فإنّ القلب ليحزن، وإنّ العين لتدمع، وإنّا لما يحدُث هذه الشّهور والأيّام، وما يحلّ بإخواننا في الشّام لمحزونون ..
فقد أضحَى حالُهم لا يسرّ عدوّا ولا حبيباً، ولا يسلّي بعيدا ولا قريبا ..
تعالَت الصّيحات، وكثر النّحيب .. وتوالت الآهات وليس هناك من مجيب ..
فأوصِي إخواننا وأخواتِنا أن نقوم جميعاً هذه الأيّام بالإكثار من التضرّع إلى ربّ الأنام ..
فلا شيء أحبّ إلى الله تعالى من أن يمرّغ العبد وجهه بين يديه، ويُكثرَ من اللّجوءِ والتضرّع إليه .. وقد تداعى على أكثرِنا الجهل والعجز ..
أمّا الجهل، فبلغ بنا مبلغَه حتّى صرنا نستهين بالدّعاء، واللّجوء إلى ربّ الأرض والسّماء ..
والعجز، فبعدما كَبَّلَ الجوارح والأبدان، فقد طالت يدُه إلى تكبيل اللّسان والجَنان !
فمن منّا هذه الأيّام من يخصّ إخوانَه بالدّعاء ؟!
ومن منّا يرفع شكواه في جوف اللّيل: أن يرفع الله عنهم هذا البلاء ؟
إنّها سهام اللّيلة الظلماء، وسلاح الأنبياء والأتقياء ..
نعم، عجزنا عن مدّ يد المعونة إلى إخواننا، وكبّلتنا أنظمةٌ عالميّة تحكُمُنا ..
فليس لنا أن نبخل عليهم بأن نمدّ أيدينا إلى الله مولانا وبارئنا:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} ..
ولنحذَر أن نكون ممّن قال فيهم المولى تبارك وتعالى:{فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ الدُّعَاءِ )) ["صحيح التّرغيب والتّرهيب" (2714)].
فكلٌّ بحسبه، والله عليم أنّك ما حبسك عن نُصرتِهم وإعانتِهم وإيوائهم إلاّ العذر ..
وما أجدرَ بأئمّة المساجد أن يُحيُوا هذه الأيّام قنوت النّازلة، فتحيا بهم قلوب قاحلة، وألسنةٌ عن الدّعاء غافلة ..
ولا يغرّنّكم كثرة الكلام، وتحليلات رجال الإعلام، فإنّ هؤلاء يبنُون مجدهم ويزيدون من ثرواتهم على أشلاء إخوانهم ..