تخطى إلى المحتوى

إلى أساتذة الفلسفة الكرام . أطلب منكم تقييم مقالتي جزيتم كل خير 2024.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الموضوع : دافع عن الأطروحة القائلة : ( إن أصل المفاهيم الرياضية هو العقل )

إن مختلف العلوم التي نشأت وتطورت كانت بفضل الإنسان المتواصل في البحث عن المعرفة، وشغفه في شتى مجالات البحث، فتعددت العلوم واختلفت باختلاف منهجها وأصلها، وانقسمت إلى علوم التجريب في العلوم التجريبية وعلوم الكم العقلية والتي تنتهج المنهج الاستنتاجي، ومن هذا فإن إذا كان الفضول العلمي يدفعنا للبحث عن النتائج المتوصَّل إليها فإن المنطق يلومنا بالبحث في أصلها ونشأتها ومنها علوم الرياضيات، ولقد شاع بين الفلاسفة أن أصل المفاهيم الرياضية هو التجربة أي أنها مستمدة من الواقع الحسي، إلا أن هذا لم يمنع من وجود طائفة أخرى من الفلاسفة تعتقد بأن المفاهيم الرياضية مصدرها العقل، ولقد كانت هذه الأطروحة تبدو خاطئة ، ووجب علينا الدفاع عنها وإثباتها بالحجج والبراهين، فكيف يمكننا تحقيق ذلك في ظل وجود معارضين لها ؟
يدور منطق الأطروحة حول : المفاهيم الرياضية مستوحاة من العقل.
إذ تعتقد مجموعة من الفلاسفة بزعامة: "أفلاطون، ديكارت، كانط" أن المفاهيم الرياضة أخذت نشأتها من العقل وحده، وقد بنوا ذلك من خلال :
-أعطى أفلاطون السبق للعقل الذي كان يحسبه يحيا في عالم المثل "الأخلاق" وكان على علم بجميع المعارف والعلوم ومنها الرياضيات، وأنه بعد أن انتقل إلى هذا العالم نسيها وكان عليه أن يتذكرها، وهذا ما دفعه إلى القول: (( المعرفة تذكر والجهل نسيان )).
-من جهة أخرى، يرى أفلاطون أن المفاهيم الرياضية لا علاقة لها بالواقع، وأنها من المعارف التي يصدرها العقل وتكون واحدة بالذات ثابتة، لذلك قال: (( العلم قائم بالنفس وبالفطرة، والتعلم مجرد تذكر له، ولا يمكن القول أنه اكتساب من الواقع المحسوس )).
-ومن جهة أخرى، يؤكد الفيلسوف الألماني كانط على أن الزمان والمكان مفهومان رياضيان، كما أنهما صورتان فطريتان قبليتان، بدليل أن المكان الزماني له سمك محدد بينما المكان الرياضي لا متناهي.
-بالإضافة لذلك، يرى ديكارت أن المفاهيم الرياضية قائمة على مبادئ العقل الثابتة، لذلك قال: (( إن العقل هو أحسن الأشياء توزعا بين الناس، حيث يعتقد كل فرد أنه أوتي منه الكفاية، يتساوى بين كل الناس بالفطرة ))، إذن فالناس يشتركون في جميع العمليات العقلية ومنها العمليات الرياضية.
إلا أن لهذه الأطروحة خصوم، وهم الفلاسفة الذين يعتقدون بأن المفاهيم الرياضية نشأت من العالم الحسي وأنها وليدة الملاحظة والتجربة، ومن هؤلاء الفلاسفة نجد مؤسس المنهج التجريبي جون ستيوارت مل، والذي يؤكد بأن كل معرفة يتباناها العقل هي صدى لإدراكاتنا الحسية، وأن الطبيعة الملموسة توحي بالمفاهيم الرياضة، فالشمس توحي بفكرة الدائرة، والجبل يوحي بفكرة المثلث، والأشجار بفكرة العدد… ، من جهة أخرى يقول بوانكاريه: (( لو لم يكن في الطبيعة أجسام صلبة لما وجد علم الهندسة ))، والذي دفعه لهذا القول هو تجربة مسح الأراضي التي مارسها قدماء المصريين الفراعنة والتي ساعدت على نشوء علم الهندسة، ويقول أحد علماء الرياضيات : (( إن الطبيعة تعد أكثر منابع الاكتشافات الرياضية ))، بالإضافة لذلك يرى هؤلاء الخصوم أن علم النفس يؤكد أن الطفل لا يدرك الأعداد في سنواته الأولى إلا كصفة ملابسة للأشياء، ثم يبدأ شيئا فشيئا في خلع الصفة الحسية لها لتصبح فيما بعد مفاهيم عقلية، كما أن الرجل البدائي لا يفصل بين العد والمعدود، فعبر عن الأعداد بأشياء ملموسة، إذ رمز للرقم 2 بجناحي الطائر و رقم 4 بأقدام الشاة وغيرها …
إلا أن موقف هؤلاء تعرض لعدة انتقادات لأنه ينطوي على جملة من النقائص، فلو كانت المفاهيم الرياضية مصدرها الواقع فلماذا لا يوحي للبهيمة بذلك ؟!، كما أن العقل الرياضي اليوم أصبح يبتدع من الرموز ويخترع من المفاهيم ما لا يوجد في العلم الحسي، فالعدد مالانهاية لا يمكن أن يكون مكتسبا من التجربة الحسية لأنها متناهية، بالإضافة لذلك نرى أن العدد السالب والدوال والكسور والجذور … ، كلها مفاهيم عقلية مجردة لا تمت للواقع بصلة.
إن الإنتقادات الموجهة سابقا للقائلين بأن أصل المفاهيم الرياضية هو الواقع الحسي دفعتنا للبحث عن حجج جديدة لتأكيد صحة الأطروحة القائلة : ( إن أصل المفاهيم الرياضية هو العقل ) :
-إن المفاهيم الرياضية أصدرها العقل واستنبطها من مبادئه، بدليل أنه قائم على الاستدلال المنطقي الخالص دون ما حاجة إلى المحسوسات.
-إن بعض المفاهيم الرياضية لا يمكن ربطها بالواقع الحسي، فالجذر لا يمكن أن يكون من ضوء ولا من ماء ، والعدد السالب لا يمكن أن يكون من خشب أو حديد، إنها مفاهيم صدرت من العقل وحده.
مما سبق يمكننا التأكيد على أن الأطروحة القائلة : ( إن أصل المفاهيم الرياضية هو العقل ) صحيحة، لأن المنطق يثبت ذلك، فلا يوجد في العالم الحسي ما يقابل المفاهيم الرياضية العقلية، وبالتالي يمكن الأخذ بها وتبنيها، ودفاعنا عنها يعد مؤسسا ومشروعا.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صدى القوافي الجيريا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الموضوع : دافع عن الأطروحة القائلة : ( إن أصل المفاهيم الرياضية هو العقل )

إن مختلف العلوم التي نشأت وتطورت كانت بفضل الإنسان المتواصل في البحث عن المعرفة، وشغفه في شتى مجالات البحث، فتعددت العلوم واختلفت باختلاف منهجها وأصلها، وانقسمت إلى علوم التجريب في العلوم التجريبية وعلوم الكم العقلية والتي تنتهج المنهج الاستنتاجي، ومن هذا فإن إذا كان الفضول العلمي يدفعنا للبحث عن النتائج المتوصَّل إليها فإن المنطق يلومنا بالبحث في أصلها ونشأتها ومنها علوم الرياضيات، ولقد شاع بين الفلاسفة أن أصل المفاهيم الرياضية هو التجربة أي أنها مستمدة من الواقع الحسي، إلا أن هذا لم يمنع من وجود طائفة أخرى من الفلاسفة تعتقد بأن المفاهيم الرياضية مصدرها العقل، ولقد كانت هذه الأطروحة تبدو خاطئة ، ووجب علينا الدفاع عنها وإثباتها بالحجج والبراهين، فكيف يمكننا تحقيق ذلك في ظل وجود معارضين لها ؟
يدور منطق الأطروحة حول : المفاهيم الرياضية مستوحاة من العقل.
إذ تعتقد مجموعة من الفلاسفة بزعامة: "أفلاطون، ديكارت، كانط" أن المفاهيم الرياضة أخذت نشأتها من العقل وحده، وقد بنوا ذلك من خلال :
-أعطى أفلاطون السبق للعقل الذي كان يحسبه يحيا في عالم المثل "الأخلاق" وكان على علم بجميع المعارف والعلوم ومنها الرياضيات، وأنه بعد أن انتقل إلى هذا العالم نسيها وكان عليه أن يتذكرها، وهذا ما دفعه إلى القول: (( المعرفة تذكر والجهل نسيان )).
-من جهة أخرى، يرى أفلاطون أن المفاهيم الرياضية لا علاقة لها بالواقع، وأنها من المعارف التي يصدرها العقل وتكون واحدة بالذات ثابتة، لذلك قال: (( العلم قائم بالنفس وبالفطرة، والتعلم مجرد تذكر له، ولا يمكن القول أنه اكتساب من الواقع المحسوس )).
-ومن جهة أخرى، يؤكد الفيلسوف الألماني كانط على أن الزمان والمكان مفهومان رياضيان، كما أنهما صورتان فطريتان قبليتان، بدليل أن المكان الزماني له سمك محدد بينما المكان الرياضي لا متناهي.
-بالإضافة لذلك، يرى ديكارت أن المفاهيم الرياضية قائمة على مبادئ العقل الثابتة، لذلك قال: (( إن العقل هو أحسن الأشياء توزعا بين الناس، حيث يعتقد كل فرد أنه أوتي منه الكفاية، يتساوى بين كل الناس بالفطرة ))، إذن فالناس يشتركون في جميع العمليات العقلية ومنها العمليات الرياضية.
إلا أن لهذه الأطروحة خصوم، وهم الفلاسفة الذين يعتقدون بأن المفاهيم الرياضية نشأت من العالم الحسي وأنها وليدة الملاحظة والتجربة، ومن هؤلاء الفلاسفة نجد مؤسس المنهج التجريبي جون ستيوارت مل، والذي يؤكد بأن كل معرفة يتباناها العقل هي صدى لإدراكاتنا الحسية، وأن الطبيعة الملموسة توحي بالمفاهيم الرياضة، فالشمس توحي بفكرة الدائرة، والجبل يوحي بفكرة المثلث، والأشجار بفكرة العدد… ، من جهة أخرى يقول بوانكاريه: (( لو لم يكن في الطبيعة أجسام صلبة لما وجد علم الهندسة ))، والذي دفعه لهذا القول هو تجربة مسح الأراضي التي مارسها قدماء المصريين الفراعنة والتي ساعدت على نشوء علم الهندسة، ويقول أحد علماء الرياضيات : (( إن الطبيعة تعد أكثر منابع الاكتشافات الرياضية ))، بالإضافة لذلك يرى هؤلاء الخصوم أن علم النفس يؤكد أن الطفل لا يدرك الأعداد في سنواته الأولى إلا كصفة ملابسة للأشياء، ثم يبدأ شيئا فشيئا في خلع الصفة الحسية لها لتصبح فيما بعد مفاهيم عقلية، كما أن الرجل البدائي لا يفصل بين العد والمعدود، فعبر عن الأعداد بأشياء ملموسة، إذ رمز للرقم 2 بجناحي الطائر و رقم 4 بأقدام الشاة وغيرها …
إلا أن موقف هؤلاء تعرض لعدة انتقادات لأنه ينطوي على جملة من النقائص، فلو كانت المفاهيم الرياضية مصدرها الواقع فلماذا لا يوحي للبهيمة بذلك ؟!، كما أن العقل الرياضي اليوم أصبح يبتدع من الرموز ويخترع من المفاهيم ما لا يوجد في العلم الحسي، فالعدد مالانهاية لا يمكن أن يكون مكتسبا من التجربة الحسية لأنها متناهية، بالإضافة لذلك نرى أن العدد السالب والدوال والكسور والجذور … ، كلها مفاهيم عقلية مجردة لا تمت للواقع بصلة.
إن الإنتقادات الموجهة سابقا للقائلين بأن أصل المفاهيم الرياضية هو الواقع الحسي دفعتنا للبحث عن حجج جديدة لتأكيد صحة الأطروحة القائلة : ( إن أصل المفاهيم الرياضية هو العقل ) :
-إن المفاهيم الرياضية أصدرها العقل واستنبطها من مبادئه، بدليل أنه قائم على الاستدلال المنطقي الخالص دون ما حاجة إلى المحسوسات.
-إن بعض المفاهيم الرياضية لا يمكن ربطها بالواقع الحسي، فالجذر لا يمكن أن يكون من ضوء ولا من ماء ، والعدد السالب لا يمكن أن يكون من خشب أو حديد، إنها مفاهيم صدرت من العقل وحده.
مما سبق يمكننا التأكيد على أن الأطروحة القائلة : ( إن أصل المفاهيم الرياضية هو العقل ) صحيحة، لأن المنطق يثبت ذلك، فلا يوجد في العالم الحسي ما يقابل المفاهيم الرياضية العقلية، وبالتالي يمكن الأخذ بها وتبنيها، ودفاعنا عنها يعد مؤسسا ومشروعا.

بالنسبة للمقدمة أقيمها ب 03.50 من 04

بالنسبة لعرض منطق الأطروحة تستحق 03.50من 04
بالنسبة لنقد خصوم الأطروحة تستحق 03.50 من 04
بالنسبة للدفاع عن الأطروحة بحجج شخصية 03 من 04

بالنسبة للخاتمة أعطيك 03 من 04

فمقالاتك

تستحق 16.50 من 20 أو 16 او يمكن ان تصل إلى 17 من 20 ربي يوفقك

الله يبارك
مبروك عليك

بارك الله فيك أستاذة وبشرك بالفردوس الأعلى من الجنة… فيك البركة أختي باكـ …
وفق الله الجميع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.