذكير بفضائل الإسلام وآدابه فحسب، بل هي حركة علمية وعملية تتميز في مبادئها وأهدافها ومصادرها، وترتكز على أسس وقواعد علمية مدروسة، وتنضبط بضوابط شرعية محددة».

ويضيف «الدعوة بحاجة إلى من يفعّلها ويجعلها واقعاً ملموساً في حياة الناس ومعيشتهم، وهي بحاجة إلى دعاة يحسنون عرض أفكار الإسلام ومبادئه بأسلوب شيق جذاب.. يؤثرون ولا ينفِّرون، ويوضِّحون ولا يعقّّدون، ويحسنون ولا يسيؤون، وسيل الدعوة العرمرم ما ترك من ضلالة إلا وحوّلها رحمة وهداية للعالمين».

الموهوبون بين أوساط الدعاة

تعريف الموهوب:

من الصعب تحديد تعريف واحد وشامل للموهوب.. سواء أكان في الوسط الدعوي أو غيره، حيث تعددت التعريفات الخاصة به، منها أنه «الشخص الذي يظهر لديه تميز لا يستوعبه التعليم العام، مما يستلزم توفير برامج خاصة لرعاية وتنمية هذا التميز، وتوظيفه بصورة مناسبة». وفي تعريف آخر فإنه «الشخص الذي يستطيع أن يقدم أفضل الأعمال بأقل الإمكانيات الممكنة».

وفي المجال الدعوي يمكن تعريف الموهوب بأنه:

– «الشخص الذي يستطيع الاستفادة من أي إمكانيات متاحة في تحقيق أفضل النتائج في عمله».
– أو أنه «الداعية الذي يستطيع توظيف أسلوبه الشخصي وسلوكه العملي في الدعوة إلى الله».
– أو أنه «الداعية الذي يظهر تفوقاً خلال عمله في معظم الظروف، ووفقاً لأي إمكانيات متاحة، والذي يظهر قدرات إبداعية عالية ومتجددة».

وإذا نظرنا إلى التعريف القاموسي للموهوب يتضح لنا أن الموهوب هو من وقع عليه الفعل وهو اسم مفعول من الفعل وهب، وأن الموهوب هو شخص لديه قدرة واستعداد طبيعي للبراعة في علم ما أو عمل أو وظيفة».

معايير الداعية الموهوب:

رغم اختلاف التعاريف حول الشخص الموهوب، وصعوبة حصرها في نطاق محدد، إلا أن هناك مجموعة من الخصائص والمعايير التي تدل على الموهوبين، وتبرزهم من بين الجموع. يقول الأستاذ مصطفى عاشور حول أهم خصائص الموهبة، والتي هي موهبة من الله تبارك وتعالى: «المواهب هي منح إلهية ينطبق عليها قوله تعالى: «يزيد في الخلق ما يشاء» يتميز بها بعض الخلق عن بقيتهم، والموهبة باعتبارها زيادة في الخَلق لا يتمتع بها إلا القليل من الناس، ولها وجهان: أحدهما أنها عطية من الله تعالى، اختص بها بعض خلقه، أما الوجه الآخر فإن وجود العطية الإلهية لا يعني الاستغلال، وإنما تحتاج إلى صقل وجهد حتى تصفو…»

فيما يورد الأستاذ سلطان الجميري بعضاً من الصفات التي تتعلق بالأشخاص الموهوبين بشكل عام، وهي:

1. الأذكياء يسألون أكثر من غيرهم، يريدون أن يعرفوا لماذا؟ وكيف؟؟
2. يحبون أن يتكلموا كثيراً.
3. يحبون الحركة كثيراً.
4. يشعرون بطريقة مختلفة ويتصرفون بطريقة مختلفة.
5. بعضهم يشعر بالوحدة.
6. متمردون بسبب حالتهم الخاصة، ولأن لديهم مشاكل خاصة.
7. ينامون أقل من غيرهم بسبب الطاقة العالية التي لديهم.
8. الأذكياء حساسون جداً، يغضبون بسرعة، ويشعرون بالسعادة بسرعة.
9. يتأثرون بنقد الآخرين، ويسعون لتطبيق ما هو صحيح إذا اقتنعوا به.
10. يحبون الالتصاق بالعمل الشاق والصعب ويتمتعون به.
11. لديهم قوة عالية في التفكير الناقد، ينقدون الأفكار الغبية.
12. يشعرون بالخوف من فقدان الأشياء التي يملكونها.
13. يستطيعون الحصول على علامات مرتفعة في دراستهم.
14. يشعرون بالخوف من الفشل.
15. يكرهون الروتين ويشعرون بالملل.
16. البعض منهم يتمتع بصفة العناد.
17. يستطيعون إنتاج حاجات مختلفة.
18. لديهم قدرة خيالية أكثر من غيرهم.
19. يستطيعون الاتصال والتعامل مع من هم أكبر منهم سناً.
20. يستطيعون تعلم كل شيء وهم سريعوا الفهم.

خصائص الموهوب

للموهوبين مجموعة من الخصائص التي تتراوح بين السلبية والإيجابية، والناتجة عن الموهبة التي خصّوا بها من بين الناس. يشير الأستاذ حامد الحامد إلى بعض السمات والخصائص الشخصية السلوكية والمعرفية المتعلقة بالموهوبين، و منها:

1. الدافع الذاتي الموجود لدى الطالب.
2. سرعة البديهة.
3. الطموح العالي.
4. حب المنافسة مع زملائه.
5. نسبة الذكاء العالية.
6. المتابعة من ولي الأمر المستمرة.

فيما يفصل الأستاذ عادل بن سليمان الزهير هذه السمات والخصائص إلى:

(أ‌) سمات في المظهر:

يظهر العناية بالمظهر، وهو انعكاس للاهتمام الأسري بالطالب والاستقرار النفسي والاجتماعي الذي هو من شروط ظهور وبروز الموهبة لدى الطالب.

(ب‌) سمات سلوكية:

يظهر التوازن السلوكي والعاطفي لدى الموهوب.

1- كثرة حركة العين والتدقيق في صغائر الأمور.
2- كثرة الأسئلة (وعادة) ما تكون أسئلة وجيهة تنم عن تفكير عميق.
3- فيما تظهر سمات وخصائص سلبية تتمثل بعضها بما يلي:

– المشاغبة، بسبب الإحساس العالي بالنشاط والطاقة الكامنة.
– احتقار الآخرين، عبر الإحساس بالتفوق وقلة خبرة ومعرفة الآخرين.
– الاستقلالية أو الانعزال، بسبب الإحساس بالفجوة الفكرية بينه وبين أقرانه في العمر.
– الحقد على المجتمع أو المسئولين بحال لم يساعده أحد في تنمية أو تشجيع مهاراته.

كيفية توجيه الموهوبين واحتوائهم

كما الذهب المستخرج من الأرض، يحتاج الموهوب إلى اكتشافه وتمييزه من بين الدعاة المنتشرين هنا وهناك، والذين يعلمون كلهم لله، يطلبون الأجر والمثوبة على ذلك من الله تبارك وتعالى.

ولكن يبقى للموهوبين أهمية عن غيرهم، فهم الذين قد يحتلون مراكز قيادية، يستطيعون من خلالها تغيير وتطوير العمل الدعوي، المحتاج إلى هذه العمليات الجديدة.

وكما أن الذهب لا يستخرج جاهزاً نقياً من الأرض، يحتاج الموهوبون من الدعاة إلى تشذيبهم وصقلهم واستخراج أفضل ما لديهم، وإبعاد ما شاب صفاتهم وطباعهم من شوائب سلبية.

وتصبح هذه العملية هي أهم مراحل حياة الموهوب، إذ إن مستقبله الدعوي الطموح، وقفاً على كيفية التعامل معهم واحتوائهم في البداية.

يقول الأستاذ نضال جمعان باوافي: «اكتشاف المواهب القيادة – أو قل إن شئت الدعوية والتربوية – وهم أولئك الذين يتصفون بصفاتٍ خُلُقية متميزة، فإذا ما قُدِّر لهم أن يتولوا مسؤوليات ما، نمت مواهبهم أكثر فأكثر، وحين يحترم الدعاة هذا الإبداع من أولئك الموهوبين ويحفزوا عليه؛ فإنهم يوجدوا الأطر التي تخدم الدعوة وترعاها.. يظهر المبدعون، وتسري في الأمة حيوية جديدة».

وعن كيفية احتوائهم والاهتمام بهم؛ يقول الأستاذ عامر بن عبد الرحمن الحوطي: «يمكن احتواؤهم من خلال إقامة المراكز المتخصصة والنوادي العلمية التي تتبنى موهبتهم وتنميها، وأيضاً مساعدتهم مادياً ومعنوياً للارتقاء بموهبتهم والاستفادة منها في كل ما هو فيه خير وصلاح للفرد والأمة».

ويضيف الأستاذ حامد الحامد بعض الأفكار، مشيراً إلى:

– متابعة المربي للموهوب وتوجيهه من صغره.
– حث الموهوب على الجد بالعمل وعدم التكاسل.
– محاولة التقرب إليه بأحسن الأساليب من تحقيق المطالب لهم التي لا تتعارض مع التربية الصحيحة الإسلامية.
– تهيئة الجو المناسب للموهوب الذي يرغبه والتحبب إليه بأساليب عدة.

خطة لاكتشاف المواهب والتنقيب عنها بين الصفوف، من خلال ما يسمى بـ"التربية من خلال الورطة" أو "الاكتشاف من خلال الأزمة"

ويفضل الأستاذ مصطفى عاشور، وجود استراتيجية كاملة لتبني واحتواء الموهوبين، بالإشارة إلى النقاط التالية:

1. ضرورة وجود خطة إستراتيجية لرعاية المواهب، وجذبها إلى صفوف الإسلام، وهذا يتطلب عدم استنزاف الموهبة في مجالات خارج نطاق الموهبة؛ لأن هذا التوظيف الخاطئ يخلق مشكلة ذات وجهين، هما: ضمور الموهبة، وضعف الإنتاج في المجال الدعوي، فيصبح الداعية كَلاً على دعوته.

2. ضرورة وجود خطة لاكتشاف المواهب والتنقيب عنها بين الصفوف، من خلال ما يسمى بـ "التربية من خلال الورطة»، أو «الاكتشاف من خلال الأزمة»؛ أي وضع بعض الأفراد على محكات مختلفة لاكتشاف المواهب الدفينة، وهذه المحكات المختلفة والمواقف المتعددة تكسر حواجز الحياء غير الحق في نفس الشاب المسلم، وتتيح له الفرص للتعبير عن مكنونات نفسه.

أصحاب المواهب قلما يحبون التقيد ولديهم بعض الشطحات التي تحتاج إلى حكمة في التعامل معه أو قبول وجودها، والقارئ لتاريخ العباقرة في الإنسانية يجد ذلك جلياً .

3. ضرورة التعامل في الإطار الدعوي مع بعض أصحاب المواهب من خلال الهدف، وليس من خلال أجندة عمل واجبة التنفيذ؛ لأن أصحاب المواهب قلما يحبون التقيد، ولديهم بعض الشطحات التي تحتاج إلى حكمة في التعامل معها وقبول وجودها، والقارئ لتاريخ العباقرة في الإنسانية يجد ذلك جلياً؛ لأن الطاقة الموهوبة تفوق في بعض الأحيان القدرة على كبح جماحها؛ فتصدر بعض الأفعال والتصرفات غير المألوفة التي قد ينظر لها البعض نظرة غير منصفة».

ممارسات خاطئة في التعامل مع الموهوبين دعوياً

تقول أحد الأمثال العالمية: «أنت تخطئ إذن أنت تعمل»، مشيرة إلى أن الخطأ ينتج عن العمل، وعندما لا يعمل الإنسان في أمر ما، فإنه لا يخطئ في هذا الأمر.

وهي إشارة إلى الطبيعة الإنسانية التي تقبل الخطأ والصواب، كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل بني آدم خطّاء …» الحديث.

وكون التعامل مع العاملين في المجال الدعوي هو عمل إنساني، فإن الخطأ وارد فيه، ولكن يمكن تجنب أكبر قدر ممكن من الأخطاء عبر معرفتها، وإبرازها للناس، وإدراك أبعادها السلبية، ما يقرب العمل من الصحة والإيجابية قدر المستطاع.

كما أن الموهوبين من الدعاة ليسوا بعيدين عن الخطأ البشري، لذلك فهم بالتالي يحتاجون إلى مد يد العون.

يقول الأستاذ سيف الدين، عن التعامل مع الموهوبين من الدعاة: «ليس كل الموهوبين قادر على إبراز نفسه للجماعة بشكل يلح بتوظيفه في مكان يناسبه … إما لعوامل شخصية تتمثل في الخجل أو عدم استطاعته التوفيق بين موهبته ولجنته التنظيمية بشكل يعطى قوة لموهبته تقنع مسؤولية بوجوب توظيفه في مكان مناسب.

أو لعوامل خارجية، مثل: عدم انتباه مسؤولية لموهبته.. أو عدم اقتناع مسؤولية بأنه موهوب للدرجة الكافية التي تستوجب إخراجه من موقعه الحالي.. أو انشغالهم بالحاجة القريبة للدعوة في الإقليم أو الشعبة.. وغيرها من صور مشكلة قصر النظر لدى البعض.. وعلى هذا.. لا يكون إنهاء الوضع إلا بأن تتبنى الجماعة مواهب أفرادها وتحاسبهم على تنميتها وتهيئ لهم المناخ والأجواء المناسبة التي تدعمهم».

ومن بين الأخطاء التي قد يقع فيها المتعاملون مع الموهوبين من الدعاة، ما يوردها الأستاذ حامد الحامد، ومنها:

1- عدم الانتباه لتميزهم وموهبتهم ومتابعتهم.

2- التخذيل لهم وإحباط عزائمهم.

3- وضع الموهوب مع آخرين أقل منه موهبة فتنعدم المنافسة مما يحط من عزيمته وحماسه.

4- عدم تهيئة الجو والمكان المناسب لهم لتحقيق مبتغاهم ونبوغ أفكارهم ومواهبهم.

5- انعدام التشجيع من المسئولين للموهوب.

ويشير الأستاذ عبد الإله السليمي إلى نقطة هامة في التعامل مع الموهوبين، وهي النظرة التي قد يلاقيها الموهوب ممن هم في عمره في المدرسة أو غيرها، وكذلك طريقة تعامل المسئولين معه، حيث يقول: «للموهوب مع زملائه علاقة أقوى مما يتصور، فإذا وجد في المجموعة المحيطة به من ينظر إليه نظرة غريبة ومعلميه لا يشجعونه، يبدأ بكتم هذه الموهبة حتى تندفن وتتلاشى». وهي من الطرق السلبية في التعامل مع الداعية الموهوب.

بالإضافة إلى ذلك، فإن من بين الممارسات الخاطئة التي قد تؤثر سلباً بالموهوبين من الدعاة، هي الغفلة عن الطبيعة العمرية للموهوب، وتحميله أكثر مما يمكنه تحمله، عبر الاعتقاد بأنه الأقرب إلى النجاح دائماً.

النتائج السلبية للتعامل الخاطئ مع الموهوبين

إن أخطر ما قد يواجهه الموهوب من الدعاة، هو الفشل الذريع في إحدى المهمات أو الوظائف، وهو ما قد يصيبه بخيبة أمل وانتكاسة قد تؤثر سلباً على بقية حياته. فعلى سبيل المثال، تحمل الداعية حملاً لا يستطيع عليه بحجة «موهبته الفذة» قد ترهقه، وتصعّب عليه القيام بمهامه الجديدة والاعتيادية في الدعوة، وحين حدوث الفشل، فإنه يصاب بخيبة أمل قوية، تجعله غير متحمس لأي مهمة أخرى، وغير مؤمن بقدرته أو موهبته، بعد أن رآها تتحطم أمام أعين الناس.

وعن هذه الأخطار؛ يقول سيف الدين: « إن عدم وجود العمل أو البيئة التي يكتشف أو يطور من خلالها الموهوب موهبته؛ يؤدي إلى ضمورها واختفائها.. وإهمال هذا الجانب بالفعل أنتج أشخاصاً في هيئة (ماكينات) لا يفعل إلا ما يطلب منه، وينسى تماماً أنه كان من الممكن أن يبدع في مجال ما، ويدور به الزمن وقد ضمرت كل مواهبه إلا ما يتعلق فقط بالحاجة القريبة للدعوة في هذا المكان.. في حين أنه لو تم توجيهه بشكل جيد ومتابعته في مجال تميزه، وضحينا لمدة بمجهود فرد واحد في الحاجة القريبة للدعوة، والتي تستنفذ طاقته ووقته، فسيفيد هذا الجماعة على مدى زمني أكبر..».

الأسوة الحسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم

لطالما كان وما يزال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مثالاً يحتذى به في جميع أمور الحياة الدعوية وغيرها، فهو المعلم الأول، والقدوة الحسنة في كل شيء. ولا يكاد يمر حديث في التربية أو غيرها، إلا ووجدنا في سيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، خير معين وسند، وخير ناصح ومرشد إلى أفضل السبل وخير الطرق.

فخلال حياته صلى الله عليه وسلم اكتشف رسول الله المواهب من بين الصحابة، فشذبها ودربها، ثم أرسلها في أعمال الدعوة إلى الله ، لتؤتي ثمرها يانعاً كل حين. منها ما رآه عليه الصلاة والسلام من حنكة خالد بن الوليد العسكرية والحربية، وقدرته على رسم الخطط وإنجاحها بأقل الخسائر الممكنة، فسلحه بالإيمان بالله عز وجل، وبطلب العون من الله، وأرسله على رأس الجيوش المسلمة الفاتحة، ففتح الله على يديه بلاداً كثيرة، ولم يرسله مثلاً ليعلم الناس قراءة القرآن، أو يخطب في الناس في المساجد.

ولما رأى عليه الصلاة والسلام في معاذ بن جبل الأنصاري علماً بالحلال والحرام، (وكان من أفقه الصحابة) أرسله إلى اليمن قاضياً ومفقّهاً وأميراً مصدقاً، ورغم معرفته بعلم وفقه وموهبة معاذ، إلا أن الرسول الكريم أصر على شحنها وإمدادها بالقوة الروحية والحسية، إذ لما خرج معاذ قاصداً اليمن خرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعه ويوصيه، ومعاذ راكب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحت راحلته، فأوصاه بوصايا كثيرة ورسم له منهجاً دعوياً عظيماً، حيث قال له: «إنك ستأتي قوماً أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا بذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب».

ومن المواهب التي تعامل معها النبي صلى الله عليه وسلم موهبة الأدب والشعر، وكان الشعر في الجاهلية هو الأداة الأقوى في التأثير على الرأي العام، واستعمل النبي صلى الله عليه وسلم هذه الموهبة التي تميز بها بعض أصحابه استعمالا ذكياً. ومن هؤلاء حسان بن ثابت رضي الله عنه الذي عُرف بشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي كان يمتلك موهبة نادرة وقريحة حاضرة، تستطيع أن تخرج من أحرج المواقف بأقوى الكلمات.

هذه الموهبة الفذة تعامل معها النبي صلى الله عليه وسلم بما يليق بها، ووظفها في مكانها الصحيح؛ فكانت الموهبة إبداعاً؛ ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «اهجُ قريشا؛ فإنه أشد عليها من رشق النبل»، فقال حسان: «قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه» (يقصد: لسانه)، ثم قال: «والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فري الأديم»، فقال صلى الله عليه وسلم: «إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحتَ عن الله ورسوله»، وفي رواية أخرى للبخاري: «اهجهم أو هاجهم وجبريل معك».

المصدر: إسلاميات

§§§§§§§§§§§§§§§§!!!

فالأمم العظيمة ليست إلا صناعةً حسنة لنفر من الرجال الموهوبين، وأثر الرجل العبقري فيمن حوله كأثر المطر في الأرض الموات، وأثر الشعاع في المكان المظلم، وكم من شعوب رسفت دهراً في قيود الهوان، حتى قيض الله لها القائد الذي يقودها الى بر الامان
……………………..
اللهم قيض للجزائر
من عبادك الصالحين
من يقودها الى صلاحها وصلاح شعبها وشبابها

بارك الله فيك

السلام عليكم

بارك الله فيك على مقولك ومنقولك لك بصمة بمواضيعك

احد العلماء المجتهدين الكبار سمعته مرة ينصح الاولياء بان يهبوا ابناءهم النجباء الى العلم الشرعي وبالضبط الى جامعة الامير عبد القادر للعلوم الاسلامية بقسنطينة وطبعا اسم هذا العالم اشهر من ان يذكر هنا وانا لا اذكره عمدا لانه سيعمد ربما الى غلق الموضوع اذا اذكر هذا العالم فيه
على كل هو يعرف الواقع التربوي في بلادنا فنحن لا نوجه للعلوم الشرعية الا اواخر التلاميذ حتى لا اقول اغبياءهم وقد راينا النتائج وكيف هؤلاء التلاميذ الاغبياء الذين اصبحوا طلبة العلم الشرعي راينا كيف يتم توجيهم واستيعابهم عبر الروبوت وهم دمى تحركهم مصالح الغرب والشرق-الا قلة منهم- وهيهات ان يلتفتوا الى مشروع امتهم الحضاري

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبومحمد17 الجيريا
بارك الله فيك

السلام عليكم
مرحبا بك اخي محمد
اسعدني مرورك
بارك الله فيك وجزاك خيرا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة روسلين الجيريا
السلام عليكم

بارك الله فيك على مقولك ومنقولك لك بصمة بمواضيعك

وعليكم السلام
وفيكم بارك الرحمن
مشكورة اختنا الفاضلة على مرورك
وكلماتك المشجعة
احترامنا لشخصكم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة باهي جمال الجيريا
احد العلماء المجتهدين الكبار سمعته مرة ينصح الاولياء بان يهبوا ابناءهم النجباء الى العلم الشرعي وبالضبط الى جامعة الامير عبد القادر للعلوم الاسلامية بقسنطينة وطبعا اسم هذا العالم اشهر من ان يذكر هنا وانا لا اذكره عمدا لانه سيعمد ربما الى غلق الموضوع اذا اذكر هذا العالم فيه
على كل هو يعرف الواقع التربوي في بلادنا فنحن لا نوجه للعلوم الشرعية الا اواخر التلاميذ حتى لا اقول اغبياءهم وقد راينا النتائج وكيف هؤلاء التلاميذ الاغبياء الذين اصبحوا طلبة العلم الشرعي راينا كيف يتم توجيهم واستيعابهم عبر الروبوت وهم دمى تحركهم مصالح الغرب والشرق-الا قلة منهم- وهيهات ان يلتفتوا الى مشروع امتهم الحضاري

السلام عليكم
شكرا على الاضافة
نسال الله ان يوفق ولات امورنا لما فيه الخير
والنفع العام للامة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.